لماذا صالح الحسن وقاتل الحسين أليس هذا تناقض؟

طباعة
لماذا صالح الحسن وقاتل الحسين أليس هذا تناقض؟

السؤال : وللأسف عندما كانت اتصفّح الأنترنيت رأيت هذه المقالة في أحد المواقع :هل تستطيعون أيّها الشيعة أن تجيبون على هذه الأسئلة؟
لقد تنازل الحسين بن علي لمعاوية وسالمه ، في وقت كان يجتمع عنده من الأنصار والجيوش ما يمكنه من مواصلة القتال .
وخرج الحسين بن علي في قلّة من أصحابه في وقت كان يمكنه فيه الموادعة والمسالمة .
ولا يخل أن يكون أحدهما على حقّ ، والآخر على على باطل ؛ لأنّه إن كان تنازل الحسن مع تمكّنه من الحرب (حقّاً) كان خروج الحسين مجرداً من القوة مع تمكّنه من المسالمة (باطلاً) ، وإن كان خروج الحسين مع ضعفه (حقّاً) كان تنازل الحسن مع قوته (باطلاً) .
وهذا يضعكم في موقف لا تحسدون عليه ؛ لأنّكم إن قلتم : أنهما جميعا على حقّ جمعتم بين النقيضين ، وهذا القول يهدم أصولكم.
وإن قلتم : ببطلان فعل الحسن لزمكم أن تقولوا ببطلان إمامته ، وبطلان إمامته يبطل إمامة أبيه و عصمته ؛ لأنّه أوصى إليه ، و الإمام المعصوم لا يوصي إلّا إلى إمام معصوم مثله.
وإن قلتم : ببطلان فعل الحسين لزمكم أن تقولوا : ببطلان إمامته وعصمته ، وبطلان إمامته وعصمته يبطل إمامة وعصمة جميع أبنائه وذريته ؛ لأنّه أصل إمامتهم ، وعن طريقه تسلسلت الإمامة ، وإذا بطل الأصل بطل ما يتفرع عنه.

الجواب : من سماحة السيّد علي الحائري
عن النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنّه قال : «  الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا» . فنحن نعتقد أنّ ما قام به الإمام الحسن (سلام اللّه عليه) في ظرفه كان هو الحقّ ، وأنّ ما قام به الإمام الحسين (سلام اللّه عليه) في ظرفه كان هو الحقّ أيضاً ، فكلاهما على حقّ في الظرف الخاصّ الذي كان يكتنفه ، وليس هذا من الجمع بين النقيضين ؛ لأنّ النقيضين إنّما يستحيل اجتماعهما في ظرف واحد ، لا أن يكون أحد النقيضين في ظرفٍ ، والآخر في ظرف آخر يختلف تماماً عن الأوّل ؛ فإنّ هذا ممكن وواقع دائماً ، فالحياة والموت مثلاً : نقيضان ؛ لأنّهما وجود وعدم ، فالمستحيل هو أن يكون الإنسان حيّاً وميّتاً في زمانٍ وظرفٍ واحد ، أمّا أن يكون حَيّاً في زمانٍ ، وميّتاً في زمان آخر فهذا ليس بمستحيل ، بل هو ممكن وهو الواقع دائماً ، فكذالك صلح الإمام الحسن (سلام اللّه عليه) في زمانٍ وظرفٍ ، وخروج الإمام الحسين (سلام اللّه عليه) في زمانٍ آخر وظرف يختلف من كثير من الجهات عن ظرف الإمام الحسن (سلام اللّه عليه) ، فكلاهما صحيح وحقّ رغم اختلاف الموقفين تبعاً لاختلاف الظروف ، فحتّى الإمام الحسين (سلام اللّه عليه) لوكان إماماً في ظرف الإمام الحسن (سلام اللّه عليه) لكان يتّخذ نفس الموقف الذي اتخذه الإمام الحسن (سلام اللّه عليه) ، وحتّى الإمام الحسن (سلام اللّه عليه) لو كان إماماً في ظرف الإمام الحسين (سلام اللّه عليه) لكان يتّخذ نفس الموقف الذي اتّخذه الإمام الحسين (سلام اللّه عليه) ، فالإمام إمام سواء قام أو قعد كما هو مرويّ عن النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) .
ولو صحّ هذا الإعتراض بالنسبة الى صلح الإمام الحسن وخروج الإمام الحسين (سلام اللّه عليهما) ، إذاً عليكم أن تعترضوا على النبيّ الأعظم (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أيضاً حيث الصالح المشركين في ظرفٍ وحاربهم في ظرفٍ آخر ، فإن كان الصلح مع المشركين حقّاً كانت الحرب ضدهم باطله ، وإن كانت الحرب حقّاً كان الصلح معهم باطلاً؟
هل يصحّ مثل هذا الكلام؟ طبعاً لا ؛ لأنّ صلحه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) كان في ظرفٍ ، وحربه ضدّهم كانت في ظرف آخر يختلف ، وكلا الموقفين حقّ وصحيح ، وليس هذا من الجمع بين النقيضين كما قلنا .
إذاً : فلا فعل الإمام الحسن (سلام اللّه عليه) باطل ، ولا فعل الإمام الحسين (سلام اللّه عليه) ، فكلّ ما فرّعتموه على ذلك من بطلان إمامتهما وعصمتهما ، وبطلان إمامة أبيهما وعصمته ، وبطلان إمامة ذرّية الحسين (سلام اللّه عليهم جميعاً) ، كلّ هذا الكلام باطل في باطل ، هداكم الله إلى الحقّ ، وإلى الصراط المستقيم : { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي } {يوسف/108} ، { وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى  } {طه/47}.