ما معنى قوله تعالى : ( فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) ؟

طباعة

السؤال :

انّ الله عزّ وجلّ قال في آيته : ( وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ ) [ الحديد : 27 ] ، أيّ انّ الله تعالى لم يفرض الرهبانيّه على الإنسان.

لكنّه في آية اخرى يقول : ( فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) [ النحل : 51 ] ، فما معنى هذه الآية ؟

الجواب :

قوله تعالى : ( فَإِيَّايَ فَارْ‌هَبُونِ ) [ النحل : 51 ] يدلّ على مدح الخوف والخشية من الله تعالى لأنّه يعاقب الظلم والعاصي والمذنب امّا عاجلاً في الدنيا وامّا آجلاً في الآخرة ، فالخوف من عذاب الله العاجل والآجل يدعوا الإنسان إلى ترك المعاصي والذنوب فهو أمر ممدوح.

وامّا الرهبانيّة فليس معناها الخوف من عذاب الله بل معناها الإعتزال عن الناس وترك الدنيا والإشتغال بالعبادة محضاً ، وهذا أمر مذموم لأنّه في الحقيقة فرار عن المسؤوليّة وترك الوظيفة تجاه النفس والمجتمع بل هو أمر على خلاف الفطرة الإنسانيّة ، فإنّ الإنسان اجتماعي بالطبع وله غرائز وعواطف وأحاسيس لابدّ من إشباعها لكي يستمرّ نسل الإنسان ويبقى نوع البشر جيلاً بعد جيل ، فالعبادة وان كانت حسنة ومرغوبة والزهد في الدنيا أيضاً أمر حسن وممدوح لكن حسنها ومرغوبيّتها لا يستلزم الفرار من المسؤوليّة بل يجب على الإنسان القيام بوظيفته من اصلاح أمر المعاش والمعاد كليهما ويجب عليه أيضاً القيام بوظيفته تجاه المجتمع البشرى بأن يتزوّج ويتناسل ويربى الأولاد ويدير أمر العائلة لكي يستمرّ بقاء نسل الإنسان ، ولذا ورد في الحديث : « ليس منّا من ترك آخرته لدنياه ومن ترك دنياه لآخرته » ، وعن الإمام الحسن السبط عليه السلام : « اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً واعمل آخرتك كأنّك تموت غداً ».