خطبة الزهراء عليه السلام بعد وفاة أبيها وأسناده

البريد الإلكتروني طباعة

خطبة الزهراء عليها السلام بعد وفاة أبيها

وممّا يدلّ على أنّها ماتت مقهورة ، مظلومة ، مغصوبة الحقّ ، هي خطبتها المعروفة التي هي في غاية الفصاحة والبلاغة ، والمتانة وقوّة الحجّة ، وهي من محاسن الخطب وبدائعها ، عليها مسحة من نور النبوّة ، وفيها عبقة من أرج الرسالة ، قد أوردها الموالف والمخالف وسيوافيك أسنادها في آخر الخطبة.

روى المؤرّخون والمحدِّثون انّه لمّا أجمع أبو بكر وعمر على منع فاطمة بنت رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فدكاً وبلغ فاطمة عليها السلام لاثت خمارها على رأسها ، واشتملت بجلبابها ، وأقبلت في لمّة من حفدتها (1) ونساء قومها ، تطأ ذيولها (2) ، ما تخرم مشيّتها مشية « أبيها » رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم (3) حتّى دخلت على أبي بكر وهو في حشد (4) من المهاجرين والأنصار وغيرهم ، فنيطت (5) دونها ملاءة (6) ، فجلست ، ثمّ أنَّت أنَّةً أجهش (7) القوم لها بالبكاء ، فارتجّ (8) المجلس ، ثمّ أمهلت هُنيئة حتّى إذا سكن نشيج (9) القوم وهدأت (10) فورتهم (11) ، افتتحت الكلام بحمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على رسول الله ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ فعاد القوم في بكائهم ، فلمّا أمسكوا عادت في كلامها ، فقالت عليها السلام :

الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر على ما ألهم ، والثناء بما قدّم ، من عموم نعم ابتداها ، وسبوغ آلاء أسداها ، وتمام منن أولاها ، جمّ عن الإحصاء عددها ، ونأى عن الجزاء أمدها ، وتفاوت عن الإدراك أبدها ، وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتّصالها ، واستحمد إلى الخلائق بإجزالها ، وثنى بالندب إلى أمثالها ، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، كلمة جعل الإخلاص تأويلها ، وضمّن القلوب موصولها ، وأنار في التفكّر معقولها ، الممتنع من الأبصار رؤيته ، ومن الألسن صفته ، ومن الأوهام كيفيته ، ابتدع الأشياء لا من شيء كان قبلها ، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة (12) امتثلها ، كوّنها بقدرته ، وذرأها بمشيّته ، من غير حاجة منه إلى تكوينها ، ولا فائدة له فـي تصويرها ، إلّا تثبيتاً لحكمته ، وتنبيهاً على طاعته ، وإظهاراً لقدرته ، وتعبّداً لبريّته وإعزازاً لدعوته ، ثمّ جعل الثواب على طاعته ، ووضـع العقاب على معصيته ، ذيادة لعباده عن نقمته ، وحياشته (13) لهم إلى جنّته.

وأشهد أنّ أبي ، محمّداً [ النبيّ الأُمّي ] ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ عبده ورسوله اختاره وانتجبه قبل أن أرسله ، وسمّاه قبل أن اجتباه ، واصطفاه قبل أن ابتعثه ، إذ الخلائق بالغيب مكنونة ، وبستر الأهاويل مصونة (14) ، وبنهاية العدم مقرونة ، علماً من الله تعالى بم آيل الأُمور ، وإحاطة بحوادث الدهور ، ومعرفة بمواقع المقدور.

ابتعثه الله إتماماً لأمره ، وعزيمة على إمضاء حكمه ، وإنفاذاً لمقادير حتمه ، فرأى الأُمم فرقاً في أديانهم ، عُكَّفاً على نيرانها ، عابدة لأوثانها ، منكرة لله مع عرفانها ، فأنار الله بأبي ، محمّد ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ظُلَمَها ، وكشف عن القلوب بهمها (15) ، وجلا عن الأبصار غممها (16) ، وقام في الناس بالهداية ، فأنقذهم من الغواية ، وبصّرهم من العماية ، وهداهم إلى الدّين القويم ، ودعاهم إلى الصّراط المستقيم.

ثمّ قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار ، ورغبة وإيثار ، فمحمّد ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ من تعب هذه الدار في راحة ، قد حُفّ بالملائكة الأبرار ، ورضوان الربّ الغفّار ، ومجاورة الملك الجبّار ، صلّى الله على أبي ، نبيّه وأمينه على الوحي ، وصفيّه [ في الذّكر ] وخيرته من الخلق ورضيّه ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته.

ثمّ التفتت ـ عليها السلام ـ إلى أهل المجلس وقالت : أنتم عباد الله نصب (17) أمره ونهيه ، وحملة دينه ووحيه ، وأُمناء الله على أنفسكم ، وبلغاؤه إلى الأُمم ، وزعمتم حقّ لكم ، لله فيكم عهد ، قدّمه إليكم ، وبقيّة استخلفها عليكم : كتاب الله الناطق ، والقرآن الصادق ، والنور الساطع ، والضياء اللّامع ، بيّنة بصائره ، منكشفة سرائره ، منجلية ظواهره ، مغتبط به أشياعه ، قائد إلى الرضوان أتباعه ، مؤدّ إلى النجاة استماعه ، به تنال حجج الله المنوّرة ، وعزائمه المفسّرة ، ومحارمه المحذرة ، وبيّناته الجالية ، وبراهينه الكافية ، وفضائله المندوبة ، و رخصه الموهوبة ، وشرائعه المكتوبة.

فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم من الشرك ، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر ، والزكاة تزكية للنفس ونماءً في الرزق ، والصيام تثبيتاً للإخلاص ، والحجّ تشييداً للدين ، والعدل تنسيقاً للقلوب ، وطاعتنا نظاماً للملّة ، وإمامتنا أماناً من الفرقة ، والجهاد عزّاً للإسلام [ وذلاًّ لأهل الكفر والنفاق ] ، والصبر معونة على استيجاب الأجر ، والأمر بالمعروف مصلحة للعامة ، وبرّ الولدين وقاية من السخط ، وصلة الأرحام منسأة (18) في العمر ومنماة للعدد ، والقصاص حقناً للدماء ، والوفاء بالنذر تعريضاً للمغفرة ، وتوفية المكاييل والموازين تغييراً للبخس ، والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس ، واجتناب القذف حجاباً عن اللّعنة ، وترك السرقة إيجاباً للعفّة ، وحرّم الله الشرك إخلاصاً له بالربوبيّة ، فاتّقوا الله حقّ تقاته ، ولا تموتنّ إلّا وأنتم مسلمون ، وأطيعوا الله فيما أمركم به و [ ما ] نهاكم عنه ، فإنّه إنّما يخشى الله من عباده العلماء.

ثمّ قالت : أيّها الناس اعلموا : إنّي فاطمة وأبي محمّد ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ، أقول عَوداً وبدواً ولا أقول ما أقول غلطاً ، ولا أفعل ما أفعل شططاً (19) ، لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. فإن تعزوه (20) وتعرفوه ، تجدوه أبي دون نسائكم ، وأخا ابن عمّي دون رجالكم ، ولنعم المعزى إليه ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، فبلّغ الرسالة صادعاً بالنذارة ، مائلاً عن مدرجة المشركين (21) ، ضارباً ثَبَجهم (22) ، آخذاً بأكظامهم (23) ، داعياً إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، يكسر الأصنام ، وينكث الهام ، حتّى انهزم الجمع وولّوا الدبر ، حتّى تفرّى (24) الليل عن صبحه ، وأسفر الحقّ عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق (25) الشياطين ، وطاح (26) وشيظ النفاق (27) ، وانحلّت عقد الكفر والشقاق ، وفهتم (28) بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص (29) ( الَّذينَ أَذْهَبَ اللّه عَنْهُمُ الرِّجس وَطَهَّرهُمْ تَطْهِيراً ) و ( كُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَة مِنَ النّار ) ، مذقة الشارب (30) ونهزة (31) الطامع وقبسة (32) العجلان ، وموطئ الأقدام ، تشربون الطَّرَق (33) ، وتقتاتون القدّ (34) أذلّة خاسئين [ صاغرين ] ، تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم ، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بأبي محمّد ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بعد اللّتيّا والّتي ، وبعد أن (35) مني ببهم الرجال وذؤبان العرب ، ومردة أهل الكتاب ، كلّما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ، أو نجم قرن الشيطان (36) أو فغرت فاغرة من المشركين (37) قذف أخاه في لهواتها (38) فلا ينكفئ حتّى يطأ صماخها بأخمصه (39) ، ويخمد لهبها بسيفه ، مكدوداً في ذات الله ، مجتهداً في أمر الله ، قريباً من رسول الله ، سيّداً في أولياء الله ، مشمّراً ناصحاً ، مجدّاً كادحاً ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، وأنتم في رفاهية من العيش (40) وادعون ، فاكهون آمنون ، تتربّصون بنا الدوائر، وتتوكّفون الأخبار (41) ، وتنكصون عند النزال (42) ، وتفرّون من القتال.

فلمّا اختار الله لنبيّه دار أنبيائه ، ومأوى أصفيائه ، ظهر فيكم حسكة النّفاق (43) ، وسمل جلباب الدين (44) ، ونطق كاظم الغاوين ، ونبغ خامل (45) الأقلّين (46) ، وهدر فنيق المبطلين (47) ، فخطر (48) في عرصاتكم ، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه (49) هاتفاً بكم ، فألفاكم لدعوته مستجيبين ، وللعزّة فيه ملاحظين ، ثمّ استنهضكم فوجدكم خفافاً ، وأحمشكم (50) فألفاكم غضاباً ، فوسمتم غير إبلكم ووردتم غير مشربكم. 

هذا والعهد قريب والكلم رحيب (51) ، والجرح لمّا يندمل ، والرّسول لمّا يُقْبَر ; ابتداراً زعمتم خوف الفتنة ، ألا في الفتنة سقطوا وإنّ جهنّم لمحيطة بالكافرين ، فهيهات منكم ، وكيف بكم ، وأنّى تؤفكون ! وكتاب الله بين أظهركم ، أُموره ظاهرة وأحكامه زاهرة وأعلامه باهرة ، وزواجره لايحة ، وأوامره واضحة ، [ و ] قد خلفتموه وراء ظهوركم ، أَرَغْبَةً عنه تريدون ؟ أم بغيره تحكمون ؟ بئس للظالمين بدلاً ، ومن يتّبع غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ، ثمّ لم تلبثوا إلّا ريث (52) أن تسكن نفرتها (53) ويسلس قيادها (54) ثمّ أخذتم تورون وقدتها (55) وتهيّجون جمرتها ، وتستجيبون لهتاف (56) الشيطان الغويّ ، وإطفاء أنوار الدين الجليّ ، وإهماد (57) سنن النبيّ الصفيّ ، تشربون حسواً في ارتغاء ، وتمشون لأهله وولده في الخمرة والضراء ، ونصبر منكم على مثل حزّ المدى ، و وخز السنان في الحشا (58) ، وأنتم الآن تزعمون : أن لا إرث لنا ، أفَحُكم الجاهليّة تبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ؟!! أفلا تعلمون ؟ بلى ، قد تجلّى لكم كالشّمس الضاحية : أنّي ابنته.

أيّها المسلمون ! أأُغْلَبُ على إرثيه ؟ يا ابن أبي قحافة ، أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي ؟ لقد جئت شيئاً فريّاً [ على الله ورسوله ] ! أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم ؟ إذ يقول : ( وَوَرِثَ سُلَيْمانَ داوُدَ ) (59) وقال فيما اقتصّ من خبر يحيى بن زكريّا عليهما السلام إذ قال : ( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُني وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (60) ، وقال [ أيضاً ] : ( وَأُولُوا الأَرْحارمِ بَعْضُهُمْ أَولْى بِبَعْض فِي كِتابِ اللهِ ) (61) ، وقال : ( يُوصيكُمُ الله فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ) (62) ، وقال : ( إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالأَقْرَبينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلى الْمُتَّقينَ ) (63) ، وزعمتم : أن لا حظوة (64) لي ولا إرث من أبي ولا رحم بيننا ، أفخصَّكم الله بـ آية [ من القرآن ] أخرج أبي [ محمّداً ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ] منها ؟ أم هل تقولون : إنّ أهل الملّتين لا يتوارثان ؟ أوَ لست أنا وأبي من أهل ملّة واحدة ؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي ؟ فدونكها مخطومة مرحولة (65) تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحَكَم الله ، والزعيم محمّد ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ والموعد القيامة ، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولا ينفعكم [ ما قلتم ] إذ تندمون ، ولكلّ نبأ مستقرّ ، وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم.

ثمّ رمت بطرفها نحو الأنصار فقالت [ لهم ] : يا معشر النقيبة (66) وأعضاد الملّة وحضنة الإسلام ، ما هذا الغميزة (67) في حقّي والسِّنة (68) عن ظلامتي ؟ أما كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ أبي يقول : « المرء يحفظ في ولده » ؟ سرعان ما أحدثتم ، وعَجلان ذا إهالةً ولكم طاقة بما أحاول ، وقوّة على ما أطلب وأزاول ، أتقولون مات محمّد ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ؟ فخطب جليل ، استوسع و (69) هنه واستنهر فتقه (70) ، وانفتق رتقه ، واظلمت الأرض لغيبته ، وكسفت الشمس والقمر ، وانتثرت النجوم لمصيبته ، وأكْدت (71) الآمال ، وخشعت الجبال ، وأضيع الحريم ، وأُزيلت الحرمة عند مماته ، فتلك والله النازلة الكبرى ، والمصيبة العظمى ، لا مثلها نازلة ، ولا (72) بائقة عاجلة ، أعلن بها كتاب الله جلّ ثناؤه ، في أفنيتكم (73) ، في ممساكم ، ومصبحكم ، [ يهتف في أفنيتكم ] هتافاً ، وصراخاً ، وتلاوةً وألحاناً ، ولقبله ما حلّ بأنبياء الله ورسله ، حكم فصل وقضاء حتم : ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزي اللّهُ الشّاكِرينَ ) (74) ، إيهاً بني قيلة (75) ، ءَأُهضَمُ (76) تراث أبي ؟ وأنتم بمرأىً مِنّي ومسمع ؟ ومنتدىً (77) ومجمع ؟ تلبسكم الدعوة ، وتشملكم الخبرة ، وأنتم ذوو العدد والعدّة ، والأداة والقوة وعندكم السلاح والجُنّة ، توافيكم الدعوة فلا تجيبون ، وتأتيكم الصرخة فلا تغيثون ، وأنتم موصوفون بالكفاح (78) ، معروفون بالخير والصلاح ، والنخبة التي انتخبت ، والخيرة التي اختيرت لنا أهل البيت.

قاتلتم العرب ، وتحمّلتم الكد والتّعب ، وناطحتم (79) الأُمم ، وكافحتم البهم ، لا نبرح أو تبرحون (80) ، نأمركم فتأتمرون ، حتّى إذا دارت بنا رحى الإسلام ، ودرَّ حلب الأيّام ، وخضعت ثغرة (81) الشّرك ، وسكتت فورة الإفك ، وخمدت نيران الكفر ، وهدأت (82) دعوة الهرج [ والمرج ] ، واستوسق (83) نظام الدين ، فأنّى حرتم بعد البيان ؟ وأسررتم بعد الإعلان ؟ ونكصتم (84) بعد الإقدام ؟ وأشركتم بعد الإيمان ؟ بؤساً لقوم نكثوا إيمانهم من بعد عهدهم ، وهمّوا بإخراج الرسول ، وهم بدأوكم أوّل مرّة ، أتخشونهم فالله أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين.

ألا وقد أرى أن قد أخلدتم (85) إلى الخفض (86) وأبعدتم من هو أحقّ بالبسط والقبض ، وخلوتم بالدعة (87) ونحوتم بالضيق من السعة ، فمججتم (88) ما وعيتم ، ودسعتم (89) الذي تسوغتم (90) فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإنّ الله لغنيّ حميد.

ألا وقد قلت ما قلت هذا على معرفة منّي بالخذلة التي خامرتك (91) والغدرة (92) التي استشعرتها (93) قلوبكم ، ولكنّها فيضة النفس ، ونفثة (94) الغيظ ، وخور (95) القناة (96) ، وبثّة الصدر (97) ، وتقدمة الحجّة ، فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر ، نقبة الخف (98) باقية العار ، موسومة بغضب الله وشَنار (99) الأبد ، موصولة بنار الله الموقدة التي تطّلع على الأفئدة ، فبعين الله ما تفعلون ، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون. وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فاعملوا إنّا عاملون ، وانتظروا إنّا منتظرون.

أسناد الخطبة

روى الخطبة غير واحد من المحدِّثين والمؤرخين نذكر من وقفنا عليه حسب التسلسل التاريخي :

1. أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر ( 204 ـ 280 هـ )

قال الإمام أبو الفضل في كتاب « بلاغات النساء » : ذكرت لأبي الحسين (100) زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم كلام فاطمة ـ عليها السلام ـ عند منع أبي بكر إيّاها فدك ، وقلت له : إنّ هؤلاء يزعمون أنّه مصنوع وأنّه من كلام أبي العيناء « الخبر منسوق البلاغة على الكلام » (101)

فقال لي : رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونه عن آبائهم ويعلّمونه أبناءهم ، وقد حدّثنيه أبي عن جدّي يبلغ به فاطمة ـ عليها السلام ـ على هذه الحكاية ، ورواه مشايخ الشيعة وتدارسوه بينهم قبل أن يولد جدّ أبي العيناء ، وقد حدّث به الحسن بن علوان عن عطية العوفي أنّه سمع عبد الله بن الحسن يذكره عن أبيه ، ثمّ قال أبو الحسين وكيف يذكر هذا من كلام فاطمة فينكرونه وهم يروون من كلام عائشة عند موت أبيها ما هو أعجب من كلام فاطمة يتحققونه لولا عداوتهم لنا أهل البيت ، ثمّ ذكر الحديث ، قال :

لما أجمع أبو بكر ـ رحمه الله ـ على منع فاطمة بنت رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وعليها فدك وبلغ ذلك فاطمة لاثت خمارها على رأسها ، وأقبلت في لمة من حفدتها ... (102)

2. أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ( المتوفّى 323 هـ )

روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري ، الخطبة برمتها في كتابه « السقفية » ص 97 ـ 101 ، وقد رواها عنه غير واحد من الأعلام كابن أبي الحديد في شرح النهج ، والإربلي في « كشف الغمة » كما سيوافيك.

3. الشريف المرتضى ( 355 ـ 436 هـ )

قال الشريف المرتضى في مقام الرد على القاضي عبد الجبار مؤلف المغني : روى أكثر الرواة الذين لا يتهمون بتشيّع ولا عصبية فيه من كلامها ـ عليها السلام ـ في تلك الحال ، بعد انصرافها عن مقام المنازعة والمطالبة ما يدلّ على ما ذكرناه من سخطها وغضبها ، ونحن نذكر من ذلك ما يستدلّ به على صحة قولنا.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن عمران المرزباني قال : [ حدّثني محمّد بن أحمد الكاتب ] ، حدّثنا أحمد بن عبيد بن ناصح النحوي قال : حدثنا الزيادي ، قال : حدثنا الشرقي بن القطامي ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثنا صالح بن كيسان ، عن عروة ، عن عائشة.

قال المرزباني : وحدثنا أبو بكر أحمد بن محمّد المكّي قال : حدثنا أبو العينا محمّد بن القاسم السيمامي ، قال : حدّثنا ابن عائشة قال : لما قبض رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ أقبلت فاطمة ـ عليها السلام ـ في لمة من حفدتها إلى أبي بكر ، وفي الرواية الأُولى.

قالت عائشة : لما سمعت فاطمة ـ عليها السلام ـ إجماع أبي بكر على منعها فدك لاثت خمارها على رأسها ، واشتملت بجلبابها وأقبلت في لمة من حفدتها [ ثمّ اجتمعت الروايتان في هاهنا ] ونساء قومها تطأ ذيولها ما تخرم مشيتها مشية رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ حتى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم فنيطت دونها ملاءة ثمّ أنّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء وارتج المجلس ، ثمّ أمهلت هنيئة حتّى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم ، افتتحت كلامها بالحمد لله عزّوجلّ والثناء عليه والصلاة على رسوله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ثمّ قالت : ... (103)

4. محمّد بن علي بن الحسين الصدوق ( 306 ـ 381 هـ )

ذكر الشيخ الصدوق في معاني الأخبار خطبة أُخرى يقرب مضمونها مع تلك الخطبة (104) ، رواها بسندين.

5. محمّد بن الحسن الطوسي ( 385 ـ 460 هـ )

ذكر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي الطائر الصيت مؤلف تفسير « التبيان في تفسير القرآن » في عشرة مجلّدات ، في أماليه خطبة أُخرى يقرب مضمونها مع تلك الخطبة باسناده عن الحفّار ، قال : حدّثنا الدعبلي ، قال : حدّثنا أحمد بن علي الخزّاز ، قال : حدثنا أبو سهل الرفا ، قال : حدّثنا عبد الرزّاق. قال الدعبلي : وحدّثنا أبو يعقوب : إسحاق بن إبراهيم الديري ، قال : حدّثنا عبد الرزّاق ، قال : أخبرنا معمّر عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن عتبة بن مسعود ، عن ابن عباس ، قال : دخلن نسوة من المهاجرين والأنصار ... (105)

6. ابن أبي الحديد ( المتوفّـى 655 هـ )

رواها المؤرخ المحقّق في شرحه على نهج البلاغة عن كتاب السقيفة لأبي بكر الجوهري قال :

قال أبو بكر : فحدّثني محمّد بن زكريا قال : حدّثني جعفر بن محمّد بن عُمارة الكنديّ قال : حدثني أبي ، عن الحسين بن صالح بن حيّ ، قال : حدّثني رجلان من بني هاشم ، عن زينبَ بنت عليّ بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ. قال : وقال جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين عن أبيه. قال أبوبكر : وحدّثني عثمان بن عمران العجيفيّ ، عن نائل بن نجيح بن عمير بن شَمِر ، عن جابر الجُعفيّ ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ ـ عليه السلام ـ ، قال أبو بكر : وحدّثني أحمد بن محمّد بن يزيد ، عن عبد اللّه بن محمّد بن سليمان ، عن أبيه ، عن عبد الله بن حسن بن الحسن. قالوا جميعاً : لمّا بلغ فاطمة ـ عليها السلام ـ إجماعُ أبي بكر على منعها فَدَك ، لاثتْ خِمارَها ، وأقبلت في لُمّة من حَفَدَتِها ونساء قومها ، تطأ في ذيولها ، ما تخرم مشْيتها مشْية رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ، حتّى دخلت على أبي بكر .. (106)

7. أبو الحسن الإربلي ( المتوفّى 693 هـ )

روى أبو الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الاربلي في كتاب « كشف الغمة » وقال : « حيث انتهى بنا القول إلى هنا ، فلنذكر خطبة فاطمة ـ عليها السلام ـ وقد أوردها الموالف والمخالف ونقلتُها من كتاب « السقيفة » تأليف أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري من نسخة قديمة مقروءة على مؤلفها ، وقرئت عليه في ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة ، روى رجاله عن عدّة طرق انّ فاطمة ـ عليها السلام ـ لما بلغها إجماع أبي بكر على منعها فدكاً لاثت خمارها وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها (107)

ولنقتصر بهذا المقدار من الاسناد ، فلو أردنا الاستقصاء ، لطال بنا الكلام ، ولطال موقفنا مع القراء.

* * *

ونختم الرسالة بالسلام على الصدّيقة الشهيدة الممنوع إرثها ، المكسور ضلعها ، المظلوم بعلها ، المقتول ولدها سلاماً ، لا بداية له ولا نهاية.

الهوامش

1. الحَفَدُ والحفدة : الأعوان والخدمة . لسان العرب : 3 / 153.

2. تطأ ذيولها : قال المجلسي ـ قدّس سرّه ـ : أي كانت أثوابها طويلة تستر قدميها وتضع عليها قدمها عند المشي ، وجمع الذيل باعتبار الأجزاء أو تعدّد الثياب ـ بحار الأنوار.

3. وقال أيضاً : الخرم : الترك والنقص والعدول ، والمشية بالكسر : الاسم من مشى يمشي مشياً أي لم تنقص مشيتها من مشيه ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ شيئاً كأنّه هو بعينه ـ نفس المصدر.

4. الحَشْدُ : الجماعة ـ لسان العرب : 3 / 150.

5. النوط : ما علّق ـ لسان العرب : 7 / 418.

6. الملاء بالضمّ والمدّ : جمع ملاء وهي الإزار والربطة ـ النهاية : 4 / 352.

والمراد منه : أي ضربوا بينها عليها السلام وبين القوم ستراً وحجاباً.

7. الجَهْشُ : أن يفزع الإنسان إلى غيره وهو مع ذلك يريد البكاء ، كالصبيّ يفزع إلى أُمّه وقد تهيّأ للبكاء ـ الصحاح : 3 / 999.

8. الارتجاج : الاضطراب. يقال ارتجّ البحر: اضطرب ـ لسان العرب : 2 / 282.

9. النشج : الصوت مع توجع وبكاء كما يردد الصبي بكاءه في صدره ـ مجمع البحرين.

10. هدأ كمنع : سَكَنَ ـ لسان العرب : 1 / 180.

11. الفور : الغليان والاضطراب ـ مجمع البحرين.

12. يقال احتذى مثاله : أي اقتدى به ـ الصحاح : 6 / 2311.

13. قال المجلسي ـ قدّس سرّه ـ : الذود والذياد ، بالذال المعجمة : السوق والطرد والدفع والإبعاد.

وحشت الصيد أحوشه : إذا جئته من حواليه لتصرفه إلى الحبالة ، ولعلّ التعبير بذلك لنفور الناس بطباعهم عمّا يوجب دخول الجنّة ـ بحار الأنوار.

14. وقال المجلسي ـ رحمه الله ـ أيضاً : لعلّ المراد بالستر ستر العدم ، أو حجب الأصلاب والأرحام ، ونسبته إلى الأهاويل لما يلحق الأشياء في تلك الأحوال من موانع الوجود وعوائقه.

ويحتمل أن يكون المراد أنّها كانت مصونة عن الأهاويل بستر العدم إذ هي إنّما تلحقها بعد الوجود.

وقيل : التعبير بالأهاويل من قبيل التعبير عن درجات العدم بالظّلمات ـ نفس المصدر.

15. البُهَمْ جمع بهمة بالضمّ ، وهي مشكلات الأُمور ـ النهاية : 1 / 168.

16. الغُمَمُ : جمع الغمّة ، يقال : هو في غمّة أي في حيرة ولبس ـ مجمع البحرين.

17. النَّصبُ والنُّصُبُ : العَلَمُ المنصوب ـ لسان العرب : 1 / 759.

18. النّسء : تأخير في الوقت ـ المفردات : 492.

19. يقال : شطّ فلان في حكمه شطوطاً وشططاً : جار وظلم ـ المصباح : 1 / 377.

20. قال المجلسي ـ رحمه الله ـ : يقال عزوته إلى أبيه أي : نسبته إليه. أي إن ذكرتم نسبه وعرفتموه تجدوه أبي ـ بحار الأنوار.

21. وقال أيضاً : الصّدع : الإظهار ، تقول : صدعت الشيء : أي أظهرته وصدعت بالحق : إذا تكلمت به جهاراً. والنذارة بالكسر : الإنذار وهو الإعلام على وجه التخويف. والمدرجة : المذهب والمسلك ـ نفس المصدر.

22. الثَّبَجُ بالتحريك : وسط الشيء ومعظمه ـ النهاية : 1 / 206.

23. الكَظَمُ بالتحريك : مخرج النَّفَس من الحلق ـ مجمع البحرين ، لسان العرب : 12 / 520.

24. تفرّى : أي انشق ، يقال تفرّى الليل عن صبحه ـ الصحاح : 6 / 2454.

25. الشقاشق : جمع شِقْشِقَة بالكسر ـ وهي شيء كالرئة يخرجها البعير من فيه إذا هاج ـ لسان العرب : 10 / 185.

26. طاح : هلك وسقط ـ مجمع البحرين.

27. قال المجلسي ـ قدّس سرّه ـ : الوشيظ بالمعجمتين : الرذل والسّفلة ... وفي بعض النسخ : الوسيط بالمهملتين : أشرف القوم نسباً و أرفعهم محلاً وهـو أيضاً مناسب ـ بحار الأنوار.

28. فاه الرجل بكذا ، يفوه : تلفّظ به ـ المصباح : 2 / 161.

29. قال المجلسي ـ رحمه الله ـ : البيض : جمع أبيض وهو من الناس خلاف الأسود والخماص بالكسر جمع خميص والخماصة : تطلق على دقة البطن خلقة وعلى خلوه من الطعام يقال : فلان خميص البطن من أموال الناس : أي عفيفٌ عنها.

والمراد بالبيض الخماص : إمّا أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ويؤيده ما في كشف الغمة : 2 / 111 : في نفر من البيض الخماص الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

ووصفهم بالبيض لبياض وجوههم ... وبالخماص لكونهم ضامري البطون بالصوم وقلة الأكل أو لعفّتهم عن أكل أموال الناس بالباطل.

أو المراد بهم من آمن من العجم كسلمان ـ رضي الله عنه ـ و غيره ويقال لأهل فارس : « بيض » لغلبة البياض على ألوانهم وأموالهم ، إذ الغالب في أموالهم الفضّة ... والأوّل أظهر ـ بحار الأنوار.

30. مذقة الشارب : شربته ـ لسان العرب : 10 / 340.

31. النهزة : الفرصة ، وانتهزتها : اغتنمتها ـ النهاية : 5 / 135.

32. القبس : شعلة من نار تقتبسها من مُعْظَم ـ لسان العرب : 6 / 167.

وقال المجلسي ـ رحمه الله ـ : والإضافة إلى العجلان لبيان القلّة والحقارة ، ووطي الأقدام ، مثل مشهور في المغلوبيّة والمذلّة ـ بحار الأنوار.

33. الطَّرق : ماء السماء الذي تبول فيه الإبل وتبعر ـ الصحاح : 4 / 1513.

34. القِدّ بالكسر: سير يقدّ من جلد غير مدبوغ ـ النهاية : 4 / 21.

وقال المجلسي ـ قدَّس سرَّه ـ : والمقصود وصفهم بخباثة المشرب وجشوبة المأكل لعدم إهتدائهم إلى ما يصلحهم في دنياهم ولفقرهم وقلة ذات يدهم ـ بحار الأنوار.

وفي بحار الأنوار : تقتاتون الورق.

35. قال المجلسي ـ رحمه الله ـ : مُنِيَ بكذا على صيغة المجهول ، أي ابتلي. وَبُهم الرجال كصُرَد : الشجعان منهم ، لأنّهم لشدة بأسهم لا يدرى من أين يؤتون وذؤبان العرب : لصوصهم وصعاليكهم الذين لا مال لهم ولا اعتماد عليهم ـ بحار الأنوار.

36. نجم: ظهر وطلع ـ مجمع البحرين. وقال المجلسي ـ رحمه الله ـ : المراد بالقرن : القوّة وفسّر قرن الشيطان بأمّته ومتابعيه ـ بحار الأنوار.

37. الفغر : الفتح ، يقال : فغر فاه كمنع ونصر : فتحه ـ مجمع البحرين.

وقال المجلسي ـ رحمه الله ـ : الفاغرة من المشركين : الطائفة العادية منهم تشبيهاً بالحيّة أو السبُع ـ بحار الأنوار.

38. اللّهوات : جمع لهات وهي سقف الفم وقيل : هي اللحمة الحمراء المتعلّقة في أصل الحنك ـ مجمع البحرين.

39. انكفأ : مال ورجع ـ لسان العرب:1 / 141. وصماخ الأذن بالكسر : الخرق الذي يفضي إلى الرأس وهو السمع وقيل : هو الاذن نفسها ـ مجمع البحرين ، المصباح : 1 / 419 والأخمص من القدم : الموضع الّذي لا يلصق بالأرض منها عند الوطء ـ النهاية : 2 / 80.

40. الدّعة : الخفض ، والهاء عوض من الواو ، تقول : منه وَدُعَ الرجل بالضم فهو وَديعٌ أي ساكن ووادعٌ أيضاً الصحاح : 3 / 1295.

41. التوكُّف : التوقع والانتظار ـ لسان العرب : 9 / 364.

وقال المجلسي ـ قدَّس سرَّه ـ : والمراد أخبار المصائب والفتن. وفي بعض النسخ : تتواكفون الأخيار يقال : واكَفَهُ في الحرب : أي واجهه ـ بحار الأنوار.

42. وقال أيضاً : النُّكُوص : الإحجام والرجوع عن الشيء. والنزال بالكسر : أن ينزل القرنان عن إبلهما إلى خيلهما فيتضاربا. والمقصود من تلك الفقرات أنّهم لم يزالو منافقين لم يؤمنوا قطّ ـ نفس المصدر.

43. الحَسَكُ : حسك السعدان ، الواحدة : حكسة وقولهم : في صدره عليّ حسيكة وحُساكه : أي ضغنٌ وعداوة ـ الصحاح : 4 / 1579.

وفي بحار الأنوار : حسيكة النفاق.

44. السَّمَلُ بالتحريك : الخلق من الثياب ـ مجمع البحرين.

45. الخميل : هو الخامل الساقط الذي لا نباهة له ـ مجمع البحرين.

46. قال المجلسي ـ رحمه الله ـ : الخامل: من خفي ذكره وصوته وكان ساقطاً لا نباهة له. والمراد بالأقلين : الأذلّون. وفي بعض الروايات : الأوّلين ـ بحار الأنوار.

47. يقال : هدر البعير هديراً أي ردّد صوته في حنجرته ـ الصحاح : 2 / 853.

والفنيق : هو الفحل المكرم من الإبل الذي لا يركب ولا يهان لكرامته على أهله ـ لسان العرب : 10 / 313.

48. يقال: خَطر البعير بذنبه ، يخطِر بالكسر ، خَطراً وخطراناً ، إذا رفعه مرة بعد مرّة وضرب به فخذيه ـ لسان العرب : 4 / 250.

49. قال المجلسي ـ رحمه الله ـ : مغرز الرأس بالكسر ما يختفى فيه وقيل لعلّ في الكلام تشبيهاً للشيطان بالقنفذ فإنّه إنّما يطلع رأسه عند زوال الخوف أو بالرجل الحريص المقدم على أمر ، فإنّه يمدّ عنقه إليه ـ بحار الأنوار.

50. يقال : أحمشت الرجل : أغضبته وأحمشت النار : الهبتها ـ لسان العرب : 6 / 288.

51. الكلم : الجَرْح. والرُّحب بالضم : السِّعة ـ مجمع البحرين.

52. الريث : الإبطاء وهي لغة فاشية في الحجاز يقال : ما قعد فلان عندنا إلّا ريث أن حدثنا ... أي ما قعد إلّا قدر ذلك ـ لسان العرب : 2 / 157.

53. يقال : نفرت الدابّة : جزعت وتباعدت ـ مجمع البحرين.

54. السَّلِسُ ككتف : اللين المنقاد السهل. وسلس سلساً من باب تعب : إذا سهل ولان ـ مجمع البحرين.

55. الوَقَدُ بفتحتين : النّار نفسها والوَقود بالفتح : الحطب وبالضم:مصدر ـ مجمع البحرين.

56. الهَتْفُ : الصوت ، هتف بي هاتف أي صاح ـ مجمع البحرين.

57. إهماد النّار : إطفاؤها ، هَمِدتِ النار ، أي طفئت ـ مجمع البحرين.

قال المجلسي ـ رحمه الله ـ : والحاصل أنّكم إنّما صبرتم حتّى استقرت الخلافة المغصوبة عليكم ، ثمّ شرعتم في تهييج الشرور والفتن واتّباع الشيطان وإبداع البدع وتغيير السنن ـ بحار الأنوار.

58. وَخَزَه بالرمح والخنجر ، يخزه وخزاً ، طعنه طعناً غير نافذ ـ لسان العرب : 5 / 428.

والحشا والحشوة بضم الحاء وكسرها : الأمعاء ـ المصباح : 1 / 169.

59. النمل: 16.

60. مريم : 5 ـ 6.

61. الأنفال : 75.

62. النساء : 11.

63. البقرة : 180.

64. الحظوة ـ بضمّ الحاء وكسرها ـ : المكانة والمنزلة ـ لسان العرب : 14 / 185.

65. الخطام بالكسر : زمام البعير ، لأنّه يقع على الخطم وهو الأنف وما يليه وجمعه خطم ككتاب وكتب ـ مجمع البحرين.

والرَّحْلُ : رَحْلُ البعير وهو كالسرج للفرس ـ مجمع البحرين.

66. النقيبة : يُمنُ الفعل ، يقال : رجل ميمون النقيبة : مبارك النفس مظفر بما يحاول ـ لسان العرب : 1 / 768. وفي البحار : « الفتية » بدل « النقيبة ».

67. الغَميزة : ضعف في العمل ... وجهلة في العقل ـ لسان العرب : 5 / 389.

وقال المجلسي ـ قدَّس سرَّه ـ : ولعلّه كان بالضاد المعجمة ، فصحّف ، فانّ استعمال إغماض العين في مثل هذا المقام شائع ـ بحار الأنوار.

68. السِّنة : النعاس من غير نوم ، والهاء في السنة عوض من الواو المحذوف ـ لسان العرب : 13 / 449. وفي المفردات : السنة الغفلة.

69. في البحار : وهيه. وهو بمعنى الخرق والشقّ ـ الصحاح : 6 / 2531.

70. استنهر الشيء : اتّسع ـ لسان العرب : 5 / 238.

والفتق : الفصل وهو ضد الرتق ـ المفردات : 371.

71. أكدى : قلّ خيره وقطع عطيّته ـ مجمع البحرين.

72. البائقة : الداهية ـ مجمع البحرين.

73. الفِناء : ـ بالكسر ـ سعة أمام الدار. ـ و بالفتح ـ نقيض البقاء ـ لسان العرب : 15 / 164.

74. آل عمران : 144.

75. بنو قيله: الأوس والخزرج ، قبيلتا الأنصار ، و « قيلة » : اسم أمّ لهم قديمة وهي قيلة بنت كاهل ـ النهاية : 4 / 134.

76. هَضَمَهُ هَضْماً : ظلمه وغصبه وقهره ـ لسان العرب : 12 / 613.

77. الندي والنّادي : المجلس ـ مجمع البحرين.

78. المكافحة : المضاربة والمدافعة تلقاء الوجه ـ لسان العرب : 2 / 573.

79. نَطَحَهُ ، نَطحاً : أصابه بقرنه ـ مجمع البحرين.

80. لا نبرح : لا نزال ـ المصباح : 1 / 54.

