ما الدليل القرآني الذي استند عليه الفقهاء على الحكم بالقتل على من سبّ الله ورسوله وأهل البيت عليهم السلام ؟

طباعة

السؤال :

ما الدليل القرآني الذي استند عليه فقهاء السنّة أو الشيعة على الحكم بالقتل على من سبّ الله ورسوله وأهل البيت عليهم السلام ، مع انّ الله تعالى صرّح بما ينقض هذا الحكم :

قال تعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّـهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّـهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) [ النساء : 140 ] ، وقوله تعالى : ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) [ فصلت : 34 ].

الجواب :

أوّلاً : لا يختصّ الدليل على الحكم الشرعي بالقرآن الكريم ، بل أكثر الأحكام الشرعيّة ثبتت بالسنّة النبويّة الشريفة ، وقد أمر الله تعالى باتّباعها.

قال الله تعالى : ( مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) (1).

وقال تعالى : ( مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ ) (2).

وقال تعالى : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) (3).

والمراد من السنّة قول النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله أو فعله أو تقريره ، ويثبت ذلك بالروايات والأحاديث الصحيحة الصادرة من أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، الذين أمر النبي صلّى الله عليه وآله باتّباعهم والتمسّك بهم ، وجعلهم عدلاً للقرآن الكريم في حديث الثقلين المشهور بين الفريقين السنّة والشيعة.

قال صلّى الله عليه وآله : إنّي تارك فيكم الثّقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا. (4)

وكما انّ أوقات الصلوات الخمس وعدد ركعات لم يذكر في القرآن الكريم مثلاً ، كذلك قتل سابّ الله والنبي والأئمّة لم يذكر في القرآن.

فهل تصلّي صلاة المغرب قبل المغرب أربع ركعات ، أو خمس ، لأجل انّه لم يذكر ذلك في القرآن ؟

وهل تطوف حول الكعبة عشرين مرّة ، أو ترمي الجمار عشر مرّات ، أو تترك الرمي ، لأنّه لم يذكر في القرآن أن تطوف سبعة أشواط والرمي بسبع جمار ؟

وهل تترك في النكاح أو الطلاق ، إجراء صيغة العقد ، لأجل انّه لم يذكر في القرآن اعتباره ؟

وعلى كلّ حال ، فالروايات المعتبرة دلّت على انّ سابّ النبي صلّى الله عليه وآله يقتل.

منها ما رواه في الوسائل ، باب 7 من أبواب حدّ المرتد ، كتاب الحدود (5) :

روى الكليني بسند صحيح عن الصادق عليه السلام أنّه سأل عمّن شتم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يقتله الأدنى فالأدنى قبل أن يرفعه إلى الإمام. (6)

وليعلم انّ أحكام الإسلام نزلت تدريجاً ، خصوصاً الأحكام الجزائيّة ؛ فالآيات المذكورة في الشوال على فرض دلالتها على عدم معاقبة الكافر ، انّما نزلت قبل تشريع الأحكام الجزائيّة. مضافاً إلى انّها في مقام حسن المعاشرة مع الكفّار ، لكي يميلوا في الإسلام ، وليست ناظرة إلى من يسبّ الله ورسوله عدواناً وبغضاً.

ثانياً : قال الله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ... ) (7) ؛ فالمحارب حدّه القتل ، ومن يسبّ الله ورسوله صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام يكون محارباً ، فالقرآن يحكم بلزوم قتله.

الهوامش

1. الحشر : 7.

2. النساء : 80.

3. النجم : 3 ـ 4.

4. راجع : مستدرك الوسائل « للنوري » / المجلّد : 7 / الصفحة : 255 / الناشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / الطبعة : 3.

راجع : الإحتجاج « للطبرسي » / الصفحة : 149 / الناشر : نشر المرتضى.

راجع : مسند أحمد / المجلّد : 3 / الصفحة : 14 و 17 / الناشر : دار الفكر.

راجع : صحيح مسلم / المجلّد : 4 / الصفحة : 1873 / الناشر : دار الفكر ـ بيروت / الطبعة : 2.

5. وسائل الشيعة « للحرّ العاملي » / المجلّد : 28 / الصفحة : 337 / الناشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / الطبعة : 3.

6. الكافي « للكليني » / المجلّد : 7 / الصفحة : 259 / الناشر : دار الكتب الإسلامية ـ تهران / الطبعة : 2.

7. المائدة : 33.