لماذا الشيعة تختلف عن بقيّة المذاهب في مسألة التكتّف في الصلاة ؟

طباعة

السؤال :

ماذا يكون ردّنا على من يقول : بأنّ الشيعة تختلف عن بقيّة المذاهب في الصلاة ؛ حيث أنّ الشيعة يسبلون وغيرهم يكتف أو يشبك اليدين عند القيام ؟

نرجو توضيح هذه المسألة بالدليل من الكتاب والسنّة كلّما أمكن.

وإفادتنا من أين أتت هذه الإختلافات ؟

الجواب :

نقول : نحن المسلمون ـ كما ينبئ ويشهد هذا الاسم ـ لا مناص لنا ، ومفروض علينا أن نكون سِلْماً وطوعاً لكتاب الله ، ومنهاجنا سُنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله ، كما نصّ عليه الكتاب الحكيم في قوله عزّ من قائل : ( أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ) [ النساء : 59 ].

وقوله تعالى : ( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) [ الحشر : 7 ].

وقوله تعالى : ( لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) [ الأحزاب : 21 ]. إلى غير ذلك من الآيات البيّنات.

ونحن الشيعة ، حسب ما تعرّفنا قواميس اللغات ، وقبلها صحيح الآثار ، والعديد من الروايات ، هي التي تتّبع علياً عليه السلام والأئمّة المعصومين من أهل بيته عليهم السلام ، ونسير على سيرتهم ، ونتّبع منهجهم ، ونأخذ أقوالهم ، ولا نتخطّى عنهم ؛ لأنّهم عدل الكتاب ، آخذين بقول الرسول صلّى الله عليه وآله ، عاملين بأمره ، إذ قال : « إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي » ، والعشرات ، بل المئات ، من أمثالها من النصوص الصحيحة الصريحة ، والأدلّة الثابتة القاطعة ، لا نتخلّف عنهم قيد شعرة ، كما هم لا يتخلّفون عن الكتاب ، وعن قول الرسول صلّى الله عليه وآله مثقال ذرّة ، لا يتركون إلّا ما تركه الرسول ، ولا يقولون إلّا ما قاله صلّى الله عليه وآله ، وأهل البيت أدرى بما في البيت.

وأمّا إخواننا أهل السُنّة فهم لا يلتزمون باتّباع نفس الرسول صلّى الله عليه وآله ! بل يرفضون صريح الكتاب العزيز ، فهم لا يعتبرون الكتاب والسُنّة مصدر التشريع والافتاء ، بل يثبتون لأعلامهم الخلفاء ، في قبال قوله أحكاماً وأقوالاً وآراء ، وكأنّهم للرسول صلّى الله عليه وآله شركاء ، وقد اشترطوا في قبول الخلافة لعلي أمير المؤمنين عليه السلام في الشورى العمل بسيرة الشيخين ، زيادة على العمل بالكتاب والسُنّة ، وبرفضه للزيادة فقط نقلوا الخلافة إلى عثمان ، وهذا شيء ما أنزل الله به من سلطان ، وليس لهم عليه دليل ولا برهان ، بل يخالفه ويرفضه كلّ عقل سليم ، وصريح آيات القرآن ، وهذا هو نقطة الخلاف ، ورمز الاختلاف ، والسبب في عدم الوفاق والائتلاف بيننا وبينهم.

وهذه إحدى الموارد ، فالصلوات المفروضة ما عدا المندوبة التي كان الرسول صلّى الله عليه وآله يصلّيها في مواقيتها الخمسة ، بمنظر ومرأى من كلّ مسلم وكافر ، ومؤمن ومنافق في كلّ حياته كان يسبل ويرسل يديه ، وقال صلى الله عليه وآله : « صلّوا كما رأيتموني اُصلي » ، متّفق عليه هذا الحديث ، وذكره البخاري : 1 / 162 ، ورواها أصحاب السنن ، فلا إشكال في صحّة الصلاة مع الإسبال ، وجوازه مجمع عليه عندهم ، بل عند مالك : الإسبال أحبّ إليه ، والعمل بالمتّفق عليه يوجب اليقين بخلاف العمل بالمختلف فيه.

نعم ، في صحيح البخاري رواية مرفوعة تقول : « كنّا نؤمر بالتكتّف بالصلاة » ، لكن من الآمر ، وفي أيّ زمان ، ولأي سببّ ؟ فهو مجهول غير معلوم بل نفس الأمر شاهد على أنّه أمر طارئ وحادث لم يكن في عصر الرسول ، وإلّا فلا يحتاج إلى الأمر به.

ورؤية صلاته كانت كافية عن الأمر به ، فإذا هو أمر مستحدث بعد الرسول ، فيكون بدعة ولا يجوز العمل بها ، لكنّهم يجعلونه من المندوب ، ويلتزمون به ، وهناك على الألسن له سبب معروف ومشهور ، ويؤيّده ما في رواياتنا من قول الإمام الباقر عليه السلام : « لا تكفر ، إنّما هو من صنع المجوس ».