هل من الممكن أنّ القرآن الكريم جمع غير مرتب ؟

طباعة

السؤال :

الأوّل : بخصوص آية التطهير لماذا وضعت مع النساء النبيّ صلّى الله عيه وآله وسلّم ؟ هل هي كما نزلت أو يقولون بعض الرواة أنّها نزلت في سورة الإنسان ، ولكنّ بنو أُمّية وضعوها في نساء النبيّ صلّى الله عيه وآله وسلّم هل هذا وارد أم لا ؟

الثاني : هل من الممكن أنّ القرآن الكريم جمع غير مرتب كما في آية الموّدة التي وضعت في سورة الشورى آية 23 وهي مكّية ، وآية الموّدة مدنية ، وكذلك آية إكمال الدين لماذا وضعت في سورة المائدة وآية التبليغ كذلك ؟ وهل القرآن مرتب حسب النزول ، وذلك بسبب نقول بني أُمّية أو غير ذلك ؟ وهل يوجد رأي آخر ؟

الجواب :

كلا السؤالين يرتبط بموضوع جمع القرآن وترتيبه حسب الكيفيّة التي يشاهدها المسلمون اليوم ، ورأينا في هذا الموضوع يتلخّص في أنّ القرآن الكريم كان قد جُمع وكُتب في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، ومن جملة أدلّتنا على ذلك حديث الثقلين المتواتر لدى المسلمين حيث قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : « إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي » ، فإنّ هذا الحديث الشريف يدلّ على أنّ القرآن كان مكتوباً مجموعاً في عهد النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وقبل وفاته ، إذ لا يصحّ إطلاق لفظ « كتاب » على شيء غير مكتوب وغير مجموع بل هو في صدور حفّاظه أو هو مبعثر هنا وهناك ، إنّ مثل هذا لا يُطلق عليه لفظ « كتاب » إلّا على نحو المجاز ، واللفظ لا يحمل على معناه المجازي من غير قرينة ، ولا قرينة في حديث الثقلين تدلّ على ذلك ، فنبقى نحن وظاهر لفظ « كتاب الله » في الحديث ، فإنّه ظاهر فيما كان له وجود واحد جمعي ، ولا يطلق على المكتوب إذا كان مجزَّءاً ومبعثراً غير مجموع ، فضلاً عمّا إذا لم يكتب وكان محفوظاً في الصدور فقط. وهناك أدلّة أخرى على ذلك.

والنتيجة أنّ إسناد جمع القرآن إلى الخلفاء أو إلى غيرهم أمر موهوم ومخالف للكتاب والسنّة والإجماع والعقل.

نعم لا شكّ في أنّ عثمان قد جَمَع القرآن في زمانه لكنّ لا بمعنى أنّه جَمَع الآيات والسور في مصحف بل بمعنى أنّه جَمَع المسلمين على قراءة واحدة وأحرق المصاحف الأُخرى التي تخالف المصحف الذي جمع المسلمين عليه ، وكَتبَ إلى البلدان أن يُحرّقوا ما عندهم منها ، ونَهى المسلمين عن الاختلاف في القراءة حتّى اعترض عليه في ذلك جماعة من المسلمين وسمّوه بَحرّاق المصاحف ، وقد صَرّح بهذا كثير من أعلام أهل السنّة.

إذاً القرآن مجموع في عهد النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، كما أنّ ترتيبه الحالي الذي يشاهده المسلمون اليوم كان بأمر النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، رغم أنّ هذا الترتيب ليس مطابقاً ترتيب نزول القرآن ، فهذا الترتيب يختلف عن ترتيب النزول ، لكنّه ترتيب أمَر به النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأمضاه الأئمّة المعصومون عليهم السلام أيضاً من بعده.

أمّا ما هي الحكمة في ذلك ؟ فهذا أمر لا يعلمه إلّا اللّه ورسوله والراسخون في العلم ـ الأئمّة عليهم السلام ـ ، نعم قد نحدس ونستنبط بعض الحِكَم والمصالح ، واللّه العالم.