كيفيّة تحقيق كتاب الكافي ؟

السيّد جعفر علم الهدى

السؤال :

قال لي أحد الإخوة كتاب الكافي قام بتحقيق أحاديث الكتاب اثنان من علمائكم على ما أظنّ وهما المجلسي والبهبودي ، وقد لاحظت أنّهما يتناقضان كثيراً في الحكم على الأحاديث ، فقرّرت جمع ما اتّفقا على صحّته في ملفّ ، ولكنّي وجدت أنّه بهذه الطريقة سيذهب الكثير من معتقد الإماميّة ، أبسطها أنّه لن يصحّ في باب الإشارة والنصّ على أمير المؤمنين عليّ وباب الإشارة والنصّ على الحسن وباب الإشارة والنصّ على الحسين وباب الإشارة والنصّ على عليّ بن الحسين وباب النصّ والإشارة على محمّد الباقر رضي الله عنهم أجمعين من الذي يُعتمد عليه من الاثنين ؟

فهل ما قاله صحيح ؟

الجواب :

لقد وقع الإشتباه بين تصحيح السند وتضعيفه وبين تصحيح الرواية وصدورها عن المعصومين عليهم السلام ، ولا ملازمة بينهما ، فقد يكون السند صحيحاً لكن توجد قرائن على ضعف الرواية وعدم صدورها ، وقد يكون السند ضعيفاً لكن توجد قرائن تدلّ على الوثوق بصدور الرواية ، كما يقال : من أنّ عمل المشهور بالرواية الضعيفة يوجب جبر سندها.

وإنّما تعرّض المجلسي لبيان سند روايات الكافي لأجل أن يكون صحّة السند طريقاً إلى الوثوق بالصدور .

وأمّا الحكم بضعفه ، فالمراد أنّ السند ضعيف لا يكون بمجرّده موجباً للوثوق بالصدور ، لكن لاينافي في صحّته واقعاً لوجود القرائن الداخليّة والخارجيّة بل المجلسي يُعّد من المحدّثين الذين يرون أنّ أخبار الكتب الأربعة مقطوعة الصدور بنحو عامّ ، فكيف يحكم بضعف رواية موجودة في الكافي حقيقة مع أنّه لا يتناسب مع مسلكه ؟ فلا محالة مراده المماشاة مع الأصوليين ، فيتكلّم حسب مصطلحهم لكن يرى الرواية صحيحة على مسلكه ، ولو لأجل القرائن الموجبة للقطع أو الاطمينان بصدور الروايات الموجوة في الكتب الأربعة.

وعلى كلّ حال فالضعف السندي لا يلازم ضعف الرواية واقعاً وعدم صدورها عن المعصومين عليهم السلام.

المقالات المرتبطة

وهذا ممّا يؤيّد كلامنا أن نظر هؤلاء إلى بيان الأحاديث التي تكون معتبرة في نفسها ، بحيث لا حاجة فيها إلى قرائن تدلّ على صحّتها ، وهذا لا ينافي ان تكون الرواية معتبرة من جهات أخرى ، وان لم تكن صحيحة من حيث السند.
وأمّا عدم ذكر الأحاديث الحسنة أو الموثّقة ، فلعلّ رأيه هو حجيّة خصوص الخبر الصحيح الأعلائي ، وهو من يكون راويه عادلاً إماميّاً في جميع الطبقات ، لكن هذا على خلاف مبنى المشهور ـ ومنهم السيّد الخوئي قدّس سرّه ـ من حجيّة الخبر الموثّق بل الخبر الحسن الذي رواية إمامي ممدوح.
وعلى كلّ حال فالخبر الضعيف أو الخبر الموثّق والحسن عند من لم يقل بحجيّتهما قد يحكم بصحّته لقرائن داخليّة أو خارجيّة ، ومنها عمل المشهور واستنادهم اليه في مقام الفتوى.
ثمّ انّ التعبير بالخبر الضعيف عن الخبر الذي لم يثبت اعتباره تعبير مسامحي حيث انّ ظاهر كلمه الضعيف أنّه كذب وباطل والحال انّهم لا يريدون ذلك بل المراد انّه لم يثبت صحّته واعتباره.

رد | رد مع اقتباس | اقتباس