الحواريّون الظاهرة والضرورة

البريد الإلكتروني طباعة

الحواريّون الظاهرة والضرورة

الحواريّ : هو الناصر ، وجمعه الحواريّون ، وهم صفوة الأنبياء الذين خلصوا وأخلصوا في التصديق بهم ونصرتهم. وعن الإمام الرضا عليه السلام وقد سُئل : لِم سُمي الحواريّون بالحواريّون ؟ قال : « أما عند الناس فانّهم سمّوا بالحواريّين لأنّهم كانوا يخلّصون الثياب من الوسخ ، وأمّا عندنا فانّهم كانوا مخلصين في أنفسهم ومخلّصين لغيرهم من أوساخ الذنوب » (1).

إنّ بعض أصحاب النبي عيسىٰ عليه السلام اختصّوا بهذا الإسم ، قال تعالىٰ : ( فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) (2).

والناظر لهذا النصّ المبارك يقف أمام نماذج حدّدت لنفسها منهجاً في التعامل والإعتقاد والاتّباع.

فالقرآن يصفهم بأنّهم : مناصرون للنبي مؤمنون بالله ورسالته ، مسلمون « بالمعنىٰ العامّ للإسلام وهو حقيقة الدين » وانّهم شهود يشهدون ويراقبون مسيرة الآخرين ، فهم لم يطلبوا أن يكتبوا مع الشاهدين إلّا بعد أن هيّئوا حقيقة وموضوع هذا « الإشهاد » فهم اُسوة وقدوة لغيرهم. هؤلاء الحواريّون لم يكتفوا بالعقيدة إيماناً قلبيّاً بل اتّبعوها بالإيمان العملي « الإيمان بما اُنزل » وبالنصرة وتحمّل كلّ تبعات هذه المناصرة التي جاءت بعد نداء النبي ويأسه من بني إسرائيل « من أنصاري إلىٰ الله ؟ ».

يا ترىٰ هل إنّ هذه الظاهرة الربّانية تقتصر علىٰ خالة ومقطع زمني معين ؟ أم تتعدّاها لما نعيشه اليوم وما عاشه الأنبياء والصالحون ، فلكلّ هؤلاء حواريّون وأتباع ومريدون وأنصار ، ومبرّر هذه الظاهرة وهذا الوجود والملاصقة لرائد أيّة مسيرة كانت هي الحاجة ، حاجة القائد نفسه لهذه النماذج المخلصة ، وحاجة القضيّة ذاتها لتبليغها وتحقيق أهدافها ، وحاجة الأمّة لرجالات كهؤلاء للتأسّي والإقتداء وبيان الحجّة.

فالحواريّون حاجة إذن وضرورة لإدامة التحوّل ودفع عمليّة التغيير علىٰ مختلف الأصعدة السياسيّة والاجتماعيّة وغيرها ، شريطة أن تهيّء هذه الصفوف ظروف هذا التبوّء وتجهد نفسها لتحقيق النعوت والأوصاف التي أضفاها عليهم كتاب الله ودستوره الخالد ـ كما بيّناه ـ وبغير هذا التهيّؤ فهذه الحاجة والضرورة لم تعد لازمة وقتئذ.

فانظر إلىٰ نور القرآن الخالد كيف وضّح منهج التعامل والإعتقاد والاتّباع ، ووفّره لسالكيه في كلّ آنٍ وزمان.

الهوامش

1. علل الشرائع : 80 / 1 باب 72.

2. سورة آل عمران : 3 / 52 ـ 53.

مقتبس من كتاب : [ الحواريّون الظاهرة والضرورة ] / الصفحة : 24 ـ 25

 

أضف تعليق

النبوة

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية