متى تمّ التغيّر في الصلاة بالكيفيّة الحاليّة عند السنّة ؟

طباعة

السؤال :

متى تمّ التغيّر في الصلاة بالكيفيّة الحاليّة عند السنّة ؟ هل بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أم في زمن الخلفاء ؟

الجواب :

اجتهادات واستحسانات الخلفاء الثاني : اختلاف الفقهاء بسبب اختفاء النصوص والأحاديث النبويّة حيث انّ أوّل عمل ارتكبه الخلفاء بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم هو منع الصحابة من الحديث بل إحراق كتب الأحاديث وقولهم : « حسبنا كتاب الله » ، فمن جهة قلّة النصوص والأحاديث اعتمد كثير من فقهاء أهل السنّة في إثبات الأحكام الشريعة على القياس والإستحسان والرأي والإجتهاد ـ وان كان في مقابل النصّ ـ ، والظاهر انّ أوّل من فتح هذه الباب هو عمر بن الخطاب ، وإليك أمثلة لذلك :

1. أصرّ عمر بن الخطاب على إسقاط « حيّ على خير العمل » من الأذان والإقامة بحجّة انّ المسلمين إذا سمعوا انّ الصلاة خير العمل تركوا الجهاد واشتغلوا بالصلاة التي هي خير الأعمال ، فنراه انّه خالف سنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي كان يقول في أذانه « حيّ على خير العمل » باجتهاده واستحسانه. [ البحر الزخّار الجامع لمذاهب علماء الأمصار / المجلّد : 2 / الصفحة : 192 / الناشر : مؤسسة الرسالة ـ بيروت / الطبعة : 2 ]

2. فقد روى في جامع الاصول ممّا رواه عن الموطأ ، قال عن مالك أنّه بلغه المؤذّن جاء عمر يؤذّن لصلاة الصبح فوجده نائماً ، فقال : الصلاة خير من النوم ، فأمره عمر أن يجعلهما في الصبح. [ بحار الأنوار / المجلّد : 31 / الصفحة : 43 / الناشر : دار الرضا ]

وهكذا زاد عمر بن الخطاب في الأذان فقرة لم يذكرها النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في أذان الفجر وإقامته.

3. حينما جاؤوا باسارى الفرس إلى عمر بن الخطاب ـ وهو الخليفة يومئذٍ ـ وقفوا أمامه واضعين إحدى يديهم على الاُخرى فسألهم لماذا تقفون هكذا ؟ فقالوا نحن نعظم ونحترم رؤسانا بأن نقف أمامهم مع التكتّف ، فقال عمر يبنغي ان يقف المسلمون في الصلاة أمام الله تعالى بهذه الكيفيّة لأجل الإحترام والتعظيم. [ مستند العروة الوثقى ، المجلّد : 4 / الصفحة : 445 / الناشر : لطفي / الطبعة : 1 ]

وغاب عنه انّ الصلاة عبادة توقيفيّة لا يجوز الزيادة عليها ولم يكن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يصلّي متكتّفاً ، أو على الأقلّ لم يثبت انّه كان يتكتّف ، لكن عمر بن الخطاب أمر المسلمين بذلك وجعلها سنّة. والعجيب انّ الكثير من أهل السنّة يرون هذه السنّة من أوجب الواجبات مع انّه لم يقل بوجوب التكتّف أحد من الفقهاء ولا أئمّة المذاهب الأربعة ، بل قال مالك إمام المالكيّة بانّ السنّة هو إرسال اليدين الّا في النالفلة إذا وقع المصلّى في الجرح من إطالتها.

4. رأى عمر بن الخطاب انّ المسلمين يصلّون نوافل شهر رمضان « التراويح » في المسجد بصور انفراديّة ، كلّ يصلّي في جانب من المسجد لوحده ، لانّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : « لا تشرع الجماعة في النافلة ». فأمرهم بأن يصلّوه جماعة فأطاعه المسلمون وفي الليلة الثانية نظر إلى صفوف الجماعة في صلاة النافله « التروايح » فقال : « نِعْمَ الْبِدْعَةُ ». [ صحيح البخاري ، المجلّد : 3 / الصفحة : 58 / كتاب صلاة التراويح ]

ومن ذلك اليوم نرى انّ أهل السنّة يصلّون صلاة التروايح ـ نوافل ليالي شهر رمضان ـ جماعة إلى يومنا هذا فاتّبعوا بدعة عمر تركوا سنّة رسول الله صلّى الله عليه آله وسلّم.