هل عليّ بايع أبا بكر إجتهاداً أم عصمة ؟

طباعة

السؤال : هل عليّ عليه السلام بايع أبا بكر اجتهاداً أم عصمة ؟

الجواب : أوّلاً : أصل البيعة مع أبي بكر غير معلوم والروايات مختلفة ، ففي بعضها بايع كُرهاً وفي بعضها لم يبايع حتّى توفّيت فاطمة عليها السّلام وفي بعضها لم يبايع أصلاً.

ثانياً : على تقدير البيعة فقد كانت إكراهاً وبلا رضيً منه ، وقد صرّحت الروايات بذلك بأنّه أُكره على البيعة وهدّدوه بقتله وقتل أصحابه.

وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السّلام : « والله لم يبايع عليّ حتّى رأى الدخان قد دخل بيته ».

وفي إثبات الوصيّة للمسعودي : « فوجّهوا إلى منزله ، فهجموا عليه ، وأحرقوا بابه ، واستخرجوه منه كُرهاً ».

وفي كلام ابن قتيبة في كتابه [ الإمامة والسياسة 1 : 30 ط مصطفى الحلبي ] : « وبقي عمر ومعه قوم : فأخرجوا عليّاً عليه السّلام فمضوا به إلى أبي بكر.

فقالوا له : بايع.

فقال : إن لم أن لم أفعله فمه ؟

قالوا : إذاً والله الذي لا إله إلّا هو نضرب عنقك ».

وفي [ العقد الفريد 2 : 254 ، وتاريخ الطبري 3 : 198 ] : « نقل ابن خيزرانة في غرره قال زيد بن أسلم : « كنت ممّن حمل الحطب مع عمر إلى باب فاطمة حين أمتنع عليّ وأصحابه من البيعة ».

وفي [ عقد الفريد 5 : 13 ] : « فأقبل عمر بشيء ـ بقبس ـ من نار على أن يضرم ـ عليهم ـ الدار ».

وفي [ روضة المناظر : بهامش الكامل لابن الأثير 11 : 113 ] : « إنّ عمر جاء إلى البيت عليّ ليحرقه على مَن فيه ».

وفي [ أنساب الأشراف 1 : 586 ] : « إنّ أبا بكر أرسل إلى عليّ يريد البيعة ، فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه فتيلة فتلقّته فاطمة على الباب ... ».

وفي [ الإمامة والسياسة 1 : 12 ] قال عمر : « ... والله لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة » .

ولمّا كان الإمام المعصوم عليّ بن أبي طالب عليه السّلام رأى أنّه وأصحابه سوف يقتلون ، ولا يترتّب على قتلهم أيّ فائدة ونفع للإسلام ، فبايع مكرهاً ، وكان معذوراً عند الله تعالى ، ولذا ورد أنّه حينما مرّوا به على قبر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلتفت إليه وقال : ( قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي ) [ الأعراف : 150 ].

نعم باعتقادنا إنّ عليّاً عليه السّلام كان يتمكّن لوحده أن يقضي عليهم ، ويأخذ بحقّه الشرعي في الخلافة والإمامة قهراً ، ولكنّه لأجل حرصه الشديد على كيان الإسلام ترك ذلك ، لأنّه رأى أكثر القوم منحرفين عنه يشعرون تجاهه بالحقد الدفين ، لأنّه قتل آباءهم وأبناءهم وعمومتهم وأبناء عشيرتهم في الغزوات دفاعاً عن الإسلام والمسلمين ، فإمّا أن يقتلهم جميعاً أو يرتدّوا على أدبارهم كفّاراً وتبقى جماعة قليلة من المؤمنين يزول الإسلام بزوالهم ، ولذا ورد عن الأئمّة عليهم السّلام أنّه كان في أصلاب قوم كافرين ومنافقين ودائع مؤمنين فما كان عليّ عليه السّلام يقتل الآباء حتّى تخرج منها تلك الودائع.