السؤال :
قال تعالى : ( قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ... ) (١) ؛ من هما يأجوج ومأجوج الذي ورد ذكرهم في الآية الكريمة ؟
الجواب :
هما قبيلتان همجيتان كانتا تؤذّيان سكان المناطق المحيطة بهم.
ويستفاد من بعض الآثار أنّهما مجاميع كبيرة كانت تقطن أقصى نقطة في شمال آسيا ، وكانوا يهجمون على الناس ، ويقومون بإيذاء غيرهم ؛ ولذا قيل لذي القرنين : ( إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ).
الهوامش
١. الكهف : ٩٤.
التعليقات
اجابة موفقة ومطابقة لما في المصادر بارك الله بكم شيخنا الجليل الايرواني
وظاهر الآية انّه لما بلغ ذو القرنين ما بين السدين وجد قوماً لم يفهم كلامهم لغرابة لغتهم فاجتاج إلى مترجم فقالوا انّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض ، بمعنى أنّهما جيلان من الناس كانوا يأتونهم من وراء الجبلين فيغيّرون عليهم ويقتلونهم وينهبونهم ، فطلبوا من ذي القرنين انشاء سدّ يمنعهم من الوصول إليهم.
وأمّا الروايات فهي ختلفة جدّاً وفي بعضها ـ خصوصاً ما رواه أهل السنّة ـ تفسير يأجوج ومأجوج بما يخرجهم من البشريّة.
نذكر اوّلاً ما رواه علماؤنا من طرق أهل البيت عليهم السلام ، ثمّ ما رواه أهل السنّة :
1 ـ في العلل عن الإمام الهادي عليه السلام قال : « جميع الترك والسقالب ويأجوج ومأجوج والصين من يافث ـ أيّ هما قبيلتان من ولد يافث بن نوح ـ ».
وقيل انّ يأجوج من الترك ومأجوج من الجبل.
2 ـ في تفسير نور الثقلين عن روضة الكافي عن ابن عبّاس انّهم من غير ولد آدم عليه السلام.
3 ـ في رواية عن سلمان قال : « فقال الحسن : اريد أن تريني يأجوج ومأجوج والسدّ الذي بيننا وبينهم ـ إلى أن قال : ـ ثمّ سرّنا حتّى وقفنا على سدّ يأجوج ومأجوج ... ، قال سلمان : فرأيت إضافاً ثلاثة طول أحدهم مائة وعشرون ذراعاً والثاني كان طول واحد سبعون ذراعا والثالث يفرش أحد اذنيه تحته والاخرى يلتحف به ... ».
4 ـ في تفسير القمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « فحال بين يأجوج ومأجوج وبين الخروج ، ثمّ قال ذو القرنين : ( قَالَ هَـٰذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي ۖ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ۖ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ) [ الكهف : 98 ] ، قال : إذا كان قبل يوم القيامة انهدم السدّ وخرج يأجوج ومأجوج إلى العمران واكلوا الناس ... ».
وامّا روايات أهل السنّة :
1 ـ انّهم قوم ولود لا يموت الواحد منهم من ذكر أو اُنثى حتّى يولد له ألف الأولاد. [ الدرّ المنثور عن النسائي وابن مردويه عن اوس عن النبي (ص) وعن ابن أبي حاتم عن السدى عن علي (ع) ].
2 ـ انّهم من الشدة والبأس بحيث لا يمرون ببهيمة أو سبع أو انسان إلّا افترسوه وأكلوه ولا على زرع أو شجر إلّا رعّوه ولا على ماء نهر إلّا شربوه ونشفوه. [ الدرّ المنثور عن ابن اسحاق وغيره عن وهب ].
3 ـ وروى انّهم طوائف ثلاث ، فطائفة كالارز وهو شجر طوال ، وطائفة يستوي طولهم وعرضهم ، وطائفة وهم أشدّ للواحد منهم اذنان يفترش بأحدهما ويلتحف بالاخرى. [ الدرّ المنثور عن ابن المنذر وابن أبي حاتم عن كعب الأحبار ].
وعلى كلّ حال فالأظهر انّهم قوم من البشر كانوا يريدون الإعتداء والإفساد في الأرض ، فمنعهم ذوالقرنين بإنشاء السدّ.
ويمكن ان تكون الإشارة إلى أمر معنوي ويقصد من يأجوج ومأجوج أعداء الدين وأعداء أهل البيت عليهم السلام الذين يتصدّون لقتل المؤمنين ويتربصون بهم الدوائر ، فينبغي إنشاء سدّ وحاجز بيننا وهي التقيّة ، كما ورد في الحديث عن الصادق عليه السلام في تفسير العيّاشي عن المفضل قال : « سألت الصادق عن قوله : ( فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ) [ الكهف : 97 ] ، إذا عملت بالتقيّة لم يقدروا لك على حيلة ، وهو الحصن الحصين ، وصار بينك وبين أعداء الله سدّاً لا يستطيعون له نقباً ». نعم قال السيد الطباطبائي في [ الميزان ] الروايتان من الجرى وليستا بتفسير.
وقد ثبت في محله ان رحلة ذي القرنين اصلا لم تكن في الارض
( قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ) [ الكهف : 94 ].
فهذا ليس قول الله تعالى حتّى نقول ، وهل هناك أصدق من الله قيلاً ، بل هو نقل قول يحتمل صدقه أو كذبه.
ومن المعلوم الفرق بين قولك زيد عالم ، وبين قولك قيل زيد عالم ؛ فانّ الأوّل اخبار عن الواقع ، والثاني ليس اخباراً عن علم زيد ، بل هو اخبار عن قول بعضهم بان زيداً عالم ، ولأجل ذلك لابدّ ان نرجع الى الأحاديث والآثار التي تخبر عن كون يأجوج ومأجوج مفسدين في الأرض.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة