السؤال :
كثير ما يسألني الطلّاب معي من أهل السنّه : « لماذا نستعمل كلمات يا حسين ، لبّيك يا حسن ، لبيك يا عبّاس » ؟ وانّهم يقولون أنتم بهذا الكلام تشركون بالله ؟
الجواب :
الشرك هو أن يعبد الإنسان غير الله تعالى أو ان يعتقد انّ هناك مؤثر وخالق غير الله تعالى ؛ وامّا طلب الحاجة من غير الله مع الإعتقاد بأنّ الله تعالى هو المؤثّر بالذات ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم فليس شركاً وإلّا كان إستعمال الدواء للعلاج شركاً لأنّ من يستعمل الدواء يطلب الشفاء باستعماله ، والذي أخرجه من الشرك هو الإعتقاد بأنّ الله تعالى أعطى للدواء خاصية العلاج فالمؤثّر في الحقيقة هو الله تعالى الذي جعل الشفاء في الدواء ، فيكون إستعمال الدواء باعتقاد انّ الله تعالى جعله شفاء عين التوحيد وليس شركاً وبناء على ذلك.
فمن يقول : « يا محمّد ، يا علي ، يا حسين » ، يدور أمره بين أمرين :
الأوّل : أن يتوسّل بهؤلاء لكي يشفعوا له عند الله ليطلبوا من الله تعالى أن يقضي حوائجهم ، فهو في الحقيقه طلب من الله تعالى لكن مع التوسّل بأوليائه فيكون إمتثالاً لأمره تعالى ، حيث يقول في القرآن الكريم : ( وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) [ المائدة : 35 ] ، وهذا كما نقول لصديقنا ادع الله تعالى لنا ليقضي حوائجنا ، فهل طلب الدعاء من الصديق يكون شركاً ؟
وقد صرّح القرآن الكريم بانّ أولاد يعقوب جاؤوا إلى أبيهم وطلبوا منه أن يستغفر الله لهم ، ولم يعترض عليهم أبوهم يعقوب النبي لماذا تطلبون منّي ان استغفر الله لكم بل استغفروا الله بأنفسكم ؟ ولم يقل لهم هذا شرك ، بل وعدهم واستغفر لهم الله تعالى وهكذا القرآن الكريم يقول : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) [ النساء : 64 ] ، فذكر انّ من شروط قبول توبتهم أن يأتوا إلى النبي ويطلبوا من الإستغفار لهم فهل القرآن الكريم يدعوا إلى الشرك.
الثاني : ان يطلبوا من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أو علي عليه السلام أو الإمام الحسين عليه السلام أو العبّاس عليه السلام أن يقضي حوائجهم بإذن الله تعالى مع الإعتقاد بأنّ الله تعالى هو القادر بالذات لكنّه أعطى لأوليائه القدرة على قضاء بعض الحوائج كما أعطى خاصية العلاج للدواء وكما أعطى القدرة لعيسى بن مريم على شفاء المرضى وإحياء الأموات حيث قال : ( وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ) [ المائدة : 110 ] ، ولم يقل ( وابرء الأكمه والأبرص بدعائك يا عيسى بن مريم ). وانّما نسبة الابراء والاحياء إلى نفس عيسى بن مريم ، لكن من المعلوم انّ عيسى بن مريم ليس له قوّة له إلّا بالله العلي العظيم.
وهكذا نرى انّ جرئيل يقول لمريم بنت عمران : ( أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ) [ مريم : 19 ] ، وهذا يعني انّ الله تعالى أعطى القدرة لجبرئيل لكي يهب الغلام لمريم بنت عمران ، وإلّا لم يصح ان يقول ( لِأَهَبَ لَكِ ).
والله تعالى يقول : ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ) وينسب التدبير إلى نفسه لكن معذلك يقول : ( فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ) [ النازعات : 5 ] ، أي الملائكة تقدر على التدبير بإذن الله تعالى والقدرة التي منحها الله تعالى إيّاها.
وهكذا القرآن يقول : ( وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ) [ التوبة : 74 ] ، فجعل اغناء الرسول في مقابل اغناء الله تعالى ، فالرسول يغني كما ان الله تعالى يغني ، غاية الأمر اغناء الله بنحو الإستقلال وبالذات لكن اغناء الرسول يكون بالتبع وبالعرض والقدرة التي منحها الله إيّاه ، فالإعتقاد بانّ الرسول يغني ليس شركاً إلّا إذا كان يعتقد بانّ اغناء الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم بنحو الاستقلال والذات ، حتّى لو لم يرد الله تعالى ذلك فانّ هذا شرك ، لكن الإعتقاد بأنّ الرسول يستمد القدرة من الله تعالى ويغني بإذن الله تعالى فهو عين التوحيد الذي نطق به القرآن صريحاً.
وبناء على ذلك فطلب الحوائج من النبيّ والأئمّة وأولياء الله الصالحين مع الإعتقاد بأنّ الله تعالى هو الذي أعطاهم القدرة على ذلك نظير إعطاه خاصية العلاج للدواء فهو عين الطلب من الله تعالى وعين التوحيد ، حيث انّه يتضمّن الاعتقاد بأنّه لا مؤثّر في الوجود إلّا الله سبحانه وتعالى ولا يقدر أحد على شيء من دون إفاضة القدرة عليه من الله تعالى ، وهذا هو معنى قولنا لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.
التعليقات
فكانوا يدعون اللات..وهو رجل صالح كان يلتّ السويق للحجاج..كما يقول ابن عباس رضي الله عنهما..
فليس هو حجرا مجردا..كما يتوهمه الكثير..
وعدّ سبحانه دعاء غيره شركا أكبر ناقلا عن الملة الإسلامية..وبين ذلك في مئات الآيات !..ولكن كثيرا من الناس عن آيته غافلون
فلم يكن أبو جهل مثلا..متلبسا بشرك الربوبية..كما يظنه الجهال
بل كان مقرا بأن الله تعالى هو الخالق الرازق يدبر الأمر ويرزق من يشاء..وله ملكوت السماوات والأرض
قال تعالى"ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله"..
وقال"قل من يرزقكم من السماء والأرض أم من يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون"
وحاصل عدم تقواهم..شركهم في توحيد الإلهية..بأن يتوجهوا بالطلب إلى غير الله سبحانه وتعالى
ونحن نذكر بين يديك عشرات الآيات الدالة على ذلك بحسب تيسير الله..
-قال تعالى"وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين"
فتدبر كيف سمى الدعاء عبادة..ليدلك أن من دعا غيره ..فقال مثلا:يا حسين اشفني..فهو مشرك..شركا أكبر..
لأنه عبد غير الله في حقيقة الأمر..
وهذه القدرة افيضت عليه من قبل الله تعالى وانّه لا حول ولا قوّة إلّا بالله ، فلو كان مثل ذلك شركاً وكفراً ، فكلّ أعمالك وطلباتك شرك ؛ فلماذا لا تطلب رأساً من الله تعالى ان يعطيك خبزاً ولحماً وماءاً بل تطلب الخبز من الخبّاز واللحم من القصّاب.
قال الله تعالى على لسان أولاد يعقوب النبي : ( قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) [ يوسف : 97 ].
فكيف جعل أخوة يوسف بينهم وبين الله وسيطاً ووسيلة ثمّ لم يمنعهم أبوهم ولم يقل لهم : استغفروا الله ولا تجعلوني واسطة ، بل استجاب لهم وأيّدهم وقال : ( سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ).
وقال الله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) [ النساء : 64 ].
وهذه الآية تجعل قبول توبة المؤمنين واستغفارهم مشروطاً بشرطين :
1 : المجيء عند رسول الله واستغفار الرسول لهم ، أيّ جعل الرسول وسيطاً بينهم وبين الله تعالى.
2 : الإستغفار والتوبة بأنفسهم.
ولو جعل الوسيلة إلى الله تعالى محرّماً وشركاً ، فلماذا دعاهم الله تعالى إلى ذلك ؟
ولو لم يكن اتّخاذ الوسيلة جائزاً ، فلماذا قال الله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ ... ).
الله سبحانه وتعالى كمال قال في الايه السابقه انه لايجوز الدعاء لغير الله عز وجل . واضاف تعليقي في قولك ان استعمال الدواء سيكون شركا لو لم نعتقد بان اللهةهو الموثر .. ياسيدي الفاضل الله عزو وجل جعل لكل شياء سببا فاتتبع سببا فقرينه الدواء للمرض والاكل للجوع فكيف هذا لم يكون سببا لاجل الشفاء بفضل الله والشبع من الجوع ...
ومن ذلك يظهر انّ الله تعالى الذي هو مسبّب الأسباب والذي جعل في الدواء الخاص خاصية الشفاء من المرض هو بنفسه جعل التوسّل بالأنبياء والأولياء سبباً لاستجابة الدعاء فيكون التوسّل في الحقيقة طلباً من الله تعالى ودعاءً لله تعالى لا طلباً من دون الله ولا دعاءً لغير الله تعالى ولذا قال تعالى : ( وابتغوا إليه الوسيلة ) [ ] وكما يكون الإتيان بالطاعات والعبادات وسيلة فكذلك التوجّه إلى الله تعالى بواسطة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله والأولياء وسيلة يتقرّب بها إلى الله تعالى.
ثمّ لماذا كان عمر يتوسّل بالنبي صلّى الله عليه وآله مع وجوده وبعد وفاته توسّل بالعبّاس ، ولماذا لم يدع الله رأساً ؟ ولم يقل « اللهم أمطرنا » ؟
وأمّا قولنا يا علي ، يا محمّد ، يا حسن ، يا حسين ويا عبّاس فهو في الحقيقة طلب منهم لكي يدعوا لنا ويطلبوا من الله قضاء حوائجنا ، ولما لم يكن فرق بين الحيّ والميّت خصوصاً إذا كان شهيداً ، فقولنا يا محمّد ليس معناه ان يقضي محمّد حاجاتنا مستقلّاً عن الله تعالى ، بل معناه يا محمّد اشفع لنا عند الله واطلب من الله تعالى ان يقضي حاجاتنا ، فما هو المانع من ذلك ، وهل يكون شركاً مع انّ الطلب في الحقيقة من الله تعالى ؟ وإذا فرضت ـ ولو بنحو المستحيل ـ انّ الميّت لا يتمكّن من الشفاعة والطلب من الله تعالى والدعاء لنا فالتوسّل به في الحقيقة أمر لغو لا انّه شرك ، وإلّا لم يكن فرق بين الحيّ والميّت.
ثمّ انّ الموتى حتّى الكفّار والمشركين يسمعون ويعون كما ورد في غزوة بدر انّ النبي صلّى الله عليه وآله خاطب المشركين المقتولين المطروحين في بئر بدر : « قد وجدنا وعدنا ربّنا حقّاً فهل وجدتم ما وعد ربّكم حقّاً » ، ولما اعترض عليه بعض الصحابة وقال : كيف تخاطب الموتى ؟ قال صلّى الله عليه وآله : « انّهم أسمع منكم وأبصر ».
قال الله تعالى : ( لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ) [ ق : 22 ].
فما بالك بمن دونه
التوسل بالعباس وهو حي هو توسل لله بالصالحين العلماء أما بعد وفاته فهو شرك بالله
التوحيد بالله هو لب الإسلام تفكر و تدبر ولا تسير على نهج الضالين المضلين
اللهم إهد الضالين إلى صراطك المستقيم
اللهم أنر بصيرتهم
اللهم ردهم للإسلام ردا جميلا
قال الله تعالى ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون
فلذلك رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة الأطهار هم إحياء وليسوا أموات ويجوز التوسل بهم
اذا كان بعد الموت شركاً ، ففي حال الحياة شرك أيضاً.
واذا لم يكن التوسّل بالنبي صلّى الله عليه وآله حال حياته شركاً باعتبار انّه يجعل النبي صلّى الله عليه وآله واسطة بينه وبين الله ، وانّه لايدعو غير الله بل يدعو الله تعالى ؛ فلا يكون هذا النوع من التوسّل شركاً حتّى بعد موت النبي صلّى الله عليه وآله. غاية الأمر يكون أمراً لغواً وعبثاً لو قلنا بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله بعد موته لا يسمع ولا يرى ؛ فمن أين جاء شرك ؟
فالشرك هو عبادة غير الله أو دعاء لغير الله أو طلب من غير الله ، وهذا لا فرق في صدقه بين الحيّ والميّت ، فلو دعوت الحيّ من دون الله كان شركاً كالميّت.
امّا لو دعوت أحداً ليتوسّط بالدعاء لنا عند الله تعالى ، فهذا ليس شركاً ودعاء من دون الله ، بل هو دعاء لله ، ولا فرق بين الحيّ والميّت ، خصوصاً وانّنا نعتقد انّ النبي صلّى الله عليه وآله بعد موته حيّ مرزوق عند ربّه يسمع ويرى ، ولأجل ذلك نسلّم عليه ونقول عند قبره السلام عليك يا رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وهل يسلّم العاقل على الميّت الذي لا يعقل ولا يسمع. وهل تسلّم أنت على الجدار ؟
هداني الله واياك والقارئين الى الصواب.
يا سيدي مع احترامي وتقديري لك، استدلالك برواية البخاري في غير محلها، لأن عمر رضي الله عنه توسل بالعباس رضي الله عنه ليدعو لهم؛ لأنه كان حي ولم يمت، وهذا يدل على حب عمر رضي الله عنه لآل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومعرفته لمكانتهم وفضائلهم رضوان الله عليهم أجمعين، فلو كان يصح التوسل بالميت لكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم اولى بأن يتوسل به عمر من العباس رضي الله عنه.
وفقني الله واياك لطاعته.
والشبهة المطروحة من قبل الوهابيين واتباعهم هو انّ التوسّل دعاءٌ لغير الله تعالى وهو شرك ، ومن المعلوم أنّه لا فرق بين التوسّل بالحيّ والميّت في كونهما شركاً ودعاءً لغير الله ، والجواب عن هذه الشبهة انّ عمر توسّل بالعبّاس فلو كان دعاءً لغير الله وشركاً لم يقدم عمر على هذا الأمر ، وامّا انّه لم يتوسّل بالنبي صلّى الله عليه وآله وتوسّل بالعبّاس عمّ النبي ، مع انّ النبي صلّى الله عليه وآله حيّ يرزق عند ربّه ولا فرق بين حياته ومماته. فهذا الاشكال وارد على عمر بن الخطاب ، ولعلّه لم يلتفت إلى مقام النبي صلّى الله عليه وآله ومنزلته العظيمة التي تقتضي ان يكون مماته كحياته.
ثمّ انّه قد ورد في بعض الروايات من طرق أهل السنّة انّه حصل جدب في المدينة فأمرت عائشة ان يكشف قبر النبي صلّى الله عليه وآله تحت السماء فأمطرت السماء ببركة النبي صلّى الله عليه وآله ، فعائشة توسّلت بالنبي بعد وفاته.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة