ما هو قولكم بعصمة الرسول ؟

طباعة

ما هو قولكم بعصمة الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وإذا كان معصوماً فلماذا يعاتبه الله في بعض الآيات القرانية مثل : ( إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ الله وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَالله أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ) ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَالله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَالله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ).
اظن ان هذه موجه للنبي صح وفيها عتاب له وإلاّ لو لم يكن عتاب فمن حلّل ما حرّمه الله أو العكس فهو كفر ، لكن للرسول عتاب ، وهذا معنى الذنب في حقّه ايّ انّه يفعل شيء ويعاتب عليه ويكون دقيق جداً ولا يعلم انّه خطأ ولا يرجع إليه بعد العتاب تعالى نشوف نقض العصمه
1 : لِيَغْفِرَ لَكَ الله مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا
2 : فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ
3 : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالله يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ
ومن هنا الخطاب واضح انّه للرسول صل الله عليه وسلم ولا حاجه لكلام باطل يخالف القرآن ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ).

وهذا كلام السنة في نقض العصمة فما هو ردّكم عليهم وبالأدلّة من القرآن ومن كتبهم غير آية التطهير ؟ وما تفسير الآيات السابقة ؟

 

لا حاجة في إثبات عصمة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم و الأئمّة المعصومين عليهم السلام إلى آية التطهير أو آية اُخرى فانّ الحاكم بالعصمة هو العقل القطعي حيث انّه من المستحيل أن يفرض الله طاعة شخص على الاُمّة في كلّ ما يأمر وينهي مع عدم كونه مأموناً من الذنب والكذب والخطأ و السهو والله تعالى أمر بإطاعة النبي الأعظم إطاعة مطلقة. قال تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) [ الحشر : 7 ] وقال تعالى : ( مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله ) [ النساء : 80 ] فاذا لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم معصوماً من الكذب والخطأ لا يعقل أن يأمر الله تعالى اُمّته بأتباعه وإطاعته في كل ما يقول ويحكم و يأمر وينهي ، بل يكون ذلك نقصاً للغرض ولله سبحانه حكيم لا يصدر منه نقض الغرض فكيف يأمر الناس بإطاعة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم لأجل الهداية والوصول إلى الكمال بإمتثال أحكام الشريفة المقدّسة مع عدم كونه معصوماً قد يخطأ أو يكذب نعوذ بالله في بيان الأحكام الإلهيّة فيقع الناس في الضلال والانحراف فلابد أن يحكم العقل بعصمة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم وكل من جعله الله تعالى حجّة على الخلق وافترض طاعته عليهم ، ومع هذا الدليل العقلي على لزوم عصمة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لابدّ من تفسير الآيات التي يظهر منها ما ينافي العصمة بنحو لا يتنافي واقعاً مع العصمة الواجبة في النبيّ الأعظم بحكم العقل وبالآيات الشريفة.
امّا الآية الاولى فليس فيها ما يحسّ كرامة النبيّ وعصمة فانّ المراد من قوله : ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ) فالمراد انّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يعلم بعدد أزواجه وقد كان فيهنّ زينب بنت جحش ، لكنّها كانت زوجة زيد بن حارثة فكان يخفي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم انّ زينب سوف تكون زوجة له بل حينما استأذن زيد بن حارثة من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ان يطلّق زينب نهاه النبي وقال له : « اتّق الله وامسك عليك زوجك ». وامّا خشيته من الناس فهو أمر طبيعي لأنّه لو كان يقول انّ زينب سوف تكون زوجته ويظهر ذلك لكان الناس يعيبون عليه ويعيرونه بأنّه يطمع في زوجات الآخرين. وامّا قوله تعالى : ( وَالله أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ) فهو بيان لأمر واقعي ، والمعنى أنّه في موضع الخشية من الله فالله أحقّ أن تخشاه ، وإذا دار الأمر بين الخشية من الناس أو الخشية من الله فالله أحقّ بأن تخشاه ، وليس المراد انّك تخاف من الناس ولا تخاف من الله بل كما ذكرنا هو بيان الواقع من دون تطبيق على المورد. وامّا الآية الثانية بل فهي ناظره إلى اليمين التي صدرت من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حيث حلف أمام حفصة أن لا يباشر امته « مارية » ، فالتحريم انما كان بمعنى الامتناع أي يا أيّها النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لماذا تمتنع وتترك الحلال الذي أحلّه الله لك وتحرمه على نفسك بالحلف ، وليس في الآية ذمّ ولا عتاب بل إشارة إلى انّ اليمين في مثل ذلك لا يوجب تحريم الوطي فهو في الحقيقة بيان حكم شرعي ، أو إشارة إلى انّ مخالفة اليمين في مثل هذا المورد لا تكون محرّمة ولا توجب الكفّارة. وامّا الآية الثالثة فالمراد من غفران ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ستر ونسيان ماكانوا ينسبون إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من الكهانة والسحر والكذب وأمثال ذلك ممّا كان المشركون يرونه ذنباً للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وهذا من آثار فتح مكّة حيث انّه لما تغلّب عليهم وصاروا تحت قدرته وسلطته فمن الطبيعي أن لا يعترضوا عليه ولا يصفونه بارتكاب الذنوب من السحر والكهانه فيصير ذلك نسياً منسياً وامّا قوله : ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ ) بل استغفار النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمّة عليهم السلام فالوجه فيه مع عصمتهم بل حتّى أنّهم لم يتركوا الاُولى فضلاً عن ارتكاب الحرام هو انّ النبي والأئمة عليهم السلام كمعرفته الكاملة بعظمة الله تعالى وكرمه واحسانه ونعمه وآلائه يرون أنفسهم مقصّرين في أداء حقّ الله تعالى ، حيث انّهم مهما تعبدوا الله تعالى وتقرّبوا إليه بالطاعات والأعمال الصالحة والعبادات ، فمع ذلك لا يمكنهم أداء حقّه العظيم والقيام بوظيفتهم تجاه الخالق العظيم فانّهم ولو لأجل اشتغالهم بالاُمور المباحة التي هي من مستلزمات الحياة لا يمكنهم أداء حقّ الله تعالى ، حيث انّهم في هذه الحالات لم يقوموا بالعبادات الاُخرى كالصلاة ونحوها ، لذا يرون أنفسهم مقصّرين ويستغفرون الله تعالى لأجل ذلك.