مع كون الله قادراً على كل شيء ، لماذا نري أكثر الناس فقراء ، أليس هذا يتنافى والعدل الإلهي
السؤال
1ـ قد يكون رجلان فاسقان يرتكبان المحرمات والموبقات ، فيموتان ، ويكون لأحدهم ولد صالح ، فيدعو له بعد موته ، والآخر لا يكون له ولد ، أو لم يتزوج ، ولكنه لم يرزق الولد أو خلف ولد فاسق ، وأين عدل الله في هذه المسألة ؟
2ـ لمإذا مع أنّ الله هو القادر على كل شيء ، ونرى أنّ أكثر الناس فقراء والقليل أغنياء ، وباستطاعته أن يجعل أكثر الناس أغنياء ؟ فما الحكمة ، وأين قدرة الله وعدله ؟
الجواب : من سماحة الشيخ علي الكوراني
1 ـ 2 ـ العدل الإلهي عدلٌ مطلق ، ومن رزقه الله ولداً صالحاً يدعو له ، ويكون سبباً لوصول رحمةٍ إليه ، فإنّ ذلك قد يكون استحقاقاً بسبب عمل صالح عمله ، أو يكون تفضلاً من الله تعالى عليه .
أمّا الذي لم يرزق ولداً صالحاً يدعو له ، فلا بُدّ أن تشمله رحمة الله تعالى وفضله بطريق آخر.
وكذلك الأمر في تفضيل الله تعالى بعض الناس على بعض في الرزق ، كما قال سبحانه : {
وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } سورة النحل / 71 ، فهو تفضيل في هذه الدار الدنيا لأسباب وحِكمٍ يعلمها الله تعالى ؛ لأنّ الحياة في الدنيا قائمة على أساس الامتحان .. أمّا المساواة في العطاء والتفضّل فلا بُدّ أن تتحقق في الدار الآخرة ، ومن طرق ذلك أن العمل الصغير ، والإنفاق القليل من الفقير يعادل الإنفاق الكبير من الغني ، وما دامت النسبية موجودة في الجزاء ، فلا يكون الفقر مانعاً للفقير من بلوغ درجة الغني ؛ لأنّ القاعدة أنّ الله يطلب منه بنسبة ما آتاه وأعطاه فقط ، قال الله تعالى:{ لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا } سورة الطلاق / 7 .
التعليقات
هذا امتحان الذي يطول طيلة حياتك و في أخرة تدخل الجنة...و لكن يجب أن تحاسب في النار قبل دخول الجنة و قبل ذلك عذاب القبر....ألم يكفينا عذاب الدنيا حتى تتعذب في القبر أصلا...
كل شيئ محبط في هذا الدين .....عيش الذل و شحت و انتشار جهل و قتل بسبب العيش
دين الفقر و تعب و ...أصبر أصبر
للصبر حدود و كل من ولد في أرض العرب التافهة و كان مسلما فهو علا كل حال فقير او يلحقه الفقر دون محال...
دون ذكر أصحاب المال الذي جمعوه من جهد الفقراء و حقوقهم و الحرام...
لا توجد عدالة أصلا....مهما ذكرت من النصوص و الأدلة...
فإن هذا العالم يحكمه الفاسق و جاهل...و لعل الله يحدث أمرا....ان شاء بطبع
أو فجر و خذ ارواح كل الفقراء و كفانا من لعبة الصبر هذه التي تحتقر المحتاج
مضافاً الى انّ أكثر أسباب وعلل الفقر نفس الانسان ، فتراه يترك السعي والجدّ والاجتهاد في سبيل تحصيل المعاش وتكاسل أو لا يقاوم الظالم الذي غصب حقّه ـ عموما أو خصوصا ـ ويختار الذلّة أو لا يجتهد في تحصيل العلم والحرفة والصنعة ، فيبقى جاهلا وفقيرا وذليلا ، ثم يعترض على الله تعالى وعلى الدين وعلى غيره من الناس ، مع انّ الدين يؤكّد على تحصيل العلم وعلى السعي في تحصيل المعاش ، وقد ورد : الكادّ لعياله كالمجاهد في سبيل الله.
ثانياً : العدل الإلهي لا يختصّ بمجازاة المذنب والعاصي ، فقد تكون فيه صفات ومؤهّلات يستحق بها ان يرزقه الله تعالى ، وان ارتكب بعض المحرّمات ، مثلاً الشخص الكريم الذي يساعد الآخرين ويهتمّ بأمور الفقراء والمساكين قد يرزقه الله جزاء لكرمه ، ولكي يتمكّن من مساعدة غيره ، وان كان قد ارتكب بعض المحرّمات.
ثالثاً : ليس مقتضي العدل الإلهي ان يعاقب المذنب والمعاصي في هذه الدنيا ، فيمنع رزقه أو يوقعه في البلايا والمحن ، بل العدل الالهي يقتضي ان يعاقبه في الآخرة بالعقاب الشديد المتناسب مع عصيانه وتمرّده.
ثانياً: الكون بما فيه من الكواكب والسيّارات والأجرام السماويّة مجموعة يرتبط بعضها بالبعض الآخر ، ويؤثر بعضها في البعض الآخر ، فلعلّ استمرار الحياة في الأرض تتوقّف على وجود هذه المجموعة العظيمة ، وعلى الأقلّ يكون وجود الأرض وبقائها وحركتها الوضعيّة والانتقاليّة متوقّفاً على نظام الجاذبيّة الموجودة بين أجزاء هذا الكون ، ولذا نرى أنّ جاذبيّة القمر تؤثّر في المدّ والجزر بالنسبة للبحار الموجودة في الأرض ؛ فمن المحتمل انّ لسائر الكرات والكواكب تأثيراً في استمرار بقاء الأرض أو استمرار الحياة في الأرض.
ثالثاً : لعلّ وجه الحكمة هو الإيمان بعظمة الخالق وقدرته وحكمته ، حيث انّ في كلّ جزء من أجزاء هذا الكون آيات ومظاهر وآثار تدلّ على وجود خالق هذا العالم وعظمته وحكمته ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) [ الذاريات : 56 ] ، أيّ ليعرفوني ويصلوا الى الكمال والسعادة بسبب معرفة الله وعبادته وطاعته ، ولأجل ذلك أمرنا القرآن الكريم بالنظر الى آيات عظمة الله في الكون ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ ) [ فصلت : 53 ]
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة