بيت الأحزان

البريد الإلكتروني طباعة

بيت الأحزان

لا يخفى أنّ الإنسان مجموعة عن الأحاسيس ، والمشاعر ، والعواطف ، وإنّ القلب ليخشع ، والعين تدمع ، وكلّما كانت المصيبة أعظم كانت تلك الأحاسيس والمشاعر أقوى وأوضح ، بحيث تصل بالإنسان إلى فقدان السيطرة عليها.

فراق الأحبّة ، فراق الأعزّة ، والفراق بعضه يهوِّن عن بعض. أمّا أن يكون فراق ما بعده لقاء في الدنيا فوقعه أعظم ... !

نعم ، فراق خاتم الأنبياء والمرسلين ، وحبيب ربّ العالمين ، مع كثرة الشامتين والأعداء لبضعة الرسول صلّى الله عليه وآله ، سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء البتول عليها السلام ، فارقت الزهراء عليها السلام أباها ، وهي بعد في عمر الورد ، فكان لفراقها إيّاه الوقع العظيم والأثر البالغ ، ..

فأخذت تبكي أباها ، وتبكي الشامتين فيها ، فأظهروا الضجر من بكائها ، وطلبوا التخفيف منها ، وهو طلب في غاية الجسارة والتجاوز ، فخرجت خارج المدينة نزولاً عند رغبتهم وطلبهم ، وامتثالاً لأمر أمير المؤمنين عليه السلام ...

واتّخذت من شجرة مجلساً تستظلّ بها لبكائها ، فقطعوا تلك الشجرة ، فبنی لها الإمام عليه السلام بيتاً سمّي « بيت الأحزان » (1).

وقد تشرّفت بزيارته والصلاة عنده قربة إلى الله تعالى ، وإستذكرت مصاب سيّدتي ومولاتي فاطمة الزهراء عليها السلام ، ولم يطل المقام بها في هذه الدار الدنيا ، حتّى آذنت بالرحيل واللحاق بأبيها وهي ساخطة غاضبة ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العلي العظيم.

يا إخوة الإسلام :

يوم ينقضي سواء كان بالشدّة أم بالرخاء ، فكيف بيوم لا ينقضي والحاكم هو الله تعالى ، والخصيم هو رسول الله صلّى الله عليه وآله ، والخلود : إمّا في الجنّة أو النار ؟!

الهوامش

1 ـ موسوعة العتبات المقدسة ، قسم المدينة المنورة : 3 / 103.

مقتبس من كتاب : [ نافذة على زيارة القبور ] / الصفحة : 140 ـ 141

 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية