أدلّة الرجعة : الحديث
ممّا لاريب فيه أنّ صحّة الأحكام والعقائد تتوقّف علىٰ ورود أحاديث شريفة ثابتة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته المعصومين عليهم السلام سيّما ما يتعلّق بالإعتقاد بالاُمور الغيبية وحوادث المستقبل ، روىٰ الشيخ الكليني قدس سرّه في باب الضلال ، بالاسناد عن هاشم صاحب البريد ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : « أما والله إنّه شرّ عليكم أن تقولوا لشيء ما لم تسمعوه منّا » (1) ، والأحاديث في ذلك أكثر من أن تحصى وأوفر من أن تستقصىٰ.
وممّا يؤيد الرجعة الروايات الكثيرة المتواترة التي نقلها الثقات عن أئمة الهدىٰ عليهم السلام ، حتّىٰ إنّها وردت في الأدعية والزيارات المأثورة عنهم عليهم السلام ، وحيث لا يسع بحثنا نقلها والتحقيق فيها ، فيكفي أن نذكر أنَّ السيد محمّد مؤمن الحسيني الاسترآبادي الشهيد بمكّة سنة ١٠٨٨ ه قد جمع في رسالته المختصرة في الرجعة نحو ١١١ حديثاً من الكتب المعتمدة وجميعها تنصُّ علىٰ الرجعة.
وأخرج الحرّ العاملي « ت ١١٠٤ ه » في كتابه « الايقاظ من الهجعة بالبرهان علىٰ الرجعة » ما يزيد علىٰ ٦٢٠ بين آية وحديث صريح في الرجعة نقلها عن سبعين كتاباً قد صنفها عظماء علماء الإماميّة (2) ، وقال : إنَّ أحاديث الرجعة ثابتة عن أهل العصمة عليهم السلام لوجودها في الكتب الأربعة وغيرها من الكتب المعتمدة ، وكثرة القرائن القطعيّة الدالّة علىٰ صحّتها وثبوت روايتها ، علىٰ أنّها لا تحتاج إلىٰ شيءٍ من القرائن لكونها قد بلغت حدّ التواتر ، بل تجاوزت ذلك الحدّ ، وكلّ حديث منها يفيد العلم مع القرائن المشار إليها ، فكيف يبقى شكّ مع اجتماع الجميع ؟ (3).
وجمع العلّامة المجلسي المتوفى سنة ١١١١ ه نحو ٢٠٠ حديث في باب الرجعة من كتاب « بحار الأنوار » وقال : كيف يشكّ مؤمن بحقيّة الأئمّة الأطهار عليهم السلام فيما تواتر عنهم في قريب من مائتي حديث صريح ، رواها نيف وأربعون من الثقات العظام والعلماء الأعلام في أزيد من خمسين من مؤلّفاتهم ، كثقة الإسلام الكليني ، والصدوق محمّد بن بابويه ، والشيخ أبي جعفر الطوسي ، والسيد المرتضىٰ ، والنجاشي ، والكشي ، والعياشي ، وعلي بن إبراهيم ، وسليم الهلالي ، والشيخ المفيد ، والكراجكي ، والنعماني ، والصفار ، وسعد بن عبد لله ، وابن قولويه ، والسيّد علي بن طاووس ، وفرات بن إبراهيم ، وأبي الفضل الطبرسي ، وإبراهيم بن محمّد الثقفي ، ومحمّد بن العبّاس بن مروان ، والبرقي ، وابن شهر آشوب ، والحسن بن سليمان ، والقطب الراوندي ، والعلّامة الحلّي وغيرهم.
إلى أن قال : وإذا لم يكن مثل هذا متواتراً ، ففي أيّ شيءٍ يمكن دعوىٰ التواتر مع ما روته كافّة الشيعة خلفاً عن سلف (4).
المصنّفون فيها :
ولم يقتصر علماء الإماميّة ومصنّفوهم علىٰ إيراد أحاديث الرجعة ضمن باب الغيبة من مصنّفاتهم وحسب ، بل أفردوها في تأليف خاصّ بها ، وقد عددنا نحو أربعين كتاباً خاصاً بهذا الموضوع ، نذكر منها علىٰ سبيل المثال :
1 ـ كتاب الرجعة للحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني ، ذكره النجاشي في الرجال (5).
2 ـ كتاب إثبات الرجعة (6) ، وكتاب الرجعة وأحاديثها (7) ، وكتاب مختصر إثبات الرجعة (8) ، جميعها للشيخ أبي محمّد الفضل بن شاذان الأزدي النيسابوري ، المتوفى سنة ٢٦٠ ه ، روىٰ عن الإمام الجواد والهادي والعسكري عليهم السلام ، وقيل : روىٰ عن الإمام الرضا عليه السلام ، وكان ثقةً جليلاً فقيهاً متكلماً (9).
3 ـ كتاب الرجعة ، لأحمد بن داود بن سعيد الفزاري ، أبو يحيىٰ الجرجاني ، ذكره النجاشي والشيخ الطوسي في الفهرست (10).
4 ـ كتاب الرجعة ، للشيخ الصدوق محمّد بن علي بن الحسين بن موسىٰ بن بابويه القمي ، المتوفىٰ سنة ٣٨١ ه.
5 ـ كتاب الرجعة ، للشيخ أبي النضر محمد بن مسعود العيّاشي صاحب التفسير ، ذكره النجاشي والشيخ الطوسي في الفهرست (11).
6 ـ كتاب إثبات الرجعة ، للعلّامة الحلّي المتوفي سنة ٧٢٦ ه (12).
7 ـ كتابة الرجعة للشيخ الحسن بن سليمان الحلّي ، تلميذ الشهيد الأوّل ، وهو صاحب مختصر بصائر الدرجات (13).
ومن أشهر الكتب المطبوعة والمتداولة في عصرنا الحالي :
1 ـ كتاب « الايقاظ من الهجعة بالبرهان علىٰ الرجعة » للمحدّث الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي ، المتوفىٰ سنة ١١٠٤ ه ، وهو أوسع كتاب في بابه ، فقد ضمّنه نحو ٦٠٠ حديث و ٦٤ آية ، وأدلّة وقرائن أُخرىٰ في البرهان علىٰ الرجعة ، وفرغ منه سنة ١٠٧٥ ه (14).
2 ـ الشيعة والرجعة ، للشيخ محمّدرضا الطبسي النجفي ، مطبوع في النجف سنة ١٩٧٥ م.
3 ـ الرجعة ، للسيّد محمّد مؤمن الحسيني الاسترآبادي ، الشهيد في مكّة سنة ١٠٨٨ ه (15).
الهوامش
1. الكافي ، للكليني ٢ : ٤٠١ / ١.
2. الايقاظ من الهجعة : ٤٥٠ و ٤٣٠.
3. المصدر السابق : ٢٦.
4. بحار الأنوار ، للمجلسي ٥٣ : ١٢٢.
5. رجال النجاشي : ٣٧.
6. الفهرست للشيخ الطوسي : ١٢٤ / ٥٥٢. والذريعة ، للشيخ آقا بزرك ١ : ٩٣.
7. الذريعة ١٠ : ١٦٢.
8. مطبوع في مجلّة تراثنا العدد « ١٥ » ص ١٩٣ السنة الرابعة بتحقيق السيّد باسم الموسوي.
9. رجال النجاشي : ٣٠٦ / ٨٤٠. والخلاصة ، للعلّامة الحلّي : ١٣٢ / ٢.
10. رجال النجاشي : ٤٥٤. والفهرست ، للشيخ الطوسي : ٣٣.
11. المصدر السابق : ٣٥١. و ١٣٨ علىٰ التوالي.
12. الذريعة ، للشيخ آقا بزرك ١ : ٩٢ دار الأضواء.
13. بحار الأنوار ١ : ١٦. والذريعة ١ : ٩١.
14. مطبوع بتصحيح السيّد هاشم الرسولي المحلّاتي.
15. مطبوع بتحقيق الاستاذ فارس حسون كريم.
مقتبس من كتاب : [ الرجعة أو العودة إلى الحياة الدنيا بعد الموت ] ، الصفحة : 44 إلى 48