كيف رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم العذاب في النار و هو لم يحدث ؟

طباعة

السؤال :

هناك أحاديث كثيرة صحيحة تقول أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم رأى عذاب المشركين في النار ، مثل حديث أحوال النساء في النار وغيرها ـ اُنظر بحار الأنوار العلّامة المجلسي / ج ١٠٠ ص ٢٤٥ ـ.

كيف رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم العذاب في النار و هو لم يحدث ؟

الجواب :

هناك اختلاف بين العلماء انّ الجنّة والنّار هل هما مخلوقتان أم ليسا مخلوقتين بل سوف يخلقهما الله يوم القيامة.

والصحيح كما ذهب إليه جمهور المسلمين واتّفق عليه الإماميّة ، انّ الله تعالى قد خلق الجنّة والنّار سابقاً ، والروايات المعتبرة المتواترة تدلّ على ذلك ومنها هذه الرواية التي تصرح بأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أشرف على النّار ورأى عذاب بعض أهل النار فيها.

قال الشيخ الصدوق : « اعتقادنا في الجنّة والنّار أنّهما مخلوقتان وأنّ النبي صلّى الله عليه وآله قد دخل الجنّة ورأى النّار حين عرج به.

واعتقادنا أنّه لا يخرج أحد من الدنيا حتّى يرى مكانه من الجنّة أو من النار ». [ بحار الأنوار / المجلّد : 8 / الصفحة : 200 / الناشر : مؤسسة الوفاء / الطبعة : 2 ]

وممّا يدلّ على خلق الجنّة ما روي عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال : « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : اُدخلت الجنّة فرأيت على بابها مكتوباً بالذَّهب « لا اله إلّا الله ، محمّد حبيب الله ، عليٌّ وليُّ الله ، فاطمة أمة الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، على مبغضيهم لعنة الله » ». [ خصال / المجلّد : 1 / الصفحة : 323 ـ 324 / الناشر : منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلميّة قم المقدّسة ]

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : « لما زوّج رسول الله صلّى الله عليه وآله فاطمة من علي عليه السلام أتاه ناس من قريش ، فقالوا : إنك زوَّجت عليّاً بمهر خسيس فقال لهم : ما أنا زوّجت عليّاً ولكن الله عزّ وجلّ زوّجه ليلة اُسري بي عند سدرة المنتهى ، اُوحي الله عزّ وجلّ إلى السدرة أن انثري. فنثرت الدر والجوهر على الحور العين فهن يتهادينه ويتفاخرن به ويقلن هذا من نثار فاطمه بنت محمد صلّى الله عليه وآله ». [ من لا يحضره الفقيه / المجلّد : 3 / الصفحة : 253 / الناشر : دار صعب ـ دار التعارف بيروت ]

وعن حذيفة اليماني قال : « دخلت عائشة على النبيّ صلّى الله عليه وآله وهو يقبّل فاطمة عليها السلام ، فقالت : يا رسول الله اتقبّلها وهي ذات بعل ؟ فقال لها ـ وساق حديث المعراج ـ إلى أن قال ـ : ثمّ أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي فأدخلني الجنّة وأنا مسرور فإذا أنا بشجرة من نور مكلّلة بالنّور ، في أصلها ملكان يطويان الحليّ والحلل ، ثمّ تقدّمت أمامي فإذا أنا بتفّاح لم أر تفّاحاً هو أعظم منه ، فأخذت واحدة ففلقتها فخرجت عليَّ منها حوراء أشفارها مقاديم أجنحة النسور ، فقلت : لمن أنت ؟ فبكت وقالت : لابنك المقتول ظلماً الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، ثم تقدّمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد ، وأحلى من العسل ، فأخذت رطبة فأكلتها وأنا أشتهيها فتحوّلت الرطبة نطفة في صلبي ، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، ففاطمة حوراء إنسيّة ، فإذا اشتقت إلى رائحة الجنّة شممت رائحة ابنتي فاطمة عليها السلام ». [ بحار الأنوار / المجلّد : 8 / الصفحة : 190 / الناشر : مؤسسة الوفاء / الطبعة : 2 ]

وفي الحديث عن الهرويّ قال : قلت للرضا عليه السلام : أخبرني عن الجنّة والنار أهما مخلوقتان ؟ فقال : نعم ، وإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قد دخل الجنّة ورأى النار لمّا عرج به إلى السماء ، قال : فقلت له : فإنّ قوماً يقولون : إنّهما اليوم مقدّرتان غير مخلوقتين ، فقال عليه السلام : ما اُولئك منّا ولا نحن منهم ، من أنكر خلق الجنّة والنار فقد كذّب النبيّ صلّى الله عليه وآله وكذّبنا ، وليس من ولايتنا على شيء ، وخلّد في نار جهنّم ، قال الله عزّ وجلّ ( هَٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ). [ بحار الأنوار / المجلّد : 8 / الصفحة : 283 ـ 284 / الناشر : مؤسسة الوفاء / الطبعة : 2 ]

وممّا يدلّ على خلق النار ما رواه في الخصال عن بشار قال قلت : لأبي عبد الله عليه السلام : لأيّ شيء يصام يوم الأربعاء قال : « لأنّ النار خلقت يوم الأربعاء ». [ خصال / المجلّد : 2 / الصفحة : 387 / الناشر : منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلميّة قم المقدّسة ]

وفي الحديث عن أبي جعفر عليه السلام قال : « انّ الله عزّ وجلّ خلق الجنّة قبل ان يخلق النار ». [ الروضة من الكافي / المجلّد : 4 / الصفحة : 145 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة / الطبعة : 4 ]

وفي الأمالي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال : « إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله حيث اُسري به لم يمرّ بخلق من خلق الله الّا رأى منه ما يحبّ من البشر واللّطف والسرور به ، حتّى مرّ بخلق من خلق الله فلم يلتفت إليه ولم يقل له شيئاً فوجده قاطباً عابساً ، فقال : يا جبرئيل ... فمَن هذا ؟ قال : هذا مالك خازن النار ، هكذا خلقه ربّه ، قال : فإنّي اُحبّ أن تطلب إليه أن يريني النار ، فقال له جبرئيل عليه السلام : إنّ هذا محمّد رسول الله صلّى الله عليه وآله وقد سألني أن أطلب إليك أن تريه النار ، قال : فأخرج له عنقاً منها فرآها فلمّا أبصرها لم يكن ضاحكاً حتّى قبضه الله عزّ وجلّ ». [ بحار الأنوار / المجلّد : 8 / الصفحة : 284 / الناشر : مؤسسة الوفاء / الطبعة : 2 ]

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : « والله ما خلت الجنّة من أرواح المؤمنين منذ خلقها ، ولا خلت النار من أرواح الكفّار والعصاة منذ خلقها عزّ وجلّ ؛ الخبر ». [ بحار الأنوار / المجلّد : 8 / الصفحة : 284 / الناشر : مؤسسة الوفاء / الطبعة : 2 ]