الشيعة غير الروافض

طباعة


 

 

المصدر : هويّة التشيّع ، تأليف : الشيخ أحمد الوائلي ، ص 40 ـ 48


 

 

________________________________________ الصفحة 40  ________________________________________


 

 

الفصل الرابع
 

 

الشيعة غير الروافض


 

 

     من كان ذكرته يتضح أمر آخر وهو أن ما دأب عليه بعض الكتاب من رمي الشيعة بالرفض وتسميتهم

بالروافض نشأ مؤخراً وبأسباب خاصة سنذكرها:

     إن هذا الزمن الذي نشأ فيه نعت الشيعة بالروافض هو في أيام الأمويين، ولذك جاءت النصوص تنعت

الروافض بأنهم قسم من الشيعة لا الشيعة كما يريد البعض ومن تلك النصوص:

     1 ـ محمد مرتضى الزبيدي في تاج العروس قال:

والروافض كل جند تركوا قائدهم والرافضة فرقة منهم، والرافضة أيضاً فرقة من الشيعة قال الأصمعي

سموا بذلك لأنهم باعيوا زيد بن علي ثم قالوا له تبرأ من الشيخين فأبى وقال لا كانا وزيري جدي فتركوه

ورفضوه وارفضوا عنه(1).

     2 ـ إسماعيل بن حماد الجوهري قال في الصحاح:

عند مادة رفض مورداً نفس المضمون الذي ذكره الزبيدي فكأنه نسخة طبق الأصل(2).

 

____________

     (1) تاج العروس 5/34.

     (2) صحاح الجوهري 3/1078 تسلسل عام الكتاب. 


 

 

________________________________________ الصفحة 41  ________________________________________

 

     3 ـ القاضي عياض

     فرق القاضي عياض في كتابه ترتيب المدارك في أعلام مذهب مالك بين الشيعة والرافضة وذلك حينما

قارن مذهب الإِمام مالك بغيره فقال:

     فلم نر مذهباً من المذاهب غيره أسلم منه فإنّ فيهم الجهمية والرافضة والخوارج والمرجئة والشيعة

إلا مذهب مالك فإنا ما سمعنا أحداً من نقله مذهبه قال بشيء من هذه البدع(1).

     ومن الواضح من هذه الجملة أنّ الرافضة غير الشعية لمكان التغاير الناتج من العطف. ومن هذا ومن

غيره مما نقله أصحاب المقالات مما لا يخرج عن نفس المضمون يتضح أنّ اصطلاح الروافض مأخوذ بمعناه

اللغوي في انّه لكل جند رفضوا قائدهم، وتطبيقه على أصحاب زيد من باب تطبيق الكلي على أحد

مصاديقه وإلى هنا فإنّ المسألة طبيعية. ولكن الذي يلفت النظر أن يكون أصحاب زيد طلبوا منه البراءة من

الشيخين فإنّ ذلك محل تأمل طويل للأسباب التالية:

     1 ـ إنّ هؤلاء الذين طلبوا البراءة لو كانوا شيعة فلا بد أنّهمم حريصون على نصر زيد وكسب المعركة

ضرورة أنّ مصيرهم مرتبط بمصير زيد فإذا هزم فمعنى ذلك القضاء عليهم قضاءً تاماً خصوصاً وأنّ خصومهم

الاُمويون الذين يقتلون على الظنة والتهمة كل من يميل إلى آل أبي طالب، فما الذي دفعهم إلى خلق هذه

البلبلة التي أدت إلى انفضاض جند زيد عنه وبالتالي إلى خسارته للمعركة فموته شهيداً على أيدي

الاُمويين فلا بد أن يكون هؤلاء ليسوا من الشيعة وإنّما هم جماعة مندسة أرادت إحداث البلبلة للقضاء على

زيد واحتمال كسبه للمعركة.

     2 ـ وعلى فرض التنزل والقول بوجود فرقة خاصة من رأيها رفض الشيخين فما معنى سحب هذا اللقب

على كل شيعي يوالي أهل البيت حتى أصبح هذا الأمر من المسلمات فوجدنا الإِمام الشافعي يقول في

أبياته الشهيرة:
 

____________

 

     (1) ترتيب المدارك 1/51. 


 

 

________________________________________ الصفحة 42  ________________________________________


 

 

 

يا راكباً قف بالمحصَّب من منى * واهتف بقاعد جمعها والناهض
سحراً إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضاً كملتطم الفرات الفائض
أعلمتمُ أنّ التشيع مذهبي * إنّي أقول به ولست بناقض
إن كان رفضاً حبّ آل محمدٍ * فليشهد الثقلان أنّي رافضي


 

 

     البيت الأخير من هذه الأبيات ذكره الزبيدي في تاج العورس في مادة رفض(1) وباقيها في ترجمة

الشافعي بمختلف الكتب.

     إنّ تعبير الإِمام الشافعي: إن كان رفضاً حبّ آل محمد يدل على أنّ هناك إرادة لسحب اللقب هو

رافضي على كل شيعي مبالغة في التشهير بهم وشحن المشاعر ضدهم مما سنلمح كثيراً من الأمثلة له،

ومما يؤيد على أنّها تتمشى مع تخطيط شامل يستهدف محاصرة التشيع والتشهير به وبكل وسيلة سليمة

كان أم لا.

     3 ـ قد يقال إنّه لا شك في وجود جماعة شتّامين للصحابة فما هو السبب في كونهم من هذا الصنف

في حين تدعون أنّ الشتم لا تقره الشيعة ولا أئمتهم وللجواب على هذا السؤال لا بد من الرجوع إلى

مجموعة من الأسباب تشكل فعلاً عنيفاً استوجب رد الفعل ومن هذه الأسباب ما يلي:

أسباب الشتم

     أ ـ المطاردة والتنكيل المروع للشيعة وبالشيعة وما تعرضوا له من قتل وإبادة على الظنة والتهمة وفي

أحسن الحالات الملاحقة لهم والمحاربة برزقهم ومنعهم عن عطائهم من بيت المال وفرض الضرائب عليهم

وغزلهم اجتماعياً وسياسياً وبوسع القارئ الرجوع إلى التاريخ الاُموي في الكوفة وغيرها من المدن

الشيعية ليقف بنفسه على ما وصلت إليه الحالة وما انتهى إليه ولاة الاُمويين من قسوة ومن هبوط
 

 

____________

     (1) تاج العروس 5/35.
 

 

________________________________________ الصفحة 43  ________________________________________


 

 

في الإِنسانية إلى مستويات يتبرأ منها الوحش في العهدين الاُموي والعباسي(1). إنّ مثل هذا الإضطهاد

يستلزم التنفيس عن الكبت فقد يكون هذا التنفيس في عمل إيجابي بشكل من الأشكال وأحياناً قد يكون

سلبياً فيلجأ إلى هذا الشتم. ولسنا نبرر ذلك بحال من الأحوال لما سبق أن ذكرناه من أسباب.

     ب ـ إنّ الذي أسس هذه الظاهرة هم الاُمويون أنفسهم لأنّهم شتموا الإِمام علياً عليه السلام على

المنابر وشتموا أهل البيت لمدة ثمانين سنة واستمر هذا الوضع حتى أنّ محاولة الرجل الطيب عمر بن

عبدالعزيز لم تنجح في منع الشتم وكانت كلمة الاُمويين وبالذات معاوية أنّهم إنما أسسوا شتمه ليدرج

عليه الصغير ويهرم عليه الكبير، فنشأت مقابل ذلك ردة الفعل. ومما عمّق هذه الظاهرة: هو الإِلتواء في

معالجة هذه المشكلة من قبل بعض أعلام السنة. وعلى سبيل المثال نجد ابن تيمية يؤلف كتابه الصارم

المسلول في كفر من شتم الرسول أو أحد أصحاب الرسول، ويحشد فيه الأدلة على كفر الشاتم ولكنّه مع

ذلك ومع علمه بما قام به معاوية والأمويون لا يقول بكفر الامويين الذين قاموا بشتم الإِمام عليه السلام

وأهله. إنّ عليّ بن أبي طالب أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ومن ضحى بكل ذرة من كيانه

في خدمة الإِسلام والمسلمين فلماذا لا يكفر شاتمه؟ وستسمع الجواب طبعاً بأنّه تاب وغفر الله له

وانتهى الأمر.

     وإليك مثالاً آخر: لقد تولى يزيد بن معاوية الحكم لمدة ثلاث سنوات قتل في سنة منها الحسين وأهل

بيت رسول الله وسبى عيالهم وذبح أطفالهم وعمل فيهم أعمالاً لا تصدر من كسرى وقيصر.

     وفي سنة ثانية قتل عشرة آلاف من المسلمين وسبعمائة من الصحابة حملة القرآن، واستباح المدينة

ثلاثة أيام وسمح لجند أهل الشام أن يهتكوا أعراض المسلمات وذبح الأطفال حتى كان الجندي الشامي

يأخذ الرضيع من ضرع اُمه ويقذف به الجدار حتى ينتشر مخه على الجدار وأجبر الناس على بيعة يزيد على
 

 

____________

     (1) انظر مورج الذهب للمسعودي 3/12 و50، وانظر تاريخ الطبري 6/344.

 

 


________________________________________ الصفحة 44  ________________________________________


 

 

أساس أنّهم عبيد له، أخاف المدينة وروع الناس وأحال أرض المدينة المنورة إلى برك من الدماء وتلول من

الأشلاء.

     وفي سنة ثالثة سلط المنجنيقات على الكعبة وهدمها وأحرقها وزعزع أركانها وجعل القتال داخل

المسجد الحرام وسال الدم حتى في قاع الكعبة وقد استعرض ذلك مفصلاً كل من تاريخ الخميس للديار

بكري والطبري وابن الأثير والمسعودي في مروج الذهب وغيرهم من المؤرخين في أحداث سنة ستين

حتى ثلاث وستين من الهجرة. ومع ذلك كله تجد كثيراً من أعلام السنة يخطئون من يخرج لقتال يزيد وأنّ

الخارج عليه يحدث فتنة ووصل الأمر إلى حد تخطئه الحسين عليه السلام سيّد شباب أهل الجنة فكأنّ

النبي صلى الله عليه وآله وسلّم عندما قال: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» ما كان يعلم بأنه

يقاتل يزيد وحينما يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلّم: «إنّ الحسين وأصحابه يدخلون الجنة بغير

حساب»(1) لم يأخذ في حسابه أنّهم خارجون على يزيد اللهم اهد قومنا، وكأنّ ابن العربي المالكي أعرف

بمصائر الأمور من النبي نفسه الذي يرسم للحسين مصيره ويأمره بتنفيذ ذلك، أرأيت معي إلى أي

مستوى من المهازل تصل الدنيا؟

     وهذا الإِمام الغزالي الذي سنقف قريباً معه وقفة قصيرة يقول وأمام عينيه عشرات من كتب السير

والتاريخ التي تؤكد بالطرق الموثوقة بشاعة الأحداث التي تمت بأمر يزيد وبفعله المباشر لبعضها. يقول

في باب اللعن من كتابه إحياء العلوم:

     فإن قيل: هل يجوز لعن يزيد لأنّه قاتل الحسين، أو أمر به، قلنا هذا لم يثبت أصلاً فلا يجوز أن يقال إنّه

قتله أو أمر به مالم يثبت، فضلاً عن لعنه، لأنّه لا يجوز نسبة مسلم إلى كبيرة من غير تحقيق، إلى أن قال:

فإن قيل: أن يقال «قاتل الحسين لعنه الله، أو الآمر بقتله لعنه الله» قلنا: الصواب أن يقال قاتل الحسين إن

مات قبل التوبة لعنه الله(2).
 

 

____________

     (1) تهذيب التهذيب لابن حجر 2/347.

     (2) إحياء العلوم 2/276.
 

 

________________________________________ الصفحة 45  ________________________________________

 

     بربّك أيها القارئ هل تملك أعصابك وأنت تسمع مثل هذا الكلام يصدر من مثل هذا الشخص؟. هل كل

كتب السير والتاريخ عند المسلمين والتي نصت على صدور هذه الأحداث أمراً ومباشراً من يزيد كلها لا

تثبت أفعال يزيد ولا تدينه؟! وعنده أنّ يزيد وأمثاله من قتلة الأنبياء وأبناء الأنبياء ممن يوفقون للتوبة؟! إنّ

كل وسائل الإِثبات لا تثبت إدانة يزيد عن الغزالي، ولكن يثبت عنده من طيف رءآه أنّه رأى الله تعالى

واجتمع به ووضع يده بيده وحادثه وأفاض عليه من نوره(1).

     يقول صاحب مفتاح السعادة: إنّ أبا بكر النساج ألحد العزالي في قبره وخرج متغير اللون فسألوه عن

ذلك فقال: رأيت يداً يمنى خرجت من تجاه القبلة وسمعت منادياً ينادي ضع يد محمد الغزالي في يد سيد

المرسلين(2) إنّ أمثال هذه المواقف تثبت بوسائل إثبات من هذا النوع ولكن كتب التاريخ كلها لا تشكل

وسلية إثبات في إدانة يزيد!... ويصل الأمر إلى رمي آل البيت بالشذوذ فضلاً عن عدم ترتيب الأثر على

شتمهم فيقول ابن خلدون في المقدمة: وشذ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها وفقه انفردوا به وبنوه على

مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح وعلى قولهم بعصمة الأئمة ورفع الخلاف عن أقوالهم وهي كلها

اُصول واهية.

     يقول ذلك ونصب عينيه أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في أهل بيته كما رواه ابن حجر في

بصواعقه (3) «في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال

المبطلين وتأويل الجاهلين ألا وإنّ أئمتكم وفدكم إلى الله تعالى فانظروا من توفدون» ونصب عينه أيضاً ما

قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلّم كما رواه الحاكم في المستدرك:

«ومن أحبّ أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني بها ربّي
 

 

____________

     (1) انظر الغدير للأميني 11/161.

     (2) المصدر السابق نفس الصفحات.

     (3) الصواعق المحرقة لابن حجر ص128. 


 

 

________________________________________ الصفحة 46  ________________________________________


 

 

وهي جنة الخلد فليتولَّ علياً وذريته من عبدي فإنّهم لم يخرجوكم من هدى ولن يدخلوكم باب ضلالة(1)».

ومع ذلك كله فأهل البيت شاذون مبتدعون في نظر الشعوبي ابن خلدون إنّي والله يعلم اذ أورد أمثال

هذه المقاطع إنما اُريد وضع اليد على الدملة التي أهلكنا التهابها عبر السنين. إنّ أمثال هذه المواقف إنما

تعمق جذور الخلاف فيكون التنفيس عنا سلبياً أحياناً إنّ كتّاب المسلمين مسؤولون عن شجب هذه

المواقف التي رحل واضعوها وبقيت مصدر بلاء على المسلمين. إنّ مما يبعث على الإِستغراب أن يسكت

علماء وكتّاب المسلمين على أقوال ابن خلدون وأمثاله مع قيام الأدلة على أنّ آل محمد هم الإِمتداد

المضموني لمحمد صلى الله عليه وآله.

     بالإِضافة إلى ذلك كلّه إنّ السنن التي تروى عن طريق أهل البيت عليهم السلام لا يعمل بها بينما

يعمل ببدع واستحسانات وردت عن طريق غيرهم خذ مثلاً مسألة الأذان الذي حذف منه فقرة حيّ على

خير العمل من ثبوتها وأنّها جزء من الأذان بطرق مختلفة يقول صاحب مبادئ الفقه في هذا الموضوع ما

يلي:

     كيفية الأذان هي: « الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلاَّ الله، أشهد أن لا إله إلاَّ الله،

أشهد أنَّ محمّداً رسول الله، أشهد أنَّ محمّداً رسول الله، حيَّ على الصلاة حيَّ على الصلاة حيَّ على

الفلاح، حيَّ على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاَّ الله ».

     هذا هو الأذان الذي اتفق البصريون والكوفيون على كلماته، وتبعهما الشاميون والمصريون ومذهب

الحجازيين والزيدية والمالكية إلى أنّ كلمة الله أكبر في أول الأذان مرتان لا أربع وعليه عمل أهل المدينة

وأمّا «الصلاة خير من النوم» فليست من الأذان الشرعي: ففي تيسير الوصول عن مالك أنّه بلغه أنّ

المؤذن جاء عمر يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائماً فقال: الصلاة خير من النوم فأمره عمر أن يجعلها نداء

الصبح. ولذلك قال أبو حنيفة: هذه الجملة تزاد بعد إكمال
 

 

____________

     (1) مستدرك الحاكم 3/148.
 

 

________________________________________ الصفحة 47  ________________________________________

 

الأذان لأنّها ليست من السنة.

أما «حيَّ على خير العمل» فمذاهب العترة أنّها بين حيّ على الفلاح وبين الله أكبر، «دليلهم في ذلك من

كتب السنة ما يلي: روى البيهقي في السنة أنّ عليّ ابن الحسين زين العابدين كان يقول إذا قال حيّ

على الفلاح حيّ على خير العمل ويقول هو الأذان الأول.

     وأورد في شرح التجريد مثل هذه الرواية عن ابن أبي شيبة ثم قال: وليس يجوز أن يحمل قوله «هو

الأذان الأول» لا على أنّه أذان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، وزاد رواية اخرى عن ابن عمر: أنّه بما

زاد في أذانه حيّ على خير العمل، وأورد البيهقي هذه الرواية عن ابن عمر أيضاً.

     ونقل ابن الوزير عن المحبّ الطبري الشافعي في كتابه إحكام الأحكام ما نصه: ذكر الحيعلة بحيّ على

خير العمل عن صدقة بن يسار عن ابن أمامة سهل بن حنيف أنّه كان اذا أذن قال: «حيّ على خير العمل»

أخرجه سعيد بن منصور، وروى ابن حزم في كتاب الإِجماع عن ابن عمر: أنّه كان يقول «حيّ على خير

العمل».

     وقال علاء الدين مغلطاي الحنفي في كتاب التلويح شرح الجامع الصحيح: ما لفظه: وأما حيّ على خير

العمل فذكر ابن حزم أنّه صح عن عبدالله بن عمر وأبي أمامة سهل بن حنيف أنّهما كانا يقولان في أذانهما

«حيّ على خير العمل» وكان عليّ بن الحسين يفعله وذكر سعد الدين التفتازاني في حاشيته على شرح

العضدي على مختصر الاصول لابن الحاجب أنّ حيّ على خير العمل كان ثابتاً على عهد رسول الله وأنّ عمر

هو الذي أصرّ أن يكفّ الناس عن ذلك مخافة أن يثبّط الناس عن الجهاد ويتّكلوا على الصلاة.

     وقال ابن حميد في توضيحه: وقد ذكر الروياني أنّ للشافعي قولاً مشهوراً بالقول به: وقد قال كثير من

علماء المالكية واغيرهم من الحنفية والشافعية أنّ حيّ على خير العَمل كان من ألفاظ الأذان. 


 

 

________________________________________ الصفحة 48  ________________________________________

 

     قال الزركشي في البحر المحيط: ومنها ما الخلاف فيه موجود كوجوده في غيرها، وكان ابن عمر عميد

أهل المدينة يرى افراد الأذان والقول فيه حيّ على خير العمل(1) وبعد كل ما ذكرناه وما ورد في هذا

الفصل المدعوم بروايات صحيحة في طرق أهل السنّة فماذا يا ترى لا يعمل بما ورد عن آل محمد

وبطريقهم من السنن الصحيحة مع أنّهم محالُّ رحمة الله وبيوتهم مهابط وحيه وصدورهم عيبة علم النبي

ألا يبعث هذا على الدّهشة؟

     في حين نرى من غيرهم أحكاماً لا تلتقي بحال من الأحوال مع المدارك السليمة ومع ذلك يؤخذ بها

وتعتبر مدركاً من المدارك فعلى ماذا تحمل هذه الاُمور إن لم تحمل والعياذ بالله على البعد عن آل محمد

وهم عدل الكتاب بنص النبي عليه السلام خذ مثلاً: ما ذهب إليه بعض فقهاء السنة من أن الإِنسان إذا ترك

الصلاة عمداً لا يجب عليه قضاؤها اما اذا تركها نسياناً فيجب عليه قضاؤها (2) واعتقد ان ذلك يخرج على

رأي من يقول أن الكافر لا يكلف بالفروع، وحيث ان التارك عمداً يمكن ان يكون تركه لها لعدم الإِيمان بها

اساساً فهو كافر ومهما يكن فان هذا من الفروع البعيدة عن روح الأحكام الصحيحة.
 

 

____________

     (1) نقلت هذا الفصل من كتاب مبادئ الفقه لمحمد سعيد العوفي ص52 طبع دمشق الثالثة 1977

     (2) نيل الاوطار للشوكاني ط مصر 1952 2/27