كيف يغوي الشيطان المعصوم؟
السؤال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لدي سؤال بخصوص مناجاة يوم السبت للإمام زين العابدين (عليه السلام) حيث قال في مناجاته : « وَشَيْطاناً يُغْويني، قَدْ مَلاََ بِالْوَسْواسِ صَدْري، وَاَحاطَتْ هَواجِسُهُ بِقَلْبي، يُعاضِدُ لِيَ الْهَوى، وَيُزَيِّنُ لي حُبَّ الدُّنْيا وَيَحُولُ بَيْني وَبَيْنَ الطّاعَةِ وَالزُّلْفى » . مفاتيح الجنان : مُناجاة الشّاكين.
وعلى قدر معرفتي بأنّ الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) لا يوسوس لهم الشيطان ، وهم معصومون عن ذلك ، فماذا نفسّر دعاء زين العابدين (عليه السلام) حيث أنّ أعداء أهل البيت (عليهم السلام) يكثرون من هذه الشبهات ؟ وأشكركم على الردّ على سؤال السائل.
وعلى قدر معرفتي بأنّ الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) لا يوسوس لهم الشيطان ، وهم معصومون عن ذلك ، فماذا نفسّر دعاء زين العابدين (عليه السلام) حيث أنّ أعداء أهل البيت (عليهم السلام) يكثرون من هذه الشبهات ؟ وأشكركم على الردّ على سؤال السائل.
الجواب : من سماحة السيّد جعفر علم الهدى
أوّلاً : ليس معنى العصمة أنّ الإمام أو النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مجبور على الطاعة ، وترك المعصية ، بل معناها أنّه يترك المعاصي باختياره وإرادته ، ويقاوم جميع عوامل الشرّ والفساد ؛ لعلمه الكامل بعظمة الله تعالى ، وحقّه العظيم ، وقبح مخالفته ، ومفسدة الذنوب والمعاصي ، كما يرى الإنسان بعينه النار المحرقة فلا يمدّ يده إليها ؛ لعلمه القطعي الكامل بأنّه سوف تحترق .
نعم ، لابدّ أن يكون هناك تسديد وتوفيق من الله تعالى لكي يعمل بعلمه الكامل ؛ ولذلك يطلب الإمام والمعصوم من الله تعالى أن لا يتركه طرفة عين ، ولا يقطع عنه التوفيق والتسديد .
هذا مضافاً إلى أنّ قلب الإمام (عليه السلام) كمرآة صافية ، تمام الصفاء بحيث يؤثّر فيها البخار الخارج من النفَس ، ومعنى ذلك أنّ هناك أشياء لا تعدّ معصية ، ولا مخالفة لله تعالى ، لكنّ تركها أولى ، فلو صدر من المعصوم مثل ذلك يرى نفسه عاصياً لله تعالى ، ومستحقاً للبعد من الله تعالى ، ولذلك يتعوّذ بلله من أن يصيبه مثل ذلك ، ويطلب من الله تعالى أن لا يصدر منه ترك الأولى ، وإن لم يكن ذنباً ومعصية ، والشيطان كما يدعوا الإنسان العادي إلى المعصية والمخالفة ، كذلك يوسوس للمعصوم أن يترك الأولى ليبتلى بآثار ذلك كما وسوس لآدم وأخرجه من الجنّة .
ثانياً : قد يكون ذلك من باب التعليم والإرشاد حتّى يقول الناس هذا الدعاء في مقام المناجاة مع الله تعالى وإن كان الإمام نفسه أجلّ شأناً من ذلك .
أوّلاً : ليس معنى العصمة أنّ الإمام أو النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مجبور على الطاعة ، وترك المعصية ، بل معناها أنّه يترك المعاصي باختياره وإرادته ، ويقاوم جميع عوامل الشرّ والفساد ؛ لعلمه الكامل بعظمة الله تعالى ، وحقّه العظيم ، وقبح مخالفته ، ومفسدة الذنوب والمعاصي ، كما يرى الإنسان بعينه النار المحرقة فلا يمدّ يده إليها ؛ لعلمه القطعي الكامل بأنّه سوف تحترق .
نعم ، لابدّ أن يكون هناك تسديد وتوفيق من الله تعالى لكي يعمل بعلمه الكامل ؛ ولذلك يطلب الإمام والمعصوم من الله تعالى أن لا يتركه طرفة عين ، ولا يقطع عنه التوفيق والتسديد .
هذا مضافاً إلى أنّ قلب الإمام (عليه السلام) كمرآة صافية ، تمام الصفاء بحيث يؤثّر فيها البخار الخارج من النفَس ، ومعنى ذلك أنّ هناك أشياء لا تعدّ معصية ، ولا مخالفة لله تعالى ، لكنّ تركها أولى ، فلو صدر من المعصوم مثل ذلك يرى نفسه عاصياً لله تعالى ، ومستحقاً للبعد من الله تعالى ، ولذلك يتعوّذ بلله من أن يصيبه مثل ذلك ، ويطلب من الله تعالى أن لا يصدر منه ترك الأولى ، وإن لم يكن ذنباً ومعصية ، والشيطان كما يدعوا الإنسان العادي إلى المعصية والمخالفة ، كذلك يوسوس للمعصوم أن يترك الأولى ليبتلى بآثار ذلك كما وسوس لآدم وأخرجه من الجنّة .
ثانياً : قد يكون ذلك من باب التعليم والإرشاد حتّى يقول الناس هذا الدعاء في مقام المناجاة مع الله تعالى وإن كان الإمام نفسه أجلّ شأناً من ذلك .
التعليقات
يرى المتكلمون العدليون ـ الشيعة والمعتزلة ـ أن العصمة نعمة ينعم بها الله على عبده ، وبسببها لا يرتكب العبد عملاً قبيحاً أو معصية. [ رسائل الشریف مرتضی « للسید المرتضی » / ج 3 / ص 326 ]
الأشاعرة عرّفوا العصمة بعدم خلق الذنب في الشخص المعصوم من قبل الله. [ شرح المقاصد « للتفتازاني » / ج 4 / ص 312 ]
الفلاسفة المسلمون يعتبرون العصمة ملكة نفسية تجعل المعصوم لا يرتكب ذنبا. [ المیزان فی تفسیر القرآن « للعلامة الطباطبائي » / ج 11 / ص 162 ]
على الرغم من أن عصمة الأنبياء مقبولة لدى المتكلمين المسلمين ، إلا أن هناك اختلافًا في مراتبها. مراتب العصمة هي:
• العصمة من الشرك والكفر
• العصمة في تلقي وإبلاغ الوحي
• العصمة من الذنب الكبير والصغير
• العصمة من الخطأ في الأمور اليومية. .
يتفق جميع العلماء المسلمين من الشيعة والسنة على عصمة الأنبياء من الشرك والكفر ـ المرتبة الأولى ـ ومن الخطأ في تلقي الوحي وإبلاغه ـ المرتبة الثانية ـ [ شرح المقاصد « للتفتازاني » / ج 5 / ص 49 ] ، ولكنهم اختلفوا في عصمتهم من الذنوب الأخرى وكذلك في عصمتهم من الخطأ في الشؤون اليومية.
يتفق المتكلمون الشيعة على أن الأنبياء معصومون من ارتكاب الكبائر والصغائر ـ المرتبة الثالثة ـ أيضاً. [ کشف المراد « للعلامة الحلي » / ص 155 ]
أيضًا ، يعتقد غالبية المتكلمين الشيعة أن أقوال وأفعال الأنبياء في جميع الأمور الفردية والاجتماعية اليومية معصومة من الخطأ ـ المرتبة الرابعة ـ. [ کشف المراد « للعلامة الحلي» / ص 156-157 ]
علماء الشيعة تمسكوا بالأدلة العقلية والآيات والروايات لإثبات عصمة الأنبياء. ومن الأسباب العقلية لعصمة الأنبياء ، يمكن الإشارة إلى دليل نقض غرض الرسالة والتناقض في وجوب طاعتهم. [ کشف المراد « للعلامة الحلي » / ص 155 ]
ويرى العلامة الطباطبائي أن الآيات 64 و 69 و 165 من سورة النساء ، والآية 90 من سورة الأنعام ، والآية 17 من سورة الكهف يمكن الاعتماد عليها في إثبات عصمة الأنبياء. [ المیزان فی تفسیر القرآن « للعلامة الطباطبائي » / ج 2 / ص 135 - 138 ]
وقد وردت روایات تتعلق بعصمة الأنبياء، منها رواية « عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ علیهما السلام : ... إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يُذْنِبُونَ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مُطَهَّرُونَ لَا يُذْنِبُونَ وَلَا يَزِيغُونَ وَ لَا يَرْتَكِبُونَ ذَنْباً صَغِيراً وَلَا كَبِيراً ... » [ الخصال « للشیخ الصدوق » / ج 2 / ص 399 ].
تعتبر مسألة عصمة الأنبياء وخاصة عصمة آدم عليه السلام ، من المسائل التي كانت موضع نقاش واهتمام من قبل العلماء منذ زمن طويل ، وقد بحثت في العديد من الكتب ، بل أُلفت كتب مستقلة في هذا الشأن. ولذلك لا يمكن الحديث عنها بالتفصيل في هذا المقال ، ولكن يمكننا أن نذكر بإيجاز بعض الجوانب التي أثيرت في تحليل أكل آدم من الشجرة الممنوعة.
الوجه الأول : يری السيد المرتضى أن عصيان آدم كان عصياناً لأمر مستحب ، وليس عصياناً لأمر واجب وما ينافي العصمة هو عصيان الأمر الواجب ، وليس الأوامر المستحبة. [ تنزيه الأنبياء « للسيد المرتضي » / ص 24 ]
الوجه الثاني : الأمر الإلهي بعدم الاقتراب من الشجرة المحرّمة هو أمر إرشادي. الأمر الإرشادي هو الأمر الذي يأمر به الآمر بدافع من النصيحة والإرشاد إلى المصالح والمفاسد ، مثل أوامر الطبيب ، أما الأمر المولوي فهو الأمر الذي يصدر عن شخص ذو سلطة وولاية. ما يخالف العصمة هو معارضة أمر المولوي. ولذلك فإن فعل آدم لا يتعارض مع العصمة.
الوجه الثالث : يعتقد بعض العلماء أن الأكل من الشجرة المحرّمة حدث قبل هبوط آدم عليه السلام إلى الأرض وبدء التكليف ، حيث وقع هذا الفعل في الجنّة وهي ليست دار التكليف. وبالتالي ، فإن هذا الفعل لا ینافي العصمة. [ بحار الأنوار « للشیخ المجلسي » / ج 11 / ص 198 ]
وقد ورد في هذا الباب ما يؤكد الوجه الثالث. « عن ابی الحسن الرضا علیه السلام: ... أما قوله عز وجل في آدم: ( وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ ) [ طه : 125 ] فإن الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه وخليفة في بلاده ، لم يخلقه للجنة ، وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض تتم مقادير أمر الله عزّ وجلّ ، فلمّا أهبط إلى الأرض وجعل حجّة وخليفة ، عصم بقوله عز وجل : ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) [ آل عمران : 33 ] » [ الأمالي « للشيخ الصدوق » / ص 151 ]
تنعكس قصة إغراء الشيطان لإغواء آدم في عدّة آيات من القرآن. جاء ذلك في الآيات 20 - 22 من سورة الأعراف : ( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّیْطانُ لِیُبْدِیَ لَهُما ما وُورِیَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما ) [ الأعراف : 20 ]. ومن أجل تحقيق هذا الهدف ، استخدم إبليس حبّ الإنسان واهتمامه بالتطوّر والحياة الأبدية. لذلك قال لآدم وزوجته : ( وَقالَ ما نَهاکُما رَبُّکُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلّا أَنْ تَکُونا مَلَکَیْنِ أَوْ تَکُونا مِنَ الْخالِدینَ ) [ الأعراف : 20 ]. لكي يغرس مخالب الإغراء في نفوس آدم وحواء ، لجأ الشيطان إلى القسم الكاذب. ( وَقاسَمَهُما إِنِّي لَکُما لَمِنَ النّاصِحینَ ) [ الأعراف : 21 ].
آدم الذي لم يكن لديه خبرة كافية في الحياة ولم يقع في شباك الشيطان وخداعه وكذبه ومكره من قبل ، ولم يكن يستطيع أن يصدق أن شخصاً يمكن أن يقسم قسماً كاذباً ، ويضع مثل هذه الفخاخ في طريقه ، وفي النهاية استسلم لخداع الشيطان. ( فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ) [ الأعراف : 22 ]
روی عن الامام الصادق علیه السلام : « لما اخرج آدم من الجنّة نزل جبرئيل عليه السلام فقال يا آدم أليس الله خلقك بيده فنفخ فيك من روحه واسجد لك ملائكته وزوجك حواء أمته وأسكنك الجنّة وأباحها لك ونهاك مشافهة ان لا تأكل من هذه الشجرة فأكلت منها وعصيت الله . فقال آدم عليه السلام : يا جبرئيل انّ إبليس حلف لي بالله انّه لي ناصح فما ظننت انّ أحدا من خلق الله يحلف بالله كاذبا ». [ تفسیر قمی « علي بن إبراهيم القمي » / ج 1 / ص 225 ]
روي عن الامام الرضا عليه السلام في عصمة آدم وأكله من الشجرة المحرّمة : « عن علي بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون : يابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون ؟ قال : بلى ، قال : فما معنى قول الله عزّ وجلّ ( وعصى آدم ربّه فغوى ) ، قال عليه السلام : ان الله تعالى قال لآدم عليه السلام : ( أسكن أنت وزوجك الجنّة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة ) [ البقرة : 35 ] ... فلم تقربا تلك الشجرة وانما اكلا من غيرها لما أن وسوس الشيطان إليهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة وانما نهاكما ان تقربا غيرها ولم ينهكما عن الاكل منها الا ان تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما اني لكما لمن الناصحين ولم يكن آدم وحوا شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا فدلاهما بغرور فأكلا منها ثقة بيمينه بالله وكان ذلك من آدم قبل النبوة ، ولم يكن ذلك بذنب كبير استحقّ به دخول النار ، وانّما كان من الصغاير الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم ، فلمّا اجتباه الله تعالى وجعله نبيا كان معصوما لا يذنب صغيرة ولا كبيرة ، قال الله تعالى : ( وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربّه فتاب عليه وهدى ) [ طه : 121 - 122 ] ، وقال عزّ وجلّ : ( ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) [ آل عمران : 33 ] » [تفسير نور الثقلين « للشيخ الحويزي » / ج 12 / ص 11-12 ]
وبناء على الروايات المتقدمة والمواد السابقة يمكن القول بأن الأنبياء معصومون عند الشيعة ، وأن أكل آدم من الشجرة المحرّمة لا ينافي عصمة الأنبياء لعدة أمور:
أولاً : الأمر الإلهي بالاجتناب عن الشجرة المحرمة كان أمراً إرشادياً.
ثانياً : هذا الفعل تم في الجنة التي ليست دار تكليف، ولم يرتكب في دار الدنيا التي هي دار تكليف معصية لله.
ثالثاً: هذا الأمر كان قبل نبوته ، وقد وهب عصمة الله بعد النبوة.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة