من أحاديثه عليه السلام في النبوة
« عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال : قلت له : جعلت فداك أخبرني عن النبي صلّى الله عليه وآله ورث النبيين كلهم ؟ قال : نعم ، قلت : من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه ؟ قال : ما بعث الله نبياً إلا ومحمد صلّى الله عليه وآله أعلم منه ، قال قلت : إن عيسى بن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله ، قال : صدقت وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير وكان رسول الله صلّى الله ليه وآله يقدر على هذه المنازل. قال فقال : إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في أمره فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين ، حين فقده فغضب عليه فقال : لأعذبنه عذاباً شديداً أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين. وإنما غضب لأنه كان يدله على الماء ، فهذا وهو طائر قد أعطي ما لم يعط سليمان وقد كانت الريح والنمل والإنس والجن والشياطين والمردة له طائعين ، ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء ، وكان الطير يعرفه وإن الله يقول في كتابه : وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى : وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان ، وتحيى به الموتى ، ونحن نعرف الماء تحت الهواء ، وإن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به ، مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون ، جعله الله لنا في أم الكتاب إن الله يقول : وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين ، ثم قال : ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ، فنحن الذين اصطفانا الله عز وجل وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شيء ». ( الكافي : 1 / 226 ).
« سألت أبا الحسن عليه السلام : أيما أفضل المقام بمكة أو بالمدينة ؟ فقال : أي شيء تقول أنت ؟ قال فقلت : وما قولي مع قولك ؟ قال : إن قولك يردك إلى قولي ، قال : فقلت له : أما أنا فأزعم أن المقام بالمدينة أفضل من المقام بمكة ، قال فقال : أما لئن قلت ذلك لقد قال أبو عبد الله عليه السلام ذاك يوم فطر وجاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فسلم عليه في المسجد ثم قال : قد فضلنا الناس اليوم بسلامنا على رسول الله » ( الكافي : 4 / 557 ) .
« لما قبض إبراهيم بن رسول الله صلّى الله عليه وآله جرت فيه ثلاث سنن : أما واحدة فإنه لما مات انكسفت الشمس فقال الناس انكسفت الشمس لفقد ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله فصعد رسول الله صلّى الله عليه وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تجريان بأمره مطيعان له لا تنكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلوا ، ثم نزل فصلى بالناس صلاة الكسوف ، فلما سلم قال : يا علي قم فجهز ابني ، قال : فقام علي بن أبي طالب عليه السلام فغسل إبراهيم وكفنه وحنطه ومضى ، فمضى رسول الله صلّى الله عليه وآله حتى انتهى به إلى قبره فقال الناس : إن رسول الله نسي أن يصلى على ابنه لما دخله من الجزع عليه ، فانتصب قائماً ثم قال : إن جبرئيل عليه السلام أتاني فأخبرني بما قلتم ، زعمتم أني نسيت أن أصلي على ابني لما دخلني من الجزع ، ألا وإنه ليس كما ظننتم ، ولكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات ، وجعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة ، وأمرني أن لا أصلى إلا على من صلى.
ثم قال : يا علي إنزل والحد ابني ، فنزل علي فألحد إبراهيم في لحده فقال الناس إنه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر ولده إذ لم يفعل رسول الله صلّى الله عليه وآله بابنه ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : يا أيها الناس إنه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم ، ولكن لست آمن إذا حل أحدكم الكفن عن ولده أن يلعب به الشيطان فيدخله عن ذلك من الجزع ما يحبط أجره ثم انصرف صلّى الله عليه وآله ». ( الكافي : 3 / 463 ، والمحاسن : 2 / 313 ).
مقتبس من كتاب : الإمام الكاظم عليه السلام سيّد بغداد / الصفحة : 319 ـ 321