مناقب النبي محمّد صلّى الله عليه وآله
رزءٌ أطلّ فجلّ في الأرزاء |
زفراته هبّت على الغبراء |
|
يا نكبة عمّت على كل الورى |
عمّت على الآفاق والأرجاء |
|
وغدا لها الاسلام منهدم العرى |
والمسلمون بكته أيّ بكاء |
|
تالله رزء محمد أوهى القوى |
وطوى الضلوع ومضّ في الأحشاء |
|
اليوم أضحى الدين يبكيه أسىً |
وبكت له املاك كل سماء |
|
اليوم قد كسفت له شمس الضحى |
قد أبرزت شجواً بثوب عزاء |
|
اليوم قد ثكلت أباها فاطم |
فقدت أباها أرأف الآباء (1) |
* * *
يبو ابراهيم دارك چانت ابطيبه |
ابروضه امحصنه امن الخوف والهيبه |
|
اظلمت يا بدر من غبت هالغيبه |
ومثل الطيف شخصك بالحلم چنه |
* * *
يبو ابراهيم ما تگعد وحاچيك |
ترى روحي يعگلي ذابت اعليك |
|
چنت عزنه يبويه ونستچن بيك |
يومك صعب چيف انفارجه اسنين |
* * *
يبو ابراهيم نورك من خفه او غاب |
غدت ظلمه المدينه ابكثر المصاب |
|
عليك الحسن ظل يبچي وگلبه انعاب |
أخوه احسين يبچي ابدمع من دم |
* * *
فلأجعلنّ الحزن بعدك مؤنسي |
ولأجعلنّ الدمع فيك وشاحيا |
* * *
مناقب النبي محمّد صلّى الله عليه وآله :
في الصحيفة السجاديّة عن زين العابدين عليه السلام : « اللهمّ فصلّ على محمّد أمينك على وحيك ونجيبك من خلقك وصفيّك من عبادك إمام الرحمة وقائد الخير ».
المقدّمة :
ما عسى المتحدّث أن يتحدّث عن سيّد الكائنات وأفضل الأنبياء وهو خاتم الأنبياء مبعثاً وأوّلهم خلقاً « أوّل ما خلق الله نوري » وفي الحقيقة نحن عاجزون عن معرفة النبي المعرفة الكاملة والتامّة حيث ورد في الحديث الذي قال النبي صلّى الله عليه وآله : « يا علي ما عرفني إلّا الله وأنت ... » ومن هنا نجد أمير المؤمنين عليه السلام يتحدّث عن فضل رسول الله صلّى الله عليه وآله بقوله : « ما برأ الله نسمة خير من محمّد » وكذلك ورد في الأحاديث على عدم جواز تفضيل غيره عليه : « لا تفضّلوا على رسول الله أحداً فإنّ الله قد فضلّه ».
تعظيم الإمام الصادق عليه السلام لجدّه الرسول صلّى الله عليه وآله :
المتتبّع لسيرة الإمام الصادق عليه السلام يجد أنّ الإمام الصادق عليه السلام ولمعرفته بفضل ومنزلة النبي صلّى الله عليه وآله عند الله عزّ وجلّ يكنّ له الاحترام الفائق من خلال الأُمور التالية :
أوّلاً : إذا ذكر جدّه كان يتغيّر لون وجهة يحمرّ مرّة ويصفرّ أُخرى.
ثانياً : بكاء الامام الصادق عليه السلام إذا ذكر زهد النبي صلّى الله عليه وآله كانوا يقول بأبي من لم يشبع من خبز الشعير وما أكل من خبز البرّ.
ثالثاً : تواضعه الشديد لأسمه المبارك ، حيث يُنقل أنّه عليه السلام افتقد أحد أصحابه ومواليه فسأل عنه فقيل له شُغِلَ بمولود جديد صار عنده ، وبعد كم يوم أقبل ذاك الرجل الموالي للإمام عليه السلام فسأله الامام عن سبب انقطاعه وغيابه عن الإمام عليه السلام ، فأجاب رزقني الله ولداً ذكراً ، فقال عليه السلام ما سمّيته فقال محمّداً ولمّا سمع الإمام بهذا الاسم المبارك أخذ يكرّر هذا الاسم المبارك ويطأطأ خدّه المبارك حتّى كاد يلصقه بالتراب وهو يقول بأبي وأُمّي خير الآباء (2).
إلى غيرها من الروايات التي وردت عنه عليه السلام والتي تشير إلى فضله صلّى الله عليه وآله وفضل الصلاة عليه حتّى ورد عنه عليه السلام انّه من قال عند كلّ صباح : « جزىٰ الله عنّا محمّداً ما هو أهله أتعب ألف كاتب ألف صباح » وقوله صلّى الله عليه وآله في كيفيّة الصلاة عليه قال عليه السلام قولوا : « صلوات الله وصلوات ملائكته المقرّبين وأنبياءه المرسلين وعباده الصالحين والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته » فسأل الامام الصادق عليه السلام عن ثواب من صلّى على النبي بهذه الصلاة فقال الخروج من الذنوب كهيأته يوم ولدته أُمّه. كما أنّه ورد في بعض الأخبار : إذا كثرت ذنوب أحدكم ولم يجد ما يكفّرها فليكثر من الصلاة على محمّد وآل محمّد فانّها تهدم الذنوب هدما.
من آداب القرآن الكريم :
الله عزّ وجلّ في القرآن الكريم بيّن للناس عظمة الرسول الأكرم من خلال آيات كثيرة يستفاد منها جعل النبي في المرتبة السامية والرفيعة من خلال الآيات التالية :
أولاً : ( مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ ) هنا جعل طاعة الرسول طاعة لله عزّ وجلّ.
ثانياً : ( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) ويستفاد من هذا النصّ الأخذ عن رسول الله فيما يأمر عنه وفيما ينهى فينبغي على الأُمّة الانقياد الكامل له والتسليم لما يأمر به ولما ينهى عنه.
ثالثاً : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) ويستفاد من هذا المقطع عصمة النبي صلّى الله عليه وآله فيما يتحدّث به من الأُمور والتكاليف بشكل مطلق.
رابعاً : ( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ... ) ويستفاد من هذا النصّ جعل النبي صلّى الله عليه وآله قدوة حسنه تقتدي بسلوكه الأُمّة الإسلاميّة لمن أراد مرضاة الله عزّ وجلّ.
خامساً : ( إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) ويستفاد من هذا المقطع القرآني حفاوة السماء وحبّها وتكريمها لهذا المخلوق العظيم بحيث يبتدأ الربّ تبارك وتعالى مع الملائكة بالصلاة عليه وتعني انزال الرحمات تلو الرحمات والفيوضات الربّانية عليه صلّى الله عليه وآله وبعد ذلك جاء الأمر بامتثال الأمر الإلهي في الصلاة عليه ، وتسليم الأُمور إليه بشكل مطلق.
زاد الله في شرفك يا رسول الله في الدنيا والآخرة ، وقد رفع الله ذكره كما قال في كتابه ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) فما يذكر الربّ في الأذان حتّى يذكر إلى جنبه الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله.
ومن هذا المنطلق أفرد زين العابدين عليه السلام دعاءً في الصحيفة السجاديّة لجدّه الرسول صلّى الله عليه وآله في الصلاة عليه قائلاً : « اللهمّ فصلّ على محمّد ... ».
أمينك على وحيك : أنّ النبي صلّى الله عليه وآله كما صرّحت الروايات كان يعرف بالصادق الأمين. فهو أمين على وحي الله وقد بلّغ ما كلّف به وما استحمل من وحيه وكتابه ...
ونجيبك من خلقك : والنبي صلّى الله عليه وآله انتجبه الله من خلقه وفضّله على جميع الخلق وفضّل أهل بيته على جميع الخلق وربّما يدلّ على ذلك ما روي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنّ العبّاس بن عبد المطلب قال لرسول الله صلّى الله عليه وآله لماذا فضّل عليّ علينا أهل البيت والمعدن واحد فقال صلّى الله عليه وآله إنّ الله خلقني وخلق عليّاً ولا سماء ولا أرض ولا جنّة ولا نار ، ولا لوح ولا قلم ، فلمّا أراد بدأ خلقنا تكلّم بكلمة فكانت نوراً ، ثمّ تكلّم بأُخرى فكانت روحاً ومزج بينهما فاعتدلا ، فخلقني وعليّاً ، ثمّ فتق من نوري نور العرش ، فأنا أجلّ من العرش وفتق من نور علي نور السماوات فعليٌّ أجلُّ من السماوات ، وفتق من نور الحسن نور الشمس فالحسن أجلّ من الشمس ، وفتق من نور الحسن نور القمر فالحسين أجلّ من القمر ، وكانت الملائكة تقول في تسبيحها : سبّوح قدّوس من أنوار ما أكرمها على الله ! فلمّا أراد سبحانه أن يبلو الملائكة أرسل عليهم ظلمة ، فكانوا لا يرون أوّلهم من آخرهم فضجّوا بالدعاء قائلين : إلهنا وسيّدنا منذ خلقتنا ما رأينا مثل هذا ! فنسألك بحقّ هذه الأنوار إلّا ما كشفت عنّا هذه الظلمة ، فخلق الله نور فاطمة كالقنديل وعلّقه بالعرش ، فزهرت السماوات السبع والأرضون السبع ، فمن أجل هذه سمّيت بـ « الزهراء » وأوحى سبحانه وتعالى إلى الملائكة أنّي جاعل ثواب تسبيحكم وتقديسكم إلى يوم القيامة لمحبّي هذه المرأة وبعلها وبنيها (3).
وصفيّك من عبادك : هو المصطفى صلّى الله عليه وآله اصطفاه الله برسالته الخاتمة ، وختم به الأنبياء.
إمام الرحمة وقائد الخير : وقد وصفه الله عزّ وجلّ في كتابه ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) فهو صلّى الله عليه وآله إمام الرحمة ، جسّد الرحمة الإلهيّة بأفضل صورها في خلقه الرفيع وتعاليمه القيّمة ، فهو رحمة لجميع الناس ، حتّى لمن عاداه وناواه لمّا دخل مكّة فاتحاً منتصراً قال قولته المعروفة لمن آذاه وطرده من بلاده : « اليوم يوم المرحمة اليوم تأوىٰ الحُرمه » ومن قبل ذلك دعا لهم حينما أدموه وآذوه نزل جبرئيل عليه السلام ثمّ قال : « اللهمّ اهدي قومي فانّهم لا يعلمون انّي نبي ». وهو صلّى الله عليه وآله قائد كلّ خير ، فسلام عليك يا رسول يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيّا.
قال في الكوكب الدري الشيخ الحائري المازندراني قدّس سرّه : أنه لما دنت الوفاة من رسول الله صلّى الله عليه وآله قالت فاطمة الزهراء مخاطبة أباها : يا أبتاه ألا تكلّمني كلمة أنظر إليك وأراك مفارق الدنيا وأرى عساكر الموت تغشاك شديداً ، ففتح عينيه وقال : بنيّة نعم وإنّي مفارقك فسلام عليك منّي. وفي ذلك اليوم التفت الرسول صلّى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام ويد فاطمة بيده صلّى الله عليه وآله فوضعها في يد علي وقال : يا أبا الحسن هذه وديعة الله ورسوله محمّد عندك فاحفظ الله واحفظني فيها وإنّك لفاعله ، يا علي هذه والله سيّدة النساء من الأوّلين والآخرين ، هذه والله مريم الكبرى ، أما والله ما بلغت نفسي هذا الموضع حتّى سألت الله لها ولكم فأعطاني فيما سألته وأعلم يا علي أنّي راض عمّن رضيت عنه ابنتي فاطمة وكذلك ربّي وملائكته ، يا علي ويل لمن ظلمها وويل لمن ابتزّها حقّها وويل لمن هتك حرمتها ويل لمن أحرق بابها وويل لمن آذى خليلها وويل لمن شاقها وبارزها وهم منّي براء. أقول يا ويلهم لم يحفظوا وصيّة النبي في ابنته ، اظلموها دخلوا دارها ، كسروا ضلعها ، أَسقطوا جنينها ، غصبوا ارثها ، ظلموا بعلها.
جمعوا على بيت النبي محمّد |
حطباً وأوقدت الضعائن نارها |
|
رضّوا سليلة أحمد بالباب |
حتى أنبتوا في صدرها مسمارها |
|
عصروا ابنة الهادي الأمين |
واسقطوا منها الجنين وأخرجت كرارها |
* * *
بعدك لفونه الگوم للدار |
اووجّوا يبويه الباب بالنّار |
|
ليهم گمت والگلب محتار |
ناديتهم والدمع مدرار |
|
اشوصّاكم الهادي المختار |
ظلموني بويه او صار ما صار |
|
ضلعي انكسر وانصبت مسمار |
ابصدري او تگيّد حامي الجار |
* * *
گومك يبويه ما رعوني |
واخلاف عينك مرمروني |
|
خذوا نحلتي وبچوا اعيوني |
وبره المدينه طلعوني |
ومن البچه اعليك امنعوني
* * *
منعوا البتول عن النياحة إذ غدت |
تبكي أباها ليلها ونهارها |
الهوامش
1. في شهادة النبي صلّى الله عليه وآله للسيد صالح الحلّي قدّس سرّه.
2. القطرة « للسيّد المستنبط » الجزء الأوّل.
3. بحار الأنوار 43 : 17.
مقتبس من كتاب : [ المحاضرات المنبرية في المجالس الصفرية ] / الصفحة : 187 ـ 193