إذا كانت صلاة التراويح بدعة لماذا لم ينه عنها الإمام علي عليه السلام في خلافته ؟

طباعة

السؤال :

معروف إنّ أمير المؤمنين سلام الله عليه اقبلت عليه الفتن بسبب حرصه على إقامة حدود الله دون أيّ تأخير أو انتظار لتثبيت حكمه على العالم الإسلامي.

وسؤالنا هو : لماذا لم ينهى أمير المؤمنين عن صلاة التراويح وقيام الليل على إمام واحد حيث كانتا من بدع الخليفة الثاني التي ما زال يستمرّ عليها معظم أهل السنّة ؟ ولم لم يعاقب عليها أمير المؤمنين عليه السلام ؟

الجواب :

قد روي أنّه عليه السلام أمر الحسن عليه السلام بأن ينهى الناس عنها في مسجد الكوفة فتنادى الناس : « يا أهل الإسلام غيّرت سُنّة عمر ». [ الروضة من الكافي ، المجلّد : 5 / الصفحة : 58 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة / الطبعة : 4 ]

فاحجم عليه السلام عن ذلك ، كما ذكر ذلك في خطبة قال فيها : « ألا إنّ أخوف ما أخاف عليكم خلّتان : اتّباع الهوى ، وطول الأمل ـ إلى أن قال ـ قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، متعمّدين لخلافه ، فاتقين لعهده ، مغيّرين لسنّته ، ولو حملت الناس على تركها لتفرّق عنّي جندي حتى أبقى وحدي ، أو قليل من شيعتي ـ إلى أن قال ـ والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلّا في فريضة ، وأعلمتهم اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل معي : يا أهل الإِسلام ، غيّرت سنة عمر ، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعاً ، وقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري » [ وسائل الشيعة ، المجلّد : 8 / الصحفة : 46 / الناشر : مؤسّسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / الطبعة : 3 ].

فهو عليه السلام يشير إلى أنّ جملة من سنن النبي صلى الله عليه وآله بُدلّت وغُيّرت إلى سنن جاهليّة وبدع ، فكان حاله عليه السلام كحال النبي صلّى الله عليه وآله في بعثته للجاهليّة الاُولى ، وقد صرح عليه السلام في بعض خطبه بذلك ، إذ قال : « ألا وإنَّ بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيّه صلى الله عليه وآله ». [ الروضة من الكافي ، المجلّد : 6 / الصفحة : 67 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة / الطبعة : 4 ]

ولا ريب إنّ الموقف في الإصلاح الحضاري وتقويم الملّة والدين عن الإعوجاج الحاصل يتطلب ويستدعى التدريج في الإصلاح ، كما كانت منهجيّة الرسول صلّى الله عليه وآله في تغيير السنن الجاهليّة وبيان وإقامة التشريع السماوي ، لأنّ القسر الدفعي يتنافى مع طبيعة التربية والتزكية للجبلة البشريّة.