ما معنى قول مولانا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام : « العُمرُ الذي أعذَرَ الله فيهِ إلى أبن آدمَ ستّونَ سنةً » ؟
المراد انّ الإنسان مادام شاباً يقع تحت تأثير الشهوات النفسانيّة والتمايلات الغريزيّة ، فقد يدعوه ذلك إلى ارتكاب المعصية ومخالفة أوامر الله تعالى ونواهيه لا سيّما مع عدم وجود تجارب مسبّقة وعدم ابتلائه بالآثار السيّئة والعواقب المترتّبة على الذنوب والمعاصي ، فإذا ارتكب المعصية قد يكون معذوراً ويقبل الله عذره ان اعتذر بأنّ الدواعي النفسانيّة والشهوة والهوى وعدم وجود التجربة هي التي أوقعته في المعاصي فإذا ندم وتاب واعتذر بذلك يعذره الله ويقبل عذره ، وإلى ذلك يشير ما ورد في دعاء الحزين : « فيا غوثاه ثمّ واغوثاه بك يا الله من هوى قد غلبني ومن عدو قد استكلب علي ومن دنيا قد تزيّنت لي ومن نفس امارة بالسوء الاّ ما رحم ربّي ».
وما ورد في دعاء ابي حمزة الثمالي : « الهي لم اعصك حين عصيتك وأنا بربوبيّتك جاحد ولا بأمرك مستخفّ ولا لعقوبتك متعرّض ولا لوعيدك متهاون بل خطيئة عرضت لي وسوّلت لي نفسي وغلبني هواي واعانفي عليها شقوتي ».
لكن القوى الشهويّة والتمايلات النفسيّة والغرائز تضعف حينما يشيب الانسان إلى عمر الستّين سنة فليس هناك علل وأسباب قويّة لارتكاب المعصية بحيث لا يتمكّن الانسان من مقاومتها أو يصعب عليه ذلك فإذا ارتكب الإنسان المعاصي وهو في هذا العمر ( الستّين سنه فما بعد ) لا يمكنه أن يعتذر بأنّ القوّة الشهويّة والهوى النفساني دفعته إلى ارتكاب المعصية ، بل يكون مخالفته وعصيانه ناشئاً من سوء سريرته وخبث طينته وعدم اهتمامه واعتنائه بالمحرّمات الإلهيّة وعدم خوفه من الله تعالى وعدم اكتراثه بالعقوبة الالهية فلا يكون معذوراً عند الله تعالى ولا يمكنه أن يقول : « وما عصيتك إذ عصيتك وأنا جاحد بربوبيتك ولا بأمرك مستخف » بل صدرت المعصية منه لعدم اعتقاده بعظمة الله تعالى وكبريائه وعدم اهتمامه بمخالفة الله تعالى واستخفافه بأوامره ونواهيه ، فقبول توبته والعفو عنه يحتاج إلى مؤونة زائدة بأن يكثر من الاستغفار وإظهار الندم ويعمل الأعمال الصالحة ويتقرّب إلى الله تعالى بالإصرار والالحاح في الدعاء والاستغفار.