الشهيد الأوّل
الشيخ الإمام الشهيد السعيد شمس الملّة والدِّين محمّد ابن الشيخ جمال الدِّين مكّيّ ابن محمّد بن حامد بن أحمد العامليّ النبطيّ الجزينيّ ، المنعوت بالشهيد الأوَّل والشهيد المطلق وهو أوَّل من اشتهر من العلماء بهذا اللّقب عند الإماميّة ، شهرته في الفقهاء والاُصولييّن ومشاركته في العلوم أظهر من أن يخفى ، ومحامده ونفسيّاته الزكيّة أوضح من أن يوضح ، قد أطبقت التراجم على وثاقته وجلالته ، وصفحاتها مشحونة بسرد فضائله وصفه اُستاذه العلّامة الحلّيّ ـ قدِّس سرُّه ـ في إجازته بقوله : (1) مولانا الإمام ، العلّامة الأعظم ، أفضل علماء العالم ، سيّد فضلاء بني آدم ، مولانا شمس الحقِّ والدين . إه.
وأطراه التستريّ في كتاب المقابس ص 18 بقوله : الشيخ الهمام ، قدوة الأنام ، فريدة الأيّام ، علّامة العلماء العظام ، مفتي طوائف الإسلام ، ملاذ الفضلاء الكرام ، خرّيت طريق التحقيق ، مالك أزمّة الفضل بالنظر الدقيق ، مهذِّب مسائل الدِّين الوثيق ، مقرِّب مقاصد الشريعة من كلِّ فجّ عميق ، السارح في مسارح العرفاء والمتألّهين ، العارج إلى أعلى مراتب العلماء الفقهاء المتبحّرين ، وأقصى منازل الشهداء السعداء المنتجبين الشيخ شمس الدين أبي عبدالله محمّد بن مكّيّ العامليّ المطلّبيّ ، أعلى الله رتبته في حظائر القدس وبوّأه مع مواليه في مقاعد الاُنس ، وله كتب زاهرة فاخرة ومصنّفات دائرة باهرة وأكثرها في الفقه . إه.
وقال العلّامة النوريّ في المستدرك ج 3 ص 437 : تاج الشريعة وفخر الشيعة شمس الملّة والدين ... أفقه الفقهاء عند جماعة من الأساتيد ، جامع فنون الفضائل ، وحاوي صنوف المعالي ، وصاحب النفس الزكيّة القدسيّة القويّة . إه
وفي الروضات : كان ـ رحمه الله ـ بعد مولانا المحقّق على الإطلاق أفقه جميع فقهاء الآفاق ، وأفضل من انعقد على كمال خبرته واُستاديّته اتّفاق أهل الوفاق ، وتوحّده في حدود الفقه وقواعد الأحكام مثل تفرّد شيخنا الصدوق في نقل أحاديث أهل البيت الكرام عليهم صلوات الله . إه.
ويوجد ذكره الجميل في سائر التراجم كاللؤلؤة والروضة البهيّة وأمل الآمل ومنهج المقال وتوضيح المقال ونقد الرجال وتنقيح المقال والكنى والألقاب وغيرها ، ولا يسعنا في هذا المختصر سرد فضائله ونقل الجملات الذهبيّة الّتي قيلت في حقّه.
« آثاره العلمية ومآثره الخالدة »
له تصانيف جيّدة وتآليف فاخرة منها : كتاب الذكرى (2) ، وكتاب الدروس (3) ، وكتاب القواعد (4) ، وكتاب البيان (5) ، والألفيّة (6) ، والنفليّة (7) ، ونكت الإرشاد (8) والمزار ، ورسالة الإجازات (9) ، وكتاب اللّوامع ، والأربعين (10) ، ورسالة في تفسير الباقيات الصالحات (11) ، واللّمعة الدمشقيّة (12) ، ورسالة التكليف (13) ، ورسالة في قصر من سافر لقصد الإفطار والتقصير وغير ذلك.
وقال العلّامة المجلسيّ في الفصل الأوَّل من البحار عند ذكره مؤلّفاته : وكتاب الاستدراك وكتاب الدرَّة الباهرة من الأصداف الطاهرة له ـ قدّس سرّه ـ أيضاً كما أظنّ (14) والأخير عندي منقولاً عن خطّه ـ رحمه الله ـ . إه.
وقال في الفصل الثاني : ومؤلّفات الشهيد مشهورة كمؤلّفها العلّامة إلّا كتاب الاستدراك فإنّي لم أظفر بأصل الكتاب ووجدت أخباراً مأخوذة منه بخطّ الشيخ الفاضل محمّد بن عليّ الجبعيّ ، وذكر أنّه نقلها من خطّ الشهيد ـ رفع الله درجته ـ ، والدرّة الباهرة فإنّه لم يشتهر اشتهار سائر كتبه ، وهو مقصور على إيراد كلمات وجيزة مأثورة عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وكلُّ من الأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين . انتهى.
قلت : قال العلّامة الرازيّ (15) : الاستدراك لبعض قدماء الأصحاب ، كما نقله الشيخ شمس الدين محمّد بن عليّ بن الحسين الجبعيّ جدّ شيخنا البهائيّ في مجموعته الموجودة بخطّه عن خطّ شيخنا الشهيد محمّد بن مكّيّ ، وصورة خطّ الشهيد هكذا : كتاب الاستدراك لبعض قدماء الأصحاب ، ولم يظهر لي إلى الآن اسمه ولاشيء من حاله ، نعم يروي عن الشيخ ابن قولويه فهو من معاصري المفيد . إه.
وله أشعار جيّدة رائقة منها :
عظمت مصيبة عبدك المسكين |
في نومه عن مهر حور العين |
|
الأولياء تمتّعوا بك في الدُّجى |
بتهجّد وتخشّع وحنين |
|
فطردتني عن قرع بابك دونهم |
أترى لعظم جرائمي سبقوني ؟ |
|
أوجدتهم لم يذنبوا فرحمتهم ؟ |
أم أذنبوا فعفوت عنهم دوني ؟ |
|
إن لم يكن للعفو عندك موضع |
للمذنبين فأين حسن ظنوني ؟ |
ومن رائق شعره :
ولا ابتغي الدُّنيا جميعاً بمنّة |
ولاأشتري منَّ المواهب بالذلّ |
|
وأعشق كحلاء المدامع خلقة |
لئلّا أرى في عينها منّة الكحل |
« أساتذته ومشايخه »
قد كان معظم اشتغاله في العلوم عند فخر المحقّقين ابن العلّامة الحلّيّ ، وله الرواية عنه بالإجازة ومن جملة أساتيذه والمجيزين له في الاجتهاد والرواية السيّد عميدالدين عبدالمطّلب بن أبي الفوارس الحلّيّ الحسينيّ وأخوه السيّد ضياءالدين عبدالله ، ويروي أيضاً عن السيّد تاج الدِّين محمّد بن معيّة الحسنيّ والسيّد علاءالدين بن زهرة الحسيني والسيّد أبي طالب أحمد بن زهرة الحلبيّ والسيّد مهنّا بن سنان المدنيّ والشيخ زين الدين عليّ بن طران المطار آباديّ والشيخ رضيّ الدين عليّ بن أحمد المشتهر بالمزيديّ والشيخ جلال الدِّين محمّد بن الشيخ شمس الدِّين محمّد الحارثيّ والشيخ محمّد بن جعفر المشهدي وأحمد بن الحسين الكوفيّ والشيخ قطب الدين محمّد بن محمّد البويهيّ الرازيّ. والشيخ أبي محمّد الحسن بن أحمد ابن نجيب الدين بن محمّد بن نماء الحلّيّ والسيّد شمس الدين محمّد بن أحمد ابن أبي المعالي العلويّ الموسويّ ، والسيّد جلال الدين عبدالحميد بن فخّار الموسويّ ويروي أيضاً مصنّفات العامّة عن نحو أربعين شيخاً من علمائهم . (16)
« تلامذته ومن يروى عنه »
يروي عنه جماعة من العلماء والأفاضل منهم : الشيخ ضياء الدين عليّ ، والشيخ رضيّ الدين أبوطالب محمّد ، والشيخ جمال الدين أبومنصور الحسن ابناؤه ، والفاضلة الفقيهة المدعوَّة باُمّ عليّ زوجته ، والصالحة الفقيهة أمّ الحسن فاطمة بنته ، والسيّد بدرالدين الحسن بن أيّوب الشهير بابن نجم الدين الأعرج الحسينيّ ، وزين الدين عليّ بن خازن الحائريّ والشيخ مقداد بن عبدالله السيوريّ الحلّيّ الأسديّ ، والشيخ محمّد بن عبدالعليّ ابن نجدة.
« مولده ومقتله »
ولد ـ رحمه الله ـ سنة 734 واستشهد في سنة 786 يوم الخميس تاسع جمادي الاُولى قتل بالسيف ثمّ صلب ثمَّ رجم ثمَّ اُحرق بالنار ببلدة دمشق في دولة بيدر وسلطنة برقوق بفتوى القاضي برهان الدين ! وعباد بن جماعة الشافعيّ بعد ماحبس سنة كاملة في قلعة الشام.
فكان عمره الشريف اثنين وخمسين سنة. يوجد حكاية قتله وسببه في الروضات وغيره.
الهوامش
1. روضات الجنات ص 590.
2. طبع بايران سنة 1271.
3. طبع بايران سنة 1269.
4. طبع بايران سنة 1308 وفي غيرها.
5. طبع بايران سنة 1319.
6. طبعت مكرراً . وعليها حواش وتعاليق وشروح كثيرة منها شرح للشهيد الثاني سمّاه المقاصد العليّة ، طبع بايران سنة 1312.
7. شرحها الشهيد الثاني وسمّاه بفوائد المليّة طبع بايران سنة 1312.
8. طبع بايران.
9. توجد منها نسخة في مكتبة الجامعة بطهران كما في فهرسها ، وله إجازة كثيرة لعدّة من العلماء أوردها العلامة الرازي في الذريعة ج 1 ص 247.
10. طبع مع الغيبة للنعماني بايران سنة 1318.
11. توجد منها نسخة في مكتبة الجامعة بطهران ، تاريخ كتابتها سنة 1003.
12. للشهيد الثاني عليه شرح يسمّى بالروضة البهية طبع مكرراً.
13. مخطوطة ، راجع الذريعة ج 4 ص 408.
14. مخطوط يوجد منه نسخة في مكتبة المحيط . راجع الذريعة ج 8 ص 90.
15. الذريعة ج 2 ص 22 ، قلت : راجع خاتمة المستدرك ص 439 ففيه مايدلّ على ذلك.
16. راجع أربعينه المطبوع وخاتمة المستدرك والروضات.
مقتبس من كتاب : [ بحار الأنوار ] / المجلّد : المدخل / الصفحة : 152 ـ 156