رسول الله محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وآله
اسمه محمد صلّى الله عليه وآله ، أبوه عبد الله واُمّه آمنة بنت وهب ، كنيته أبو القاسم ، لقبه « خاتم الأنبياء ».
مولده :
ولد في مكّة المكرّمة يوم الجمعة 17 ربيع الأول سنة 571 م في عام الفيل. توفّي أبوه وهو جنين ، وتوفّيت اُمّه وعمره ستة سنوات فكفّله جدّه عبد المطلب وعمره ثمان سنين ، وبعد وفاته كفّله عمّه أبو طالب ونشأ في حجره ، وتقسّم حياته لثلاث مراحل :
1 ـ مرحلة قبل النبوة 40 عاماً ، وظهرت بعض علامات نبوّته قبل بعثه وتزوّج السيّدة خديجة وعمره خمس وعشرون عاماً بينما كان عمرها أربعين عاماً ، ولم يتزوج عليها إلا بعد وفاتها وكان عمره خمسين عاماً ، وهذا مما يفند دعاوى أعداء الإسلام بأنّه صلّى الله عليه وآله إنّما كان يتزوّج لرغبات دنيويّة محضة وكان معروفاً قبل البعثة بالصادق الأمين. لذلك اعتمد عليه في كثير من المواقف في مجتمعه. حيث كان أحكم الناس وأعلمهم وأشجعهم وأعدلهم وأعطفهم وأسخاهم. وكان يعبد الله في غار حراء قبل بعثه.
2 ـ مرحلة النبوة في مكّة « 13 » عاماً ، وقد بعث بالنبوّة في السابع والعشرين من شهر رجب وعمره أربعون عاماً ، حيث نزل عليه الوحي بقوله تعالى : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) ، فدعا قومه للإسلام سرّاً لمدّة ثلاث سنين ، وأوّل من آمن به وصدّقه ربيبه وابن عمّه الإمام علي عليه السلام وزوجته خديجة بنت خويلد. ثم جهر برسالته للناس عامّة ، وبقي في مكّة يدعو قومه إلى الإسلام ، وقد لاقی الكثير من المتاعب ، حتى وصل الأمر إلى محاولة اغتياله من قبل المشركين فنجّاه الله تعالى بالأمر بالهجرة إلى المدينة ، حيث بات الإمام علي عليه السلام في فراشه.
3 ـ مرحلة الهجرة إلى المدينة « 10 » سنوات ، وبعد هجرته إلى المدينة وبالاستعانة بالمسلمين من المهاجرين والأنصار اُسّست أوّل دولة إسلامية ، ومنها انتشر الإسلام إلى العالم ، وبقي في المدينة المنورة عشر سنين ، حتى توفّي في الثامن والعشرين من صفر في السنة الحادية عشر للهجرة الشريفة ، وقد دفن في المسجد النبوي ، وعمره ثلاثة وستين عاماً ؛ بعد أن عيّن من بعده الإمام علياً إماماً وخليفة للمسلمين في حجة الوداع في « غدير خم » بحسب المتواتر بين المسلمين ، وكانت مدّة نبوّته ثلاثة وعشرين سنة ، شارك في جهاد المشركين ثمان وعشرين مرة ، كما بعث خمس وخمسين فرقة بقيادة بعض أصحابه بخاصة الإمام علي عليه السلام ، وفي السنة الثامنة بعث رسائل إلى ملوك وقادة الاُمم يدعوهم فيها إلى الدخول في الإسلام ، وهذا دليل واضح على عالميّة الإسلام وشموليّته. ونسخه لسائر الشرائع الإلهية.
كما أنّ هناك الكثير ممّا يدلّ على خاتميّته وخلوده إلى يوم القيامة كما صرّح بذلك القرآن الكريم.
ويدلّ على نبوّته كثير من الأدلّة وأهمّها معجزته الخالدة القرآن الكريم لوجود عناصر الإعجاز فيه من بلاغته ومحتواه ، مما أعجز الناس عن مجاراته بعد أن تحدّاهم أن يأتوا بمثله أو بسورة منه.
وتدلّ على عظمة الإسلام تعاليمه الإلهية الخالدة التي تصلح لكلّ زمان ومكان ، وتعالج مختلف مجالات الفرد والمجتمع بما يحقّق سعادتها في الدنيا والآخرة.
وكيف يتسنّى لشخص اُمّي في ذلك المجتمع الجاهلي لم يسمع منه التعلّم ، أن يأتي بهذه التعاليم العظيمة من القرآن الكريم والسنّة الشريفة ما لم يكن مرتبطاً بالسماء ، فالإسلام المحمّدي هو الدين الإلهي الوحيد الذي يلزم على البشر اعتناقه في مرحلة الخاتميّة ، لأنّ الله تعالى اللطيف الخبير ، أنزله إلى البشر لطفاً بهم ، حتى ينالوا تكاملهم وسعادتهم مما لا يتوفّر في غيره من المبادئ والشرائع ، لأنّها إما أن تكون بشريّة أو منسوخة أو محرّفة ، وسبيل الحقّ والبعد عن الضلال يتحدّد بالتمسك بالقرآن والعترة للكثير من الأدلّة والأحاديث ، ومنها حديث الغدير المتواتر : « أنّي مخلّف فيكم الثقلين ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي » ثم أخذ بيد علي فرفعها ، فقال : « أيّها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم ؟ فمن كنت مولاه فعليّ مولاه ـ يقولها ثلاثاً أو أربع كما في لفظ أحمد بن حنبل ـ ثم قال : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحبّ من أحبّه ، وأبغض من أبغضه وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحقّ معه حيث دار ألا فليبلغ الشاهد الغائب » (1) ، وقد أكّد الرسول صلّى الله عليه وآله على هذه الحقيقة في الكثير من أحاديثه ومواقفه ، وقد حاول كتابتها حين احتضاره ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) ، ولكن منع البعض من هداية البشرية لتبقى غارقة في الظلام والظلال إلا المتمسّكون بسفينة النجاة.
وهناك معاجز كثيرة ذكرها القرآن الكريم ، كما ذكرها كثير من المؤرخّين.
وقد أثر عن النبي صلّى الله عليه وآله كثير من الخطب والرسائل والحكم ، نذكر من حكمه صلّى الله عليه وآله :
قال صلّى الله عليه وآله : « كفى بالموت واعظاً وكفى بالتقى غنى ، وكفى بالعبادة شغلاً وكفى بالقيامة موئلاً وبالله مجازياً » (2).
وقال صلّى الله عليه وآله : « أوصاني ربّي بتسع ، بالإخلاص بالسرِّ والعلانية ، والعدل في الرضا والغضب ، والقصد في الفقر والغنى ، وأن اعفو عمّن ظلمني وأعطي من حرمني ، وأصل من قطعني ، وأن يكون صمتي فكراً ومنطقي ذكراً ، ونظري عبراً » (3).
وقال صلّى الله عليه وآله : « ارحموا عزيزاً ذلّ ، وغنياً افتقر ، وعالماً ضاع في زمان جهّال » (4).
الهوامش
1. الغدير 1 : 11.
2. تحف العقول : 35.
3. تحف العقول : 36.
4. نفس المصدر.
مقتبس من كتاب : أنوار الولاء / الصفحة : 7 ـ 10