لماذا لم يطلب علي رضي الله عنه حقه في الخلافة ؟

طباعة

لماذا لم يطلب علي رضي الله عنه حقه في الخلافة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان على حقّ ؟

 

أولاً : طالب علي عليه السلام بحقّه واجتمع على القوم وناشدهم وأظهر غضبه وسخطه على غصب الخلافة ، بل في بعض الروايات إنّ عليّاً عليه السلام كان يأخذ فاطمة والحسن والحسين عليهما السلام أربعين ليلة إلى بيوت الأنصار يطلب منهم النصرة للوصول إلى حقّه الشرعي في الخلافة. وقد دافعت الزهراء عليها السلام عن علي عليه السلام وطالبت بحقّه ولكنّهم ضربوها وآذوها حتى ماتت وهي واجدة عليهم وأوصت أن تدفن ليلاً ولا يشترك في تشييعها وتجهيزها من غصب الخلافة وأتباعهم.

ثانياً : انّما لم يقم علي عليه السلام بمحاربة القوم ومطالبة حقّه بالقوّة والكفاح المسلّح مخالفة أن يرتدّ الناس عن الإسلام ، فانهم كانوا حديثي عهد بالإسلام ولم يتمكّن الإسلام في قلوب أغلبهم. وقد كان لدى القوم أحفاد وضغائن ضدّ علي عليه السلام حيث قتل آبائهم وإخوانهم وأبناء عشيرتهم في الغزوات دفاعاً عن الاسلام والنبي الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم كما أشارت الزهراء عليها السلام في خطبتها « ومانقموا من أبي الحسن نقموا والله نكير سيفه وقلّة مبالاته بحتفه وشدّة تنمره في ذات الله ».

وفي الحديث عن ربعي عن زرارة قال : « قلت لأبي عبدالله عليه السلام ما منع أمير المؤمنين عليه السلام أن يدعوا الناس إلى نفسه ؟ قال : خوفاً أن يرتدوا ( ولايشهدوا أنّ محمّداً رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ».

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : « انّ عليّاً لم يمنعه من ان يدعوا الناس إلى نفسه إلا انّهم ان يكونوا ضلالاًَ لا يرجعون عن الاسلام أحبّ إليه من أن يدعوهم فيأبوا عليه فيصيرون كفاراً كلّهم ». وعن بعض أصحابنا قال : « قلت لأبي عبد الله عليه السلام لم كفّ علي عليه السلام عن القوم ؟ قال : مخالفته ان يرجعوا كفاراً ».

ثالثاً : ورد في الأخبار انّ علياً عليه السلام انما لم يقاتل القوم فيقتلهم ـ وكان قادراً على ذلك ـ لوجود ودائع مؤمنين في أصلاب قوم منافقين فلم يقتل علي عليه السلام الآباء لأجل الأولاد والذريّة المؤمنة. ففي الحديث عن إبراهيم الكرخى قال : « قلت لأبى عبد الله عليه السلام أصلحك الله ألم يكن علي عليه السلام قويّاً في دين الله عزّ وجلّ ؟ قال : بلى. قال : فكيف ظهر عليه القوم وكيف لم يدفعهم وما منعه من ذلك ؟ قال : آية في كتاب الله عزوجل منعته. قلت : وأيّ آية ؟ قال : قوله تعالى : ( لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) [ الفتح : 25 ] ، انّه كان الله عزّ وجلّ ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن علي عليه السلام ليقتل الآباء حتى تخرج الودائع ، فلمّا خرج الودائع ظهر علي عليه السلام من ظهر فقاتله وكذلك قائم أهل البيت لن يظهر أبداً حتى تظهر ودائع الله عزّ وجلّ ، فإذا ظهرت على من ظهر فقتله ».

والمراد أنّ الامام علي عليه السلام بسبب عدم وجود الأعوان والأنصار كان يدور أمره بين ان يقاتل القوم فيقتلهم عن آخرهم فلا يبقى للإسلام اسم ورسم ، لانّه كان يبقى وحده مع جماعة قليلين من أهل بيته وأصحابه ، فيموت الإسلام بموتهم وامّا ان يصبر ولا يقاتل القوم وانما يحتج عليهم ويثبت حقانيته بالأدلّة والبراهين والحجج الدامغة لكي يبقى الاسلام ببقاء القوم وذريّتهم ونسلهم خصوصاً مع وجود أولاد وذريّة مؤمنين في أصلابهم. وأحسن مثال لذلك محمد بن أبى بكر فانّه كان مؤمناً معتقداً بإمامة علي عليه السلام ، بل هو من المخلصين والموالين لعلي علي السلام وقد تولّد من صلب أبى بكر الذي غصب الخلافة. وقد قال محمد مخاطباً لأبيه :

يا ابانا قد وجدنا ما صلح * خاب من كنت أبــاه وافتضح

انما اخرجنى منك الذي * اخرج الدرّ من المــاء الملــح