كيف نعالج إدّعاء أهل السنّة بعدم ولادة الإمام المهدي عليه السلام ؟

طباعة

السؤال :

نعرف أن التواتر في القول أو الرواية دليل قطعي على المدعى ولكنّنا نجد في الواقع مشكلة يمكن ان نصطلح عليها أزمة حقيقيّة وهي كيفيّة معالجة إدّعاء أهل السنّة بعدم ولادة الإمام المهدي عليه السلام ودعوى تواتره ، هل هذه حجّة قطعيّة لديهم ؟

الجواب :

تقرر في محلّه أنّه يجب على الباحث التجرّد عن الرواسب السلبيّة اتّجاه أيّة قضيّة يحاول البحث حولها ، ونجد أن من ادّعى عدم ولادة الإمام المنتظر عجّل الله فرجه من أهل السنّة لم يكن بالمستوى المطلوب في هذا المجال فانصاع لدواع سلبيّة وبواعث العصبيّة ومقتضيات الحقد الدفين اتّجاه ذريّة علي وفاطمة عليهما السلام فلم ينظر في قضيّة المنتظر عجّل الله فرجه بعين مجرّدة فحصل ما حصل ، ومعلوم أنّ الخبر الذي يدعى تواتره على قمسين أحدهما : أن يكون مغزاه إثبات وجود شيء ، الثاني : ما يقتضي عدم الشيء ، ومن الجليّ الذي لا ينبغي الإرتياب فيه أن الصنف الثاني لا يُثبتُ في معظم الأحيان إن صحّ السند أو تواترت الأخبار ، الّا عدم الوجدان ، فلو ثبت وجود ذلك الشيء ولو بخبر واحد معتبر لم يكن هناك تصادم بين الخبر المتواتر النافي للوجود أو للعلم به وبين ما دلّ على ثبوت ذلك الشيء ، فإن جلّ الروايات التي نقلت عن طريق أبناء العامّة وأهل السير منهم فإن مغزاها ينحصر في أن نقلة الأخبار لم يجدوا للحسن العسكري عليه السلام عقباً وهو لا يثبت سوى عدم العلم بالوجود إذ لم يصل سلسلة شيء من تلك الروايات إلى نفس العسكري أو أمّ الإمام المنتظر يثبت عدم وجود الإمام المنتظر باعتراف والديه ، فعليه دعوى التواتر من أبناء العامّة ـ إن صحّت ـ لا تسمن ولا تغنيهم شيئاً ، فيبقى المجال واسعاً لتصول وتجول أدّلة الإثبات في ميدان البحث ، كيف وقد ثبت بالتواتر ولادة الإمام سلام الله عليه ، وكثرة من رآه في المهد وحينما كان يحبو وحينما ترعرع وحينما بلغ يافعاً إلى انتهاء زمن الغيبة الصغرى بموت النائب الرابع من نوّابه الأربعة الذين كانوا سفراء ووسطاء بينه وبين شيعته عليه السلام ، ويزيد على ذلك انّ هناك من أبناء العامّة من اعترف بولادته سلام الله عليه : فهذا ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة ينقل عن أهل الاطّلاع أنّ عمر الإمام المنتظر عند وفاة أبيه خمس سنين لكن آتاه الله فيها الحكمة. وابن خلكان في وفيات الأعيان قال ما نصّه ضمن ترجمة العسكري سلام الله عليه أبو محمّد حسن بن علي بن محمّد بن علي بن موسى الرضا بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام أحد الأئمّة الاثني عشر على اعتقاد الإماميّة وهو والد المنتظر صاحب السرداب ويعرف بالعسكري وأبوه علي أيضاً يعرف بهذه التسمية.

وقال في منتخب الأثر : ذكر ابن شحته الحنفي في تاريخه المسمّى بروضة المناظر في أخبار الأوائل « وولد لها الحسن يعني الحسن العسكري ولده المنتظر الثاني عشر ويقال له المهدي والقائم والحجّة محمّد ، ولد في سنة خمس وخمسين ومائتين إلى أن قال وكان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين » ، وذكر ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة : ولد أبو القاسم محمّد الحجّة ابن الحسن الخالص بسرّ من رأى في ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة ثمّ ساق نسبه الشريف من جهة أبيه إلى سيّد الشهداء الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وقال : وأمّا أمّه فأمّ ولد يقال لها نرجس خير أمة ، وقيل اسمها غير ذلك ، وأمّا كنيته فأبو القاسم ، وأمّا لقبه فالحجّة والمهدي والخلف الصالح والقائم المنتظر وصاحب الزمان وأشهرها المهدي ، ونقل المحدّث النوري في كتابه كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار عن أبي سالم كمال الدين محمّد بن طلحة بن محمّد الشافعي في كتابه مطالب السؤول « أبو القاسم محمّد بن الحسن الخالص بن علي المتوكّل بن محمّد القانع بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي المرتضى أمير المؤمنين بن أبي طالب المهدي الحجّة الصالح المنتظر عليهم السلام ».

وكذلك نقل في كشف الأستار عن الحافظ أبي الفتح محمّد ابن أبي الفوارس الشافعي وغيره في المصدر المذكور من أقوال أهل السنّة الذين آمنوا بولادة الإمام المنتظر ولا يقلّ عددهم عن ثلاثين من أهل البحث والتحقيق فمع هذه الأقوال لا يبقى مجال لأيّ شكّ في ولادة الإمام ووجوده الشريف.

مقتبس من كتاب : [ ولادة الإمام المهدي عليه السلام ] ، الصفحة : 98 ـ 101