ما صحّة الرواية « من بكى أو تباكى على الحسين غفر الله ذنوبه ولو كانت كزبد البحر » ؟

طباعة

السؤال :

ما صحّة الرواية « من بكى أو تباكى على الحسين غفر الله ذنوبه ولو كانت كزبد البحر » وهل تنسجم مع الآية الكريمة : ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) ، والآية : ( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ ) ، وغيرها من الآيات ؟

قال الرضا عليه السلام : يا ابن شبيب ان بكيت على الحسين عليه السلام حتى تصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب أذنبته صغيراً كان أو كبيراً قليلاً كان أو كثيراً

الجواب :

هذه الرواية إن لم تكن متواترة فلا أقلّ من الاطمينان بصدورها من المعصومين عليهم السلام ، حيث ورد هذا المضمون في روايات متعدّدة ، وفيها الروايات المعتبرة (1).

وحال البكاء على الإمام الحسين عليه السلام حال التوبة والشفاعة ، فكما انّ التوبة الحقيقيّة تكون موجبة لغفران الذنوب والمعاصي ، وكما انّ النبي والأئمّة المعصومين لهم مقام الشفاعة ، وقد ورد حتّى من طرق أهل السنّة قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : « إنَّما شَفاعَتِي لِأَهلِ الكَبائِرِ مِنْ اُمَّتي » (2) ، فكذلك البكاء على الإمام الحسين عليه السلام والتباكي والابكاء يكون مقتضياً لغفران الذنوب.

نعم ، هناك موانع من قبول التوبة وتأثيره الشفاعة ، هذه الموانع التجري على المعصية والاقدام على الذنب اعتماداً على التوبة أو الشفاعة ، فإنّ الله تعالى قد لا يقبل توبة مثل هذا الشخص المتجرّي عليه أو لا يوفق للتوبة أو لا تناله الشفاعة ، كما قال الإمام الصادق عليه السلام : « إنَّ شفاعتنا لا تنال مستخفّاً بالصلاة » (3) ، وكذلك البكاء على الإمام الحسين عليه السلام يكون في نفسه سبباً ومقتضياً لغفران الذنوب واستحقاق الجنّة ، لكن قد يمنع منه المانع ، فالذي يتجرّأ على المعاصي اعتماداً على ذلك قد لا يوفق للبكاء على الإمام الحسين عليه السلام ، أو يسلب منه الإيمان بسبب كثرة المعاصي وسواد القلب الحاصل من الإستمرار في الذنوب ، فلا يفيده البكاء على الإمام الحسين عليه السلام.

وأمّا قوله تعالى : ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ) (4) لعلّه ناظر إلى الآثار الوضعيّه المترتّبه على المعاصي ، فيرى آثار المعصية وإضرارها الدنيويّة في هذه الدنيا كالمرض والفقر وفقد الأحبّة وتلف الأموال ليصير طاهراً من دنس الذنوب ، ويستحقّ الجنّة بسبب البكاء على الحسين عليه السلام.

الهوامش

1. الأمالي « للشيخ الصدوق » / الصفحة : 112 ـ 113 / الناشر : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات / الطبعة : 5 :

حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ، قال حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن الريان بن شبيب ، قال دخلت على الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم فقال لي ... يا ابن شبيب ان بكيت على الحسين عليه السلام حتى تصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب أذنبته صغيراً كان أو كبيراً قليلاً كان أو كثيراً ...

كامل الزيارات « لابن قولويه » / الصفحة : 207 / الناشر : مؤسسة نشر الفقاهة / الطبعة : 1 :

حدثني حكيم بن داود ، عن سلمة ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن بكر بن محمد ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : من ذكرنا ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذباب غفر له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.

كامل الزيارات « لابن قولويه » / الصفحة : 202 / الناشر : مؤسسة نشر الفقاهة / الطبعة : 1 :

وحدثني محمد بن جعفر الرزاز ، عن خاله محمد بن الحسين زيات ، عن محمد بن اسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن أبي هارون المكفوف ، قال : قال ابو عبد الله عليه السلام في حديث طويل له : ومن ذكر الحسين عليه السلام عنده فخرج من عينيه من الدموع مقدار جناح ذباب ، كان ثوابه على الله عز وجل ، ولم يرض له بدون الجنة.

2. التوحيد « للشيخ الصدوق » / الصفحة : 407 / الناشر : جماعة المدرسين في الحوزة العلمية / الطبعة 1.

راجع :

الأمالي « للشيخ الصدوق » / الصفحة : 56 / الناشر : مؤسسة البعثة / الطبعة : 1.

من لا يحضره الفقيه « للشيخ الصدوق » / المجلّد : 3 / الصفحة : 574 / الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي / الطبعة : 2.

وسائل الشيعة « للحرّ العاملي » / المجلّد : 15 / الصفحة : 335 / النشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / الطبعة : 2.

3. من لا يحضره الفقيه « للشيخ الصدوق » / المجلّد : 1 / الصفحة : 206 / الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي / الطبعة : 2.

راجع :

المحاسن « لأحمد بن محمد البرقي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 80 / الناشر : دار الكتب الإسلامية.

الأمالي « للشيخ الصدوق » / الصفحة : 572 / الناشر : مؤسسة البعثة / الطبعة : 1.

وسائل الشيعة « للحرّ العاملي » / المجلّد : 4 / الصفحة : 26 ـ 27 / الناشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / الطبعة : 2.

4. الزلزلة : 7.