ما هي الفلسفة الحقيقة لوجود الإنسان ؟

طباعة

السؤال :

ما هي الفلسفة الحقيقة لوجود الإنسان و ما هي العلّة من خلقه ؟

الجواب :

إنّ العلّة من خلق الإنسان والفلسفة الحقيقيّة لوجوده هي ما عبّر عنه القرآن الكريم بقوله : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) [ الذاريات : 56 ] ، أيّ انّ غرض الخلقة هو كون الخلق عابدين لله تعالى ، لا كون الله معبوداً.

وهذا الفرض « وهو كون الخلق عابدين » أمر يستكمل به الإنسان ، وترتفع به حاجة الإنسان فيثاب على عبادته وينتفع بها. ولنا أن نقول : إنّ خلق الإنسان لأجل كونه عابداً لله ، وغرض العبادة المعرفة الحاصلة بها لله والخلوص لله ، فهذه المعرفة لله والخلوص له هو الغرض الاقصى ، والعبادة تكون غرضاً متوسطاً.

وبهذا يتبيّن أنّ الغرض من الخلقة : العبادة التي يكون غرضها معرفة الله والخلوص له ، فإذا كان الإنسان يسعى إلى العبادة ، والعبادة تسعى به إلى معرفة الله والخلوص له ، فقد وصل الإنسان إلى الكمال وهو العلّة من الخلقه ، وهذه الغاية تحصل في الكون ؛ لأنّ بعض المخلوقين يعبدون الله وبعبادته يصلون إلى معرفته والخلوص له فقد حصلت الغاية من سرّ الخلقة والعلّة لها.

ويمكن القول : بأنّ العلّة من الخلقة هو العبادة ، والعبادة هو المثول بين يدي ربّ العالمين بذلّ العبودية وفقر المملوكيّة قبال العزّة المطلقة والغنى المحض ، فإنّ عرف الإنسان ذلك فقد كمل واهتدى ، وإذا اهتدى الناس فقد صلح العالم ، ولذلك قال تعالى : ( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَ‌بِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ) [ الفرقان : 77 ] ، حيث بدّل العبادة بالدعاء.

إذاً حقيقة العبادة نصب العبد نفسه في مقام الذلّ والعبوديّة وتوجيه وجهه إلى مقام الخالق ، وهذه المعرفة الحاصلة من العبادة هي التي فُسّرت بها العبادة ، فإذا انقطع الإنسان من كل شيء وعن نفسه وذكر به وتوجّه إليه فقد عرف نفسه وعرف ربّه وبذلك صار مهتدياً صالحاً ، فإذا كان كلّ الناس كذلك ، فقد وجد المجتمع الصالح ووجدت الجنّة في الأرض.