الردّ على استدلال الآلوسي بخصوص الآية الولاية

البريد الإلكتروني طباعة

السؤال :

أرجو منكم الردّ على استدلال الآلوسي بخصوص الآية الكريمة : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) [ المائدة : 55 ] ، ولكم الأجر والثواب.

يقول الآلوسي : « واستدلّ الشيعة بها على إمامته ـ كرّم الله تعالى وجهه ـ ، ووجه الاستدلال بها عندهم أنّها بالإجماع أنّها نزلت فيه ـ كرّم الله تعالى وجهه ـ ، وكلمة : ( إِنَّمَا ) تفيد الحصر ، ولفظ الولي بمعنى المتولّي للأمور ، والمستحقّ للتصرّف فيها ، وظاهر أنّ المراد هنا التصرّف العام المساوي للإمامة بقرينة ضمّ ولايته ـ كرم الله تعالى وجهه ـ بولاية الله تعالى ورسوله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ، فثبتت إمامته ، وانتفت إمامة غيره ، وإلّا لبطل الحصر ...

وقد أجاب أهل السنّة عن ذلك بوجوه :

الأوّل : النقض بأنّ هذا الدليل كما يدلّ بزعمهم على نفي إمامة الأئمّة المتقدّمين كذلك يدلّ على سلب الإمامة عن الأئمّة المتأخّرين كالسبطين ـ رضي الله تعالى عنهما ـ وباقي الأئمّة الإثني عشر ـ رضي الله تعالى عنهم أجمعين ـ بعين ذلك التقرير ؛ فالدليل يضرّ الشيعة أكثر ممّا يضرّ أهل السنّة كما لا يخفى ... » إلى آخر استدلاله.

الجواب :

أوّلاً : الحصر إضافي بالنسبة للموجودين في زمان النبي صلّى الله عليه وآله والإمام عليّ عليه السلام ، ومن المعلوم أنّ الحسن والحسين عليهما السلام لم يكونا إمامين في زمان حياة الإمام عليّ عليه السلام.

والآية لا تدلّ على انحصار الإمامة في عليّ عليه السلام على الإطلاق ، وحتّى بعد وفاته عليه السلام بل لا يعقل ذلك ، وإلّا لكان النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله إماماً في كلّ الأزمان ، وكانت نبوّته ورسالته وإمامته كافية حتّى بعد وفاته.

ثانياً : إمامة الأئمّة الأحد عشر لم تثبت بهذه الآية ، وإنّما ثبتت بالنصّ الوارد عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وعن عليّ عليه السلام نفسه ؛ فقد صرح النبيّ صلّى الله عليه وآله بأنّ : « الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا » (1).

وقد نصّ الإمام عليّ عليه السلام على إمامة الحسن والحسين ومن بعدهما سائر الأئمّة عليهم السلام.

ومفهوم الحصر المستفاد من الآية عامّ ، وكلّ عام يمكن أن يخصّص بالدليل المعتبر.

ومثل ذلك قوله عليه السلام : ما يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب أربع خصال : الطعام والشراب والنساء والارتماس في الماء. (2)

فمهوم هذا الحديث أنّ غير هذه الأربعة لا يضرّ بالصوم ، وهذا عامّ ، لكنّه خصّص بأدلّة المفطّرات الأُخرى من الكذب على الله ، وتعمّد البقاء على الجنابة ، وتعمّد التقيؤ وغير ذلك.

ومثله قول النبيّ صلّى الله عليه وآله : إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان. (3)

ومفهومه عدم ثبوت شيء عند القاضي بدون اليمين والبيّنة ، لكنّه عامّ قابل للتخصيص ، ولذا خصّص بالإقرار ، وعلم القاضي ونحو ذلك.

