هل يمكن أن يكون الصبي إماماً ؟

طباعة
هل يمكن أن يكون الصبي إماماً ؟

السؤال :
السّلام عليكم : مولانا الكريم بالنسبة لشخصية إمامنا محمّد الجواد ( عليه السّلام ) ... كيف تتمّ قيادة المجتمع ، والإمساك بزمام أمور العالم من قبله ( عليه السّلام ) ، وهو لم يتجاوز الـ (25) سنة من عمره الشريف ؟ وهل عند استلامه الإمامة لم تختلف قابليته عمّا في نهايتها ؟ أجيبونا وفقكم الله تعالى .

الجواب : من سماحة السيد جعفر علم الهدى
لقد كان عيسى بن مريم ( عليه السّلام ) نبيّاً وهو في المهد ، ويظهر من القرآن الكريم أنّه لم يكن فرق بين كونه في المهد وبين كونه رجلاً كبيراً .
قال الله تعالى : { إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً } {المائدة/110} .
وقال تعالى : { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا  } {مريم/12} .
وقال تعالى على لسان عيسى بن مريم ( عليه السّلام ) وهو طفل رضيع مخاطباً لبني إسرائيل : { إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا } {مريم/30} .
وكيف ما كان ، فالله أعلم حيث يجعل رسالته و ولايته وإمامته ، فلا استبعاد في أن يجعل الله تعالى طفلاً إماماً وحجّة على الخلق ؛ فإنّ الإمامة عند الشيعة الإمامية منصب إلهي ، وليس للناس اختيار في تعيين الإمام .
قال الله تعالى : { قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ } {البقرة/124} : أيّ الإمامة عهد يعطيه الله لمَن يختاره .
وقال الله تعالى : { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ } {القصص/68}.
وقال تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } {الأحزاب/36} .
ففي رواية عن ابن أسباط قال : خرج عليّ أبو جعفر الجواد ( عليه السّلام ) ، فجعلت أنظر إليه وإلى رأسه ورجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر ، فلمّا جلس قال : « ياعليّ إنّ الله احتجّ في الإمامة بمثل ما احتجّ في النبوّة قال الله تعالى : { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا  } {مريم/12} ، قال : ولمّا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنة ، فقد يجوز أن يعطي الحكم صبياً ، ويجوز أن يعطي ، وهو ابن أربعين سنّة » .
وفي إرشاد المفيد بسنده الصحيح عن معمّر بن خلاّد قال سمعت الرضا ( عليه السّلام )  وذكرشيئاً فقال : « ما حاجتكم إلى ذلك » ؟ « هذا أبو جعفر قد اجلسته مجلسي ، وصيّرته مكاني » ، وقال : « إنّا أهل بيت يتوارث أصاغرنا أكابرنا القذة بالقذة » .
وفي الكافي بسنده عن محمّد بن الحسن بن عمّار قال : كنت عند عليّ بن جعفر بن محمّد جالساً بالمدينة ، وكنت أقمت عنده سنتين أكتب عنه ما سمع من أخيه يعني أبا الحسن موسى بن جعفر ( عليه السّلام )  ، إذ دخل عليه محمّد بن عليّ الرضا المسجد ـ مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ـ فوثب عليّ بن جعفر بلا حذاء ولا رداء فقبّل يده وعظّمه .
فقال أبو جعفر ( عليه السّلام ) : « ياعمّ اجلس رحمك الله ».
فقال : ياسيّدي كيف أجلس وأنت قائم ؟
فلما رجع عليّ بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبّخونه ويقولون : أنت عمّ أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل ؟
فقال : اسكتوا إذا كان الله عزّوجلّ ـ قبض على لحيته ـ لم يؤهّل هذه الشيبة ، وأهّل هذا الفتى ، ووضعه حيث وضعه أُنكر فضله ؟ نعوذ بالله ممّا تقولون ، بل أنا له عبد .