في بشائر السنة للشيعة

البريد الإلكتروني طباعة

في بشائر السنة للشيعة ، وهي صحاح متظافرة من طريق العترة الطاهرة ، وإليك منها ما أخرجه محدثوا أهل السنة بأسانيدهم وطرقهم.

روى الحافظ جمال الدين الزرندي عن ابن عباس ـ كما في صفحة ٩٦ من الصواعق المحرقة لابن حجر (١) ـ انه قال : لما أنزل الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ) قال رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم لعلي : وهم أنت وشيعتك ، وتأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، ويأتي عدوك غضابى مقمحين.

واخرج الحاكم في شواهد التنزيل عن ابن عباس أيضاً : قال نزلت هذه الآية ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ ) في علي وأهل البيت ، وعدها ابن حجر في الفصل الأول من الباب ١١ من صواعقه في جملة الآيات النازلة فيهم عليهم‌ السلام ـ فراجع الآية الحادية عشرة من الآيات التي أوردناها هناك (٢).

واخرج الحاكم في كتابه شواهد التنزيل بالاسناد إلى علي قال : قبض رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وانا مسنده إلى صدري ، فقال : يا علي ألم تسمع قول الله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ ) هم شيعتك ، وموعدي وموعدكم الحوض ، يُدعَون غراً محجلين.

واخرج الديلمي ـ كما في ص ٩٦ من الصواعق المحرقة ـ قال : قال رسول الله (ص) : يا علي إن الله قد غفر لك ولولدك ولذريتك ولأهلك ولشيعتك ولمحبي شيعتك ، فابشر فإنك الأنزع البطين.

وأخرج الطبراني وغير واحد من المحدثين ان علياً اتي يوم البصرة بذهب وفضة ، فقال : أبيضاء وصفراء غري غيري ، غري أهل الشام غدا إذا ظهروا عليك ، فشق قوله هذا على الناس فذكر ذلك له ، فاذن في الناس فدخلوا عليه ، فقال : ان خليلي رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم قال : يا علي إنك ستقدم على الله وشيعتك راضين مرضيين ، ويقدم عليه عدوك غضابى مقمحين. قال : ثم جمع علي يده إلى عنقه يريهم الاقماح.

وقد أورد ابن حجر هذا الحديث في صفحة ٩٢ من صواعقه وعلق عليه كلاماً يضحك الثكلى ، ونحن نأخذ بما روى ونعرض عما رأى.

واخرج الطبراني ـ كما في صفحة ٩٦ من الصواعق أيضاً ـ قال : قال رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم لعلي : اول اربعة يدخلون الجنة انا وأنت والحسن والحسين ، وذريتنا خلف ظهورنا ، وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا.

واخرج احمد بن حنبل في المناقب ـ كما في صفحة ٩٦ من الصواعق أيضاً ـ ان رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم قال لعلي : اما ترضى انك معي في الجنة والحسن والحسين وشيعتنا عن ايماننا وشمائلنا.

واخرج الحاكم ـ كما في تفسير آية المودة في القربى من مجمع البيان ـ بالاسناد إلى ابي الباهلي قال : قال رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم : أن الله تعالى خلق الأنبياء من اشجار شتى ، وخلقت انا وعلي من شجرة واحدة ، فأنا اصلها وعلي فرعها وفاطمة لقاحها والحسن والحسين ثمارها واشياعنا اوراقها ، فمن تعلق بغصن من اغصانها نجا ، ومن زاغ عنها هوى ، ولو ان عبدا عبد الله الف عام ثم الف عام ثم الف عام حتى يصير كالشن البالي وهو لا يحبنا كبّه الله على منخريه في النار ، ثم تلا : ( قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَىٰ ).

تنبيه :

لا يخفى ان شيعة علي وأهل البيت هم أتباعهم في الدين وأشياعهم من المسلمين ، ونحن والحمد لله قد انقطعنا اليهم في فروع الدين وعقائده وأصول الفقه وقواعده وعلوم السنة والكتاب وفنون الاخلاق والسلوك والآداب بخوعاً لامامتهم واقراراً بولايتهم ، وقد والينا أوليائهم وجانبنا أعداءهم ، عملاً بقواعد المحبة وطبقا لاصول الاخلاق في المودة ، فكنا بذلك لهم شيعة وكانوا لنا وسيلة وذريعة. والحمد لله على هدايته لدينه والتوفيق لما دعا اليه الرسول من التمسك بثقليه والاعتصام بحبليه ودخول مدينة علمه من بابها ، باب حطة وأمان أهل الأرض وسفينة نجاة هذه الأمة ، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

واخرج ابن سعد [ كما في صفحة ٩١ من الصواعق ] عن علي : اخبرني رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ان اول من يدخل الجنة انا وفاطمة والحسن والحسين. قلت يا رسول الله فمحبونا ؟ قال : من ورائكم.

وأخرج الديلمي [ كما في الصواعق أيضاً ] مرفوعاً : إنما سميت ابنتي فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار (3).

واخرج ابن حنبل والترمذي [ كما في صفحة ٩١ من الصواعق ] انه صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم أخذ بيد الحسنين وقال : من أحبني واحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة (4).

واخرج الثعلبي في تفسيره الكبير بالاسناد إلى جرير بن عبد الله البجلي قال : قال رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم : من مات على حب آل محمد (5) مات شهيداً ، الا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له ، الا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً ، الا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمناً مستكمل الايمان ، الا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير ، الا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها ، الا ومن مات على حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنة ، الا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ، الا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة ، الا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله ـ الحديث.

وقد ارسله الزمخشري في تفسير آية المودة في القربى من سورة الشورى من كشافه ارسال المسلمات ، ورواه المؤلفون في المناقب والفضائل مرسلاً مرة ومسنداً تارات. وأنت تعلم ان هذه المنزلة السامية إنما ثبتت لهم لأنهم حجج الله البالغة ، ومناهل ، شرائعه السائغة وأمناؤه بعد النبي (ص) على وحيه ، وسفراؤه في أمره ونهيه ، فالمحب لهم بسبب ذلك محب لله والمبغض لهم مبغض لله. ومن هنا قال فيهم الفرزدق.

من معشـــر حبهــم دين وبغضهـــم * كفـــر وقربهـــم منجــــى ومعتصــم

إن عُد أهـــل التقــــى كانوا أئمتهم * أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

وأخرج احمد [ كما في أواخر الفصل الثاني من الباب ٩ من الصواعق (6) ] عن علي قال : طلبني النبي (ص) فوجدني في حائط فقال : قم والله لأرضينك ، أنت اخي وابو ولدي تقاتل على سنتي ، من مات على عهدي فهو في كنز الجنة ومن مات على عهدك فقد قضى نحبه ، ومن مات يحبك بعد موتك ختم الله له بالأمن والايمان ما طلعت شمس أو غربت.

وأورد ابن حجر في اوائل المقصد الثاني من المقاصد التي ذكرها في آية المودة في القربى من صواعقه حديثاً هذا لفظه (7) ان النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم خرج على أصحابه ذات يوم ووجهه مشرق كدائرة القمر ، فسأله عبد الرحمن بن عوف عن ذلك فقال (ص) : بشارة اتتني من ربي في أخي وابن عمي وابنتي ، بأن الله زوّج علياً من فاطمة ، وأمر رضوان خازن الجنان فهز شجرة طوبى فحملت رقاقاً ـ يعني صكوكاً ـ بعدد محبي أهل بيتي ، وأنشأ تحتها ملائكة من نور دفع إلى كل ملك صكاً ، فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق فلا يبقى محب لأهل البيت إلا دفعت اليه صكاً فيه فكاكاً من النار ، فصار أخي وابن عمي وابنتي فكّاك رقاب رجال ونساء من أمتي من النار والأخبار في هذا لا يحتملها هذا الاملاء ، وفي هذا القدر كفاية لمن كانت لله تعالى فيه عناية.

فعسى أن يعرف الشيعي بعد هذا ان أهل السنة قد انصفوا واعترفوا ، وعسى أن يعرف السني ان لا وجه بعد هذه المبشرات لشيء من الضغائن أو الهناة. والسلام على من اتبع السنن وجانب الفتن ورحمة الله وبركاته.

 

الهوامش

1. راجع النسخة المطبوعة بالمطبعة الميمنية بمصر سنة ١٣٢٤ ه‍ ، وكل ما ننقله عن الصواعق فانما ننقله عن هذه النسخة.

2. في صفحة ٩٦ من الصواعق.

3. واخرج النسائي نحوه كما في صفحة ٩٦ من الصواعق.

4. وأخرجه أيضاً أبو داوود ( كما في صفحة ١٠٣ من الصواعق ) وزاد فيه : « ومات متبعا لسنتي » ، وبها يعلم ان اتباع سنته لا يكون الا بمحبتهم (ع).

5. المراد من آل محمد في هذا الحديث ونحوه مجموعهم من حيث المجموع ، باعتبار ائمتهم الذين هم خلفاء رسول الله (ص) وأوصياؤه. ووارثوا حكمه وأولياؤه ، وهم الثقل الذي قرنه بالقرأن ونص على انهما لا يفترقان ، فلا يضل من تمسك بهما ولا يهتدي من تخلى عنهما ، وليس المراد هنا من الآل جميعهم على سبيل الاستغراق والشمول لكل فرد فرد ، لان هذه المرتبة السامية ليست الا لأولياء الله القوامين بأمره ، لخاصة بحكم الصحاح المتواترة من طريق العترة الطاهرة.

نعم تجب محبة جميع أهل بيته وذريته كافة لتفرعهم من شجرته الطاهرة صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبذلك تحصل الزلفى لله تعالى والشفاعة من جدهم بأبي هو وأمي ، وكنت أوصيت اولادي ان يكتبوا هذا الحديث على كفني بعد الشهادتين لألقى الله تعالى بذلك ، والآن اكرر وصيتي هذه اليهم ولتكن الكتابة على العمامة.

6. صفحة ٧٥.

7. راجعه في صفحة ١٠٣ من الصواعق ورواه غير واحد ممن كتب في المناقب والفضائل.

 

مقتبس من كتاب الفصول المهمة في تأليف الأمة

 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية