أين نجد عاشوراء الحقيقيّة ؟

البريد الإلكتروني طباعة

السؤال :

بين وعي النخبة من المفكّرين والعامة من الجمهور ، أين نجد عاشوراء الحقيقيّة ؟

هناك من يقول أنّ جمهور الناس بوعيهم الفطري يدركون من واقعة الطف ، ما هو أعمق وأوسع آفاقاً ممّا يتلقّاه الباحثون والمفكّرون من خلال دراستهم وبحثهم ؟ كيف تنظرون لمثل هذا القول ؟ وما هو هذا الذي يدركه العامّة بحسهم الفطري المرهف ولا يدركه الباحثون بدراساتهم ؟

ان الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة

الجواب :

حيث انّ أهل البيت عليهم السلام هم الثقل الثاني وعدل الكتاب الكريم الذي هو الثقل الأوّل ، وقد استفيض وتواتر بين الفريقين عن النبي صلّى الله عليه وآله الأمر بالتمسّك بهما (1) ، فأهل البيت والقرآن الكريم وجهان لشيء واحد ، وعلى ضوء ذلك.

فإنّ سيرة أئمّة أهل البيت عليهم السلام ومنهم سيّد الشهداء عليه السلام سيرته قرآن متجسّد ، فكما أنّ القرآن مهما قام الباحثون المتخصّصون من علماء التفسير وغيرهم من العلوم الأخرى بتفسيره ؛ فإنّ ذلك لا يمثّل كلّ آفاق القرآن ، ولا كلّ ما فيه من عيون المعرفة والعلم ؛ فيظلّ القرآن يرفد البشريّة على مختلف طبقاتها وافهامها نميراً عذباً كلّ يغرف منه بحسب سعته ووعائه ، فهكذا سيرة الحسين عليه السلام من المدينة الى مكّة الى كربلاء الى يوم العاشر ؛ فإنّها مليئة بالوقائع والمشاهد التي ينهل منها علماء الفقه والقانون ، وعلماء الكلام والفلسفة ، وعلماء الأخلاق والعرفان ، وعلماء الاجتماع والعلوم الانسانيّة كلّ حسب تخصّصه وبعده الذي يسير فيه ، والعامّة تحتفظ بهذا التجسّد القرآني الجمعي المجموع بنحو الادراك الاجمالي الفطري ، فتنصهر في أجواء مدرسة سيرته عليه السلام لا سيّما وأنّ سيد الشهداء كما قال الرضا عليه السلام ما معناه : كلّنا أبواب هدىً وسفن نجاة ، ولكن باب الحسين أوسع وسفينته في لجج البحار أسرع (2).

الهوامش

1. راجع :

الكافي « للشيخ الكليني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 294 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة / الطبعة : 5 :

إنّي تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله عزّ وجلَّ وأهل بيتي عترتي ، أيّها الناس اسمعوا وقد بلّغت ، إنّكم ستردون عليَّ الحوض فأسألكم ممّا فعلتم في الثقلين والثقلان : كتاب الله جلَّ ذكره وأهل بيتي ، فلا تسبقوهم فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فانّهم أعلم منكم.

بصائر الدرجات « لمحمد بن الحسن بن فروخ » / الصفحة : 456 / الناشر : منشورات الأعلمي / الطبعة : 1 :

قال أبو جعفر عليه السلام دعا رسول الله أصحابه بمنى فقال : يا أيّها الناس إني تارك فيكم الثقلين أما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض.

صحيح مسلم / المجلّد : 7 / الصفحة : 123 / الناشر : دار الفكر :

وَاَنَا تاركُ فيكُمْ ثَقَلَيْنِ اَوَّلُهُما كِتابُ اللهِ فيهِ الْهُدى وَالنُّورُ فَخُذُوا بكِتابِ اللهِ واسْتَمْسِكُوا بِهِ فَحَثَّ عَلى كِتابِ اللهِ وَرَغَّبَ فيهِ ثُمَّ قالَ وَاَهْلُ بَيتي اُذَكِّرُكُمُ اللهَ في اَهْلِ بَيْتي اُذَكِّرُكُمُ اللهَ في اَهْلِ بَيْتي اُذَكِّرُكُمُ اللهَ في اَهْلِ بَيْتي.

الحدائق الناضرة « للمحقق البحراني » / المجلّد : 9 / الصفحة : 360 / الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي :

ثم انه مما يزيد ما ذكرناه تأييداً ويعلى مناره تشييداً ما استفاض بل تواتر معنى بين الخاصة والعامة من قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم « اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما ان تمسكتم بهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض » وهو مروي بطرق عديدة ومتون متقاربه.

2. هذا الكلام : « كلّنا سفن النّجاة لكن سفينة جدّي الحسين أوسع وأسرع » ، ليس حديثاً من الأحاديث التي تروى عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام ؛ اذ خلت منه جميع مصادر الشيعة الإماميّة ، فضلاً عن مصادر العامّة. وبعد التدقيق والتتبع تبيّن أنّ هذا الكلام هو قول للعالم الجليل الشيخ جعفر التستري رضوان الله عليه ، وهذا هو نصّ كلامه في هذا الصّدد :

الخصائص الحسينيّة « لجعفر بن الحسين التستري » / الصفحة : 14 / الناشر : دار السرور :

فرايت في الحسين عليه السلام خصوصية في الوسيلة الى الله اتّصف بسببها بانه بالخصوص ؛ باب من أبواب الجنة وسفينة للنجاة ومصباح للهدى ، فالنبي والائمة عليهم السلام كلّهم أبواب الجنان ؛ لكن باب الحسين أوسع ، وكلّهم سفن النجاة ؛ لكن سفينة الحسين مجراها في اللجج الغامرة أسرع ، ومرساها على السواحل المنجية أيسر ، وكلّهم مصابيح الهدى ؛ لكن الاستضاءة بنور الحسين اكثر واوسع ، وكلهم كهوف حصينة ؛ لكن منهاج كهف الحسين أسمح وأسهل.

 
 

أضف تعليق

إقامة الشعائر

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية