إذا كان الله عزّ وجلّ أعلم بمخلوقاته وما يحصل لها لماذا خلقهم ؟

طباعة

السؤال :

إذا كان الله عزّ وجلّ أعلم بمخلوقاته وما يحصل لها ، ويعلم الذي يذهب إلى النار والذي يذهب إلى الجنّة ، إذن لماذا خلقهم ؟

الجواب :

خلق الله تعالى الناس ليصلوا إلى الكمال والسعادة الدنيويّة والاُخرويّة بواسطة معرفته وعبادته وإطاعته ، وقد جعل الإنسان مختاراً في أعماله وأفعاله ليستحقّ المدح والثواب والأجر على الأعمال الصالحة أو يستحقّ الذمّ والعقاب على الأعمال السيّئة ، فالله تعالى وإن كان عالماً بعاقبة الاُمور ويعلم من يختار الإيمان والعمل الصالح كما يعلم من يختار الكفر والمعصية لكن علمه بذلك ، لا يكون سبباً لوصول المؤمن إلى الكمال واستحقاقه للأجر والثواب ، كما لا يكون سبباً لشقاوة الكافر واستحقاقه للعقاب.

بل السبب للوصول إلى الكمال أو الإنحطاط هو عمل الإنسان ، فلابدّ أن يخلق لكي يصدر منه العمل فيصل بذلك إلى الكمال أو الشقاء.

وليس خلق الإنسان لأجل الإمتحان ، بمعنى انّ الله تعالى لم يخلق الإنسان لكي يعلم ويميّز المؤمن من الكافر والمطيع من العاصي ، حتّى يقال بأنّه عالم بعواقب الأمور ؛ فلماذا خلق الخلق ؟

بل إنّما خلق الناس لكي يصلوا إلى الكمال والسعادة بأعمالهم وأفعالهم وعقائدهم الصحيحة ولما كان ذلك يتوفّق على أن يكون الإنسان مختاراً في أعماله وأفعاله ، فلا محالة قد يختار البعض طريق الهدى والصلاح فيصل إلى الكمال ، وقد يختار البعض طريق الشرّ والفساد فيستحقّ العذاب ويدخل النار.

قال الله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) [ الذاريات : 56 ] ، وبما انّ الله تعالى غنيّ على الإطلاق ولا يحتاج إلى عبادة الخلق وطاعتهم فلابدّ أن يكون المراد من الآية المباركة : « ما خلقت الجنّ والإنس إلّا ليصلوا إلى الكمال ويدخلوا الجنّة بسبب معرفة الله وعبادته وإطاعة أوامره ونواهيه وامتثال أحكامه وتشريعاته ».

قال أمير المؤمنين عليه السلام : « انّ الله خلق الخلق غنيّاً عن طاعتهم وآمناً من معصيتهم لأنّه لا تنفعه طاعة من إطاعة ولا تضرّه معصية من عصاه ».