شايعت عليّاً

البريد الإلكتروني طباعة

شايعت عليّاً

ما للأحبة غُيَّباً ليسوا معي

والوجد نار أُضرمت في أضلعي ..؟

الدار رسم ، والحياة طُلاطلٌ

والحيّ أطلال بقفر بلقعِ

والليل طال ، وماله من آخر

فاذا انجلى فعن الظلام الاسفعِ

ما كنت أحسب أن حبكِ قاتلي

يا « نُعْمُ » لم أشعر بذاك ولم أعِ

حتى إذا بنتم ، وقامت بيننا

حجُبٌ من الغيب الممضّ المُفزعِ

أدركت أن الحبّ يطعن كالقَنا

والسمهريّ ، وكالرّماح الشُّرَّعِ

فاذا المحبُّ مضرّج بدمائه

ولرمسه المحفور قبلا قد دُعي

واليوم أُومن ـ بعد ما لعبت بنا

كف الزمان كريشة في زعزعِ ـ

أن المحب ـ أراد ذلك أم اَبي ـ

عند الحبيب كخاتم في إصبعِ ..!

لا تحسبي أني جفوت ، وإنما

آثرت أن أنسى هوى لم ينفعِ

وقصدْتُ وجه أحبة ، في حبهم

هام الخلائق ، فاعذليني أوْ دَعي

أحببت صهر المصطفى ووصيّه

ذاك الملقبَ بالبطين الأنزعِ

بعل البتول ، يزفّه ويزفّها

ركبُ الملائك للمقام الارفعِ

مولود بيت الله ، جاء يحفّه

نور الإمامة والتقى من أربعِ

هو من بمكّةَ كان أوّل مسلم

للّات أو لمناة لمّا يركعِ

وهو المراد بقول « كُرّم وجههُ »

قُصرت عليه ومالها من مدّعي

وهو الذي والى الرسول بمكّة

إذْ ناهضوه بكلّ فعل أشنعِ

وهو الذي ملا الفراش بليلة

حين القبائل أقبلت في مجمعِ

لتنال من طه وتطعن صدره

شُلت يد الدهماء إن لم تُقطعِ

حتّى إذا انبلج الصباح بنورهِ

وجدوا عليّاً راقداً في المضجـعِ

واذكره في بدر يبارز جحفلا

الجند فيه تدثّروا بالادرعِ

واذكره في أُحد ، ودونك شأنها !!

ثبتت جوانحه ولم يتزعزعِ

وبخندق الاحزاب جندل فارسا

يخشاه كلّ مدجّج ومدرّعِ

وهو الذي في خيبر دانت له

اعتى الحصون وأوذنت بتضعضعِ

وهو الذي حمل اللواء مؤذّنا

في يوم فتح بيّن ومشعشعِ

فإذا أتى يوم الغدير تنزّلت

آيات ربّك كالنجوم اللمّعِ

: قم يا محمّد ، انّها لرسالة

إن لم تبلّغها فلست بصادعِ

وقف الرسول مبلّغا ومناديا

في حَجّة التوديع بين الاربُعِ

وأبو تراب في جوار المصطفى

طلق المحيّا كالهلال الطالعِ

رفع النبيّ يد الوصيّ وقال في

مرأى من الجمع الغفير ومسمعِ

« من كنتُ مولاه فهذا المرتضى

مولى له » ... فبخ بخ لسميدعِ ..!

وسَعَتْ جموعُ الناس نحو أميرها

مابين مقطوع الرجا ، ومُبايعِ ..!

وصَّى بها موسى ، وهذا أحمدٌ

وصّى أخاه ، فذلَّ من لم يبخعِ ..!!

مهما مدحتك يا علي ، فألكنٌ

ومقصر في الحق ، مهما أدّعي

من جاوز الجوزاء ، يعجز دونه

مثلي وأهل الشعر لو جُمعوا معي

أنت الذي شرع الامامة فاتحا

طوبى لكم من خاتم أو شارعِ

يا والد الحسن الزكي وسيد الشـ

ـهداء أوفى الاوفياء التابعِ

وعليِّ السجّاد زينِ العابديـ

ـن الزاهد المتهجد المتورِّعِ

والباقر العِلْم الشبيهِ محمّد

الحاضرِ الراضي الشكور الجامعِ

والصادق المنْجي المحقق جعفر

كنز الحقائق والفقيه الضالع

والكاظم الغيظ الوفيّ بعهدهِ

موسى الصبور على البلاء الخاشعِ

وغريب أهل البيت قرة عيننا

كفؤِ الملوك وعِزِّ كلِّ مدفَّعِ

ومحمّد ذي النور يسطع حوله

هذا الملقب بالجواد ، القانعِ

وعليٍّ الهادي النقيّ المرتضى

الناصح المفتاح ، دونك أو .. فَعِ ..!

والخالص الحسن الكتوم لسرّهِ

العسكريّ الشافع المستودَعِ

والقائم المهديّ كاشف غمِّنا

بُقيا النبوة والدليلِ القاطعِ

يا غائباً ، طال الغياب ، وعيننا

تشتاق طلعتك البهية ، فاطلعِ

يا راجعاً بعد الذهاب ، قلوبنا

مُدت إليك ، كما الأيادي ، فارجعِ

يا كاشف الغم الجسيم ، شفاهنا

نادتك من وسط المظالم ، فاسمعِ

يا صاحب الأمر الحكيم ، إلى متى

تبقى الامور بلا لواء جامعِ ؟!

والدار يغزوها الفساد مدمدماً

كالسيل يأتي من محيط مترَعِ

يا صاحب الدار التي ممّا بها

قد آذنَت بتشقق وتصدّعِ

عجّلْ بسيفك ، فالدواء بحدّه

للجور والكفر الذئوم الناقع

يا حجة الله ، الذي بظهوره

يتفرق الطاغوت بعد تجمّعِ

اظهرْ ، فليس الماء في قيعاننا

للظامئين سوى سراب خادعِ ..!

مهما تبعتك يا عليُّ ، فعاجزٌ

من للكسيح وراء سهم مسرعِ ..؟!

أنت الشهاب ، أبوالشهاب ، وكلكم

شهب تحلّق في الفضاء المهيَعِ

أنت الأمير أبو الأمير ، وكلّكم

أُمراءُ عزّ في زمان خانعِ

أنت الإمام أبو الأئمّة من لكم

خُلِقَ الوجود ، وما أنا بالصاقعِ ..!

أنت الشهيد أبو الشهيد ، وكلّكم

شهداء حق في العصور مُضيَّعِ

بيد الاولى سلبوا الولاية عُنـوةً

وتوارثوها ذات يوم مُفجعِ ..!

ويد الاولى في مكّة قد أُطلقوا

والأدعياءِ ذوي الدعيّ ابن الدعي

والطامعين الطالبين مناصباً

والساقطين من اللئام الوُضَّعِ

القلبُ ضاق بقيحه وجراحهِ

والعين كمهاء بفيض الادمعِ

فإذا شكوتُ ، فللذي يُشكى له

وإذا فزعتُ ، فحيدرٌ هو مفزعي

وهو الملاذ إذا المقابر بُعثرت

وسُئلتُ : هل من ناصرأو شافعِ ..؟!

شايعتُ من رُدّتْ له الشمس التي

رُدّت ـ إذا حلَّ الغروبُ ـ ليوشعِ

فاذا مَدَحْتُ ، فمدحتي مبتورةٌ

إن لم تكن مقرونة بتشيّعي ..!!

مقتبس من كتاب : [ بلون الغار .. بلون الغدير ] / الصفحة 17 ـ 23

 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية