لماذا أمر الرسول (ص) أثناء مرضه أبا بكر بالصلاة بالناس ، ولم يأمر الإمام عليّ (ع) ؟

طباعة

السؤال :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

سألني أحد الإخوان من المذهب السنّي : لماذا أمر الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم أثناء مرضه أبا بكر بالصلاة بالناس ، ولم يأمر الإمام عليّ عليه السلام ؟ هل هناك دليل على هذا ؟

ولكم جزيل الشكر والإمتنان ، وأدام الله ظلّكم.

الجواب :

لم يأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أبا بكر ولا غيره أن يصلّي بالناس ، بل لمّا علم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأنّ أبا بكر ذهب ليصلّي بالناس غضب ، وقام واتّكأ على عليّ عليه السّلام والعبّاس ، وذهب إلى المسجد ، ونحّى أبا بكر ، وصلّى بالناس.

ثمّ إنّ روايات أهل السنّة بالنسبة لإمامة أبي بكر بأمر من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مختلفة ومتعارضة ، واختلاف الروايات دليل على بطلانها ، وقد روت عائشة أكثرها ، وهي متّهمة بالكذب لصالح أبيها ، ويكذب هذه الرواية ما روته عائشة قالت :

فخرج أبو بكر فوجد النّبيّ ( صلّى الله عليه وسلّم ) في نفسه خفّة فخرج يهادي بين رجلين ، كأنّي أنظر إلى رجليه تخطان من الوجع ، فأراد أبو بكر أن يتأخّر فأومأ إليه النّبيّ ( صلّى الله عليه وسلّم ) أن مكانك. ثم أتى به حتى جلس إلى جنبه. قيل للأعمش : فكان النّبيّ ( صلّى الله عليه وسلّم ) يصلي وأَبو بكر يصلي بصلاته ، والناس يصلّون بصلاة أبي بكر. (1)

وهذه الرواية تدلّ على أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يأمر أبا بكر بالصلاة ، بل خرج بنفسه إلى الصلاة كي يمنع صلاة أبي بكر بالناس.

مضافاً إلى أنّ أبا بكر كان مأموراً بالخروج مع أسامة ، والإلتحاق بجيش أُسامة ، فكيف يبقى في المدينة ليصلّي بالناس ، فإن كان باقياً ، فمن الطبيعي أن يختفي عن أعين الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وعلى فرض صحّة ذلك لا يدلّ على رضاء النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بخلافته ؛ لأنّ إمام الجماعة يعتبر فيه العدالة والإيمان فحسب ، بخلاف إمام الأُمّة ؛ فإنّه لابدّ أن يكون أفضل الخلق وأعلمهم بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وإنّما لم يأمر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عليّاً عليه السلام بأن يصلّي بالناس ؛ فلأجل أنّه كان مشتغلاً بتمريض النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وبأمر أهمّ من الصلاة بالناس.

ومن المؤسف جدّاً أن يتشبّث المسلم بمثل هذا الحديث ، وهذه الفضيلة ـ على تقدير صحّة ذلك ـ وينسى مئات الروايات بل الآيات الواردة بشأن فضائل علي عليه السلام ومناقبه ، وإمامته وخلافته.

الهوامش

1. البداية والنهاية « لابن كثير » / المجلّد : 5 / الصفحة : 253 / الناشر : دار الكتب العلميّة ـ بيروت / الطبعة : 2.