حول المصدر الرئيسي للاستنباط بين الأصولي والأخباري

البريد الإلكتروني طباعة

السؤال :

نحن من عائلة لها خلفية إخباريّة في معتقدها ، وأنا الآن على قناعة كاملة أنّ المذهب الأصولي لم يأت بحكم ما من خارج القرآن والسنّة رغم تربيع الأدلّة من حيث التصنيف ، إلّا أنّ أخي الصغير عندما يسمع وجهتَي النظر الموجودة في العائلة يتّجه بقراره نحو الإحتياط بإتّباع أحد الفقهاء المتجزئين ، لكونه يعلن أنّ الأدلّة عنده أثنين فقط الكتاب والسنّة. وبإعتبار أنّ علماء المذهب الأصولي لا يحتاطون بالرجوع إلى هذين الدليلين ، وإنّما يتعدّونها إلى أدلّة أُخرى قد توقّع بالهلكة كما يعتقد ، ولا أرى أنّ هذا الذي يعمله احتياطاً ، فكيف لي أن أقنعه بخطأ اعتقاده ؟

الجواب :

نحن وإن كنّا نؤمن بأنّ الدليل العقلي حجّة ويجوز العمل به ، لكنّنا لم نجد حكماً واحداً يتوقّف إثباته على الدليل العقلي بالمعنى الذي يختلف الأصوليّون مع الأخباريّين في أنّه هل يسوغ العمل به أم لا ؟ بل كلّ حكمٍ يثبت بالدليل العقلي فهو ثابت في نفس الوقت بكتابٍ أو سنّة.

وأمّا الإجماع فهو ليس مصدراً من مصادر الاستنباط إلى جانب القرآن والسنّة ، ولا يُعتمد عليه إلّا من أجل كونه وسيلة من وسائل إثبات الدليل الشرعي الصادر عن الشارع ، وتوضيح هذا المطلب موكول إلى علم الأصول.

إذن : فالمصدران الوحيدان هما القرآن والسنّة ، ونبتهل إلى الله تعالى أن يجعلنا من المتمسّكين بهما ، ومَن استمسك بهما فقد استمسك بالعروة الوثقى لاانفصام لها والله سميع عليم ، وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم :

« إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ». (1)

وأمّا عمل أخيكم وهو اتّباع أحد الفقهاء فلابدّ من أن يكون مطابقاً للموازين الفقهيّة التي تعرفونها للتقليد واتّباع الفقيه ، فلا بدّ من توفر الشروط اللازمة في ذاك الفقيه ، وإلّا فهو عمل غير سائغ وليس احتياطاً ، بل هو الهلاك بعينه ، والله العالم.

الهوامش

1. راجع : مسند أحمد / المجلّد : 3 / الصفحة : 14 ، 17 ، 26 ، 59 / الناشر : دار الفكر.

راجع : سنن الترمذي / المجلّد : 5 / الصفحة : 662 / الحديث : 3786 / الناشر : دار احياء التراث العربي ـ بيروت.

راجع : صحيح مسلم / المجلّد : 4 / الصفحة : 1874 / الحديث : 37 / الناشر : دار الفكر ـ بيروت.

راجع : الخلاف / المجلّد : 1 / الصفحة : 27 / الناشر : مؤسسة النشر الاسلامي.

راجع : المعتبر / المجلّد : 1 / الصفحة : 23 / الناشر : مؤسسة سيّد الشهداء عليه السلام.

 
 

التعليقات   

 
+1 # كفاح الركابي 2013-11-26 18:07
سماحة السيد علي الحائري .
اقتبس قولك " بل كلّ حكمٍ يثبت بالدليل العقلي فهو ثابت في نفس الوقت بكتابٍ أو سنّة".
هناك من الفقهاء من يقول ب وجوب تقليد الاعلم ابتداءا".
هل يوجد دليل من الكتاب والسنة ؟ بوجوب تقليد الاعلم ابتداءاً.
ولكم جزيل الشكر والامتنان
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+3 # السيّد جعفر علم الهدى 2015-02-06 21:06
الأدلّة على وجوب تقليد الأعلم هي :
الأوّل : مشروعيّة التقليد في الأحكام الشرعية قد ثبتت بالكتاب والسنّة كقوله تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) [ الأنبياء : 7 ] وبما انّ دليل حجيّة فتوى المجتهد لا يشتمل المتعارضين فإذا تعارض فتوى الأعلم مع غيره فالإحتياط يقتضي تقليد الأعلم لأنّه القدر المتّقين من الحجّة.
الثاني : الروايات منها مقبولة عمر بن حنظله حيث ورد فيها قول أبي عبدالله عليه السلام : « الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقهما وأصدقهما ».
ومنها ما ورد في عهد أميرالمؤمنين عليه السلام إلى مالك الأشتر : « اختر للحكم بين الناس أفضل رعيّتك ».
ومنها ما رواه في البحار عن كتاب الإختصاص قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « من تعلم علماً ليمارى به السفهاء او ليباهي به العلماء أو يصرف به الناس إلى نفسه يقول أنا رئيسكم فليتبؤا مقعده من النار انّ الرئاسة لا تصلح إلاّ لأهلها فمن دعى الناس إلى نفسه وفيهم من هو أعلم منه لم ينظر الله إليه يوم القيامة ». ومنها ما رواه في البحار عن الامام الجواد عليه السلام : « انه قال مخاطباً لعمّه يا عمّ إنّه عظيم عند الله ان تقف غداً بين يديه فيقول لك لِمَ تفتي عبادي بما لم تعلم وفي الاُمّة من هو أعلم منك ».
وهذه الروايات أكثرها ضعيفة السند ولا يتمّ دلالتها.
الثالث : انّ فتوى المجتهد انّما اعتبرت للطريقيّة إلى الأحكام الواقعيّة وحيث انّ فتوى الأعلم أقرب إلى الواقع من فتوى غير الأعلم لسعة إحاطته وإطلاعه على ما لا يطلع به غيره من المزايا والخصوصيّات فلا مناص من الأخذ بها دون فتوى غير الأعلم وهذا الدليل وان كان عقليّاً لكنه موافق مع ادّلة الإحتياط كقوله عليه السلام : « أخوك دينك فاحتط لدينك ».
الرابع : السيرة العقلائيّة التي نستكشف من عدم الردع امضاء الشارع لها.
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 

أضف تعليق

الأخباري

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية