لماذا لم يفعل الشيعة لعلي عليه السلام مثل فعلهم للحسين عليه السلام ؟

طباعة

السؤال :

قُتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ظلماً وبقي ابنه الحسين رضي الله عنه بعده ٢١ عاماً ، لماذا لم يفعل لأبيه مأتماً ؟ ولم يفعل الشيعة لعلي مثل فعلهم للحسين مع أنّ عليّاً أفضل من ابنه ؟

الجواب :

أوّلاً : لقد أقيم المأتم علي بن أبي طالب عليه السلام يوم دفنه ، وكان المعزّي الخضر عليه السلام حيث أتى لتعزية وتسلي أهل البيت عليهم السلام وذكر فضائل علي عليه السلام في تعزيته. (1)

وكذلك الإمام الحسن عليه السلام حيث خطب الخطبة المعروفة بعد استشهاد أبيه أمير المؤمنين عليه السلام وكان الناس يبكون وينوحون في أثناء خطبته. (2)

ثانياً : لا ربط لإقامة التعزية للإمام الحسين عليه السلام بالأفضليّة ، فالنبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام أفضل من الإمام الحسين عليه السلام لكن قد لا يجب إقامة التعزية لمصابهما بخلاف مصيبة الإمام الحسين عليه السلام ، فإنّها مصيبة عظيمة فيها أنواع من الفجائع والمصائب.

وهل سمعت اُذناك أنّ طفلاً صغيراً يرمى بسهم ذي ثلاث شعب يذبحه من الوريد إلى الوريد لمجرّد أنّ أباه استسقى له الماء ـ قبل واقعة كربلاء ـ. (3)

وهل سمعت اُذناك أنّ النساء العترة الطاهرة يساقون سوق الاماء من بلد إلى بلد آخر قبل وبعد فاجعة الطف ؟ (4)

ثالثاً : نهضة الإمام الحسين عليه السلام واستشهاده مدرسة للأجيال يتعلّم فيها المسلمون التضحية في سبيل حفظ كيان الإسلام ، وبل يتعلّم جميع المستضعفين بذل الأنفس في مقارعة الظلم والكفر والطغيان ، ولذا يعبّر عن الإمام الحسين عليه السلام بقولهم « أبيّ الضيم » (5) ، ولأجل ذلك قال النبي صلّى الله عليه وآله : « الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة » (6).

فلا بدّ أن يكون هذا المصباح وهاجاً باستمرار ينير الدرب لكلّ من يطلب الهداية ، ولا يتحقّق ذلك إلّا بالاهتمام بتخليد ذكراه واقامة العزاء عليه وذكر مصائبه وتضحياته وأهداف ثورته الخالدة.

رابعاً : إقامة العزاء للإمام الحسين عليه السلام شعيرة عظيمة من شعائر الله تعالى ، حيث انّ أعداء الإسلام حينما يرون الجماهير الحاشدة في مجالس عزائه والمواكب والمسيرات لزيارته ، يعرض عليهم الخوف والهلع ويرون اتّحاد المسلمين وقدرتهم وعظمتهم وشوكتهم تماماً مثل شعائر ومناسك الحجّ.

خامساً : ما ذنب الشيعة في إقامة العزاء للإمام الحسين عليه السلام مع انّ النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله كان يبكي ودموعه تسيل على خدّيه لمصاب الحسين عليه السلام قبل أن يقتل ، وكان يذكر مصائبه لصاحبته وزوجاته ويخبرهم بأنّ جبرئيل أخبره بأنّ الحسين عليه السلام سوف يقتل وقد أراه تربته التي يقتل عليها ، وكان النبي صلّى الله عليه وآله قد أودع هذه التربة الطاهرة عند أمّ سلمة وأخبرها أنّه متى صار لونها بلون الدم فاعلمي انّ الحسين قد استشهد (7).

وقد تعرض الكثير من علماء السنّة لهذه الأحاديث النبويّة في كتبهم ، فراجع مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي. (8)

الهوامش

1. راجع :

الكافي « للشيخ الكليني » / المجلد : 1 / الصفحة : 455 ـ 456 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة / الطبعة : 5.

2. راجع :

الأمالي « للشيخ الصدوق » / الصفحة : 397 / الناشر : مؤسسة البعثة / الطبعة : 1.

3. راجع :

مقتل الحسين عليه السلام « للموفق الخوارزمي » / المجلد : 2 / الصفحة : 37 / الناشر : أنوار الهدى / الطبعة : 3.

4. راجع :

الإرشاد « للشيخ المفيد » / المجلد : 2 / الصفحة : 119 / الناشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام / الطبعة : 1.

5. راجع :

مقتل الحسين عليه السلام « لعبد الرزاق المقرم » / الصفحة : 35 / الناشر : مؤسسة الخرسان.

6. راجع :

عيون أخبار الرضا عليه السلام « للشيخ الصدوق » / المجلد : 1 / الصفحة : 62 / الناشر : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.

7. راجع :

تاريخ اليعقوبي « لأحمد بن أبي يعقوب » / المجلد : 2 / الصفحة : 245 ـ 246 / الناشر : دار صادر.

8. راجع :

مقتل الحسين عليه السلام « للموفق الخوارزمي » / المجلد : 1 / الصفحة : 229 ـ 249 / الناشر : أنوار الهدى / الطبعة : 2.