شبهات على الشيعة

طباعة

شبهات على الشيعة
 

     السؤال : قلتم بأننا ننكر كل ما ورد في فضائل الإمام علي ، واننا حذفنا الأحاديث التي تبين مساوء الصحابة ، وخاصة مسالة اغضاب السيدة فاطمة الزهراء ،  لو كان هذا الكلام صحيحا لكان الأفضل علينا أن نحذف كل فضائل الإمام علي وأهل البيت من أحاديثنا ، ونحاول أن نسئ إليهم بشتى الطرق  ، حتى في الأحاديث الضعيفة عندنا والصادرة في كتب كبار علمائنا لا نهينهم ولا نلفق بهم ما لا يجوز ، بينما تجد في كتب الشيعة وبغض النظر إذا كانت صحيحة أو ضعيفة إهانات للرسول ولآل بيته ، وساعطيك مثال بسيط لأنك تعرف عن مإذا اتكلم :

     ثمّ نسبت الشيعة زورا إلى النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال : « من تمتع مرة كانت درجته كدرجة الحسين، ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن، ومن تمتع ثلاث مرات كانت درجته كدرجة علي بن أبي طالب، ومن تمتع أربع مرات فدرجته كدرجتي ».تفسير منهج الصادقين،/356، لمصنفه محمّد الملا الكاشاني.

     ونقل الكيني في أصول الكافي : « إنّ جبريل نزل على محمّد صلى الله عليه وآله فقال له : يا محمّد إنّ الله يبشرك بمولود يولد من فاطمة تقتله أمتك من بعدك ، فقال : يا جبريل، وعلى ربي السلام، لا حاجة لي بمولود يولد من فاطمة تقتله أمتي من بعدي، فعرج ثمّ هبط فقال مثل ذلك ،  فقال : يا جبريل ، وعلى ربي السلام ، لا حاجة لي تقتله أمتي من بعدي ، فعرج جبريل إلى السماء ، ثمّ هبط فقال : يا محمّد إنّ ربك يقرئك السلام ، ويبشرك بأنّه جاعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية ، فقال : إني قد رضيت ، ثمّ أرسل إلى فاطمة أن الله يبشرني بمولود يولد لك تقتله أمتي من بعدي ، فأرسلت إليه أن لا حاجة لي بمولود تقتله أمتك من بعدك ، فأرسل إليها أنّ الله عز وجل جعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية ، فأرسلت إليه أني قد رضيت ، فحملته كرها ووضعته كرها.... ولم يرضع الحسين من فاطمة عليها السلام ولا من أنثى ، كان يؤتى بالنبي صلى الله عليه وآله ، فيضع إبهامه في فيه ، فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاثة » . أصول الكافي للكليني ص294.

     وذكر الكليني : « عن أبي عبدالله عليه السلام : لما مات عبدالله بن أبي سلول حضر النبي صلى الله عليه وآله جنازته . فقال عمر لرسول الله صلى الله عليه وآله : ألم ينهك الله أن تقوم على قبره ، فسكت ، فقال : يا رسول الله، ألم ينهك الله أن تقوم على قبره . فقال له : ويلك ما يدرك ما قلت ؟ إني قلت : اللهم احش جوفه ناراً ، واملأ قبره ناراً ، وأصله ناراً » . فروع الكافي ، كتاب الجنائز، ص188 . والمقصود هنا التقية.

     وذكر أحمد بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج : « ثمّ انكفأت عليها السلام وأمير المؤمنين عليه السلام يتوقع رجوعها إليه ، ويتطلع طلوعها عليه ، فلما استقرت بها الدار،  قالت : لأمير المؤمنين عليه السلام يا ابن أبي طالب اشتملت شملة الجنين ، وقعدت حجرة الظنين ، نقضت قادمة الأجدل ، فخانك ريش الأعزل ، هذا ابن أبي قحافة يبتزني نحلة أبي وبُلغة ابني ، لقد أجهد في خصامي ، وألفيته ألد في كلامي حتى حبستني قيلة نصرها ، والمهاجرة وصلتها ، وغضت الجماعة دوني طرفها ، فلا دافع ولا مانع ، خرجت كاظمة وعدت راغمة ، أضرعت خدك يوم أضعت حدك ، افترست الذئاب ، وافترشت التراب ، ما كففت قائلاً ، ولا أغنيت طائلاً ،  ولا خيار لي ليتني مت قبل هنيئتي ، ودون ذلتي عذيري الله منه عادياً ، ومنك حامياً ، ويلاي في كل شارق ،  ويلاي في كل غارب ، مات العمد ، ووهن العضد ، شكواي إلى أبي ، وعدواي إلى ربي ، اللهم إنك أشد منهم قوة وحولاً ، وأشد بأساً وتنكيلاً ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : لا ويل لك بل الويل لشانئك ، ثمّ نهنهي عن وجدك يا بنت الصفوة وبقية النبوة ، فما ونيت عن ديني ، ولا أخطأت مقدوري ، فإن كنت تريدين البلغة ، فرزقك مضمون وكفيلك مأمون، وما أعد لك أفضل ما قطع عنك ، فاحتسبي الله ، فقالت : حسبي الله ، وأمسكت» .

     هل يعقل أن تخاطب السيدة البتول الزهراء رضي الله عنها زوجها سيدنا علي رضي الله عنه بهذا الأسلوب الذي لا ترتضيه أية زوجة عاقلة شريفة في يومنا هذا أيضاً أن تخاطب به زوجها، وإن حكمنا فرضا بصدق هذه الرواية فينتج عنه ـ والعياذ بالله ـ وقاحة السيدة الطاهرة فاطمة رضي الله عنها ، وغلظتها وشراستها في حق زوجها ، وجبن سيدنا علي رضي الله عنه ، وتخاذله أمام الناس في أمر حق، وهل يعقل ذلك وهو أسد الله الغالب الحيدر الكرار ذو الشجاعة والبطولات النادرة ، ولا أدري أين تذهب عقول الشيعة الذين يدعون محبة علي وفاطمة ، ثمّ يأتون بهذه السخافات التي تخالف ما يدعونه ، وفي الحقيقة كما ترى أنّهم يهينون بنات النبي صلى الله عليه وآله ، وكل ذلك يحصل عند اختراعهم لهذه الآيات الموضوعة لغرض ما من أغراضهم الدنيئة ، ويغيب عنهم أنّ الرواية الموضوعة قد ضرتهم من ناحية أخرى ، وهكذا دائماً حال الموضوعات من الروايات ، ويظهر كذبها أمام الناس أجمعين.

     وذكر أحمد بن أبي طالب الطبرسي أيضاً في الاحتجاج : « فقال سلمان : فلما كان الليل حمل علي فاطمة على حمار، وأخذ بيد ابنيه الحسن والحسين ، فلم يدع أحدا من أهل بدر من المهاجرين ولا من الأنصار إلا أتى منزله ، وذكر حقه ودعا إلى نصرته.... فأصبح لم يوافه منهم أحد غير أربعة ، فقلت لسلمان : من الأربعة ؟ قال : أنا وأبوذر والمقداد والزبير بن العوام ، أتاهم من الليلة الثانية . ثمّ الثالثة فما وفى أحد غيرنا » .

     وذكر الطبرسي أيضا : « فلما كان الليل حمل فاطمة على حمار ، ثمّ دعاهم إلى نصرته ، فما استجاب له رجل، غيرنا أربعة » .

     أفليس تجوال سيدنا علي ببضعة الرسول صلى الله عليه وآله السيدة الزهراء ، وأخذها إلى باب كل فرد من المسلمين في إهانة للسيدة الزهراء ولسيدنا علي رضي الله عنه أيضا ،  وهل يعقل أنّه بعد هذه الجهود كلها لم يستجب لهم أحد خاصة بنو هاشم ؟ .

     أرجو من سماحتكم الايضاح ، والسلام عليكم .

     الجواب : من  سماحة الشيخ هادي آل راضي


     1 ـ لم نقل إنكم أنكرتم كل فضائل الإمام علي عليه السلام ، وأتحدّاك أن تذكر لي مصدراً واحداً من المصادر المعتبرة يقول ذلك . نعم نحن ندّعي إن هناك خطة مدروسة وضعها الحكام وأصحاب الجمل في الدولتين الأمويّة والعباسية ـ تهدف هذه الخطة إلى طمس وإخفاء فضائل أهل البيت ونشر أو خلق فضائل غيرهم ، وهناك شواهد وقرائن كثيرة جداً على ذلك نذكر منها ـ كنموذج ـ شاهداً من الدولة الاُموية وآخر من الدولة العباسية .

     أ ـ قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة : 11/44 طبع دار إحياء الكتب العربية :

     وروى أبو الحسن علي بن محمّد بن أبي سيف المدائني في كتاب الإحداث ، قال : « كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة : أن برئت الذمة ممّن روى شيئاً في فضل أبي تراب وأهل بيته . فقامت الخطباء في كل كورة ، وعلى كل منبر يلعنون علياً ، ويبرؤون منه ، ويقعون فيه وفي أهل بيته ... وكتب إليهم ( عماله ) : أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه ، فاءتوا مجالسهم وقرّبوهم وأكرموهم ... فكثر ذلك في كل مصر ... ثمّ كتب إلى عماله أنّ الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر ، وفي كل وجه وناحية ، فإذا جاءكم كتابي هذا ، فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة ، والخلفاء الأولين ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وتأتوني بمناقض له من الصحابة...».

     ب ـ ذكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد : 13/289 طبع دار الكتب العلمية بيروت : « ذكر أنّ أبا عمر الجهفمي البصري نصر بن علي روى بإسناده عن الرسول : أنّه أخذ بيد الحسن والحسين فقال : من أحبني وأحب هذين وأباهما واُمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة ) ، قال ولمّا حدّث نصر بهذا الحديث أمر المتوكل بضربه ألف سوط » .

     2 ـ نحن نختلف عنكم في أنّ كل حديث يروى في كتبنا فهي كانت ، فهو يخضع للنقد في السند والمتن وليس عندنا صحاح ، كما عندكم ، الصحيح عندنا فقط هو القرآن الكريم ؛ فلا معنى لالزامنا بشيء لمجرد وجود رواية في واحد من كتبنا.

     ثمّ إنّ مسألة المتعة لا يمكن إنكارها بالمرة ، ما تقول في قوله تعالى في سورة النساء آية 24 : { فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ }. راجع التفاسير تجد صحة ما نقول من تشريع المتعة في زمان الرسول ، وبقيت كذلك إلى زمان الخليفة الثاني ، فحرمها كما هو المعروف .

     3 ـ الرواية التي نقلتها عن الكافي الواردة في شأن الحسين عليه السلام مرسلة ليست حجة ، قلنا إننا لا نلتزم بصحة كل رواية وردت في الكافي أو غيره ، ولا توجد عندنا صحاح كما عندكم.

     4 ـ الروايات التي تتحدث عن سوء المعاملة التي عوملت بها الزهراء عليها السلام كثيرة جداً ، مروية في كتبكم وفي كتبنا ، وإن كانت تختلف في المضأمين إلا أنّها تشير إلى معناً واحد نتفق عليه جميعاً ، وهو ما قلناه من أنّ المعاملة مع الزهراء عليه السلام بعد ارتحال النبي صلى الله عليه وآله لم تكن لائقة ، ولا متوقعة خصوصاً ، وأنّها البنت الوحيدة لأبيها ، والمرء يُحفظ في ولده ، فكيف بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله المنقذ والمصلح الأكبر ، والذي له فضل على كل البشر وخصوصاً المسلمين وبالأخص الصحابة ؟ ! ويكون الأمر أكثر وضوحاً إذا لاحظنا أنّ النبي صلى الله عليه وآله وبأمرٍ من المولى سبحانه وتعالى طلب من الاُمّة أن يكون أجر رسالته ، وما تحمّله في سبيل ابلاغها وتطبيقها هو : مودة أهل بيته وموالاتهم ؛ قال تعالى : { قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } (الشورى/23). وواضح أنّ الزهراء عليها السلام هي المصداق الواضح ، والقدر المتيّقن للقربى بأي معنىً فُسّرت ، أي سواء أريد بها قريش ، أو بنو هاشم ، أو أقرباء النبي صلى الله عليه وآله بنحو يشمل زوجاته وأعمامه وغيرهم ، أو أنّ المراد بهم هم أهل بيته بالخصوص كما نقول نحن . راجع تفسير الكشاف للزمخشري : 3/467 طبعة دار الفكر ، ومجمع الزوائد للحافظ الهيثمي : 7/106 منشورات مؤسسة المعارف ـ بيروت .

     5 ـ قلنا أن مجرد ذكر رواية في واحد من كتبنا لا يفي بالضرورة التزامنا بمضمونها بل حتى الكاتب نفسه قد لا يلتزم بذلك .