اجلب دليل واحد فقط من القرآن أو الأحاديث المؤكّدة فيه جواز طلب الشفاعة من المخلوق.

طباعة

السؤال :

اجلب دليل واحد فقط من القرآن ، أو الأحاديث المؤكّدة ، فيه جواز طلب الشفاعة من المخلوق.

يا أخي لا تؤلوا الآيات ، فآيات الشفاعة بيانه صريحة ، لا تحتاج تأويل ولا تمويه. تترك ربّ العباد وتطلب العباد يشفعوا لك ؟

الجواب :

لم تفهم للأسف معنى الشفاعة ، وخصوصيّات الشفيع والمشفّع له ، كما لم تراجع الأحاديث الواردة حتّى من طرق علماء أهل السنّة التي تصرح بثبوت الشفاعة للنبي الأعظم صلّى الله عليه وآله. فالله تعالى وان كان أرحم الراحمين ، ورحمته وسعت كلّ شيء ، لكنّه في نفس الوقت أراد أن يعرف الناس مقام ومنزلة رسوله العظيم وأهل بيته وأوليائه ؛ فأمر الناس بالتوجّه إليه لا إلى غيره ، لكن مع الاستشفاع والتوسّل بالنبي الأعظم صلّى الله عليه وآله وأوليائه.

ففي صحيح البخاري ، ان عمر بن الخطاب توسّل بالعبّاس عمّ النبي صلّى الله عليه وآله في الاستسقاء ، وطلب المطر من الله تعالى ، قائلاً : « اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيّنَا فَتسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمَّ نَبيِّنَا فَاسْقِنَا ، قالَ فَيُسْقَوْنَ ». (1)

قل لعمر بن الخطاب لماذا تترك الطلب من الله تعالى ، وهو أرحم بكم وتستشفع بعمّ النبي ، أيّهما أرحم ، الله أو العبّاس ؟ أيّهم يستجيب الداعي إذا دعاه ؟

والجواب انّك لم تعلم معنى الشفاعة والتوسّل ؛ فانّك لا تطلب من الشفيع حاجتك ، بل تطلب من الله تعالى ، وانّما تقدّم الشفيع بينك وبين الله تعالى ، حتّى يستجيب الله دعائك اكراماً للشفيع ، وببركة الاستشفاع به.

فراجع كتب الحديث والتفسير لكي ترى الآيات والروايات الدالّة على الشفاعة ، منها قوله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّـهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّـهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) (2).

أقول : مع كون الله تعالى توّاباً رحيماً ؛ فلماذا تأمر الآية المجيء الى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وطلب الاستغفار لهم منه ، فليستغفر كلّ أحد لوحده وفي بيته.

ومنها قوله : ( يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ) (3) ، فاستشفع أولاد يعقوب بأبيهم ، وطلبوا منه الاستغفار ، مع انّ الله تعالى يقبل التوبة عن عباده ؛ فلماذا لم يردهم يعقوب النبي عليه السلام ، ولم يقل لهم : توبوا الى الله بأنفسكم ، بل قرّرهم على الاستشفاع والتوسّل به ، وقال : ( سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ ) (4).

ومنها قوله : ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ ) (5) ، وقد فسّر في الروايات بالشفاعة. وقد ورد عن رسول الله في قوله : « ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من اُمّتي » (6).

الهوامش

1. صحيح البخاري / المجلّد : 2 / الصفحة : 34.

صحيح البخاري / المجلّد : 5 / الصفحة : 25.

2. النساء : 64.

3. يوسف : 97.

4. يوسف : 98.

5. الضحى : 5.

6. بحار الأنوار « للمجلسي » / المجلّد : 8 / الصفحة : 30 / الناشر : مؤسسة الوفاء ـ بيروت / الطبعة : 2.