ما هو المراد بالولاية التكوينيّة ؟

طباعة

السؤال :

ما هو المراد بالولاية التكوينيّة ؟ وهل هي ثابتة لأهل البيت عليهم السلام ؟

نرجو بيان الدليل ، وما هو حكم منكرها على فرض ثبوتها ؟ وهل يجب الاعتقاد بها ؟

الجواب :

لقد تعدّدت أسئلتك وسوف نجيب عليها بالنقاط التالية :

١. الولاية التكوينية :

هنالك عدّة معانٍ لها يذكرها العلماء في كتبهم ، بعضها شرك محرّم ، وهي القائلة بأنّ معنى الولاية التكوينيّة لغير الله ، أنّهم يتصرّفون بالكون والخلق بانفصال عن إرادة الله تعالى ، أو أنّ الله تعالى قد فوّض إليهم شؤون العالم ، وهذه المعاني كما قلنا قد اتّفق العلماء على استلزامها للشرك المحرّم.

أمّا إن كان معنى الولاية التكوينيّة غير هذا ، بل هو التصرّف في الكون بإشارة الله وإرادته فلا مانع من ذلك ولا محذور ، وقد وقع في حقّ غير أهل البيت عليهم السلام كما يذكر القرآن الكريم قصّة آصف وزير سليمان ( قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي ... ) [ النمل : 40 ].

وهنالك معان أُخرى لا تصل إلى الأوّل ، وإن كانت أعمق من الثاني ، أعرضنا عنها للإختصار.

٢. أمّا ثبوتها لأهل البيت عليهم السلام :

فلا ريب في ذلك ولا شبهة ـ بما عدا المعنى الأوّل الذي يستلزم الشرك والتفويض المحرّم ـ ويكفينا دلالة على ذلك الآية التي ذكرناها حكاية عن آصف ، فمن كان عنده علم من الكتاب ـ ومن تبعيضيّة ـ يستطيع أن يتصرّف في شؤون الكون ، ويأتي بعرش بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس.

فكيف لا يستطيع ذلك ـ وأكثر منه ـ من عنده علم الكتاب ـ أي جميع الكتاب ـ وقد وردت الروايات الكثيرة أنّ أهل البيت عليهم السلام عندهم علم جميع الكتاب ، بل القرآن صريح في ذلك ، حيث يقول إشارة إلى الكتاب الكريم ( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) [ آل عمران : 7 ].

٣. أمّا حكم منكرها أو وجوب الإعتقاد بها :

إنّ مقامات أهل البيت عليهم السلام كثيرة جدّاً ، قد لا يصل إلى إدراكها إلّا الأوحدي من الناس ، وهذا ما نجد بعض الأحاديث المستفيضة تشير إليه ، فعن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : « فمن عرف فاطمة حقَّ معرفتها فقد أدرك ليلة القدر ، وإنّما سمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها » [ تفسير فرات ص 581 ].

ومن هنا نقول : إنّه ليس ذنباً أن تقصر إفهام البعض عن إدراك هذه الذوات القدسيّة والأنوار الإلهيّة ، ولكن الذنب في إنكارها وجحدها بدون دليل وعلم ، بل لمجرّد قصور الذهن وعدم التفاعل.

اللهم عرّفنا حجّتك ، فإنّك إن لم تعرفنا حجّتك ضللنا عن ديننا.