الإمام علي ع بين الافراط والتفريط

طباعة

 

 

الإمام علي ع بين الافراط والتفريط
 

 

السؤال : ما قول العلماء جزاهم الله خيراً ممّا ابتليت به أمة الإسلام من كثرة الوضاعين الذين يضعون الأحاديث على لسان النبي ، أو على لسان أحد من أصحابه ، كما أنّها قد ابتليت بوجود الغالين ووجود المفرطين .
ولكن الله قيض لأمته أهل السنة أهل الوسطية الذين يردون عن دين الله تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، فلله الحمد والمنة ، وممّا تسرب إليه التحريف والكذب تاريخ الإسلام سواء عصره الأوّل أو الأخير ، ومن الشخصيات التي ظلمت أيما ظلم من طائفتين الشيعة . ( .. والنواصب ) شخصية الصحابي الجليل العظيم الحيدر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وعلي ابن أبي طالب (ع) قد جير لحساب بعض الفرق المتضادة: 


         وكلا تدعي وصلا بليلى * وليلى لا تقر لهم وصالا


فعلي وقع بين مفرطين ، فالشيعة قد رسمت شخصية مكذوبة ، وقالت : أنّها هي شخصية ( علي ) وهو منها براء ، والنواصب فعلت كما فعلت الشيعة ، ويبقى علي هو علي عند أهل السنة أنصار علي (ع ) .
وعند أحاديث الحوض نريد أن نحاكم الشخصية التي قد زورها كلا من الشيعة والنواصب باسم ( علي ـ ع ـ ) ، ونضع النقاط على الحروف أحاديث الحوض : مقومات الشخصية التي أختلقها الشيعة بأسم علي.
هو الإمام المفترض الطاعة.
لم يأخذ بحقه في اليوم الذي توفي فيه الرسول صلى الله عليه وآله .
هوجمت فاطمة ( ع ) ولم يفعل شيء .
توفر له من الأنصار والأعوان والمحبين الكثير ، ومع ذلك لم ينصر الحق الإلهي المنصوص عليه من قبل الرسول صلى الله عليه وآله ، وترك الأمر للظلمة.
استباح أخذ الأعطيات والهبات من الظلمة.
كان من المعاونين للظلمة . . .  يقول الشيعة على لسان عمر :« لولا علي لهلك عمر» .
كان من المستشارين عن الكفرة المنتهكي حق فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وآله!
نزل على حكم الشجرة الملعونة في القرآن .
استأنس بقرب الظلمة فزوج أحدهم ابنته .
يثني على الظلمة انظر ( نهج البلاغة ) .
يشتم ويسب شيعة آل البيت.
وغيرها من الصفات التي ألصقها به الشيعة ظلما وزورا وبهتاناً !
أمّا مقومات الشخصية التي رسمها النواصب لعلي أفتراء وزورا وبهتانا .. فهي :
شارك في قتل الخليفة عثمان ( ع ).
أجج الناس ضد الخلفاء طمعاً في الخلافة.
ارتد وكفر حينما حكم الرجال.
ذهبت كل فضائله ومناقبه بعد كفره وارتداده.
كل من شارك في التحكيم فهو كافر : علي وأخوه ابن عمه عبدالله بن العباس وعمار ومعاوية وابن العاص ومن معهم .
وبناءاً على هتين الطائفتين وآرائهما التي رسمت الشخصية المكذوبة ... على الصحابي الجليل علي ، نبدء المحاكمة لهذه الشخصية ونطبق عليها أحاديث : الحوض .... ونقول وبالله العون والسداد.
بناءً على ما استشهد به إخواننا الأفاضل الشيعة من الأحاديث التي تتحدث عن الحوض نصل إلى قول النبي صلى الله عليه وآله :« إنك  لا علم لك بما احدثوا بعدك . إنّهم ارتدوا على ادبارهم القهقرى ...» .
يدل على عدم علم النبي صلى الله عليه وآله بما احدثوا من بعده ، وهذا ما جعله لا يقول فيهم أحاديث تذمهم أو تحذر منهم بل قد مات النبي صلى الله عليه وآله وهو لا يعلم حالهم ، بل قد يكون قد قال فيهم أحاديث تمدحهم وتعلي من شأنهم ؛ وذلك راجع لحكم النبي صلى الله عليه وآله على ظاهرهم ، والنبي لا يعلم الغيب .
ويدل هذا الحديث على أنّ بعض الصحابة قد فعلوا فعلة شنعاء ، كترك أصل من أصول الدين ، أو التخلي عن الدفاع عن بنت الرسول صلى الله عليه وآله أو السكوت عن الحق ، وهذا لم يكن يخطر في بال النبي صلى الله عليه وآله:  « إنك  لا علم لك بما أحدثوا بعدك ... » .
قول النبي صلى الله عليه وآله : « فأقول يا رب مني ومن أمتي ، فيقال : أما شعرت ما عملوا بعدك ، والله ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم » .
 وهذا الحديث خطير ( جدّاً ) يدل على أنّ هذا الشخص قريب جدّاً من النبي صلى الله عليه وآله حيث لم ! يكتفي الرسول صلى الله عليه وآله بقوله من أمتي ! ! ، بل سبقها بقوله يا رب مني !
وهذا يدل على أنّ هذا الشخص من الرسول والرسول منه ! « أنت مني وانا منك  » .
 ويدل هذا الحديث أيضاً بقوله ما « برحوا » على أنّ هذا الشخص قد عطل فوراً بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله أصلا من أصول الدين .
قوله صلى الله عليه وآله : « أمراء يكونون من بعدي فمن غشي أبوابهم فصدقهم في كذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه » . هذا يدل على أنّ هذا الشخص ممّن يغشى مجالس الظلمه ، ويستأنس بهم ، ويأخذ عطياتهم ، ويشاورهم في أمورهم ، فلولاه لهلكوا .
ثمّ يتوعده النبي صلى الله عليه وآله بسحب الصلاحية والمنزلة المعطاة له ! بقوله : « فليس مني ولست منه » ؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وآله ما كان يعلم بما سيحدثه من بعده من الركون للظلمة وحب الدنيا والأعطيات والإمتيازت .. ويترك أصل الدين معطلاً ، والنبي لا يعلم الغيب.
وقوله صلى الله عليه وآله : « أصيحابي . . . أصيحابي ».
يقول أبو الزهراء ـ حفظه الله ـ : « ولفظة التصغير تدل على القرب ، وليس على البعد ، أي أنّ هؤلاء الصحابة من القريبين والقريبين جداً من النبي » .
وقوله صلى الله عليه وآله :  قال: ( رجل يا رسول الله أنا فلان بن فلان ، وقال أخوه أنا فلان بن فلان . . . ) قال لهم :« أمّا النسب فقد عرفته ، ولكنكم أحدثتم بعدي ، وارتددتم القهقري » .
وهذا حديث خطير حيث يدل ويشير بقوله ( أنا فلان بن فلان ) لا لتعريف النبي بهم ؛ لأنّ النبي كما يقول الحديث يعرفهم إذا رآهم ! ! ! بل الحديث يكشف لنا سرا ! ! ! ما هو ؟ ؟ ؟ أنّ هذا الرجل يريد أن يذكر النبي صلى الله عليه وآله بقربه منه ، وأنّه ابن فلان ، الذي رباه ونصره وآواه ، وكفله وذب عنه كيد قريش ، وأنّه فلا أخوه وزوج بنته ! ! !
أمّا الذي قال : أنا ( فلان بن فلان ) الرجل الثاني فهو أيضاً يريد كسب عطف النبي صلى الله عليه وآله ، لكونه ابن فلان عم النبي صلى الله عليه وآله ، ولكن النبي صلى الله عليه وآله يرد عليهما قائلاً : « أمّا النسب فقد عرفته » ، وكأنّ النبي صلى الله عليه وآله يقول لا تنفع القرابة يوم القيامة بل الأعمال .
وكما قال صلى الله عليه وآله يا بني هاشم لا يأتيني الناس بالأعمال الصالحة ، وتأتون أنتم بالقرابة والنسب ! ، وقد تحقق وعد النبي صلى الله عليه وآله ! ولكن النتيجة « ولكنكم أحدثتم بعدي».
 وهذا ما حصل يوم تركتم النص الإلهي ونبذتماه وراء ظهوركم ، وتركتم أصل الدين وحكمتم الشجرة الملعونة في القرآن !
أمّا حديث عمار فهو مرفوض ـ على رأي الخوارج ـ لأنّه ممّن حكم الرجال في كتاب الله ، وعندما نريد أن نطبق هذه الأحاديث على أحد ، فإنّها تنطبق كليا على الشخصية ( التي أخترعها الشيعة للصحابي الجليل العظيم ـ أمير المؤمنين ورابع الخلفاء المهديين ـ كذباً وبهتاناً ) ، وعلي ( ع ) برئ منها ومنهم براءة الذئب من ابن يعقوب .
أمّا علي ( ع ) عند أهل السنة فهو لا نص عليه ، وقد بايع الخلفاء عن كل اقتناع ، ولم يترك فاطمة هملاً تحرق في البيت ؛ لأنّ هذه القصة ممّا وضعته الشيعة كذباً على علي ( ع ) ، ولم يهادن ويجامل الظلمة بل هم صديقين وأبرار وأخيار وصالحين وخلفاء حق .
وأخيراً : من الذي ! يحب علي ( ع ) ويدافع عنه ؟ ومن يكذب على علي ( ع ) ويشوه صورته بالخزعبلات ! ؟

 


الجواب : من سماحة السيد علي الميلاني

 


أمّا ما نقلتموه عن النواصب وكذّبتموه ، فأنتم مشكورون على هذا الانصاف ، وإن كان أتباع ابن تيمية لا يعجبهم كلامكم .
وأمّا ما نقلتموه عن الشيعة ، فإن الشيعة لاتغالي في علي ، فلا تجعله إلهاً ، ولا نبياً من الأنبياء ، وإنّما تقول لأهل السنة إستناداً إلى ما في صحاحهم ومسانيدهم وغيرها ـ من الكتب ـ بأنّ كتبكم مشحونة بالأدلة الدالّة على إمامة علي ، وبعدم صلاحيّة الشيوخ الثلاثة ؛ لأن يقوموا مقام النبي ، وأنّ علياً وأهل البيت وشيعتهم مظلومون .
تقول الشيعة : إنّ كل ذلك مذكور في كتب السنّة المعتمدة ، فإن كان أصحاب تلك الكتب كاذبين على رسول الله وأصحابه فما ذنب الشّيعة ؟ ومإذا تقول أيها السّائل ؟
وحديث الحوض موجود في البخاري وغيره وفي كتب الشيعة ، وهو جدير بالبحث والتحقيق ، ونحن مستعدّون لذلك ، نحن بخدمتك بشرط الاجتناب عن الشتم والسباب والكلام الفارغ ، ونرجو أن تكون حراً منصفاً في الحكم ، موضوعيّاً في البحث ، إن كنت تريد الحقيقة ، وإلاّ فلا تتعب نفسك ، ودعنا نشتغل بما هو المهم عندنا.