ثالثاً : قد تكون هذه الصفات متواجدة في سائر الأئمّة عليهم السلام بل يستفاد من الأدلّة القطعيّة على إمامتهم أنّهم صاروا مصاديق لهذه الآية المباركة ، ولعلّ كلّ واحد منهم أعطى الزكاة والصدقة في أثناء الصلاة ، ولا استبعاد في ذلك أصلاً ، كما أنّه لا يلزم أن يكون ذلك علانية ، وأمام الناس لكي ينقل إلينا ؛ فمن المحتمل أنّه كان سرّاً وبدون علم الآخرين.

كما ورد أنّ صدقة السرّ تطفئ غضب الربّ. (4)

ولعلّ الإتيان بضمير الجمع في الآية المباركة والمصداق المنحصر في زمان النبيّ صلّى الله عليه وآله هو الإمام عليّ عليه السلام ، ولم يقل أحد لا من السنّة ولا من الشيعة بأنّ غير الإمام عليّ عليهم السلام تصدّق في الركوع قبل نزول الآية.

الهوامش

1. علل الشرايع « للصدوق » / الصفحة : 211 / الناشر : دار إحياء التراث العربي / الطبعة : 2.

2. التهذيب الأحكام « للطوسي » / المجلّد : 4 / الصفحة : 319 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة / الطبعة : 3.

3. الكافي « للكليني » / المجلّد : 7 / الصفحة : 414 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة.

4. الكافي « للكليني » / المجلّد : 4 / الصفحة : 7 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة.

 
 

التعليقات   

 
+2 # علي حمد 2021-07-15 11:49
السلام عليكم هل حقا المقصود من هذه الاية (إني جاعل في الارض خليفة) وجوب وجود شخص يمثل بقية الله في الارض وكيف نثبت ان المقصود ليس الانسان اي نحن البشر ؟
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+1 # السيّد جعفر علم الهدى 2021-08-20 17:49
يستفاد من بعض الأحاديث انّ المراد من الخليفة في الآية المباركة الأنبياء والرسل والأئمّة المعصومين عليهم السلام وعباد الله الصالحين ، لكن لما كان جعل الخليفة في الأرض يتوقّف على ان يخلق الله تعالى جميع البشر ، ويسكنهم الأرض حتّى يتميّز الإنسان الكامل من الناقص والإنسان الصالح من الطالح ، ويظهر فضل الإنسان الكامل واستحقاقه للمقامات العالية بالعبادة والأعمال الصالحة اقتضت حكمة الله تعالى ان يخلق جميع أفراد البشر من المطيعين والعاصين والصالحين والطالحين والمؤمنين والفاسقين.
ففي تفسير القمي عن الباقر عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام ـ في حديث طويل ـ : قال الله تبارك و تعالى : إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ. انّي اريد ان اخلق خلقاً بيدي واجعل من ذريّته الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين وأئمّة مهديين واجعلهم خلفائي على خلقي في أرضي يهدونهم إلى طاعتي وينهونهم عن معصيتي واجعلهم حجّة لي عليهم عذراً أو نذراً. [ تفسير الصافي / ج 1 / 94 ]
وفي بعض الأقوال انّ المراد من الخليفة ليس خليفة الله في الأرض ، بل خليفة الملائكة التي كانوا في الأرض ، فأوحى الله اليهم أني سوف أخلق خلقاً يسكن الأرض بدلاً منكم ، ويكون خليفة عنكم ، وسوف أرفعكم إلى السماء ...
وبناء على ذلك يكون المراد من الخليفة آدم وذريّته ، أيّ كل الناس حتّى الكفّار والعصاة ، إذ يصدق عليهم انّهم خلفاء الملائكة في الأرض حيث سكنوا في الأرض بعد ان رفع الله الملائكة من الأرض إلى السماء.
ولكن الصحيح هو التفسير الأوّل الذي نطق به الروايات ، وانّ المراد من الخليفة حجّة الله على الأرض وهو يختصّ بالمعصومين وعباد الله الصالحين ، ولا ينافي ذلك ان يخلق الله تعالى ويسكن في الأرض غير الحجج من أفراد البشر.
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 

أضف تعليق

آية الولاية

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية