هل توجد أدلّة من القرآن والسنّة على أنّ الأئمّة إثنى عشر ؟

البريد الإلكتروني طباعة

السؤال :

هل توجد أدلّة من القرآن والسنّة على أنّ الأئمّة إثنى عشر ؟

الجواب :

أمّا من طرق الشيعة فقد ورد تفسير الكثير من الآيات القرآنيّة بالأئمّة الإثنى عشر والروايات المصرّحة بذلك من طرقنا متواترة بل فوق التواتر والإحصاء.

وأمّا من طرق أهل السنّة فقد ورد في صحاحهم مثل « صحيح البخاري ومسلم وغيرهما » انّ الأئمّة بعد النبي اثنى عشر.

ففي صحيح البخاري في كتاب الأحكام روى بسنده عن جابر بن سمرة قال سمعت النبي (ص) يقول يكون اثنا عشر أميراً فقال كلمة لم أسمعها فقال القوم كلّهم من قريش. (1)

وفي صحيح مسلم في كتاب الأمارة روى بسندين عن جابر بن سمرة ، قال : دخلت مع أبي على النبي (ص) ، فسمعته يقول : « إِنّ هذا الأمر لا ينقضي حتّى يمضي فيهم إثنا عشر خليفة ». قال : ثمّ تكلّم بكلام خفي عليّ. فقلت لأبي : ما قال ؟ قال : كلّهم من قريش. (2)

وفي صحيح الترمذي روى بسندين عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله (ص) : « يكون من بعدي اثنا عشر أميراً » قال : ثمّ تكلّم بشيء لم أفهمه ، فسألت الذي يليني ، فقال : قال : « كلّهم من قريش ». (3)

وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل روي بسنده عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله (ص) : لا يزال الدين قائماً حتى يكون اثنا عشر خليفه من قريش. (4)

وروى أيضاً بسنده عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبي (ص) يقول : يكون لهذه الاُمّة اثنا عشر خليفة. (5)

وفي مستدرك الصحيحين روي بسنده عن مسروق قال : كنّا جلوساً ليلةً عند عبد الله يقرئنا القرآن ، فسأله رجل فقال : يا أبا عبد الرحمن ، هل سألتم رسول الله (ص) كم يملك هذه الاُمّة من خليفة ؟ فقال عبدالله : ما سألني عن هذا أحد منذ قدمت العراق قبلك ، قال سألناه فقال : « اثنا عشر عدّة نقباء بني إسرائيل ». (6)

ورواه أحمد بن حنبل في مسنده. (7)

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد. (8)

وهذا الحديث لا ينطبق إلّا على الأئمّة الإثنى عشر المعصومين من ذريّة النبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد أمر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بالتمسّك بالعترة الطاهرة مع القرآن الكريم وقال : « انّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ». (9)

قال بعض العلماء المتحقّقين : أقوال وأخبار الباب المتقدّم كما عرفت هي من الأدلّة القاطعة والنصوص الجليّة الواضحة على حقيّة مذهب الشيعة الإثنى عشريّة وعلى بطلان سائر المذاهب طرأ وذلك لعدم انطباقها على ما يعتقده العامّة من خلافة الخلفاء الراشدين الأربعة أو الخمسة بإنضمام الحسن بن علي عليه السلام إليهم لكونهم أقلّ عدداً أو خلافة من سواهم من بني اُميّة أو بني العبّاس لكونهم أكثر عدداً. مضافاً إلى انّ بني اُميّة وبني العبّاس كان أكثرهم من أهل الفسق والفجور قد قضوا أعمارهم بشرب الخمور وبالملاهي والملاعب واستماع الغناء وضرب الرفوف وسفك الدماء المحرّمة وغير ذلك من المحرّمات ، فكيف يجوز ان يكونوا خلفاء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

ولا تنطبق الأخبار أيضاً على ما يعتقده سائر فرق الشيعة من الزيديّة والإسماعيليّة والفطحيّة وغيرهم لكون أئمّتهم أقلّ.

فيحضر انطباقها على ما يعتقده الشيعة الاثنى عشرية من إمامة الأئمّة الإثنى عشر الذين هم عترة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته ، أوّلهم علي بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم المهدي الحجّة بن الحسن العسكري عليه السلام ...

وقد ذكر القندوزي في ينابيع المودّة في الباب السابع والسبعين عن بعض علماء العامّة انّه قد روى حديث جابر بن سمرة وقال في آخره : « كلّهم من بني هاشم » (10).

وقد روى الحافظ أبو نعيم في حليته بسنده عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله (ص) : من سرّه أن يحيا حياتي ، ويموت مماتي ، ويسكن جنّة عدن غرسها ربّي ، فليوال عليّاً من بعدي وليوال وليه ، وليقتد بالأئمّة من بعدي فانّهم عترتي خلقوا من طينتي ، رزقوا فهماً وعلماً. وويل للمكذّبين بفضلهم من اُمّتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي ». (11)

أقول وهناك روايات من طرق أهل السنّة فيها تصريح النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله بأسماء الأئمّة الإثنى عشر من عترته الطاهرة.

وقد عقد القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودة باباً بعنوان « الباب السادس والسبعون في بيان الأئمّة الإثنى عشر بأسمائهم » روى فيه ثلاث روايات فيها أسماء الأئمّة عليهم السلام على لسان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. (12)

وفي ينابيع المودّة « الباب السابع والسبعون » عن سليم بن قيس عن سلمان الفارسي قال : دخلت على النبي (ص) فإذا الحسين على فخذيه ، وهو يقبّل خدّيه ويلثم فاه ، ويقول : أنت سيد ابن سيد أخو سيد ، وأنت إمام ابن إمام أخو إمام ، وأنت حجة ابن حجة أخو حجة ، أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم المهدي. (13)

وعن ابن عبّاس : قال سمعت رسول الله (ص) يقول : أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون. (14)

وعن عباية بن ربعي عن جابر قال : قال رسول الله (ص) : أنا سيّد النبيين ، وعلي سيّد الوصيين ، وانّ أوصيائي بعدي اثنا عشر ، أوّلهم علي ، وآخرهم القائم المهدي. (15)

الهوامش

1. مسند أحمد / المجلّد : 5 / الصفحة : 90 و92.

2. صحيح مسلم / المجلّد : 3 / الصفحة : 365 / الحديث : 1821 / الناشر : دار الخير ـ دمشق ، بيروت.

3. سنن الترمذي / المجلّد : 5 / الصفحة : 7 ـ 8 / الناشر : دار ابن كثير ـ دمشق ، بيروت.

4. مسند أحمد / المجلّد : 5 / الصفحة : 86.

5. مسند أحمد / المجلّد : 5 / الصفحة : 106 / الناشر : دار الفكر.

6. المستدرك على الصحيحين / المجلّد : 10 / الصفحة : 350 / الحديث : 8739 / الناشر : دار الميمان.

7. راجع : مسند الامام أحمد بن حنبل / المجلّد : 1 / الصفحة : 398 / الناشر : دار الفكر.

راجع : مسند الامام أحمد بن حنبل / المجلّد : 1 / الصفحة : 406 / الناشر : دار الفكر.

8. راجع : مجمع الزوائد ومنبع الفوائد / المجلّد : 5 / الصفحة : 190 / الناشر : دار الكتاب العربي ـ بيروت / الطبعة : 3.

9. فضائل الخمسة من الصحاح السنة / المجلّد : 2 / الصفحة : 52 ـ 60 / الناشر : مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت / الطبعة : 4.

10. ينابيع المودة / المجلّد : 2 / الصفحة : 315 / الناشر : دار الأسوة.

11. حلية الأولياء / المجلّد : 1 / الصفحة : 86 / الناشر : دار الكتاب العربي / الطبعة : 4.

12. ينابيع المودة / المجلّد : 3 / الصفحة : 281 ـ 282 / الناشر : دار الأسوة.

13. ينابيع المودة / المجلّد : 3 / الصفحة : 291 / الناشر : دار الأسوة.

14. ينابيع المودة / المجلّد : 3 / الصفحة : 291 / الناشر : دار الأسوة.

15. ينابيع المودة / المجلّد : 3 / الصفحة : 291 / الناشر : دار الأسوة.

 
 

التعليقات   

 
# محمد صلاح علي الصكاك 2021-01-23 18:36
هل من دليل صريح صحيح مجمع عليه من كتاب لله أو من سنه نبيه أو من أقوال علي أو الحسنين رواية أو حديث أو رواية تقول ان هناك إمامة إثنا عشر خليفه من بعد الرسول ووجب طاعتهم من كتب السنه
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+2 -2 # السيّد جعفر علم الهدى 2021-04-15 14:31
روى القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودّة ، الباب السابع والسبعون :
1 ـ في جمع الفوائد ، جابر بن سمرة رفعه : لا يزال هذا الدين قائماً حتّى يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم تجتمع عليهم الأمّة ، فسمعت كلاماً من النبي صلّى الله عليه وآله لم أفهمه ، فقلت لأبي ما يقول : كلّهم من قريش. للشيخين والترمذي وأبي داود بلفظه.
ذكر يحيى بن الحسن في كتاب « العمدة » من عشرين طريقاً ، في انّ الخلفاء بعد النبي صلّى الله عليه وآله اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش. في البخاري من ثلاثة طرق ، وفي مسلم من تسعة طرق ، وفي أبي داود من ثلاثة طرق ، وفي الترمذي من طريق واحد ، وفي الحميدي من ثلاثة طرق.
2 ـ وفي البخاري ، عن جابر رفعه : يكون بعدي اثنا عشر اميراً ، فقال كلمة لم أسمعها ، فسألت أبي : ماذا قال ؟ قال : قال كلّهم من قريش.
3 ـ وفي المودّة العاشرة من كتاب مودّة القربى للسيّد علي الهمداني ، عن عبد الملك بن عمير ، عن جابر بن سمرة ، قال : كنت مع أبي عند النبي صلّى الله عليه وآله فسمعته يقول : بعدي اثنا عشر خليفة ثمّ أخفى صوته ، فقلت لأبي : ما الذي أخفى صوته ؟ قال : قال كلّهم من بني هاشم. وعن سماك بن حرب مثل ذلك.
4 ـ وعن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : لا تذهب الدنيا حتّى يقوم بأمّتي رجل من ولد الحسين يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً.
5 ـ وعن عباية بن ربعي عن جابر قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : أنا سيّد النبيين وعلي سيّد الوصيين وانّ أوصيائي بعدي اثنا عشر أوّلهم علي وآخرهم القائم المهدي.
6 ـ وعن سليم بن القيس الهلالي ، عن سلمان الفارسي قال : دخلت على النبي صلّى الله عليه وآله فإذاً الحسين على فخذيه وهو يقبّل خدّيه ويلثم فاه ، ويقول : أنت سيّد ابن سيّد أخو سيّد وأنت إمام ابن إمام أخو إمام وأنت حجّة ابن حجّة أخو حجّة أبو حجج تسعة تاسعهم قائمهم المهدي.
أيضاً أخرجه الحمويني وموفق بن أحمد الخوارزمي.
7 ـ وعن علي عليه السلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : من أحبّ أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليوال عليّاً وليعاد عدوّه وليأتم بالأئمّة الهداة من ولده فانّهم خلفائي وأوصيائي وحجج الله على خلقه من بعدي وسادات أمّتي وقوّاد الاتقياء إلى الجنّة حزبهم حزبي وحزبي حزب الله وحزب أعدائهم حزب الشيطان.
ثمّ ذكر القندوزي : قال بعض المحقّقين انّ الأحاديث الدالّة على كون الخلفاء بعده صلّى الله عليه وآله اثنا عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة فبشرح الزمان وتعريف الكون والمكان علم انّ مراد رسول الله صلّى الله عليه وآله من حديثه هذا الأئمّة الاثنى عشر من أهل بيته وعترته إذ لا يمكن ان يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلّتهم عن اثنى عشر ولا يمكن ان يحمل على الملوك الأمويّة لزيادتهم على اثنى عشر ولظلمهم الفاحش الأعمر بن عبد العزيز ولكونهم غير بني هاشم لأنّ النبي صلّى الله عليه وآله قال : كلّهم من بني هاشم.
في رواية عبد الملك عن جابر واخفاء صوته صلّى الله عليه وآله في هذا القول يرجح هذه الرواية لأنّهم لا يحسنون خلافة بني هاشم ولا يمكن ان يحمله على الملوك العباسيّة لزيادتهم على العدد المذكور ولقلّة رعاية الآية : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) [ الشورى : 23 ]. وحديث الكساء فلابدّ أن يحمل هذا الحديث على الأئمّة الاثنى عشر من أهل بيته وعترته صلّى الله عليه وآله ، لأنّهم كانوا أعلم أهل زمانهم وأجلّهم وأورعهم واتقاهم وأعلاهم نسباً وأفضلهم حسباً وأكرمهم عند الله وكان علومهم عن آبائهم متّصلاً بجدّهم وبالوراثة واللدنيّة كذا عرفهم أهل العلم والتحقيق وأهل الكشف واليقين ويؤيّد هذا المعنى ـ أيّ أن مراد النبي صلّى الله عليه وآله الأئمّة الاثنى عشر من أهل بيته ـ ويشهده ويرجحه حديث الثقلين والأحاديث المتكثرة المذكورة في هذا الكتاب وغيره. [ ينابيع المودّة الباب السابع والسبعون ]
وفي كتاب فرائد السمطين للحمويني للمحدّث الفقيه الشافعي :
عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : انّ خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق بعدي الاثنى عشر أوّلهم علي وآخرهم ولدي المهدي ، فينزل روح الله عيسى بن مريم فيصلّي خلف المهدي وتشرق الأرض بنور ربّها ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب. [ فرائد السمطين 2 / 312 / الحديث 562 ]
وعن ابن عبّاس قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : أنا سيّد النبيين وعلي سيّد الوصيين وانّ أوصيائي بعدي اثنا عشر أوّلهم علي وآخرهم المهدي. [ 2 / 314 / الحديث 565 ]
إلى غير ذلك من الروايات التي رواها علماء أهل السنّة في كتبهم.
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+3 -1 # محمد صلاح 2020-12-30 07:28
هل يوجد دليل على إمامه أهل البيت في القرآن وبمصادر أهل السنه
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+2 -2 # السيّد جعفر علم الهدى 2021-02-05 21:13
أصل الإمامة موجود في القرآن الكريم ، حيث انّ الله تعالى يقول لابراهيم عليه السلام وقد كان نبيّاً رسولاً ( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) [ البقرة : 124 ].
والمراد من ابتلاء ابراهيم عليه السلام هو انّ الله تعالى أمره بذبح ولده اسماعيل ، فلمّا اقدم ابراهيم على ذبح ولده قبل الله منه ذلك ، ثمّ فدّاه بذبح عظيم ، وبعد ذلك أعطاه الله تعالى مقام الإمامة ، ومع انّه كان نبيّاً رسولاً قبل ذلك ، لأنّ الله رزق ابراهيم اسماعيل واسحاق بعد كبر سنه ( الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ) [ ابراهيم : 39 ] ، فيظهر انّ مقام الإمامة وهي الولاية الكبرى أعظم من مقام النبوّة والرسالة. وقد كان بعض الأنبياء إماماً أيضاً مثل إبراهيم وعيسى وموسى ومحمّد صلّى الله عليه وآله ، وبعضهم كان نبيّاً فقط من دون ان يكون إماماً مثل زكريا ويحيى ، وقد يعطى الله تعالى منصب الإمامة لمن لم يكن نبيّاً ولا رسولاً وهم الأئمّة الأطهار من ذريّة رسول الله صلّى الله عليه وآله وابراهيم عليه السلام هذا بنحو العموم ، وأمّا بالخصوص فهناك آيات كثيرة مفسّرة بالإمامة والولاية لعلي عليه السلام وأهل البيت من طرق الشيعة وأهل السنّة جميعاً.
منها قوله تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) [ المائدة : 55 ] ، وقد اتّفق المفسّرون على انّ الآية نزلت في حقّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي أعطى خاتمه للمسكين ، وهو في حال الصلاة ، والله تعالى أعطاه نفس الولاية الثابتة له ولرسول الله صلّى الله عليه وآله ، وقد قال حسان بن ثابت الصحابيّ في مدح علي عليه السلام :
أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي * وكلّ بطئ في الهوى ومسارع
وأنت الذي أعطيت مذ كنت راكعاً * فدتك نفوس القوم يا خير راكع
فانزل فيك الله خير ولاية * وأثبتها في محكمات الشرائع
ومنها قوله تعالى : ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) [ الرعد : 7 ]. فقد ورد من طرق الشيعة وأهل السنّة جميعاً قول رسول الله صلّى الله عليه وآله : أنا المنذر وعلي الهادي. وفي حديث قال : أنا المنذر وأنت يا علي الهادي.
ومنها قوله تعالى : ( أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) [ النساء : 59 ]. وقد ورد في رواياتنا ـ وبعض أحاديث أهل السنّة ـ أنّ المراد من أولى الأمر علي بن أبي طالب عليه السلام.
ومنها قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) [ المائدة : 67 ].
وهذه الآية نزلت في حق ولاية علي عليه السلام ، ولأجل ذلك جمع النبي صلّى الله عليه وآله المسلمين عند رجوعه من حجّة الوداع في غدير خم ، وقال : ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا : بلى. قال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه.
ثم في بعض الأحاديث من طرق أهل السنّة أخذ النبي البيعة لعلي من المسلمين ، حتّى من زوجاته ـ أمّهات المؤمنين ـ ، وقول عمر في هذه القصّة مخاطباً لعلي عليه السلام : بخٍ بخٍ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى المؤمنين ، معروف ومشهور ، ولأجل توضيح ذلك راجع كتاب الغدير للشيخ الأميني الجزء الأوّل والثاني.
أقول : والعجيب انّ السيوطي في الدرّ المنثور ذكر في ذيل تفسير هذه الآية عن أبي سعيد الخدري وعبدالله بن مسعود ـ وهو أحد كتّاب الوحي ـ ، انّ الآية نزلت هكذا : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ان عليّاً مولى المؤمنين وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) ، فعلى هذه القراءة تكون الآية الشريفة صريحة في إثبات ولاية علي عليه السلام ، بلا حاجة الى الاستدلال بحديث الغدير المتواتر عند الفريقين.
ومنها قوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) [ المائدة : 3 ].
فقد ذكر كبار علماء التفسير من أهل السنّة ، كالسيوطي في الصفحة 256 من الجزء الثاني من تفسير الدر المنثور ، و في الصفحة 31 من الجزء الأول من كتابه الاتقان ، والثعلبي في كشف البيان ، والحافظ أبو نعيم الاصفهاني في ما نزل من القرآن في علي ، و النطنزي في الخصائص ، وابن كثير الشامي في تفسيره المجلّد : 2 الصفحة : 14 من طريق ابن مردويه ، والطبري في تفسيره كتاب الولاية ، والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص الصفحة 18 : انّ هذه الآية نزلت بعد ان نصب النبي صلّى الله عليه وآله علياً مولىً للمؤمنين في غدير خم ، حيث انّه بعد ان قال : سلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين ، وأذعن المسلمون بذلك فلم يفترقوا حتّى نزلت هذه الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي بن أبي طالب بعدي. قد ذكر الإمام الحسكاني وأحمد بن حنبل هذه القضيّة مشروحاً.
نعم ، قيل انّ الآية نزلت يوم عرفة ، لكن لا منافاة في ذلك ، اذ يحتمل نزولها مرّتين كما ذكره سبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرة الخواص الصفحة : 18 ، احتمل انّ الآية نزلت مرّتين بعرفة ومرّة يوم الغدير ، كما نزلت ( بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ ) مرّتين مرّة بمكّة ومرّة بالمدينة.
ومنها قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) [ التوبة : 119 ].
ذكر الثعلبي في تفسيره كشف البيان ، والسيوطي في الدرّ المنثور ، وغيرهم عن ابن عبّاس ، انّ النبي صلّى الله قال : هو محمّد وعلي عليهما السلام.
وذكر القندوزي الحنفي في باب 39 / ينابيع المودّة عن الموفّق بن أحمد الخوارزمي و الحافظ أبو نعيم الاصفهاني ، عن ابن عباس قال الصادقون في هذه الآية محمّد وأهل بيته.
وذكر الحمويني في فرائد السمطين والكنجي في باب 62 من كفاية الطالب في قوله : ( وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) أي مع علي بن أبي طالب.
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 

أضف تعليق

الإمامة

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية