حديث التهنئة
أخرج الإمام الطبري محمد بن جرير في كتاب الولاية حديثاً بإسناده عن زيد ابن أرقم ، مرّ شطر كبير منه ( ص ٢١٤ ـ ٢١٦ ) ، وفي آخره : فقال :
« معاشر الناس قولوا : أعطيناك علىٰ ذلك عهداً عن أنفسنا ، وميثاقاً بألسنتنا ، وصفقةً بأيدينا ، نؤدِّيه إلىٰ أولادنا وأهالينا ، لا نبغي بذلك بدلاً ، وأنت شهيدٌ علينا ، وكفىٰ بالله شهيداً.
قولوا ما قلتُ لكم ، وسلِّموا علىٰ عليّ بإمرة المؤمنين ، وقولوا : ( الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّـهُ ) (1) ، فإنّ الله يعلم كلّ صوت وخائنة كلّ نفس ( فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّـهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) (2). قولوا ما يُرضي الله عنكم فـ ( إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ) (3) ».
قال زيد بن أرقم : فعند ذلك بادر الناس بقولهم : نعم سمعنا وأطعنا علىٰ أمر الله ورسوله بقلوبنا ، وكان أوّل من صافق النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وعليّاً : أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وباقي المهاجرين والأنصار وباقي الناس إلىٰ أن صلّى الظهرين في وقت واحد ، وامتدّ ذلك إلىٰ أن صلّىٰ العشاءين في وقت واحد ، وأوصلوا البيعة والمصافقة ثلاثاً.
ورواه أحمد بن محمد الطبريّ الشهير بالخليليِّ في كتاب مناقب عليّ بن أبي طالب المؤلَّف سنة ( ٤١١ ) بالقاهرة من طريق شيخه محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن ، وفيه :
فتبادر الناس إلىٰ بيعته ، وقالوا : سمعنا وأطعنا لما أمرنا الله ورسوله بقلوبنا وأنفسنا وألسنتنا وجميع جوارحنا ، ثمّ انكبّوا علىٰ رسول الله وعلىٰ عليٍّ بأيديهم ، وكان أوّل من صافق رسول الله (4) أبو بكر وعمر وطلحة والزبير ، ثمّ باقي المهاجرين والناس علىٰ طبقاتهم ومقدار منازلهم إلىٰ أن صُلّيت الظهر والعصر في وقت واحد والمغرب والعشاء الآخرة في وقت واحد ، ولم يزالوا يتواصلون البيعة والمصافقة ثلاثاً ، ورسول الله كلّما بايعه فوجٌ بعد فوج يقول : « الحمدُ لله الذي فضّلنا علىٰ جميع العالمين ». وصارت المصافقة سنّةً ورسماً ، واستعملها من ليس له حقٌّ فيها.
وفي كتاب النشر والطيّ : فبادر الناس بنعم نعم ، سمعنا وأطعنا أمر الله وأمر رسوله ، آمنّا به بقلوبنا ، وتداكّوا علىٰ رسول الله وعليٍّ بأيديهم إلىٰ أن صُلِّيت الظهر والعصر في وقت واحد وباقي ذلك اليوم إلىٰ أن صُلّيت العشاءان في وقت احد ، ورسول الله كان يقول كلّما أتى فوجٌ : « الحمد لله الذي فضّلنا على العالمين ».
وقال المولوي وليّ الله اللكهنوي في مرآة المؤمنين (5) في ذكر حديث الغدير ما معرّبه : فلقيه عمر بعد ذلك ، فقال له : هنيئاً يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت ... وكان يهنّئ أمير المؤمنين كلُّ صحابيّ لاقاه.
وقال المؤرِّخ ابن خاوند شاه (6) المتوفّىٰ ( ٩٠٣ ) في روضة الصفا (7) في الجزء الثاني من ( مج ١ / ١٧٣ ) بعد ذكر حديث الغدير ما ترجمته :
ثمّ جلس رسول الله في خيمة تختصّ به ، وأمر أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام أن يجلس في خيمة أخرىٰ ، وأمر إطباق (8) الناس بأن يهنِّئوا عليّاً في خيمته. ولمّا فرغ الناس عن التهنئة له أمر رسول الله أمّهات المؤمنين بأن يَسِرنَ إليه ويهنِّئنه ففعلن ، وممّن هنّأه من الصحابة عمر بن الخطّاب ، فقال : هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولىٰ جميع المؤمنين والمؤمنات.
وقال المؤرِّخ غياث الدين (9) المتوفّىٰ ( ٩٤٢ ) في حبيب السِّيَر (10) في الجزء الثالث من ( مج ١ / ١٤٤ ) ما معرّبه :
ثمّ جلس أمير المؤمنين بأمر من النبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في خيمة تختصّ به يزوره الناس ويهنِّئونه ، وفيهم عمر بن الخطّاب ، فقال : بخٍ بخٍ يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة. ثمّ أمر النبيّ أمّهات المؤمنين بالدخول علىٰ أمير المؤمنين والتهنئة له.
وخصوص حديث تهنئة الشيخين رواه من أئمّة الحديث والتفسير والتاريخ من رجال السنّة كثيرٌ لا يستهان بعدّتهم بين راوٍ مرسلاً له إرسال المسلّم ، وبين راوٍ إيّاه بمسانيد صحاح برجال ثقات تنتهي إلىٰ غير واحد من الصحابة ، كابن عبّاس ، وأبي هريرة ، والبراء بن عازب ، وزيد بن أرقم ، فممّن رواه :
١ ـ الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة : المتوفّىٰ ( ٢٣٥ ) ، المترجم ( ص ٨٩ ).
أخرج بإسناده ـ في المصنّف (11) ـ عن البراء بن عازب قال : كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سفر ، فنزلنا بغدير خمّ ، فنودي : الصلاة جامعة ، وكُسح لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت شجرة فصلّى الظهر ، فأخذ بيد عليّ ، فقال : « ألستم تعلمون أنّي أولىٰ بكلّ مؤمن من نفسه ؟ قالوا : بلىٰ.
فأخذ بيد عليّ ، فقال : أللّهمّ من كنتُ مولاه فعليّ مولاه ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ».
فلقيه عمر بعد ذلك ، فقال : هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولىٰ كلّ مؤمن ومؤمنة.
٢ ـ إمام الحنابلة أحمد بن حنبل : المتوفّىٰ ( ٢٤١ ).
في مسنده (12) ( ٤ / ٢٨١ ) عن عفّان ، عن حمّاد بن سلمة ، عن عليّ بن زيد ، عن عديِّ بن ثابت ، عن البراء بن عازب قال : كنّا مع رسول الله ... إلىٰ آخر اللفظ المذكور من طريق ابن أبي شيبة غير أنَّه ليست فيه كلمة ( اللّهم ) الأُولىٰ.
٣ ـ الحافظ أبو العبّاس [ الحسن بن سفيان ] الشيبانيّ ، النسويّ : المتوفّىٰ ( ٣٠٣ ) ، المترجم ( ص ١٠٠ ).
قال : حدّثنا هدبة ، حدّثنا حمّاد بن سلمة عن زيد ، وأبو هارون عن عديّ بن ثابت ، عن البراء قال : كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع ، فلمّا أتينا علىٰ غدير خُمّ كُسح لرسول الله تحت شجرتين ، ونُودي في الناس : الصلاة جامعة ، ودعا رسول الله عليّاً ، وأخذ بيده ، فأقامه عن يمينه ، فقال : « ألستُ أولىٰ بكلّ امرئ من نفسه ؟ قالوا : بلىٰ.
قال : فإنّ هذا مولىٰ من أنا مولاه ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ».
فلقيه عمر بن الخطّاب ، فقال : هنيئاً لك أصبحت وأمسيت مولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة.
٤ ـ الحافظ أبو يعلى الموصليّ : المتوفّىٰ ( ٣٠٧ ) ، المترجم ( ص ١٠٠ ).
رواه في مسنده عن هدبة عن حمّاد .. إلىٰ آخر السند والمتن المذكورين في طريق الشيبانيِّ.
٥ ـ الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبريّ : المتوفّىٰ ( ٣١٠ ) في تفسيره ( ٣ / ٤٢٨ ).
قال ـ بعد ذكر حديث الغدير ـ : فلقيه عمر ، فقال : هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة. وهو قول ابن عبّاس ، والبراء بن عازب ، ومحمد بن عليّ.
٦ ـ الحافظ أحمد بن عقدة الكوفيّ : المتوفّىٰ ( ٣٣٣ ).
أخرج في كتاب الولاية ـ وهو أوّل الكتاب ـ عن شيخه إبراهيم بن الوليد بن حمّاد ، عن يحيى بن يعلىٰ ، عن حرب بن صبيح ، عن ابن أخت حميد الطويل ، عن ابن جدعان ، عن سعيد بن المسيّب ، قال :
قلت لسعد بن أبي وقّاص : إنّي أُريد أن أسألك عن شيءٍ ، وإنّي أتّقيك.
قال : سل عمّا بدا لك ، فإنّما أنا عمّك. قال : قلت : مقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيكم يوم غدير خُمّ ؟
قال : نعم قام فينا بالظهيرة ، فأخذ بيد عليّ بن أبي طالب ، فقال : « من كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاه ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ».
قال : فقال أبو بكر وعمر : أمسيت يا ابن أبي طالب مولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة.
٧ ـ الحافظ أبو عبد الله المرزبانيّ ، البغداديّ : المتوفّىٰ ( ٣٨٤ ).
رواه بإسناده عن أبي سعيد الخُدريّ في كتابه سرقات الشعر.
٨ ـ الحافظ عليّ بن عمر الدارقطنيّ ، البغداديّ : المتوفّىٰ ( ٣٨٥ ).
أخرج بإسناده حديث الغدير ، وفيه : أنَّ أبا بكر وعمر لمّا سمعا قالا له : أمسيت يا ابن أبي طالب مولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة.
حكاه عنه ابن حجر في الصواعق (13) ( ص ٢٦ ) ، ومرّ عنه من طريق الخطيب البغدادي بلفظ آخر ( ص ٢٣٢ ).
٩ ـ الحافظ أبو عبد الله بن بطّة الحنبليّ : المتوفّىٰ ( ٣٨٧ ).
أخرجه بإسناده في كتابه الإبانة عن البراء بن عازب بلفظ الحافظ أبي العبّاس الشيبانيّ المذكور بإسقاط كلمة : أمسيت.
١٠ ـ القاضي أبو بكر الباقلانيّ ، البغداديّ : المتوفّىٰ ( ٤٠٣ ) ، المترجم ( ص ١٠٧ ).
أخرجه في كتابه التمهيد في أُصول الدين ( ص ١٧١ ).
١١ ـ الحافظ أبو سعيد الخركوشيّ ، النيسابوريّ : المتوفّىٰ ( ٤٠٧ ).
رواه في تأليفه شرف المصطفىٰ بإسناده عن البراء بن عازب بلفظ أحمد بن حنبل ، وبإسناد آخر عن أبي سعيد الخُدري ، ولفظه : ثمّ قال النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : « هنِّئوني هنِّئوني إنّ الله تعالىٰ خصّني بالنبوّة ، وخصّ أهل بيتي بالإمامة ».
فلقي عمر بن الخطّاب أمير المؤمنين ، فقال : طوبىٰ لك يا أبا الحسن أصبحت مولاي ومولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة.
١٢ ـ الحافظ أحمد بن مردويه الأصبهانيّ : المتوفّىٰ ( ٤١٠ ).
أخرجه في تفسيره عن أبي سعيد الخُدريّ ، وفيه : فلقي عليّاً عليه السلام عمرُ بن الخطّاب بعد ذلك ، فقال : هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولىٰ كلّ مؤمن ومؤمنة.
١٣ ـ أبو إسحاق الثعلبيّ : المتوفّىٰ ( ٤٢٧ ).
أخرج في تفسيره الكشف والبيان (14) ، قال : أخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد السري ، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد ، حدّثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي ، حدّثنا حجّاج بن منهال ، حدّثنا حمّاد بن سلمة ، عن عليّ بن زيد ، عن عديِّ بن ثابت ، عن البراء بن عازب ، قال :
لمّا نزلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع كنّا بغدير خُمّ فنادىٰ : أنَّ الصلاة جامعة ، وكُسح للنبيّ تحت شجرتين ، فأخذ بيد عليّ ، فقال :
« ألستُ أولىٰ بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلىٰ. قال : هذا مولىٰ من أنا مولاه ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ».
قال : فلقيه عمر فقال : هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة.
١٤ ـ الحافظ ابن السمّان الرازيّ : المتوفّىٰ ( ٤٤٥ ).
أخرجه بإسناده عن البراء بن عازب باللفظ المذكور عن أحمد بن حنبل ، حكاه عنه محبّ الدين الطبريّ في الرياض النضرة (15) ( ٢ / ٦٩ ) ، والشنقيطيّ في حياة عليّ بن أبي طالب ( ص ٢٨ ).
١٥ ـ الحافظ أبو بكر البيهقيّ : المتوفّىٰ ( ٤٥٨ ).
رواه مرفوعاً إلى البراء بن عازب ، كما في الفصول المهمّة لابن الصبّاغ المالكي المكّي (16) ( ص ٢٥ ) ، ونظم درر السمطين لجمال الدين الزرنديّ الحنفيّ (17) ، بسند يأتي عنه عن أبي هريرة ، ويأتي من طريق الخوارزمي عنه عن البراء وأبي هريرة.
١٦ ـ الحافظ أبو بكر الخطيب البغداديّ : المتوفّىٰ ( ٤٦٣ ).
مرّ عنه بسندين صحيحين عن أبي هريرة ( ص ٢٣٢ ، ٢٣٣ ).
١٧ ـ الفقيه أبو الحسن بن المغازليّ : المتوفّىٰ ( ٤٨٣ ).
في كتاب المناقب (18) قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن طاوان ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن الحسين بن السمّاك ، قال : حدّثني أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ، حدّثني عليّ بن سعيد بن قتيبة الرملي ، قال : حدّثني ضمرة ... إلىٰ آخر السند واللفظ المذكورين من طريق الخطيب البغداديِّ ( ص ٢٣٢ ، ٢٣٣ ). وقال :
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر العطّار ، قال : أخبرنا أبو محمد بن السقّاء ، وأخبرنا أبو الحسن عليّ بن عبد الله القصّاب البيِّع الواسطي ممّا أذن لي في روايته أنَّه قال : حدّثني أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد البياسري ، قال : حدّثني أبو الحسن عليّ بن محمد بن الحسن الجوهري ، قال : حدّثني محمد بن زكريا العبدي ، قال : حدّثني حميد الطويل ، عن أنس في حديث :
فأخذ بيده ، وأرقاه المنبر. فقال : « أللّهمّ هذا منّي ، وأنا منه ، ألا إنَّه منّي بمنزلة هارون من موسىٰ ، ألا من كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه ». قال : فانصرف عليّ قرير العين ، فاتبعه عمر بن الخطاب ، فقال : بخٍ بخٍ يا أبا الحسن أصبحت مولاي ومولىٰ كلِّ مسلم.
١٨ ـ أبو محمد أحمد العاصميّ :
قال في تأليفه ـ زين الفتىٰ ـ : أخبرني شيخي محمد بن أحمد رحمه الله ، قال : أخبرنا أبو أحمد الهمداني ، قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله (19) بن جبلة القهستاني ، قال : حدّثنا أبو قريش محمد بن جمعة بن خلف القايني ، قال : حدّثنا أبو يحيىٰ محمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا حمّاد بن سلمة عن عليِّ بن زيد بن جدعان ، عن عديِّ بن ثابت ، عن البراء بن عازب ، قال :
لمّا قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : « من كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاه ». قال عمر : هنيئاً لك يا أبا الحسن أصبحت مولىٰ كلِّ مسلم.
وقال : أخبرنا محمد بن أبي زكريّا رحمه الله قال : أخبرنا أبو الحسن محمد (20) بن عمر ابن بهته البزّاز بقراءة أبي الفتح بن أبي الفوارس الحافظ عليه ببغداد ، فأقرَّ به ، قال : أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن عقدة الهمداني مولىٰ بني هاشم ، قراءة عليه من أصل كتابه سنة ثلاثين وثلاثمائة ، لمّا قَدِم علينا بغداد ، قال : حدّثنا إبراهيم بن الوليد بن حمّاد قال : أخبرنا أبي قال : أخبرنا يحيى بن يعلىٰ ... إلىٰ آخر المذكور ( ص ٢٧٣ ) من طريق الحافظ ابن عقدة سنداً ومتناً.
١٩ ـ الحافظ أبو سعد السمعانيّ : المتوفّىٰ ( ٥٦٢ ).
في كتابه ـ فضائل الصحابة ـ بالإسناد عن البراء بن عازب بلفظ أحمد بن حنبل المذكور ( ص ٢٧٢ ).
٢٠ ـ حجّة الإسلام أبو حامد الغزاليّ : المتوفّىٰ ( ٥٠٥ ).
قال في تأليفه سرِّ العالمين (21) ( ص ٩ ) : أجمع الجماهير علىٰ متن الحديث من خطبته صلّى الله عليه وسلّم في يوم غدير خُمّ باتّفاق الجميع وهو يقول : « من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ».
فقال عمر : بخٍ بخٍ لك يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة.
٢١ ـ أبو الفتح الأشعريّ ، الشهرستانيّ : المتوفّىٰ ( ٥٤٨ ).
قال في الملل والنحل المطبوع في هامش الفِصَل لابن حزم (22) ( ١ / ٢٢٠ ) : ومثل ما جرىٰ في كمال الإسلام وانتظام الحال حين نزل قوله تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) ، فلمّا وصل إلىٰ غدير خُمّ أمر بالدرجات (23) فقُمِمْنَ ، ونادوا : الصلاة جامعة ، ثمّ قال عليه السلام وهو على الرحال : « من كنتُ مولاه فعليّ مولاه ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدرِ الحقّ معه حيث دار ، ألا هل بلّغت ؟ ». ثلاثاً.
فادّعت الإماميّة أنَّ هذا نصٌّ صريحٌ ، فإنّا ننظر : من كان النبي مولىً له ؟ وبأيّ معنىً ؟ فيطَّرد ذلك في حقِّ عليٍّ ، وقد فهمت الصحابة من التولية ما فهمناه (24) حتىٰ قال عمر حين استقبل عليّاً : طوبىٰ لك يا عليٍّ أصبحت مولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة.
٢٢ ـ أخطب الخطباء الخوارزميّ ، الحنفيّ : المتوفّىٰ ( ٥٦٨ ).
أخرج في مناقبه (25) ( ص ٩٤ ) عن أبي الحسن عليّ بن أحمد العاصميّ الخوارزميّ ، عن إسماعيل بن أحمد الواعظ ، عن الحافظ أبي بكر البيهقي ، عن عليّ بن أحمد بن حمدان ، عن أحمد بن عبيد ، عن أحمد بن سليمان المؤدِّب ، عن عثمان بن أبي شيبة ، عن زيد بن الحباب ، عن حمّاد بن سلمة ، عن عليّ بن زيد بن جدعان ، عن عديِّ بن ثابت ، عن البراء بن عازب قال :
أقبلنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجِّه ، حتىٰ إذا كنّا بين مكّة والمدينة نزل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، فأمر منادياً بالصلاة جامعة ، قال : فأخذ بيد عليٍّ ، فقال : « ألست أولىٰ بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلىٰ.
قال : فهذا وليُّ من أنا وليّه ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ». ينادي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأعلىٰ صوته ، فلقيه عمر بن الخطّاب بعد ذلك فقال : هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة.
وبالإسناد المذكور عن الحافظ أبي بكر البيهقيّ ، عن الحافظ أبي عبد الله الحاكم ، عن أبي يعلى الزبير بن عبد الله الثوريّ (26) ، عن أبي جعفر أحمد بن عبد الله البزّاز ، عن عليِّ بن سعيد ، عن ضمرة ، عن ابن شوذب ... إلىٰ آخر الحديث المذكور من طريق الخطيب البغداديّ (27) ( ص ٢٣٢ ، ٢٣٣ ) سنداً ومتناً.
٢٣ ـ أبو الفرج ابن الجوزيّ ، الحنبليّ : المتوفّىٰ ( ٥٩٧ ).
أخرج في مناقبه من طريق أحمد بن حنبل بالإسناد عن البراء بن عازب بلفظه المذكور.
٢٤ ـ فخر الدين الرازيّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ٦٠٦ ).
رواه في تفسيره الكبير (28) ( ٣ / ٦٣٦ ) وفي طبعةٍ ( ص ٤٤٣ ) بلفظ مرّ ( ص ٢١٩ ).
٢٥ ـ أبو السعادات مجد الدين بن الأثير ، الشيبانيّ : المتوفّىٰ ( ٦٠٦ ).
قال في النهاية (29) ( ٤ / ٢٤٦ ) بعد عدِّ معاني المولىٰ : ومنه الحديث : « من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه » ... ـ إلىٰ أن قال ـ : وقول عمر لعليٍّ : أصبحت مولىٰ كلِّ مؤمن.
٢٦ ـ أبو الفتح محمد بن عليِّ النطنزيّ :
أخرج في كتابه ـ الخصائص العلويّة ـ بإسناده حديث أبي هريرة بلفظه المذكور من طريق الخطيب البغدادي ( ص ٢٣٢ ).
٢٧ ـ عزُّ الدين أبو الحسن بن الأثير ، الشيبانيّ : المتوفّىٰ ( ٦٣٠ ).
أخرجه (30) بإسناده عن البراء بن عازب بلفظ مرّ ( ص ١٧٨ ).
٢٨ ـ الحافظ أبو عبد الله الكنجيّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ٦٥٨ ).
قال في كفاية الطالب (31) ( ص ١٦ ) :
أخبرنا الحافظ يوسف بن خليل الدمشقي بحلب ، قال : أخبرنا الشريف أبو المعمّر محمد بن حيدرة الحسيني الكوفي ببغداد ، وأخبرنا أبو الغنائم محمد بن عليّ بن ميمون النرسي بالكوفة ، أخبرنا أبو المثنّىٰ دارم بن محمد بن زيد النهشلي ، حدّثنا أبو حكيم محمد بن إبراهيم بن السريِّ التميمي ، حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ـ الشهير بابن عقدة ـ حدّثنا إبراهيم بن الوليد بن حمّاد ، أخبرنا أبي ، أخبرنا يحيى بن يعلىٰ ، عن حرب بن صبيح ، عن ابن أُخت حميد الطويل ... إلىٰ آخر ما مرّ ( ص ٢٧٣ ) عن ابن عقدة سنداً ومتناً.
٢٩ ـ شمس الدين أبو المظفر سبط ابن الجوزيّ ، الحنفيّ : المتوفّىٰ ( ٦٥٤ ).
حكىٰ في تذكرته (32) ( ص ١٨ ) عن فضائل أحمد بن حنبل بإسناده عن البراء ابن عازب باللفظ والسند المذكورين ( ص ٢٧٢ ).
٣٠ ـ عمر بن محمد الملّا :
رواه في وسيلة المتعبّدين (33) عن البراء بلفظ أحمد.
٣١ ـ الحافظ أبو جعفر محبّ الدين الطبريّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ٦٩٤ ).
أخرج في الرياض النضرة (34) ( ٢ / ١٦٩ ) بطريق أحمد بن حنبل عن البراء وزيد ابن أرقم بلفظه المذكور ، ورواه في ذخائر العقبىٰ ( ص ٦٧ ) من طريق أحمد بلفظ البراء ابن عازب.
٣٢ ـ شيخ الإسلام الحمّوئي : المتوفّىٰ ( ٧٢٢ ).
قال في فرائد السمطين في الباب الثالث عشر (35) :
أخبرنا الشيخ الإمام عماد الدين عبد الحافظ بن بدران بقراءتي عليه بمدينة نابلس في مسجده ، قلت له : أخبرك القاضي أبوالقاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري الحرستاني إجازةً ، فأقرّ به ، قال : أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل الفراوي إجازةً ، قال : أنبأنا شيخ السنّة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقيّ الحافظ ، قال : أنبأنا الحاكم أبو يعلى الزبير بن عبد الله النوريّ ، نبّأنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله البزّاز ، نبّأنا عليُّ بن سعيد البرقي ، نبّأنا ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب ، عن مطر الورّاق ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة ... بلفظ الخطيب البغدادي المذكور ( ص ٢٣٣ ).
وقال : أخبرنا الإمام الزاهد وحيد الدين محمد بن أبي بكر بن أبي يزيد الجويني بقراءتي عليه بخير آباد في جمادى الأوّل (36) سنة ثلاث وستّين وستمائة ، قال : أنبأنا الإمام سراج الدين محمد بن أبي الفتوح اليعقوبي سماعاً ، قال : أنبأنا والدي الإمام فخر الدين أبو الفتوح بن أبي عبد الله محمد بن عمر بن يعقوب ، قال : أنبأنا الشيخ الإمام محمد بن عليِّ بن الفضل القارئ.
وأخبرني السيّد الإمام الأطهر فخر الدين المرتضى بن محمود الحسينيّ الأشتريّ ، إجازةً في سنة إحدىٰ وسبعين وستمائة بروايته عن والده ، قال : أخبرني الإمام مجد الدين أبو القاسم عبد الله بن محمد القزويني ، قال : أنبأنا جمال السنّة أبو عبد الله محمد بن حمّويه بن محمد الجويني ، قال : أنبأنا جمال الإسلام أبو المحاسن عليّ ابن شيخ الإسلام الفضل بن محمد الفارندي ، قال : أنبأنا الإمام عبد الله بن عليّ شيخ وقته المشار إليه في الطريقة ومقدَّم أهل الإسلام في الشريعة ، قال : نبّأنا أبو الحسن عليّ بن محمد بن بندار القزوينيّ بمكّة نبّأنا عليّ بن عمر بن محمد الحبري قراءة عليه ، نبّأنا محمد بن عبيدة القاضي ، نبّأنا إبراهيم بن الحجّاج ، نبّأنا حمّاد عن عليِّ بن زيد وأبي هارون العبدي ، عن عديّ بن ثابت ، عن البراء بن عازب ، قال :
أقبلنا مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع ، حتىٰ إذا كنّا بغدير خُمّ ، فنادىٰ فينا : الصلاة جامعة ، وكُسِح للنبيّ تحت شجرتين ، فأخذ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بيد عليّ ، وقال :
« ألست أولىٰ بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلىٰ. قال : ألستُ أولىٰ بكلّ مؤمن من نفسه ؟ قالوا : بلىٰ. قال : أليس أزواجي أمّهاتِهم ؟ قالوا : بلىٰ.
فقال رسول الله : فإنَّ هذا مولىٰ من أنا مولاه ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ».
ولقيه عمر بن الخطّاب بعد ذلك ، فقال له : هنيئاً لك يا ابن أبي طالب ، أصبحتَ وأمسيتَ مولىٰ كلّ مؤمن ومؤمنة.
ثمّ قال : أورده الإمام الحافظ شيخ السنّة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقيّ في فضائل أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه ونقلتُهُ من خطّه المبارك.
وقال : أخبرنا الشيخ الإمام عماد الدين عبد الحافظ بن بدران بن شبل بن طرحان المقدسيّ ، بقراءتي عليه بمدينة نابلس ، والشيخ الصالح محمد بن عبد الله الأنصاريّ الحَرَسْتاني (37) إجازةً ، بروايته عن أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي إذناً ، بروايته عن الشيخ الإمام أبي بكر أحمد بن الحسين ، قال : أنبأنا عليّ بن أحمد بن عبيد ، قال : نبّأنا أحمد بن سليمان المؤدّب ، قال : حدّثنا عثمان ، قال : حدّثنا زيد بن الحباب ، قال : حدّثنا حمّاد بن سلمة ، عن عليّ بن زيد بن جدعان ، عن عديِّ بن ثابت ، عن البراء ، قال : أقبلنا مع رسول الله ... (38) الحديث.
٣٣ ـ نظام الدين القميّ ، النيسابوريّ :
مرت روايته بلفظ أبي سعيد الخُدريّ ( ص ٢٢١ ).
٣٤ ـ وليّ الدين الخطيب :
أخرج في مشكاة المصابيح (39) ـ المؤلَّف سنة ( ٧٣٧ ) ـ ( ص ٥٥٧ ) بطريق أحمد عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم بلفظه المذكور ص (٢٧٢ ).
٣٥ ـ جمال الدين الزرنديّ ، المدنيّ : المتوفّىٰ سنة بضع وخمسين وسبعمائة.
رواه في كتابه نظم درر السمطين (40) من طريق الحافظ أبي بكر البيهقيّ بإسناده عن البراء بن عازب باللفظ المذكور عن الحمّوئي ، وفيه : حتىٰ إذا كنّا بغدير خُمّ يوم الخميس ثامن عشر من ذي الحجّة ، فنودي فينا : الصلاة جامعة ...
٣٦ ـ أبو الفدا إسماعيل بن كثير الشاميّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ٧٤٤ ).
روىٰ في كتابه البداية والنهاية (41) ( ٥ / ٢٠٩ ـ ٢١٠ ) بلفظ أحمد بن حنبل عن البراء بن عازب من طريق الحافظين أبي يعلى الموصليّ والحسن بن سفيان المذكورين ، وعن البراء ـ أيضاً ـ من طريق ابن جرير ، عن أبي زرعة ، عن موسى بن إسماعيل المنقري ، عن حمّاد بن سلمة ، عن عليّ بن زيد وأبي هارون العبدي ، عن عديّ بن ثابت ، عن البراء ، ومن حديث موسى بن عثمان الحضرمي عن أبي إسحاق السبيعي ، عن البراء وزيد بن أرقم ، وأخرج في ( ص ٢١٢ ) عن أبي هريرة بلفظ الخطيب البغداديّ.
٣٧ ـ تقيّ الدين المقريزيّ ، المصريّ : المتوفّىٰ ( ٨٤٥ ).
ذكره في الخطط (42) ( ٢ / ٢٢٣ ) بطريق أحمد عن البراء بن عازب بلفظه المذكور.
٣٨ ـ نور الدين بن الصبّاغ المالكيّ ، المكّيّ : المتوفّىٰ ( ٨٥٥ ).
حكاه في الفصول المهمّة (43) ( ص ٢٥ ) عن أحمد والحافظ البيهقي ، عن البراء بن عازب بلفظهما المذكور.
٣٩ ـ القاضي نجم الدين الأذرعيّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ٨٧٦ ).
قال في بديع المعاني ( ص ٧٥ ) : وقد ورد أنَّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه حين سمع قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه » ، قال لعليٍّ رضي الله عنه : هنيئاً لك أصبحت مولىٰ كلّ مؤمن ومؤمنة.
٤٠ ـ كمال الدين الميبُذي :
ذكر في شرح الديوان المعزوّ إلىٰ أمير المؤمنين ( ص ٤٠٦ ) حديث أحمد عن البراء بن عازب وزيد بن أرقم بلفظه المذكور.
٤١ ـ جلال الدين السيوطي : المتوفّىٰ ( ٩١١ ). رواه في جمع الجوامع ، كما في كنز العمّال (44) ( ٦ / ٣٩٧ ) نقلاً عن الحافظ ابن أبي شيبة بلفظه المذكور ( ص ٢٧٢ ).
٤٢ ـ نور الدين السمهوديّ ، المدنيّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ٩١١ ).
رواه في كتابه ـ وفاء الوفا بأخبار دار المصطفىٰ (45) ( ٢ / ١٧٣ ) ، نقلاً عن أحمد بطريقه عن البراء وزيد.
٤٣ ـ أبو العبّاس شهاب الدين القسطلانيّ : المتوفّىٰ ( ٩٢٣ ).
قال في المواهب اللدنيّة (46) ( ٢ / ١٣ ) ـ في معنى المولىٰ ، وقولِ عمر : أصبحت مولىٰ كلِّ مؤمن ـ : أي وليّ كلِّ مؤمن.
٤٤ ـ السيّد عبد الوهاب الحسينيّ ، البخاريّ : المتوفّىٰ ( ٩٣٢ ).
مرّ لفظه ( ص ٢٢١ ).
٤٥ ـ ابن حجر الهيتميّ : المتوفّىٰ ( ٩٧٣ ).
قال في الصواعق المحرقة (47) ( ص ٢٦ ) في مفاد الحديث : سلّمنا أنَّه أولىٰ ، لكن لا نسلِّم أنَّ المراد أنَّه أولىٰ بالإمامة ، بل بالاتّباع والقرب منه ... إلىٰ أن قال : وهو الذي فهمه (48) أبو بكر وعمر ـ وناهيك بهما ـ من الحديث ؛ فإنّهما لمّا سمعاه قالا له : أمسيت يا ابن أبي طالب مولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة. أخرجه الدارقطني.
٤٦ ـ السيِّد عليّ بن شهاب الدين الهمدانيّ :
رواه في مودّة القربىٰ (49) بلفظ البراء.
٤٧ ـ السيِّد محمود الشيخاني ، القادريّ ، المدنيّ :
قال في كتابه ـ الصراط السويِّ في مناقب آل النبيّ ـ : أخرج أبو يعلىٰ والحسن ابن سفيان في مسنديهما عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : كنّا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجّة الوداع ... إلىٰ آخر اللفظ المذكور عنهما.
ثمّ قال : قال الحافظ الذهبي : هذا حديثٌ حسنٌ اتّفق علىٰ ما ذكرنا جمهور أهل السنّة. انتهىٰ.
ثمّ قال : في بيان ما هو الصحيح من خطبة الغدير : والصحيح ممّا ذكرنا ـ أيضاً ـ قوله صلّى الله عليه وسلّم : « ألستُ أولىٰ بكلِّ مؤمن من نفسه ؟ قالوا : بلىٰ.
قال : فإنّ هذا مولىٰ من كنتُ مولاه ، أللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه » فلقيه عمر رضي الله عنه فقال : هنيئاً لك أصبحت وأمسيت مولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة. انتهىٰ ما هو الصحيح والحسان ، وليس في ذلك من مخترعات المدّعي ومفترياته ...
يأتي تمام كلامه في الكلمات حول سند الحديث.
٤٨ ـ شمس الدين المناويّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ١٠٣١ ).
قال في فيض القدير ( ٦ / ٢١٨ ) : لمّا سمع أبو بكر وعمر ذلك ـ حديث الولاية ـ قالا فيما أخرجه الدارقطني عن سعد بن أبي وقّاص : أمسيت يا ابن أبي طالب مولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة.
٤٩ ـ الشيخ أحمد باكثير المكيّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ١٠٤٧ ).
رواه في وسيلة المآل في عدِّ مناقب الآل (50) بلفظ البراء بن عازب.
٥٠ ـ أبو عبد الله الزرقانيّ ، المالكيّ : المتوفّىٰ ( ١١٢٢ ).
قال في شرح المواهب ( ٧ / ١٣ ) : روى الدارقطني عن سعد قال : لمّا سمع أبو بكر وعمر ذلك قالا : أمسيت يا ابن أبي طالب مولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة.
٥١ ـ حسام الدين بن محمد بايزيد السهارنپوريّ :
ذكره في مرافض الروافض بلفظ مرَّ ( ص ١٤٣ ).
٥٢ ـ ميرزا محمد البَدَخشانيّ :
ذكره في كتابيه ـ مفتاح النجا في مناقب آل العبا (51) ونُزُل الأبرار بما صحّ في أهل البيت الأطهار (52) ـ عن البراء وزيد من طريق أحمد.
٥٣ ـ الشيخ محمد صدر العالم :
ذكره في معارج العلىٰ في مناقب المرتضىٰ من طريق أحمد عن البراء وزيد.
٥٤ ـ أبو وليّ الله أحمد العمريّ ، الدهلويّ : المتوفّىٰ ( ١١٧٦ ).
مرّ لفظه ( ص ١٤٤ ).
٥٥ ـ السيِّد محمد الصنعانيّ : المتوفّىٰ ( ١١٨٢ ).
ذكر في الروضة النديّة شرح التحفة العلويّة (53) عن محبّ الدين الطبري ما أخرجه من طريق أحمد عن البراء.
٥٦ ـ المولوي محمد مبين اللكهنويّ :
ذكره في وسيلة النجاة (54) عن البراء وزيد.
٥٧ ـ المولوي وليّ الله اللكهنويّ :
ذكره في مرآة المؤمنين (55) في مناقب أهل بيت سيِّد المرسلين بلفظ أحمد ، ثمّ قال : وفي رواية : بخٍ بخٍ لك يا عليُّ أصبحت وأمسيت ...
٥٨ ـ محمد محبوب العالم :
ذكر في تفسير شاهي عن أبي سعيد الخُدريّ ما مرّ في ( ص ٢٢١ ) بلفظ النيسابوري.
٥٩ ـ السيّد أحمد زينيّ دحلان المكيّ ، الشافعيّ : المتوفّىٰ ( ١٣٠٤ ).
قال في الفتوحات الإسلاميّة ( ٢ / ٣٠٦ ) : وكان عمر رضي الله عنه يحبُّ عليَّ بن أبي طالب وأهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وقد جاء عنه في ذلك شيء كثير ، فمن ذلك : أنَّه لمّا قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم : « من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه » ، قال أبو بكر وعمر رضي الله عنهما : أمسيت يا ابن أبي طالب مولىٰ كلِّ مؤمن ومؤمنة.
٦٠ ـ الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطيّ ، المدنيّ ، المالكيّ :
ذكره في كفاية الطالب في حياة عليّ بن أبي طالب ( ص ٢٨ ) من طريق ابن السمّان عن البراء بن عازب ، ومن طريق أحمد عن زيد بن أرقم باللفظ المذكور. (56)
عودٌ إلى البدء
إنَّ هذه التهنئة المشفوعة بأمر من مصدر النبوّة ، والمصافقة بالبيعة المذكورة مع ابتهاج النبيّ بها بقوله : « الحمد لله الذي فضّلنا علىٰ جميع العالمين » ، علىٰ ما عرفته من نزول الآية الكريمة في هذا اليوم المشهود الناصّة بإكمال الدين ، وإتمام النعمة ، ورضا الربِّ بما وقع فيه.
وقد عرف ذلك طارق بن شهاب الكتابيُّ الذي حضر مجلس عمر بن الخطاب فقال : لو نزلت فينا هذه الآية (57) لاتّخذنا يوم نزولها عيداً (58) ، ولم ينكرها عليه أحدٌ من الحضور ، وصدر من عمر ما يشبه التقرير لكلامه.
وذلك بعد نزول آية التبليغ ، وفيها ما يشبه التهديد إن تأخّر عن تبليغ ذلك النصِّ الجليِّ ؛ حذار بوادر الدهماء من الأمّة.
كلُّ هذه لا محالة قد أكسب هذا اليوم منعةً وبذخاً ورفعةً وشموخاً ، سرَّ موقعها صاحب الرسالة الخاتمة وأئمّة الهدىٰ ومن اقتصّ أثرهم من المؤمنين ، وهذا هو الذي نعنيه من التعييد به ، وقد نوّه به رسول الله فيما رواه فرات بن إبراهيم الكوفي في القرن الثالث ، عن محمد بن ظهير ، عن عبد الله بن الفضل الهاشميّ ، عن الإمام الصادق ، عن أبيه ، عن آبائه ، قال :
قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « يوم غدير خُمّ أفضل أعياد أُمّتي ، وهو اليوم الذي أمرني الله تعالىٰ ذكره بنصب أخي عليّ بن أبي طالب عَلَماً لأُمّتي يهتدون به من بعدي ، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين. وأتمَّ علىٰ أُمّتي فيه النعمة ، ورضيَ لهم الإسلام ديناً ». كما يُعرب عنه قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم في حديث أخرجه الحافظ الخركوشيّ ، كما مرّ ( ص ٢٧٤ ) : « هنِّئوني هنِّئوني ».
واقتفىٰ أثر النبيّ الأعظم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام نفسه فاتّخذه عيداً ، وخطب فيه سنةً اتّفق فيها الجمعة والغدير ، ومن خطبته قوله :
« إنّ الله عزّ وجلّ جمع لكم ـ معشر المؤمنين ـ في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين ، ولا يقوم أحدهما إلّا بصاحبه ؛ ليكمل عندكم جميل صنعه ، ويقفكم علىٰ طريق رشده ، ويقفو بكم آثار المستضيئين بنور هدايته ، ويسلككم منهاج قصده ، ويوفِّر عليكم هنيء رِفده ، فجعل الجمعة مجمعاً ندب إليه لتطهير ما كان قبله وغسل ما أوقعته مكاسب السوء من مثله إلىٰ مثله ، وذكرىٰ للمؤمنين ، وتبيان خشية المتّقين ، ووهب من ثواب الأعمال فيه أضعاف ما وهب لأهل طاعته في الأيّام قبله ، وجعله لا يتمّ إلّا بالائتمار لما أمر به ، والانتهاء عمّا نهىٰ عنه ، والبخوع بطاعته فيما حثَّ عليه وندب إليه ، فلا يُقبل توحيده إلّا بالاعتراف لنبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم بنبوّته ، ولا يقبل ديناً إلّا بولاية من أمر بولايته ، ولا تنتظم أسباب طاعته إلّا بالتمسّك بعصمه وعصم أهل ولايته ، فأنزل علىٰ نبيّه صلّى الله عليه وآله وسلّم في يوم الدوح ما بيّن به عن إرادته في خلصائه وذوي اجتبائه ، وأمره بالبلاغ وترْكِ الحفْل بأهل الزيغ والنفاق وضمن له عصمته منهم ... » إلىٰ أنَّ قال :
« عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة علىٰ عيالكم ، وبالبرّ بإخوانكم ، والشكر لله عزَّ وجلّ علىٰ ما منحكم ، واجمعوا يجمع الله شملكم ، وتبارّوا يصل الله أُلفتكم ، وتهادَوا نعمة الله كما منّاكم بالثواب فيه علىٰ أضعاف الأعياد قبله أو بعده إلّا في مثله ، والبرّ فيه يُثمر المال ويزيد في العمر ، والتعاطف فيه يقتضي رحمة الله وعطفه ، وهيّئوا لإخوانكم وعيالكم عن فضله بالجهد من وجودكم ، وبما تناله القدرة من استطاعتكم ، وأظهروا البِشْر فيما بينكم والسرور في ملاقاتكم ». الخطبة (59).
وعرفه أئمّة العترة الطاهرة ـ صلوات الله عليهم ـ فسَمَّوه عيداً ، وأمروا بذلك عامّة المسلمين ونشروا فضل اليوم ومثوبةَ من عمل البرّ فيه ، ففي تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي (60) في سورة المائدة ، عن جعفر بن محمد الأزدي ، عن محمد بن الحسين الصائغ ، عن الحسن بن عليّ الصيرفي ، عن محمد البزّاز ، عن فرات بن أحنف ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
قلت : جعلت فداك للمسلمين عيد أفضل من الفطر والأضحىٰ ويوم الجمعة ويوم عرفة ؟
قال : فقال لي : « نعم ، أفضلها وأعظمها وأشرفها عند الله منزلة هو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأنزل علىٰ نبيّه محمد ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) ».
قال : قلت : وأيُّ يوم هو ؟ قال : فقال لي : « إنّ أنبياء بني إسرائيل كانوا إذا أراد أحدهم أن يعقد الوصيّة والإمامة من بعده ، ففعل ذلك ، جعلوا ذلك اليوم عيداً ، وإنَّه اليوم الذي نصب فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم عليّاً للناس عَلَماً وأنزل فيه ما أنزل ، وكمُل فيه الدين ، وتمّت فيه النعمة على المؤمنين ».
قال : قلت : وأيّ يوم هو في السنة ؟ قال : فقال لي : « إنّ الأيّام تتقدّم وتتأخّر ، وربّما كان يوم السبت والأحد والإثنين إلىٰ آخر الأيام السبعة » (60).
قال : قلت : فما ينبغي لنا أن نعمل في ذلك اليوم ؟ قال : « هو يوم عبادة وصلاة وشكر لله وحمد له وسرور لما منَّ الله به عليكم من ولايتنا. فإنّي أُحبّ لكم أن تصوموه ».
وفي الكافي لثقة الإسلام الكليني (61) ( ١ / ٢٠٣ ) عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن يحيىٰ ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت : جعلت فداك ، للمسلمين عيد غير العيدين ؟ قال : « نعم يا حسن ، أعظمهما وأشرفهما ».
قلت : وأيّ يوم هو ؟ قال : « يوم نصب أمير المؤمنين عليه السلام عَلَماً للناس ». قلت : جعلت فداك وما ينبغي لنا أن نصنع فيه ؟
قال : « تصوم يا حسن ، وتكثر الصلاة علىٰ محمد وآله ، وتبرأ إلى الله ممّن ظلمهم ، فإنّ الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي كان يُقام فيه الوصيّ أن يُتّخذ عيداً ».
قال : قلت : فما لمن صامه ؟ قال : « صيام ستّين شهراً » (61).
وفي الكافي أيضاً (62) ( ١ / ٢٠٤ ) عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن أبيه ، قال :
سألت أبا عبد الله عليه السلام هل للمسلمين عيدٌ غير يوم الجمعة والأضحىٰ والفطر ؟ قال : « نعم ، أعظمها حرمةً ».
قلت : وأيّ عيد هو جعلت فداك ؟ قال : « اليوم الذي نصّب فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أمير المؤمنين ، وقال : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ».
قلت : وأيّ يوم هو ؟ قال : « وما تصنع باليوم ؟ إنّ السنة تدور ، ولكنّه يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة ».
فقلت : ما ينبغي لنا أن نفعل في ذلك اليوم ؟ قال : « تذكرون الله ـ عزّ ذكره ـ فيه بالصيام والعبادة والذكر لمحمد وآل محمد ، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أوصىٰ أمير المؤمنين عليه السلام أن يتّخذوا ذلك اليوم عيداً ، وكذلك كانت الأنبياء تفعل ، كانوا يوصون أوصياءهم بذلك فيتّخذونه عيداً ».
وبإسناده عن الحسين بن الحسن الحسيني ، عن محمد بن موسى الهمداني ، عن عليّ بن حسّان الواسطيّ ، عن عليّ بن الحسين العبديّ ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : « صيام يوم غدير خُمّ يعدل عند الله في كلّ عام مائة حجّة ومائة عمرة مبرورات متقبّلات ، وهو عيد الله الأكبر ». الحديث.
وفي الخصال ـ لشيخنا الصدوق (63) ـ بإسناده عن المفضّل بن عمر قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : كم للمسلمين من عيد ؟ فقال : « أربعة أعياد ».
قال : قلت : قد عرفت العيدين والجمعة. فقال لي : « أعظمها وأشرفها يوم الثامن عشر من ذي الحجّة ، وهو اليوم الذي أقام فيه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أمير المؤمنين عليه السلام ونصبه للناس عَلَماً ».
قال : قلت : ما يجب علينا في ذلك اليوم ؟ قال : « يجب (64) عليكم صيامه شكراً لله وحمداً له ، مع أنَّه أهل أن يُشكَر كلَّ ساعة ، كذلك أمرت الأنبياء أوصياءها أن يصوموا اليوم الذي يُقام فيه الوصيّ ، ويتّخذونه (65) عيداً ». الحديث.
وفي المصباح (66) لشيخ الطائفة الطوسي ( ص ٥١٣ ) عن داود الرقّي ، عن أبي هارون عمّار بن حريز العبدي ، قال : دخلت علىٰ أبي عبد الله عليه السلام في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة ، فوجدته صائماً. فقال لي : « هذا يومٌ عظيمٌ عظّم الله حرمته على المؤمنين ، وأكمل لهم فيه الدين ، وتمّم عليهم النعمة ، وجدّد لهم ما أخذ عليهم من العهد والميثاق ».
فقيل له : ما ثواب صوم هذا اليوم ؟ قال : « إنَّه يوم عيد وفرح وسرور ، ويوم صوم شكراً لله ، وإنَّ صومه يعدل ستّين شهراً من أشهر الحُرُم ». الحديث.
وروىٰ عبد الله بن جعفر الحميري ، عن هارون بن مسلم ، عن أبي الحسن الليثي ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنَّه قال لمن حضره من مواليه وشيعته :
« أتعرفون يوماً شيّد الله به الإسلام ، وأظهر به منار الدين ، وجعله عيداً لنا ولموالينا وشيعتنا ؟ »
فقالوا : الله ورسوله وابن رسوله أعلم ، أيوم الفطر هو يا سيّدنا ؟ قال : « لا ». قالوا : أفَيَومُ الأضحىٰ هو ؟ قال : « لا ، وهذان يومان جليلان شريفان ، ويوم منار الدين أشرف منهما ، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة ، وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا انصرف من حجّة الوداع وصار بغدير خمّ ... ».
وفي حديث الحميري بعد ذكر صلاة الشكر يوم الغدير : « وتقول في سجودك : أللّهمّ إنَّا نفرّج وجوهنا في يوم عيدنا الذي شرّفتنا فيه بولاية مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلّى الله عليه ».
وقال الفيّاض بن محمد بن عمر الطوسي سنة تسع وخمسين ومائتين وقد بلغ التسعين : إنَّه شهد أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام في يوم الغدير وبحضرته جماعة من خاصّته قد احتبسهم للإفطار ، وقد قدّم إلىٰ منازلهم الطعام والبرّ والصِّلات والكسوة حتى الخواتيم والنعال ، وقد غيّر من أحوالهم وأحوال حاشيته ، وجُدِّدت لهم آلة غير الآلة التي جرى الرسم بابتذالها قبل يومه ، وهو يذكر فضل اليوم وقدمه.
وفي مختصر بصائر الدرجات بالإسناد عن محمد بن العلاء الهمداني الواسطي ويحيى بن جريح البغداديِّ ، قالا ـ في حديث ـ : قصدنا جميعاً أحمد بن إسحاق القمّي صاحب الإمام أبي محمد العسكري ـ المتوفّىٰ ( ٢٦٠ ) ـ بمدينة قمّ ، وقرعنا عليه الباب ، فخرجت إلينا من داره صبيّة عراقيّة ، فسألناها عنه ، فقالت : هو مشغولٌ بعيده ، فإنّه يوم عيد ، فقلنا سبحان الله أعياد الشيعة أربعة : الأضحىٰ ، والفطر ، والغدير ، والجمعة ... الحديث.
ما عشتَ أراكَ الدهرُ عَجباً
إلىٰ هنا أوقفك البحث والتنقيب علىٰ حقيقة هذا العيد وصلته بالأمّة جمعاء ، وتقادم عهده المتّصل بالدور النبويِّ ، ثمّ جاء من بعده متواصل العُرىٰ من وصيّ إلىٰ وصيّ ، يُعلم به أئمّة الدين ، ويُشيد بذكره أُمناء الوحي ، كالإمامين أبي عبد الله الصادق وأبي الحسن الرضا بعد أبيهم أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليهم ـ وقد توفِّي هذان الإمامان ونُطَف البويهيّين لم تنعقد بعدُ ، وقد جاءت أخبارهما مرويّةً في تفسير فرات والكافي المؤلَّفين في القرن الثالث ، وهذه الأخبار هي مصادر الشيعة ومداركها في اتّخاذ يوم الغدير عيداً منذ عهد طائل في القِدَم ، ومنذ صدور تلكم الكَلِم الذهبيّة من معادن الحُكْم والحِكَم.
إذا عرفت هذا فهلمّ معي نسائل النويري والمقريزي عن قولهما : إنّ هذا العيد ابتدعه معزّ الدولة عليّ بن بويه سنة ( ٣٥٢ ). قال الأوّل في نهاية الأَرَب في فنون الأَدَب (69) ( ١ / ١٧٧ ) في ذكر الأعياد الإسلاميّة :
وعيد ابتدعته الشيعة ، وسمّوه عيد الغدير ، وسبب اتّخاذهم له مؤاخاة النبي صلّى الله عليه وسلّم عليَّ بن أبي طالب يوم غدير خُمّ ، والغدير : تصبّ فيه عين وحوله شجر كثير ملتفّ بعضها ببعض ، وبين الغدير والعين مسجد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، واليوم الذي ابتدعوا فيه هذا العيد هو الثامن عشر من ذي الحجّة ؛ لأنّ المؤاخاة كانت فيه في سنة عشر من الهجرة ، وهي حجّة الوداع ، وهم يُحيون ليلتها بالصّلاة ، ويُصلّون في صبيحتها ركعتين قبل الزوال ، وشعارهم فيه لبس الجديد وعتق الرقاب وبرّ الأجانب والذبائح.
وأوّل من أحدثه معزُّ الدولة أبو الحسن عليّ بن بويه علىٰ ما نذكره إن شاء الله في أخباره في سنة ( ٣٥٢ ) ، ولمّا ابتدع الشيعة هذا العيد واتّخذوه من سننهم عمل عوامّ السنّة يوم سرور نظير عيد الشيعة في سنة ( ٣٨٩ ) ، وجعلوه بعد عيد الشيعة بثمانية أيام ، وقالوا : هذا يوم دخول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الغار هو وأبو بكر الصدّيق ، وأظهروا في هذا اليوم الزينة ونصب القباب وإيقاد النيران. انتهىٰ.
وقال المقريزي في الخطط (70) ( ٢ / ٢٢٢ ) : عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً ، ولا عمله أحد من سالف الأمّة المقتدىٰ بهم ، وأوّل ما عرف في الإسلام بالعراق أيّام معزّ الدولة عليّ بن بُوَيه ، فإنّه أحدثه سنة ( ٣٥٢ ) فاتّخذه الشيعة من حينئذٍ عيداً. انتهىٰ.
وما عساني أن أقول في بحّاثة يكتب عن تاريخ الشيعة قبل أن يقف علىٰ حقيقته ، أو أنَّه عرف نفس الأمر فنسيها عند الكتابة ، أو أغضىٰ عنها لأمرٍ دُبِّر بليل ، أو أنَّه يقول ولا يعلم ما يقول ، أو أنَّه ما يبالي بما يقول ، أوَليس المسعودي المتوفّىٰ ( ٣٤٦ ) يقول في التنبيه والإشراف ( ص ٢٢١ ) : وولدُ عليّ رضي الله عنه وشيعته يعظِّمون هذا اليوم ؟ أوَليس الكُليني الراوي لحديث عيد الغدير في الكافي (71) توفِّي سنة ( ٣٢٩ ) ؟ وقبله فرات بن إبراهيم الكوفي المفسِّر الراوي لحديثه الآخر في تفسيره (72) ـ الموجود عندنا ـ الذي هو في طبقة مشايخ ثقة الإسلام الكليني المذكور ، فالكتب هذه أُلِّفت قبل ما ذَكَراه ـ النويري والمقريزي ـ من التاريخ ( ٣٥٢ ).
أوَليس الفيّاض بن محمد بن عمر الطوسي قد أخبر به سنة ( ٢٥٩ ) ، وذكر أنَّه شاهد الإمام الرضا ـ سلام الله عليه ـ المتوفّىٰ سنة ( ٢٠٣ ) يعيِّد في هذا اليوم ، ويذكر فضله وقِدَمه ، ويروي ذلك عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام ؟
والإمام الصادق المتوفّىٰ سنة ( ١٤٨ ) قد علّم أصحابه بذلك كلّه ، وأخبرهم بما جرت عليه سنن الأنبياء من اتّخاذ يوم نصبوا فيه خلفاءهم عيداً ، كما جرت به العادة عند الملوك والأُمراء من التعييد في أيّام تسنّموا فيها عرش الملك ، وقد أمر أئمة الدين عليهمالسلام في عصورهم القديمة شيعتهم بأعمال بِرِّيّة ودعوات مخصوصة بهذا اليوم وأعمال وطاعات خاصّة به. والحديث الذي مرَّ عن مختصر بصائر الدرجات يعرب عن كونه من أعياد الشيعة الأربعة المشهورة في أوائل القرن الثالث الهجري.
هذه حقيقة عيد الغدير ، لكنّ الرجلين أرادا طعناً بالشيعة ، فأنكرا ذلك السلف الصالح ، وصوّراه بدعةً معزوَّةً إلىٰ مُعزِّ الدولة ، وهما يحسبان أنَّه لا يقف علىٰ كلامهما من يعرف التاريخ ، فيناقشهما الحساب.
( فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ ) (73)
الهوامش
1. الأعراف : ٤٣.
2. الفتح : ١٠.
3. الزمر : ٧.
4. فيه سقط تعرفه برواية الطبري الأولىٰ. ( المؤلف )
5. مرآة المؤمنين : ص ٤١.
6. تاريخ روضة الصفا : ٢ / ٥٤١.
7. ينقل عنه عبد الرحمن الدهلوي في مرآة الأسرار وغيره معتمدين عليه. ( المؤلف )
8. كذا.
9. حبيب السِّيَر : مج ١ / ٤١١.
10. في كشف الظنون ١ / ١٩ [ ١ / ٦٢٩ ] : إنَّه من الكتب الممتعة المعتبرة. وعدّه حسام الدين في مرافض الروافض من الكتب المعتبرة ، واعتمد عليه أبو الحسنات الحنفي في الفوائد البهيّة ، وينقل عنه في ص ٨٦ ، ٨٧ ، ٩٠ ، ٩١ وغيرها. ( المؤلف )
11. المصنّف لابن أبي شيبة : ١٢ / ٧٨ ح ١٢١٦٧.
12. مسند أحمد : ٥ / ٣٥٥ ح ١٨٠١١.
13. الصواعق المحرقة : ص ٤٤.
14. الكشف والبيان : الورقة ١٨١ سورة المائدة : آية ٦٧.
15. الرياض النضرة : ٣ / ١١٣.
16. الفصول المهمّة : ص ٤٠.
17. نظم درر السمطين : ص ١٠٩.
18. مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ص ١٨ ح ٢٤.
19. في تاريخ الخطيب : ١ / ٤١١ [ رقم ٤٠٣ ] : عبدان بن حبلة. ( المؤلف )
20. من أهل باب الطاق ، تُوفِّي ( ٣٧٤ ) ، ترجمه الخطيب في تاريخه : ٣ / ٣٥ [ رقم ٩٦٢ ] ، وحكىٰ عن العتيق ثقته ، وعنه عن البرقاني : نفى البأس عنه ، وأنَّه طالبي ؛ يعني بذلك أنَّه شيعي. ( المؤلف )
21. سرّ العالمين : ص ٢١.
22. الملل والنحل : ١ / ١٤٥.
23. كذا في النسخ ، والصحيح : بالدوحات. ( المؤلف )
24. سنوقفك علىٰ حقّ القول في المفاد ، وأنَّ الصحابة ما فهمت إلّا ما ترتئيه الإماميّة. ( المؤلف )
25. المناقب : ص ٩٤ فصل ١٤ ، إصدار مكتبة نينوىٰ.
26. كذا في المناقب [ ص ١٥٦ ح ١٨٤ ] ، وفي فرائد الحمّوئي [ ١ / ٧٧ باب ١٣ ح ٤٤ ] : النوري ، وفي تاريخ الخطيب [ ٨ / ٤٧٣ رقم ٤٥٨٩ ] : التوَّزي. راجع ( ص ١٠٦ ). ( المؤلف ).
27. تاريخ بغداد : ٨ / ٢٩٠ رقم ٤٣٩٢.
28. التفسير الكبير : ١٢ / ٤٩.
29. النهاية في غريب الحديث والأثر : ٥ / ٢٢٨.
30. أُسد الغابة : ٤ / ١٠٨ رقم ٣٧٨٣.
31. كفاية الطالب : ص ٦٢.
32. تذكرة الخواص : ص ٢٩.
33. وسيلة المتعبّدين : ج ٥ / ق ٢ / ١٦٢.
34. الرياض النضرة : ٣ / ١١٣.
35. فرائد السمطين : ١ / ٧٧ ح ٤٤.
36. كذا.
37. نسبة إلىٰ حَرَسْتا ـ بالتحريك وسكون السين ـ : قرية علىٰ نحو فرسخ من دمشق [ معجم البلدان : ٢ / ٢٤١ ]. ( المؤلف )
38. فرائد السمطين : ١ / ٦٤ ح ٣٠ ، ص ٦٥ ح ٣١.
39. مشكاة المصابيح : ٣ / ٣٦٠ ح ٦١٠٣.
40. نظم درر السمطين : ص ١٠٩.
41. البداية والنهاية : ٥ / ٢٢٩ ، ٢٣٢ حوادث سنة ١٠ هـ.
42. الخطط : ١ / ٣٨٨.
43. الفصول المهمّة : ص ٤٠.
44. كنز العمّال : ١٣ / ١٣٣ ح ٣٦٤٢٠.
45. وفاء الوفا بأخبار دار المصطفىٰ : ٣ / ١٠١٨.
46. المواهب اللدنيّة : ٣ / ٣٦٥.
47. الصواعق المحرقة : ص ٤٤.
48. ستقف علىٰ حقّ القول في المفاد ، وأنَّ الملأ الحضور ما فهم إلّا ماترتئيه الإمامية. ( المؤلف )
49. اُنظر : المودّة الخامسة.
50. وسيلة المآل : ص ١١٧.
51. مفتاح النجا : الورقة ٥٧ ـ المخطوطة المرقّمة ٤٨٤٢ في مكتبة المرعشي النجفي في قم المقدّسة.
52. نُزُل الأبرار : ص ٥٢.
53. الروضة الندية شرح التحفة العلوية : ص ١٥٥.
54. وسيلة النجاة : ص ١٠٢.
55. مرآة المؤمنين : ص ٤١.
56. حديث التهنئة أخرجه عبد الرزّاق ، وعنه الذهبي في كتابه في الغدير برقم ٩٥ وابن كثير أيضاً : ٧ / ٣٤٩ ، وأخرجه أحمد في المناقب رقم ١٣٨ وفي فضائل الصحابة : ١٠١٦ ، وأخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زيادته في مسند أبيه : ٤ / ٢٨١.
وأخرجه الحسن بن سفيان ، وأبو يعلىٰ في مسنديهما ، وعنهما الذهبي : برقم ٩٣.
وأخرجه ابن جرير الطبري ، وعنه ابن كثير في تاريخه : ٥ / ٢١٠ ، وأخرجه القطيعي في زياداته في مناقب عليّ لأحمد رقم ١٦٤ وفي فضائل الصحابة لأحمد : ١٠٤٢ .
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه بعدّة طرق بالأرقام : ٥٤٨ ـ ٥٥٣ ، وأخرجه الذهبي في كتابه في الغدير ـ جزء له في حديث من كنت مولاه ـ برقم ٩٣ ، وفي تاريخ الإسلام : ٣ / ٦٣٣ ، وابن كثير في البداية والنهاية : ٧ / ٣٤٩ بعدّة طرق ، وابن منظور في مختصر تاريخ دمشق : ١٧ / ٣٥٤ ، والباعوني في جواهر المطالب : ١ / ٨٤ ، والسيوطي في جمع الجوامع : ٢ / ٣٠٠ ، والعصامي في سمط النجوم العوالي : ٢ / ٤٨٣. ( الطباطبائي )
57. يعني قوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) الآية. راجع ( ص ٢٣٠ ـ ٢٣٨ ). ( المؤلف )
58. أخرجه الأئمة الخمسة : مسلم [ في صحيحه : ٥ / ٥١٧ ح ٣ كتاب التفسير ] ، ومالك ، والبخاري ، والترمذي [ في سننه : ٥ / ٢٣٣ ح ٣٠٤٣ و ٣٠٤٤ ] ، والنسائي [ في سننه : ٢ / ٤٢٠ ح ٣٩٩٧ ] كما في تيسير الوصول : ١ / ١٢٢ [ ١ : ١٤٥ ح ١ ] ، ورواه الطحاوي في مشكل الآثار : ٣ / ١٩٦ ، والطبري في تفسيره : ٦ / ٤٦ [ مج ٤ / ج ٦ / ٨٢ ] ، وابن كثير في تفسيره : ٢ / ١٤ عن أحمد [ في مسنده ١ / ٦٥ ح ٢٧٤ ] والبخاري. ورواه جمع آخر. ( المؤلف )
59. ذكرها شيخ الطائفة بإسناده في مصباح المتهجّد : ص ٥٢٤ [ ص ٦٩٨ ]. ( المؤلف )
60. تفسير فرات الكوفي : ص ١١٧ ح ١٢٣.
61. الظاهر أنَّ في لفظ الحديث سقْطاً ، ولعلّه ما سيأتي في لفظ الكُلَيني عن الإمام نفسه من تعيينه باليوم الثامن عشر من ذي الحجّة. ( المؤلف )
62. الكافي : ٤ / ١٤٨ ح ١.
63. ستُوافيك هذه المثوبة من رواية الحفّاظ بإسناد رجاله كلّهم ثقات. ( المؤلف )
64. الكافي : ٤ / ١٤٩ ح ٣.
65. الخصال : ص ٢٦٤ ح ١٤٥.
66. المراد بالوجوب هو الثبوت في السنّة الشامل للندب ـ أيضاً ـ كما يكشف عنه التعبير بـ ( ينبغي ) في بقيّة الأحاديث ، وله في أحاديث الفقه نظائر جمّة. ( المؤلف )
67. كذا في المصدر بإثبات النون.
68. مصباح المتهجّد : ص ٦٨٠.
69. نهاية الأَرَب : ١ / ١٨٤.
70. الخطط : ١ / ٣٨٨.
71. الكافي : ٤ / ١٤٩ ح ٣.
72. تفسير فرات الكوفي : ص ١١٧ ح ١٢٣.
73. الأعراف : ١١٨ ، ١١٩.
مقتبس من كتاب : الغدير في الكتاب والسنّة والأدب / المجلّد : 1 / الصفحة : 508 ـ 536