السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبق أن سألت عن كيف يكون وجود الله تعالى ووجود الإنسان وروحه ، ألّا يلزم منه أن يكون الله تعالى محدود ، ولم يكن المراد من السؤال واضح بالنسبة لكم ، وأنا آسف لذلك الإبهام مقصودي من السؤال :
السؤال ١ : كيف نقول بعدم محدوديّة الله تعالى مع وجود غيره من المخلوقات ؟ ألّا يحدّ العالم المادّي وجود الله تعالى ؟ ألّا يحدّ الخلق الخالق ؟ فنحن نختلف عن الخالق ألّا يلزم الفاصل والمائز ، فتثبت المحدوديّة ؟
السؤال ٢ : ثمّ هل تجرّد الروح هو مثل تجرّد البارئ عزّ وجلّ ؟
لأنّه إذا تمّ ما في السؤال ١ و ٢ لم يُعدّ هناك مانع من تعدّد الإله.
تفضّلوا علينا بجواب هذه الشبهة ، ودمتم سالمين إن شاء الله.
الجواب :
الجواب ١ : لو كان العالم المادّي يحتوي على وجود الله تعالى ، أو فقل : لو كان الله تعالى موجوداً في السماء أو الأرض لكان موجباً لمحدوديّة الله تعالى ؛ لأنّ ما يشتمل عليه المحدود محدود.
لكن وجود الله يختلف عن وجود الممكنات ، وليس لله تعالى مكان ولا زمان ، بل هو خالق المكان والزمان ، وفوق كلّ شيء ، ولا يمكن أن يكون محدوداً بالزمان أو المكان أو بشيء من الجهات والحدود ؛ لأنّ الحدّ نقص ، والله تعالى كامل من جميع الجهات.
ولا يوجب التمييز بين الله تعالى ومخلوقاته محدوديّة الله تعالى ؛ لأنّ التمييز بين المحدودات يكون بالحدود ، ولكن التمييز بين الله ومخلوقاته إنّما هو بكونه واجب الوجود ومعطي الوجود ، وسائر المخلوقات تكون ممكنة الوجود ، وهذا المايز لا يستلزم أن يكون الواجب محدوداً ، بل وجوب وجوده يستلزم كماله من جميع الجهات.
وبالنتيجة : يستلزم عدم محدويّته ؛ لأنّ المحدوديّة تقتضي سلب الوجود ولو من جهة من الجهات ، والمفروض أنّ واجب الوجود يكون الوجود ضروريّاً له ، ولا يمكن سلب الوجود عنه.
الجواب ٢ : تجرّد الروح معناه استغناؤه عن المحلّ في مقابل المادّة التي تحتاج لأجل كثافتها وعد تجرّدها إلى المحلّ ، ولكن الروح مع تجرّدها تكون حادثة ، وتحتاج في وجودها إلى الخالق ، بخلاف واجب الوجود ؛ فإنّه قديم بالذات ، ولا يحتاج إلى موجد ، بل الوجود ذاتي له ، بل ذاته الوجود.