81. الثَّغْرُ : الموضع الذي يكون حدّاً فاصلاً بين بلاد المسلمين والكفّار ، وهو موضع المخافة من أطراف البلاد ـ النهاية : 1 / 213 ، وفي لسان العرب : 4 / 104 : الثُّغرة بالضمّ : نقرة النحر التي بين الترقوتين.

وهو كناية عن محق الشرك وسقوطه كالحيوان الساقط على الأرض كما أشار إليه العلّامة المجلسي ـ رحمه الله ـ.

وما في المتن كان موجوداً في النسخ الّتي بأيدينا ولكن في البحار نقلاً عن الاحتجاج : « وخضعت نعرة الشرك » والنعرة بمعنى الخيشوم والخيلاء والكبر.

82. هَدَأ : سكن ـ لسان العرب : 1 / 180.

83. الوَسق : ضم الشيء إلى الشيء ، واستوسق أي اجتمع ـ لسان العرب : 10 / 380.

84. نَكَصَ : رَجَعَ ـ المصباح : 2 / 336.

85. أخْلَدَ : ركن ومال ـ لسان العرب : 3 / 164.

86. الخَفْضُ : لين العيش وسعته ـ لسان العرب : 7 / 145.

87. الدعة : الخفض في العيش والراحة ، والهاء عوض من الواو ـ لسان العرب : 8 / 381.

88. مَجّ الشيء من فيه : رماه ـ لسان العرب : 2 / 361.

89. الدَّسع : الدفع ـ لسان العرب : 8 / 85

90. ساغ الشراب في الحلق : سهل مدخله في الحلق ـ لسان العرب : 8 / 435.

91. خامر الشيء : قاربه وخالطه ـ لسان العرب : 4 / 254.

92. الغَدْرُ : ضدَ الوفاء بالعهد ـ لسان العرب : 5 / 8.

93. الشِّعار : ما ولى الجسد من الثياب ـ الصحاح : 2 / 699.

94. النفث : أقل من التفل ، لأنّ التفل لا يكون إلّا معه شيء من الريق والنفث شبيه بالنفخ ـ لسان العرب : 2 / 195.

95. الخور : بالتحريك ، الضعف ـ لسان العرب : 4 / 262.

96. القناة : الرّمح ـ المصباح : 2 / 202.

97. البث : أشدّ الحزن الذي لا يصبر عليه صاحبه حتّى يبثه أو يشكوه ـ مجمع البحرين.

98. النّقب : الثقب في أي شيء كان ، يقال نقب البعير بالكسر : إذا رقّت أخفافه ـ لسان العرب : 1 / 765.

99. الشَّنار : أقبح العيب والعار ـ لسان العرب : 4 / 430.

100. ربما يتصوّر وجود السقط في السند لأنّ صاحب البلاغات لم يدرك زيداً الشهيد ( أعيان الشيعة : 1 / 315 ) ويحتمل أن يكون المراد من أبي الحسين هو زيد الأصغر الذي هو من أصحاب الهادي ، انظر تهذيب التهذيب : 30 / 420 وإرشاد المفيد ، ص 332 ، ولاحظ تعليقة الشافي للسيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب : 4 / 76.

101. يعني انّ الطعن هو في نسبة هذا الكلام البليغ إلى فاطمة عليها السلام ، أمّا نفس الواقعة وهي منع الإرث فهي صحيحة ومبثوثة في كتب التاريخ.

102. بلاغات النساء : 23 ـ 33.

103. الشافي في الإمامة : 4 / 69 ـ 77.

104. معاني الأخبار : 354.

105. أمالي الطوسي : 384 ، المجلس الثالث عشر.

106. شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 16 / 211.

107. كشف الغمة : 1 / 108 ـ 116.

مقتبس من كتاب : [ الحجّة الغرّاء على شهادة الزهراء عليها السلام ] ، الصفحة : 76 ـ 99

 

التعليقات   

 
# Samah 2023-07-16 20:22
كيف بكى القوم تأثرا بخطبة فاطمة عليها السلام وهم كفرة مؤيدون لابي بكر وعمر؟
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
# السيّد جعفر علم الهدى 2023-10-03 15:03
أوّلاً : لم يكونوا مؤمنين ومؤيّدين لأبي بكر وعمر وانّما أجبروا على بيعة أبي بكر ، كما تصرح بذلك أحاديث السقيفة :
أ : عن براء بن عازب : فكنت أتردد على بني هاشم وهم عند النبي صلّى الله عليه وآله في الحجرة ، واتفقد وجوه قريش ، فاني كذلك اذ فقدت أبا بكر وعمر ، واذا قائل يقول القوم في سقيفة بني ساعدة ، واذا قائل آخر يقول قد بويع أبو بكر ، فلم البث واذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة وهم محتجزون بالزر الصنعانيّة ، لا يمرّون بأحد الّا خبطوه وقدّموه فمدّوا يده فمسحوها على يد أبي بكر شاء ذلك أو أبى. [ شرح نهج البلاغة ج 1 / 219 ]
ب : قال هشام ، قال أبو مخنف : فحدّثني أبو بكر بن محمّد الخزاعي ان أسلم أقبلت بجماعتها حتّى تضايق بهم السكك ، فبايعوا أبا بكر فكان عمر يقول : ما هو إلّا أن رأيت أسلم ، فأيقنت بالنصر. [ تاريخ الطبري ج 2 / 451 ]
ثانياً : ليس المراد من ارتداد القوم بعد النبي صلّى الله عليه وآله هو كفرهم ، وانّما المراد انّهم رجعوا عن الحقّ الى الباطل ، حيث انّ ولاية علي عليه السلام وخلافته ثتبت عندهم بتصريح من النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله لكنّهم أعرضوا عنه وبايعوا كرهاً أو طوعاً غيره.
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية