حقيقة البهائيّة وموقف الشيعة منها

طباعة

السؤال :

التقيت مع بعض الأشخاص البهائيين ، وبما أنّي شيعي أردت معرفة موقفنا تجاه هؤلاء ، واُريد كذلك التعرف أكثر حول عقائدهم ، وهم يقولون بأنّهم لديهم أدلّة في القرآن الكريم.

الجواب :

أمّا الموقف الشرعي تجاه البهائيّة : فهم معدودون من الكفّار ، لأنّهم كفروا بالتديّن بدين الإسلام ، وبخلود شريعة النبي محمّد صلّى الله عليه وآله ، ويعتقدون بنبوّة البهاء ، وإذا كان بعض منهم على دين الإسلام سابقاً فاعتنق بعد ذلك البهائيّة يكون مرتدّاً ، ومثله من تشهّد بالشهادتين ومع ذلك يعتنق البهائية ، فإنّه مرتدّ أيضاً ، وتترتّب عليه الكلام المرتد .

وأمّا عقائد البهائيّة ، فهم يعتقدون :

1 ـ بنبوّة البهاء ، واسمه : حسين علي النوري ، والذي كان أخوه يحيى « الأزل » قد ادّعى النبّوة أيضاً ، وكان البهاء قد قتل أخاه يحيى بالسمّ ليكون رئيساً للطائقة البابية.

2 ـ يعتقدون بكتاب له يسمّى : « الإيقان » ، وهو مشحون بالأغلاط الفاحشة في اللغة العربيّة. وكذلك الكتاب « المبين » ، وهما مليئان بالعجمة.

3 ـ يعتقدون بحلول الإلوهيّة في البهاء.

4 ـ يعتقدون بالمهدي النوعي.

ويعتقدون بأنّه لا يجوز لدين ومذهب أن يعمّر أكثر من ألف سنة ؛ فبعد كلّ ألف سنة يُنسخ الدين والمذهب ، ويأتي دين ومذهب ونبيّ جديد ، ويستدلّون على ذلك بقوله تعالى في القرآن الكريم : ( يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنْ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) [ السجدة : 5 ]. فقالوا : إنّ « الأمر » يعني : الدين والمذهب ، و « التدبير » هو : البحث والإرسال ، و « العروج » هو : النسخ والرفع.

وهذا التفسير للآية أشبه بالهلوسة في مفردات اللغة وموازين الأدب المحاوري ، فإنّ « الأمر » يستعمل في القرآن الكريم للشيء والشأن التكويني كقوله تعالى : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) [ يس : 82 ] ، وغيرها من موارد استعماله مثل : « القمر : 50 ، والمؤمنون : 27 ، والأعراف : 54 ، وابراهيم : 32 ، والنحل : 12 ، والروم : 25 ، والجاثية : 12 » ، لا بمعنى التشريع والشرع والمنهاج.

وكذلك : « التدبير » فإنّه يستعمل في الخلق والمباشرة للاُمور التكوينيّة ، لا في إنزال وتنزيل الشريعة والدين ؛ كقوله تعالى : ( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا ) [ الشورى : 13 ] ، وقوله : ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) [ آل عمران : 3 ]. مضافاً إلى ذكر السماء الأرض المرتبط بالخلقة التكوينية في الآية.

وكذلك : كلمة « العروج » التي هي بمعنى الصعود والإرتقاء ، لا النسخ والتبديل.

ثمّ إن الآية متضمّنة للعدد : خمسين ألف سنة ، وعدد الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألف نبيّ لا يتطابق مع كلا العددين.

والفواصل الزمنيّة بين نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ، والنبي محمّد صلوات الله عليهم لا يتطابق مع الألف سنة ، إذ بين نوح عليه السلام وإبراهيم عليه السلام ما يزيد على « 1600 » سنة ، وبينه وبين موسى عليه السلام أقلّ من « 500 » عام ، وبينه وبين عيسى ما يزيد على « 1500 » عام ، وبينه وبين النبي محمّد صلى الله عليه وآله دون « 600 » عام.

5 ـ المعاد عند البهائيّة : يقول البهاء : « انتهت قيامة الإسلام بموت علي محمّد الباب ـ مؤسس البابية التي تولدت منها البهائيّة ـ وبدأت قيامة البيان ودين الباب بظهور من يظهره الله ـ ويعنى بذلك نفسه ـ فإذا مات انتهت قيامته ، وقامت قيامة الأقدس ودين البهاء ببعثة النبي الجديد ». [ كتاب الإيقان / 71 ، والبديع / 338 ، والألواح بعد الاقدس / 81 ـ 252 ، وإشراقات عبد البهاء ومكاتيبه / 33 ].

وقد ذهل الباب والبهاء عن تفسير وقائع أهوال القيامة التي ذكرها القرآن الكريم.

ويعترض « الأزليّة » أتباع يحيى النوري ، المسمّى بـ « الأزل » ، وهو أخ حسين علي النوري ، المسمّى بـ « البهاء » ، وكذلك البابيّة أتباع علي محمّد الباب ، الذي أسّس البابيّة وتولدت منها الأزليّة والبهائيّة ، بأنّ الفاصلة بين القيامات هي كما يقول الباب : إنّ من يظهره الله يأتي بعد العدد المستغاث « 2001 » ، لما أسّسه البابيّة والبهائيّة من أنّ كلّ شريعة تُنسخ بعد ألف سنة ، وبلحاظ الباب والأزل يجب أن تمضي « 2001 » سنة كي يعلن البهاء عن نفسه ، فيجيب البهاء في كتاب البديع / 113 ـ وهو نمط من الهلوسة ـ : « كان المشركون أنفسهم يرون أن يوم القيامة « 50 » ألف سنة فانقضت في ساعة واحدة ، أفتصدّقون ـ يا من عميت بصائركم ـ ذلك وتعترضون أن تنقضي ألفا سنة بوهمكم في سنين معدودة ؟ !! ».

6 ـ يقول البهاء في كتابه الأقدس / 34 : « ليس لأحد أن يحرّك لسانه ، ويلهج بذكر الله أمام الناس ، حين يمشي في الطرقات والشوارع ».

وهذا الحكم من البهائية خلاف لجميع الشرائع السماويّة والأديان الإلهيّة من أن ذكر الله حسن على كل حال.

ويقول في / 41 : « كتب عليكم تجديد أثاث البيت في كل تسعة عشر عاماً » ، و « أحلّ للرجل لبس الحرير لقد رفع الله حكم التحديد في اللباس واللحى » ، و « قد منعتم من ارتقاء المنابر ، فمن أراد أن يتلو عليكم آيات ربّه فليجلس على الكرسي ».

وبعد تحريم الذكر في الملأ ، ووجوب تجديد أثاث البيت ، وتجويز لبس الحرير ، وحلق اللحى ، قام بتحريم التقيّة وتجويز الإصغاء والاستماع للموسيقى والغناء ، وحكم بطهارة المني ـ ماء الرجل ـ ، بل أن كل شيء طاهر ولا توجد نجاسة ، وتحليل الربا وقد جوّزت البابيّة لأتباعها نكاح أحد الزوجين من ثالث آخر لغرض الحصول على الولد ، وكذلك قالت البابية بالتفاوت في المهر بين أهل المدينة وأهل القرى ..

وقالت البهائيّة بعدم جواز الزواج بأكثر من اثنتين ، بل قالوا أنّ الزواج بالثانية مشروط بشرط تعجيزي ، وقال البهاء بجواز نكاح الأقارب ، لاحظ : كتاب الأقدس / 30 ، لأنّه لم يحرّم إلّا مورداً واحداً ، وأن نكاح الأقارب عائد إلى بيت العدل ، وأنّ الطلاق يحق للمرأة أن تقوم به.

وقال البهاء في كتاب الأقدس / 81 : « من أحرق بيتاً متعمّداً فأحرقوه » ، وحرّم صلاة الجماعة إلّا على الميت ، والسنة عندهم تسعة أشهر ، والشهر تسعة عشر يوماً ، ويحرم عندهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من قبل عموم الناس.

وللاطّلاع على تاريخ زعماء البهائيّة ودورهم السياسي والطريقة التي اتّخذها الروس في الإتيان بالباب ، لاحظ : كتاب « البرنس دالكوركي » ، وكتاب « تاريخ جامع بهائيت » ، و « كشف الحيل » ، وغيرها ، حيث أنّ الباب قبل إعدامه في إيران في الفتنة التي أثارها كان قد نصّب ميرزا يحيى النوري خليفة له مع أخيه حسين علي النوري ، حيث لقّب الأول عندهم بـ « الأزل » ، والثاني بـ « بهاء » ، وكانا قد اعتُقلاً من قبل الدولة ، فتوسّطت السفارة الروسيّة والبريطانيّة لإطلاق سراحهما وإخراجهما مع جماعة من البابيّة إلى بغداد ومكثوا هناك عشر سنين وأخذوا شيئاً فشيئاً يبتدعون الأحكام ، ثمّ أنّ السلطات اضطرّت إلى إبعادهم إلى جزيرة قبرص وهناك تنازع الأخوان ، فانقسمت البابيّة إلى الأزليّة والبهائيّة واتخذوا من فلسطين برعاية دولة إسرائيل مقرّاً لهم يحجّون إليه.

وصف النبي صلّى الله عليه وآله بالخاتم قوله تعالى : ( مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) [ الأحزاب : 40 ].

والختم بمعنى النهاية ، والبهائيّة يفسّرون « خاتم » بمعنى زينة من الألة التي توضع في إصبع الله ، مع أنّ منشأ تسمية تلك الآلة بالخاتم هو أنّ الفصّ في تلك الآلة ينقش في العادة بنقش يمهر به الرسائل المكتوبة ، ويختم وينهى به الكلام فيها.

وقالت البهائيّة أنّ نهاية الأنبياء لا يستلزم نهاية الرسل ، ولم يتفطّنوا أنّ كلّ رسول لا بدّ وأن يكون نبياً أوّلاً.