محاولات هارون قتل الإمام الكاظم عليه السلام
تصل محاولات هارون لقتل الإمام الكاظم عليه السلام الى عشر مرات ، وفي كل مرة كانت تظهر له كرامات الإمام عليه السلام وآياته فيتراجع ، لكنه كان يعود ويكرر محاولته !
وقد مرَّ بعضها في الموضوعات المتقدمة ، وهذا عدد آخر :
1 ـ قال الفضل بن الربيع : « كنت أحجب الرشيد فأقبل عليَّ يوماً غضباناً وبيده سيف يقلبه فقال لي : يا فضل بقرابتي من رسول الله لئن لم تأتني بابن عمي الآن لآخذن الذي فيه عيناك ! فقلت : بمن أجيؤك ؟ فقال : بهذا الحجازي ! فقلت : وأي حجازي ؟ قال : موسى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب .. الى أن قال : فقلت له : استعد للعقوبة يا أبا إبراهيم فقال عليه السلام : أليس معي من يملك الدنيا والآخرة ! لن يقدر اليوم على سوء بي إن شاء الله تعالى ! قال فضل بن الربيع فرأيته وقد أدار يده عليه السلام يلوح بها على رأسه ثلاث مرات ، فدخلت على الرشيد فإذا هو كأنه امرأة ثكلى ... فلما رآه وثب إليه قائماً وعانقه وقال له : مرحباً بابن عمي وأخي ... ثم أكرمه ، وذكر الدعاء الذي دعا به عليه السلام ».
2 ـ « ومن ذلك الدعاء الذي علمه النبي صلّى الله عليه وآله لموسى بن جعفر عليه السلام في السجن بإسناد صحيح عن عبد الله بن مالك الخزاعي قال : دعاني هارون الرشيد فقال : يا أبا عبد الله كيف أنت وموضع السر منك ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ما أنا الا عبد من عبيدك ، فقال : إمض إلى تلك الحجرة وخذ من فيها واحتفظ به إلى أن أسئلك عنه ، قال : فدخلت فوجدت موسى بن جعفر فلما رآني سلمت عليه وحملته على دابتي إلى منزلي ، فأدخلته داري وجعلته على حرمي ، وقفلت عليه والمفتاح معي وكنت أتولى خدمته. ومضت الأيام ، فلم أشعر إلا برسول الرشيد يقول : أجب أمير المؤمنين فنهضت ودخلت عليه ، وهو جالس وعن يمينه فراش وعن يساره فراش فسلمت عليه فلم يرد غير أنه قال : ما فعلت بالوديعة ؟ فكأني لم أفهم ما قال فقال : ما فعل صاحبك ؟ فقلت : صالح ، فقال : إمض إليه وادفع إليه ثلاثة آلاف درهم واصرفه إلى منزله وأهله ، فقمت وهممت بالإنصراف فقال : أتدري ما السبب في ذلك وما هو ؟ قلت : لا يا أمير المؤمنين قال : نمت على الفراش الذي عن يميني ، فرأيت في منامي قائلاً يقول لي : يا هارون أطلق موسى بن جعفر ، فانتبهت فقلت لعلها لما في نفسي منه ، فقمت إلى هذا الفراش الآخر فرأيت ذلك الشخص بعينه وهو يقول : يا هارون أمرتك أن تطلق موسى بن جعفر فلم تفعل ؟ فانتبهت وتعوذت من الشيطان ثم قمت إلى هذا الفراش الذي أنا عليه وإذا بذلك الشخص بعينه ، وبيده حربة كأن أولها بالمشرق وآخرها بالمغرب ، وقد أومأ إلي وهو يقول : والله يا هارون لئن لم تطلق موسى بن جعفر لأضعن هذه الحربة في صدرك وأطلعها من ظهرك ، فأرسلت إليك فامض فيما أمرتك به ولا تظهره إلى أحد فأقتلك فانظر لنفسك ! قال : فرجعت إلى منزلي وفتحت الحجرة ودخلت على موسى بن جعفر فوجدته قد نام في سجوده فجلست حتى استيقظ ورفع رأسه ، وقال : يا أبا عبد الله إفعل ما أمرت به ، فقلت له : يا مولاي سألتك بالله وبحق جدك رسول الله هل دعوت الله عز وجل في يومك هذا بالفرج ؟ فقال : أجل إني صليت المفروضة وسجدت وغفوت في سجودي فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال : يا موسى أتحب أن تطلق ؟ فقلت : نعم يا رسول الله صلى الله عليك ، فقال : ادع بهذا الدعاء : يا سابغ النعم ، يا دافع النقم يا بارئ النسم ، يا مجلي الهمم ، يا مغشي الظلم ، يا كاشف الضر والألم ، يا ذا الجود والكرم ، ويا سامع كل صوت ، وما مدرك كل فوت ، ويا محيي العظام وهي رميم ، ومنشئها بعد الموت ، صل على محمد وآل محمد واجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً يا ذا الجلال والإكرام. فلقد دعوت به ورسول الله يلقننيه حتى سمعتك. فقلت : قد استجاب الله فيك ، ثم قلت له ما أمرني به الرشيد وأعطيته ذلك ». ( بحار الأنوار : 91 / 331 ، عن مهج الدعوات ).
3 ـ قال علي بن يقطين : « كنت واقفاً على رأس هارون الرشيد إذ دعا موسى بن جعفر عليه السلام وهو يتلظى عليه ! فلما دخل حرك شفتيه بشيء فأقبل هارون عليه ولاطفه وبره وأذن له في الرجوع ! فقلت له : يا ابن رسول الله جعلني الله فداك ، إنك دخلت على هارون وهو يتلظى عليك فلم أشك إلا أنه يأمر بقتلك فسلمك الله منه ! فما الذي كنت تحرك به شفتيك ؟ فقال عليه السلام : إني دعوت بدعائين أحدهما خاص والآخر عام فصرف الله شره عني ، فقلت : ما هما يا ابن رسول الله ؟ فقال : أما الخاص : اللهم إنك حفظت الغلامين لصلاح أبويهما فاحفظني لصلاح آبائي ، وأما العام : اللهم إنك تكفي من كل أحد ولا يكفي منك أحد ، فاكفنيه بما شئت وكيف شئت أنى شئت ، فكفاني الله شره ». ( البحار : 91 / 339 ، ومهج الدعوات / 36 ).
4 ـ « لما همَّ هارون الرشيد بقتل موسى بن جعفر عليه السلام دعا الفضل بن الربيع وقال له : قد وقعت لي إليك حاجة أسألك أن تقضيها ولك مائة ألف درهم قال : فخرَّ الفضل عند ذلك ساجداً وقال : أمر أم مسألة ؟ قال : بل مسألة ، ثم قال : أمرت بأن تحمل إلى دارك في هذه الساعة مائة ألف درهم ، وأسألك أن تصير إلى دار موسى بن جعفر وتأتيني برأسه ! قال الفضل : فذهبت إلى ذلك البيت فرأيت فيه موسى بن جعفر وهو قائم يصلي فجلست حتى قضى صلاته ، وأقبل إلي وتبسم وقال : عرفت لماذا حضرت أمهلني حتى أصلي ركعتين. قال : فأمهلته فقام وتوضأ فأسبغ الوضوء وصلى ركعتين وأتم الصلاة بحسن ركوعها وسجودها ، وقرأ خلف صلاته بهذا الحرز فاندرس وساخ في مكانه ! فلا أدري أأرض ابتلعته أم السماء اختطفته ! فذهبت إلى هارون وقصصت عليه القصة قال فبكى هارون ثم قال : قد أجاره الله مني » ( البحار : 91 / 332 ، عن مهج الدعوات ).
5 ـ « لما أمر هارون موسى بن جعفر عليه السلام أن يحمل إليه أدخل عليه وعلي بن يقطين على رأسه متوكئ على سيفه ، فجعل يلاحظ موسى عليه السلام ليأمره فيضرب به هارون ففطن له هارون فقال : قد رأيت ذلك ! فقال : يا أمير المؤمنين سللت من سيفي شبراً رجاء أن تأمرني فيه بأمرك ! فنجا منه بهذه المقالة ». ( مناقب آل أبي طالب : 3 / 423 ).
6 ـ « وروي أن الرشيد فكر في قتل موسى عليه السلام فدعا برطب فأكل منه ، ثم أخذ صينية فوضع فيها عشرين رطبة وأخذ سلكاً فتركه في السم ، وأدخله في الخياط وأخذ رطبة من ذلك الرطب وأقبل يردد السلك المسموم بذلك الخيط من رأس الرطبة إلى آخرها ، حتى علم أن السم قد تمكن فيها. واستكثر منه ثم ردها في الرطب وقال لخادم له : إحمل هذه الصينية إلى موسى وقل له : إن أمير المؤمنين أكل من هذا الرطب وتنغص لك ( اختار ) وهو يقسم عليك بحقه إلا ما أكلته عن آخره فإني اخترتها لك بيدي ، ولا تتركه حتى لا يبقي منه شيئاً ، ولا يطعم منه أحداً ، فأتاه بها الخادم وأبلغه الرسالة فقال له : إئتني بخلالة فناوله خلالة ، وقام بإزائه وهو يأكل الرطب ، وكان للرشيد كلبة أعز عليه من كل ما كان في مملكته ، فجرت نفسها وخرجت بسلاسل ذهب وفضة كانت في عنقها حتى حاذت موسى بن جعفر عليه السلام ، فبادر بالخلالة إلى الرطبة المسمومة فغرزها ورمى بها إلى الكلبة فأكلتها ، فلم تلبث الكلبة أن ضربت بنفسها الأرض وعوت حتى تقطعت قطعاً قطعاً ، واستوفى عليه السلام باقي الرطب !
وحمل الغلام الصينية إلى الرشيد فقال له : أكل الرطب عن آخره ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين. قال : فكيف رأيته ؟ قال : ما أنكرت منه شيئاً يا أمير المؤمنين !
قال : ثم ورد خبر الكلبة وأنها قد تهرأت وماتت ، فقلق الرشيد لذلك قلقاً شديداً واستعظمه ، ومر على الكلبة فوجدها متهرئة بالسم ، فدعا الخادم ودعا بالسيف والنطع ، قال لتصدقني عن خبر الرطب وإلا قتلتك ! فقال : يا أمير المؤمنين إني حملت الرطب إليه وأبلغته رسالتك وقمت بإزائه فطلب خلالة فدفعت إليه خلالة ، فأقبل يغرز الرطبة بعد الرطبة يأكلها ، حتى مرت به الكلبة فغرز رطبة من ذلك الرطب ورمى بها إلى الكلبة فأكلتها وأكل باقي الرطب فكان ما ترى ! فقال الرشيد : ما ربحنا من موسى إلا أنا أطعمناه جيد الرطب وضيعنا سُمَّنا وقتلنا كلبتنا » ! ( دلائل الإمامة للطبري / 316 ، والهداية الكبرى / 264 ).
7 ـ « قال إبراهيم بن سعد : أدخل إلى موسى بن جعفر عليه السلام سباع لتأكله فجعلت تلوذ به وتبصبص له وتدعو له بالإمامة ، وتعوذ به من شر الرشيد ، فلما بلغ ذلك الرشيد أطلق عنه وقال : أخاف أن يفتنني ويفتن الناس ومن معي » !
8 ـ « عن الأعمش قال : رأيت الكاظم عليه السلام عند الرشيد وقد خضع له فقال له عيسى بن أبان : يا أمير المؤمنين لم تخضع له ؟ قال : رأيت من ورائه أفعى تضرب بنابها وتقول : أجبه بالطاعة وإلا بلعتك ففزعت منها ». ( نوادر المعجزات / 163 ).
9 ـ « كان يتقدم الرشيد إلى خدمه إذا خرج موسى بن جعفر من عنده أن يقتلوه فكانوا يهمون به فيتداخلهم من الهيبة والزمع ! فلما طال ذلك أمر بتمثال من خشب وجعل له وجهاً مثل موسى بن جعفر وكانوا إذا سكروا أمرهم أن يذبحوه بالسكاكين ، فكانوا يفعلون ذلك أبداً ، فلما كان في بعض الأيام جمعهم في الموضع وهم سكارى ، وأخرج سيدي إليهم فلما بصروا به هموا به على رسم الصورة ، فلما علم منهم ما يريدون كلمهم بالخزرية والتركية ، فرموا من أيديهم السكاكين ووثبوا إلى قدميه فقبلوها .. » ( مناقب آل أبي طالب : 3 / 418 ).
مقتبس من كتاب : الإمام الكاظم عليه السلام سيّد بغداد / الصفحة : 227 ـ 232