فضح النظام الأموي

البريد الإلكتروني طباعة

فضح النظام الأموي

كانت لقاءات الإمام الحسن عليه‌ السلام مع رؤوس النظام الأموي على هيئة مناظرات ، استطاع الإمام عليه‌ السلام من خلالها فضح رأس النظام الأموي معاوية وأتباعه وتبيان فضائل ومقامات الإمام علي عليه‌ السلام ، ففي أوّل مناظرة بينهما افتخر معاوية عليه فأجابه عليه‌ السلام : « هيهات لشرّ ما علوت يابن آكلة الأكباد ؛ المجتمعون عليك رجلان : بين مطيع ومكره ، فالطائع لك عاص لله ، والمكره معذور بكتاب الله ، وحاشا لله أن أقول أنا خير منك ، لأنّك لا خير فيك ، فإنّ الله قد برأني من الرذائل كما برّأك من الفضائل » (1). وفي مناظرة أخرى قال عليه‌ السلام : « أما بعد يا معاوية ، فما هؤلاء شتموني ولكنك شتمتني ، فحشاً ألفته وسوء رأي عرضت به ، وخلقاً سيئاً ثبتَ عليه ، وبغياً علينا ؛ عداوة منك لمحمّد وأهله ، ولكن اسمع يا معاوية ، واسمعوا فلأقولنّ فيك وفيهم ما هو دون ما فيكم. أنشدكم الله أيّها الرهط أتعلمون أنّ الذي شتمتموه منذ اليوم ، صلّى القبلتين كليهما ، وأنت يا معاوية بهما كافر تراها ضلالة ، وتعبد اللات والعزّى غواية. وأنشدكم الله هل تعلمون أنّه بايع البيعتين كليهما بيعة الرضوان وبيعة الفتح ، وأنت يا معاوية بإحداهما كافر وبالأخرى ناكث. وأنشدكم الله هل تعلمون أنّه أوّل الناس إيماناً ، وإنّك يا معاوية وأباك من المؤلّفة قلوبهم تسرّون الكفر وتظهرون الإسلام وتستمالون بالأموال. وأنشدك الله يا معاوية أتذكر يوماً جاء أبوك على جمل أحمر ، وأنت تسوقه وأخوك عتبة يقوده ، فرآكم رسول الله صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله فقال : « اللهم العن الراكب والقائد والسائق ». أتنسى يا معاوية الشعر الذي كتبته إلى أبيك لمّا همّ أن يُسلم ؛ تنهاه عن ذلك :

يا صخر لا تسلمِنْ يوماً فتفضحنا

 

بعد الذين ببدرٍ أصبحوا فرقا

خالي وعمّي وعمّ الأم ثالثهم

 

وحنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا

والله لما أخفيت من أمرك أكبر ممّا أبديت ». ثمّ بيّن مساوئ بطانة معاوية : عمرو بن العاص ، والوليد بن عتبة ، وعتبة بن أبي سفيان ، والمغيرة بن شعبة ، وبعد انتهاء اللقاء قال معاوية : « قد أنبأتكم أنّه ممّن لا تطاق عارضته ، ونهيتكم أن تسبّوه فعصيتموني ، والله ما قام حتّى أظلم عليّ البيت ، قوموا عنّي ، فلقد فضحكم الله وأخزاكم بترككم الحزم » (2). وهنالك مناظرات عديدة انعقدت في المدينة والشام بيّن فيها الإمام الحسن عليه‌ السلام فضائل ومقامات أهل البيت عليهم‌ السلام ومساوئ معاوية ودوره في مواجهة الحقّ ومؤامراته على رسول الله صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله وعلى أمير المؤمنين عليه‌ السلام ؛ وكان معاوية في جميعها مستسلماً للأمر الواقع لأنّه يخشى من حركة الإمام عليه‌ السلام ومن حركة أنصاره.

وقد شجعت مواقف الإمام الحسن عليه‌ السلام غيره على تحدّي معاوية ، فقد تحدّاه عبد الله بن عبّاس وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير ، وأبو الأسود الدؤلي وآخرون ، وروي أنّه « دخل عليه سعد بن مالك ، فقال : السلام عليك أيّها الملك ، فغضب معاوية ، فقال : ألا قلت السلام عليك يا أميرالمؤمنين ؟ قال : ذاك إن كنّا أمّرناك إنّما أنت منتزٍ » (3). وفي مجالات الفخر كان الإمام عليه‌ السلام يفتخر على معاوية أو يرد عليه مفتخراً ، ويربط هذا الإفتخار بمجالاته العقائديّة والسياسيّة والأخلاقيّة ، فهو ليس افتخار شخصي أو قبلي بل افتخار عقائدي لتبيان منهجين وسيرتين ، فقد روي « أنّ معاوية فخر يوماً فقال : أنا ابن بطحاء مكّة ، أنا ابن أغرزها جوداً وأكرمها جدوداً ، أنا ابن من ساد قريشاً فضلاً ناشئاً وكهلاً. فقال الحسن بن علي عليهما‌ السلام : أعليّ تفخر يا معاوية ، أنا ابن عروق الثرى ، أنا ابن مأوى التقى ، أنا ابن من جاء بالهدى ، أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالفضل السابق والحسب الفائق أنا ابن من طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله ، فهل لك أب كأبي تباهيني به ؟ وقديم كقديمي تساميني به ؟ تقول نعم أو لا ؟ قال معاوية : بل أقول : لا ، وهي لك تصديق » (4).

الهوامش

1. حياة الإمام الحسن عليه السلام / باقر شريف القرشي 2 : 306.

2. شرح نهج البلاغة 6 : 288 ـ 294.

3. تاريخ اليعقوبي 2 : 217.

4. مناقب آل أبي طالب 4 : 26.

مقتبس من كتاب : [ الإمام الحسن السبط عليه السلام سيرة وتاريخ ] / الصفحة : 97 ـ 99

 

أضف تعليق

الإمام الحسن عليه السلام

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية