لعلّ الدافع لادعاء النبوّةالملك واستعان ببشر في تأليفه للقرآن؟
السؤال : السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
هناك شبة حول النبوّة تقول : لماذا لا يكون الدافع وراء إدعاء النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) النبوّة هو الملك ، أو الدافع أنّه أراد أن ينتصر للمظلومين والضعفاء والبؤس الذي كانوا يعيشونه لا غير ، وأنّ ذلك كان بإدعاء النبوّة ؟
ثمّ إنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ادّعى النبوّة بين أُناس جهلاء ، وفي عصر جاهلي لذلك مَن يضمن أنّه لم يستعين بالشعراء والفصحاء في تأليف القرآن الكريم ، والذين من المفترض أن يكونوا قلائل في ذلك العصر والمجتمع الأمي؟ أفيدونا أعانكم الله وسدد خطاكم.
هناك شبة حول النبوّة تقول : لماذا لا يكون الدافع وراء إدعاء النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) النبوّة هو الملك ، أو الدافع أنّه أراد أن ينتصر للمظلومين والضعفاء والبؤس الذي كانوا يعيشونه لا غير ، وأنّ ذلك كان بإدعاء النبوّة ؟
ثمّ إنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ادّعى النبوّة بين أُناس جهلاء ، وفي عصر جاهلي لذلك مَن يضمن أنّه لم يستعين بالشعراء والفصحاء في تأليف القرآن الكريم ، والذين من المفترض أن يكونوا قلائل في ذلك العصر والمجتمع الأمي؟ أفيدونا أعانكم الله وسدد خطاكم.
الجواب: من سماحة السيّد جعفر علم الهدى
دعوى النبوّة والرسالة لا تقبل إلّا إذا كانت مقترنة بمعجزة تدلّ على صحّة هذه الدعوى.
والمعجزة هي أمر خارق للعادة التي يعجز الإنسان العادي من الإتيان بمثله ، فيدّل ذلك على أنّ الله تعالى ـ القادر على كلّ شيء ـ هو الذي يدعم هذا النبيّ ، وإلّا لما تمكّن من الإتيان بما يعجز عنه البشر .
وللنبيّ محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) معاجز كثيرة أهمّها القرآن الكريم ، وليس أعجاز القرآن منحصراً في الفصاحة والبلاغة ليقال : إنّ من المحتمل إنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إستعان بالشعراء والفصحاء في تأليف القرآن الكريم ، وإن كان هذا الاحتمال باطلاً ؛ لأنّ شعراء العرب وبلغائهم في عصر النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كانوا معروفين ومشهورين ، وكان أكثرهم من المشركين المناوئين لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وقد كان العرب يتفاخرون بالفصاحة والبلاغة ، وجودة الشعر ، واختاروا المعلّقات السبع من بين المئات من القصائد والأشعار ؛ لكونها في أعلى مراتب الفصاحة والبلاغة ، وعلّقوها على الكعبة لعظمتها وجودتها ، ومع ذلك حينما نزل القران الكريم وقرأ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعض السور أذعن أقطاب الأدب والفصاحة والبلاغة بأنّ القران الكريم معجزة في الفصاحة والبلاغة ، ولا يقاس به شيء من أشعارهم وقصائدهم ، ولذا رفعوا المعلّقات السبع عن الكعبة المشرّفة ، ولم يفتخروا بها بعد نزرل القران الكريم .
وبما أنّهم لم يريدوا الاعتراف بنبوّة محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قالوا : إنّ القرآن الكريم سحر ، وليس بكلام الآدمي ؛ اذ لا يتمكن البشر من الإتيان بمثله .
ثمّ إنّ القرآن الكريم تحدّى جميع البلغاء و الفصحاء على أن يأتوا بمثل القرآن الكريم بل بمثل سورة بل بمثل آية من القرآن ، وكان جميع المشركين منهم من البلغاء والفصحاء يريدون القضاء على الإسلام ، وتكذيب دعوى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، لكنّهم لم يتمكّنوا منى معارضة آية من آيات القرآن الكريم ، وهذا ممّا يدلّ على إعجاز القران في الأدب والفصاحة والبلاغة ، ولكنّ مع ذلك كما قلنا : لا ينحصر إعجاز القران في جهة الفصاحة والبلاغة بل هناك وجوه كثيرة لإعجاز القرآن .
مضافاً : إلى المعاجز الأُخرى الصادرة على يدّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الأمور التكوينية ، وقد تواتر نقلها بحيث نعلم بصدورها بعضها قطعاً .
وأمّا وجوه إعجاز القران فنذكر عناوينها وللمزيد راجع كتب التفسير .
1 ـ الفصاحة والبلاغة .
2 ـ أشتماله على العلوم والمعارف والاعتقادات التي تتوافق مع العقل ، وفطرة الإنسان.
3 ـ عدم وجود الاختلاف والتناقض فيه .
4 ـ اشتماله على قصص وتواريخ الأنبياء وأممهم وبعض الملوك والحكماء .
والمفروض إنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الذي جاء بالقرآن لم يتعلّم هذه العلوم والتواريخ من أحد ؛ إذ كان أمّياً ، ولم يدرس عند أحد ، ولم يأخذ من معلّم ، فلا محالة يكون ذلك بتعليم من الله تعالى العالم بجميع الحقائق .
5 ـ الإخبار بالأمور الغيبية ، ووقوعها في الخارج كقوله : { بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ } {الروم/1 ـ 4} .
وقوله : { لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ } {الفتح/27} .
وقوله : { وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ } {الأنفال/7} .
6 ـ اشتمال القرآن على التشريعات والأحكام ، والنظم والقوانين التي تتكفّل جميع حاجات الإنسان الفردية والاجتماعية ، والروحية والجسمية ، والدنيوية والأُخروية .
7 ـ اشتمال القرآن الكريم على أسرار الخلقة حيث أخبر القرآن عمّا يتعلّق بسنن الكون ، ونواميس الطبيعة ، وأسرارالخلقة وغيرها ممّا لاسبيل إلى العلم به في بدء الإسلام إلّا من ناحية الوحي الإلهي كقوله : { وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } {الحجر/19} ، فدلّ على أنّ كلّ ما ينبت في الأرض له وزن خاص (المعبّر عنه بالوزن النوعي ) .
وقوله : { وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } {الحجر/22}.
وقوله : { رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ } {الرحمن/17} ، الذي يدلّ على أنّ هناك قارة أُخرى تكون على السطح الآخر للأرض يلازم لشروق الشمس عليها غروبها عنّا ، وقد يكون إشارة إلى كروية الأرض .