كيف يمكن تبرير غياب دعاء التوسّل عن مؤلفات الأوليّين من علمائنا الأبرار ؟

طباعة

السؤال :

كيف يمكن تبرير غياب دعاء التوسّل عن مؤلفات الأوليّين من علمائنا الأبرار ، كالكليني والصدوق وابن قولويه وامثالهم من نقاد الآثار وحملة الحديث الشريف ، حتّى يصار الى الاعتماد على كتاب عتيق ؟!

ثمّ هل يوجد أثر آخر مشابه له في مضامينه وطريقة أدائه التي نجدها اليوم في المساجد والحسينيّات والمشاهد المشرّفة حيث الدعاء الجماعي ورفع الأكف تماماً مثلما يفعل المؤمنون في دعائهم ؟

الجواب :

الكتب المعروفة أي « الكافي والاستبصار والتهذيب ومن لا يحضره الفقيه » بل وغيرها من الكتب المعتبرة ، هي مجاميع متّخذة من كتب أصحاب الأئمّة عليهم السلام التي كانت معروفة بالأصول الأربعمائة ؛ وقد كانت الروايات غالباً مبعثرة وغير مبوّبة ، حيث انّ الراوي كان يكتب كلّ ما يسمعه من الإمام المعصوم عليه السلام وهو في مقام الإجابة عن الأسئلة أو التدريس ؛ وقد كان يحضر مجلس الإمام أو درسه جماعات كثيرين من فقهاء العامّة ، ومن الطبيعي ان يراعي الإمام التقيّة حفظاً لدماء الشيعة ، ولذلك عمد المشايخ الثلاثة الى تهذيب هذه الكتب ودفع معارضاتها حسب المستطاع ، واسقاط ما دسّ فيها وعرضها على الكتاب والسنّة القطعيّة ، وبعد تهذيبها وتمحيصها أوردوها في كتبهم.

وكان أكثر اهتمامهم بدرج الروايات والأحاديث الواردة في بيان الأحكام الشرعيّة ، ولأجل ذلك لم يهتمّوا بادراج جميع الأدعية والزيارات ونحوها في مجاميعهم الحديثيّة.

نعم الى جانب ذلك ألّف بعض القدماء كتباً تختصّ بالدعاء والزيارة ونحو ذلك ، كالشيخ وابن طاووس وابن قولويه والمفيد ، وأوردوا في كتبهم ما يختصّ بهذه الأمور ، ولعلّهم نقلوها من بعض الأصول الأربعمائة أو مؤلّفات أصحابنا القدامى التي ثبت عندهم صحّتها واعتبارها.

ودعاء التوسّل أخرجه العلّامة المجلسي عن بعض الكتب الصحيحة والمعتبرة ، وفيه انّ محمّد بن بابويه روى هذا الدعاء عن الأئمّة عليهم السلام ، وقال : ما دعوت به في أمر إلّا وجدت أثر الإجابة فوراً.

وقد ورد التوسّل بمحمّد صلّى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام في روايات وزيارات كثيرة ، بل حتّى عند العامّة :

ففي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد / المجلّد : 4 / خطبة مفصلة لفاطمة الزهراء عليها السلام ، تقول فيه : واحمد الله الذي لعظمته ونوره يبتغي من في السماوات والأرض اليه الوسيلة ونحن وسيلته في خلقه.

وفي صحيح البخاري / باب مناقب علي بن أبي طالب « كتاب الفضائل » / الصفحة : 25 / نقل عن عمر استسقائه بالعبّاس وقوله : اللهمّ انّا كنّا نتوسّل اليك بنبيّنا فتسقينا وانّا نتوسّل اليك بعمّ نبيّك فاسقنا ؟!

وفي الزيارات المأثورة لأمير المؤمنين عليه السلام : أنت وسيلتي الى الله وبك أتوسّل الى ربّي.

وفي دعاء صفوان المعروف بدعاء علقمة بعد زيارة عاشوراء نقول : فانّي بهما أتوجّه اليك في مقامي هذا وبهم أتوسّل وبهم أتشفّع ...

وفي زيارة الإمام العسكري عليه السلام كما في المفاتيح الجنان ، نقول : واتوسّل اليك يا ربّ بامامنا ...

وفي زيارة الإمام المهدي عليه السلام : فانّي اتوسّل بك وبآبائك الطاهرين الى الله تعالى.

وفي دعاء طلب الرزق [ الكافي ج 3 باب الصلاة في طلب الرزق ص 473 ] عن أبي حمزة عن الباقر : يا محمّد يا رسول الله انّي اتوجّه بك الى الله ...

وفيه باب صلاة الحوائج عن الصادق عليه السلام في دعاء : يا محمّد يا رسول الله أشكوا الى الله واليك حاجتي والى أهل بيتك الراشدين حاجتي وبكم اتوجّه الى الله في حاجتي.

وفي البحار / ج 26 / باب فيه روايات متعدّدة ، انّ دعاء الأنبياء استجيب بالتوسّل والاستشفاع بمحمّد صلّى الله عليه وآله واهل بيته عليهم السلام.

وفي التوقيع المقدّس المرويّ في البحار كتاب الدعاء عن احتجاج الطبرسي ، الى أن قال : اذا اردتم التوجّه بنا الى الله تعالى والينا فقولوا كما قال الله تعالى : ( سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ ) ...

وفي البحار ج 17 / ص 335 و 336 : توسّل آدم ونوح وابراهيم وموسى عليهم السلام بقولهم : اللهمّ انّي اسألك بحقّ محمّد وآل محمّد فاستجاب لهم.